يا الله.. ما لنا غيرك يا الله

يا الله.. ما لنا غيرك يا الله

نبيل شبيب
 

ما بين حمص
وأخواتها في سورية وبين مؤتمر الأصدقاء في تونس!..
في حمص التقتيل متواصل.. كما في
كافة محافظات سورية..
وفي تونس ينعقد مؤتمر يجمع
"أصدقاء" سورية..
في سورية يطلب الضحايا النصرة
على شكل "السماح بمعالجة الجرحى" وعلى شكل "أكفان للشهداء"..
وفي تونس يدور الحديث حول إصدار
بيان وفق الاقتراح البريطاني أو الاقتراح القطري..
في سورية تعلن حناجر من لا يزال
من الثوار على قيد الحياة: لا سلمية بعد اليوم..
وفي تونس ينتظر ما يسمى المجتمع
الدولي إلى أن يسيطر "سلام القبور" في سورية..
في سورية يطالب الثوار بدعم
الأحرار من الضباط والجنود الذين انحازوا لحماية الشعب من المجرمين..
وفي تونس ما زال القوم في حاجة
إلى مزيد من الجدال: من هم أولئك الثوار ومن هم أولئك العسكريون..
في سورية يزداد اليقين بما أثبته
زهاء عام كامل على الثورة: يا ألله.. مالنا غيرك يا ألله..
وفي تونس يقدّم "أصدقاء سورية"
الدليل على حقيقة ما يعلمه الثوار: يا ألله.. مالنا غيرك يا ألله..
...
يا شعب سورية الثائر كن على يقين
كما أنت: هذه الثورة الشعبية البطولية التاريخية التي صنعتها، لن تكتمل إلا على
يديك وبدماء ضحاياك وبطولات أطفالك ونسائك ورجالك، وبنصرة الله جل وعلا لك..
يا شعب سورية الثائر كن على يقين
كما أنت: سينصرك الله جلّ وعلا، وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز..
لا تنتظر من تونس النصرة، فلا
تزال القوى الدولية تنتظر أن تقتلع أنت بأجساد شهدائك مخالب المجرمين، حتى إذا
أضحوا قاب قوسين أو أدنى من السقوط.. ربما تأتيك النصرة الملغومة بألف هدف وهدف..
إلا أن تكون نصرة خالصة لتتحرر إرادتك ويتحرر وطنك!..
لا تنتظر من تونس النصرة، فلا
تزال القوى الدولية تنتظر أن ينهك المجرمون قواك، وتتوقع أن تطلب النصرة آنذاك دون
شروط من جانبك، ولكن بشروط من يقدم النصرة، ليسيطر على وطنك وعلى إرادتك، ولا تعلم
تلك القوى الدولية.. أن ثورتك -المنتصرة بعون الله- لا يمكن أن تتخلّى عن أهدافها
العزيزة الجليلة، التي بذل الشهداء من أجل تحقيقها أرواحهم.. وما يزالون.
مؤتمر تونس أيها الشعب الثائر
البطولي يتحرّك وفق رؤى من اجتمعوا فيه، وقد يكون فيهم بعض "المخلصين" لك ولثورتك
البطولية، ولكن يعلم الله أنهم قد لا يبلغ عددهم عدد أصابع يد شهيد واحد من
شهدائك.. ولكن يوجد بين من اجتمع في تونس من يريد أن يستلم "السيادة" على وطنك
ودولتك تحت عنوان آخر.. وأن يستبدل مخالب بمخالب واستعبادا باستعباد.. ولن يكون لهم
ذلك ما دمت موقنا بما تعلنه حناجر ثوارك: يا ألله مالنا غيرك يا ألله..
...
مخطط "التدخل" في سورية -يا شعب
سورية الثائر- جاهز.. سبق وضعه انعقاد مؤتمر تونس بأسابيع أو أشهر، ولكن من وضعوه
وينتظرون اللحظة المناسبة لتنفيذه، لا يعون أنك أنت الواعي -رغم آلامك- بما
يصنعون:
- ما الذي يجعل المسؤولين
العسكريين، الأمريكيين والأطلسيين، يعلنون مرة بعد مرة، أثناء قصف الأحياء السكنية:
لن نتدخل عسكريا، هل يريدون إلاّ طمأنة المجرمين ليستمروا في القصف حتى ينهك
الطرفان، المجرم والضحية؟..
- أو ليس الحدّ الأدنى -لو صدقت
النوايا- أن يدعوا المجرمين يخشون ولو بعض الخشية من تدخل عسكري؟.. ألا يستطيعون
كما صنعوا مرارا وتكرارا في حالات أخرى، أن يتركوا "عدوّهم" جاهلا بحقيقة نواياهم،
ليحسب حسابهم، ويتردّد عمّا يصنع.. أم أنهم يتعمّدون أن يستمرّ فيما يصنع؟..
- ما الذي يجعل المسؤولين
السياسيين، من مختلف الدول التي يجمعها عنوان "أصدقاء" سورية، لا يأبهون باستعراض
سكوتهم المخزي عن وصول العتاد بلا حساب لدعم المجرمين، ثم يزعمون أنّهم يحترمون
القوانين الدولية، فلا يمكن أن يقدموا "السلاح" والدعم العسكري للثائرين على
المجرمين؟..
- ما الذي يجعل "أصدقاء" سورية،
يتمهلون في خطواتهم "الصديقة"، بيانا بعد بيان، وتقريرا حول الواقع الإنساني بعد
تقرير، وجدالا في مجلس الأمن الدولي بعد جدال، ومؤتمرا ينعقد على "فترة" من الزمن
بعد مؤتمر، وإنذارا يواري ما لديهم من أظافر وأنياب بعد إنذار.. وهم يعدّون الشهداء
فوجا بعد فوج، ولا يغفلون عن القول مع كل رقم جديد: لا ندري ما هي الحقيقة، ولكن
هكذا يقول الناشطون؟!...
...
يا شعب سورية الثائر الأبي، لن
تجد حمص من ينصرها إلا في حلب، ولا حلب إلا في درعا، ولا درعا إلا في دوما، ولا
دوما إلا في دير الزور، ولا دير الزور إلا في حماة، ولا حماة إلا في دمشق، ولا دمشق
إلا في حمص.. فقد صنعت الثورة شعبا واحدا ثائرا أبيا متماسكا، وهذا ما سيسجله
التاريخ: ثار الشعب ثورة لم يسبق لها مثيل في العالم، على طاغوت همجي لا ينتسب إلى
البشر، وانتصر الشعب على الطاغوت انتصارا تاريخيا، يغيّر خارطة المنطقة وخارطة
العلاقات البشرية لزمن طويل..إنه النصر الذي تعبّر عنه حناجر الثوار: يا ألله ما
لنا غيرك يا ألله.
لن تجد يا شعب سورية الثائر من
ينصرك إلا الله، ولقد كان من نتائج نصرة الله تعالى لأهل بدر ما حرّك عجلة التاريخ
قرونا عديدة وهو يسجّل ما صنعه ذلك النصر الأول، ولسوف تتحقق نصرة الله تعالى لأهل
الشام وقد انفرد بهم الميدان في مواجهة طاغوت من جنس إبليس ورهطه، ولسوف تتحرّك
عجلة التاريخ من جديد قرونا عديدة من بعد..
يا ألله ما لنا غيرك يا
ألله..
وإنها لثورة تصنعها يد الله عز
وجل، يجتبي من الشهداء من يجتبي إلى جنات الخلد، ويمحّص ما خالط هذا الشعب الأبي من
أوزار العقود الماضية، فيميز الخبيث من الطيب، حتى إذا جاء قدر الله بالنصر العزيز،
أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، ووجدوا أنفسهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي
المؤمنين، ويدكّون حصونهم على رؤوسهم بأنفسهم، بعد أن ظنّوا أنّ حصونهم مانعتهم من
الله.. والله بكل شيء محيط.
يا ألله ما لنا غيرك يا
ألله..
يا ألله.. هؤلاء عبادك، مسّتهم
البأساء والضراء وزلزلوا.. ولا يتوجهون إلا إليك.. يا ألله
يا ألله.. قد بلغت القلوب
الحناجر وما تزال الحناجر تناديك وتستجير بك وحدك.. يا ألله
يا ألله.. الشهداء والجرحى
والمعتقلون والمعذبون من أهل الشام يسألون موقنين بك مصدّقين بكلماتك: متى نصر
الله؟..
يا ألله.. يا ربّ العزة.. يا رب
السموات والأرض.. لا نقسم إلا باسمك العزيز أننا على يقين: إن نصر الله قريب.

المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/02/27/252697.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك