ربحت محمداً ولم أخسر المسيح

ربحت محمداً ولم أخسر المسيح
للدكتور عبد المعطي الدالاتي
صفحة من القرآن الكريم
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ، وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ،وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ }( ).
{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }( ).
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }( ).
{ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }( ).
{ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء}( ).
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }( ).

صفحة من الحديث الشريف

(( الأنبياء إخوة ..دينهم واحد..وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم , لأنه لم يكن بيني وبينه نبي )) ( ).
(( بشّر هذه الأمة بالسناء , والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض )) ( ).
(( لَيبلغَنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار , ولا يترك الله بيت مَدَر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين , بعز عزيز أو بذل ذليل , عزاً يُعزّ الله به الإسلام , وذلاً يذل به الكفر )) ( ).
(( لا يزال هذا الدين ظاهراً على كل من ناوَأَه حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون )) ( ).
(( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها , وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زُوي لي منها )) ( ).
(( من أسلم من أهل الكتاب , فله أجره مرتين , وله ما لنا وعليه ما علينا )) ( ).
(( والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بُعثت به من أن يُشعل أحدكم من هذه الشمس شعلة نار )) ( ).

صفحة من العهد القديم

"جاء أمر الرب من سيناء , و أشرق من سعير , وتلألأ من جبل فاران –الحجاز- ومعه عشرة آلاف قدّيس , وفي يمينه نار شريعة لهم" .( )
"بعد المسيح يأتي نبي عربي من بلاد فاران , وعلى اليهود أن يتبعوه , فإنه النبي المنتظر ، وعلامته أنه ينجو من القتل , ثم يعود بعد ذلك بعشرة آلاف قدّيس"( ).
"وحيٌ من جهة بلاد العرب , يا سكّان أرض تيماء ، و في سنة يفنى كل مجد قيدار –أي عدنان-"( ).
"هوذا عبدي ومختاري الذي أعضُدُه . وضعتُ روحي عليه ليخرجَ الحق للأمم … لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الأرض ، وتنتظر الممالك شريعته … لِترفع البرية ومدنها صوتها , والديار التي سكنها قيدار لتترنّم , وسكان (( سلع )) -جبل بيثرب- من على رؤوس الجبال ليهتفوا ويمجّدوا الربّ تمجيداً , ولينشروا تسبيحه في الآفاق"( ).
قلت يكاد القارئ يكمل هذا النص مترنماً :
طلَـعَ البـدرُ علينا من ثنيّــاتِ الــوداعِ
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاعِ
"سوف يأتي "حِمَدا لكل الأمم , وفي هذا المكان أُعطي "السلام"( ).

صفحة من الأناجيل

"أقول لكم الحق : إنه خيرٌ لكم أن أنطلق , لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط –الأكثر حمداً أي الأحمد-فأمّا إن انطلقت أرسلته إليكم..فإذا جاء فهو يعلّمكم جميع الحق ، لأنه ليس ينطق من عنده"( ).
"عزائي في مجيء الرسول الذي سيبيد كل رأي كاذب فيّ , وسيمتد دينه ويعم العالم بأسره , لأنه هكذا وعد الله أبانا إبراهيم , وإن ما يعزيني هو أن لا نهاية لدينه لأن الله سيحفظه صحيحاً"( ).
"أجاب يسوع إن اسمه عجيب , لأن الله نفسه سمّاه لمّا خلقه , وإن اسمه المبارك محمد . حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله أرسل لنا رسولك , يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم"( ).
"متى جاء رسول الله يحمل خلاصاً ورحمة لأمم الأرض , الذين يقبلون تعليمه , وسيأتي بقوة على الظالمين , ويبيد عبادة الأصنام"( ).
"إن موسى قال للآباء : إنّ نبياً مثلي سيقيم لكم الربُّ إلهكم من إخوتكم –العرب- له تسمعون في كل ما يكلمكم به"( ).

الإســـلام

"كـم من الأجيال ســتكابد الخـوف والشــقاء
قبل أن يبزغ فجر الإسـلام العظيم الذي يبدو
أن التاريخ بأكملــه يتجــه صوبــه ! وســلام
يومئذ يغمـر الدنيا … وسـلام يغمـر القلوب"
- هربرت ويلز -

وافرحتي بكَ فرحة المظلومِ بالعدل الذي أحيــا دِمـاهْ
وافرحتي بك فرحة المأسور لحظةَ أُطلقت فيها يــداهْ
وافرحتي بك فرحــةَ الطفل المشرّد ضائعاً ألفــى أباهْ
وافرحتي بك فرحــة الظمآن لاحت في الهجير له مياهْ
وا فرحتي بك فرحة الحيرانِ بعد الشكّ قد ألفى هداهْ
فلأَنتَ يا دينَ الهدايــةِ والعدالــة خيرُ مــا وهبَ الإلهْ ( )

***
مقدمــة

ربحت محمداً ولم أخسر المسيح :

لن أشرح العنوان ، أخاف على إشراقه أن يُمَس !
لن أُشرِّحَهُ ، أغار على جماله أن يُنتقص ..
وأعترف أني – في نفسي – قد حاولت ، واستنجدت بمفردات اللغة فما نجحت ، فيا عجز القلم ، ويا عجمة البيان !
وإذا ما عجزت عن بلوغ النجم في ذراه ، فلن أعجز عن الإشارة إلى النجم في سُراه ، ورُبَّ كلمة يبارك الله بها فنقرأ فيها فحوى كتاب ، وكم بارك الله بالسطور التي لا تُرى !
أخي الذي تقرأ معي هذه الكلمات ، ألست معي في أن من ربح محمداً ربح كل خير وحق وجمال ؟ وظفر بكون معنوي كامل قائم بهذا الإنسان الأعظم صلى الله عليه وسلم ؟ ومن شك فليدرس حياته كلها – أقول كلها – بقلب منصف ، وعقل مفتوح فلن يبصر فيها إلا ما تهوى العلا ، ولن يجد فيها إلا كرائم المعاني ، وطهر السيرة والسريرة .
أرأيت العطر ! ألا يغنيك استنشاقه في لحظة عن وصفه في كتاب !؟ فإنك ما إن تقرأ كلامه صلى الله عليه وسلم حتى يتصل بك تيار الروح العظيمة التي أودعت بعض عظمتها في أحاديثها ، فإذا بالقلب يزكو والنفس تطيب ، وإذا بأنوار النبوة تمحو عن النفس حجاب الظلمات ! هكذا يخترق كلام النبوة حجب النفس بعد أن اخترق حجب الزمان .
محظوظون أولئك الذين استطاعوا الرقي إلى عالم النبي ، لأنهم سيشعرون في حضرة عظمته أنهم عظماء ، فالحياة في ظلال الرسول حياة … وإذا كانت حياة الجسم في الروح … فإن حياة الروح في قلب الحبيب المصطفى …
لا يمكن الإحاطة بجوانب عظمة النبي محمد إلا إذا أمكن الإحاطة بجميع أطواء الكون ، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عالَماً في فرد ، فكان بهذا فرداً في العالم( )!
النبوة إشراق سماوي على الإنسانية ، ليقوّمها في سيرها ، ويجذبها نحو الكمال .. والنبي من الأنبياء هو الإنسان الكامل ، الذي يبعثه الله تعالى ليبتدي به النور ، ولتهتدي به خطا العقل في التاريخ ..
لقد كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام النور الذي أشرق في تاريخ الإنسان ، ففيهم تحس صدق النور ، وسر الروعة ، ولطف الجمال الظاهر والباطن … في طهر سيرتهم ، ونقاء سريرتهم ، وعطر أفكارهم ، ويقظة أفئدتهم ، وفي كل حركاتهم وسكَناتهم تلمس إعجاز النبوة العجيب! أليس الله قد اصطنعهم على عينه ، واختارهم ليبلغوا رسالته ؟!
لقد كان الأنبياء هم البدء ، ولا بد للبدء من تكملة ، والتكملة بدأت في يوم حراء ، غرة أيام الدهر ، ففيه تنزلت أنوار الوحي على من استحق بزّة الخاتمية فكان خاتم الأنبياء ، ومن ذا يستحق أن يُختم به الوحي الإلهي غير الصادق الأمين ؟!
الصادق الذي ما كذب مرة قط ، لا على نفسه ، ولا على الناس ، ولا على ربه … ومن منا يستطيع أن يكون صادقاً في أقواله وأفعاله ومشاعره ومواقفه مدى الحياة ؟! اللهم لا يطيق هذا سوى الأنبياء … والأمين الذي كان أميناً في كل شيء وكان قبل كل شيء أميناً على عقول الناس ، وأفكار الناس .
كسفت الشمس يوم توفي ولده إبراهيم ، فقالوا : "كُسفت الشمس لموت إبراهيم" لم يستغل رسول الإنسانية الأمين صلى الله عليه وسلم ضعف الناس فيتخذ من هذه الحادثة الاستثنائية دليلاً على صدق نبوته ، فنبوته حق ، والحق قوي بذاته ، والطبيعة لا تتدخل في أحزان الإنسان ، فجاء البيان النبوي الصادق "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت أحد" وهيهات أن يقبل الرسول لأصحابه أن يكون الجهل سبباً للإيمان …لم يشغله حزنه الكبير على وفاة طفله الصغير ، عن تصحيح مفهوم خاطئ عند الناس .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أميناً في تبليغ الرسالة كلها ، فلم يُخف من القرآن المنزل عليه آيـة ، ولو لم يكن نبيـاً لما وجدنا في القرآن سورة (مريم) و(آل عمران) .. لو لم يكن نبياً لكتم آياتٍ كثيرةً من مثل هذه الآية الكريمة : { وإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلى نِسَاء الْعَالَمِينَ } ( ). "على نساء العالمين" ! هكذا بهذا الإطلاق الذي رفع السيدة مريم إلى أعلى الآفاق ! أي صدق؟! وأية دلالة على مصدر هذا القرآن وصدق النبي الأميــن ؟ إنه يتلقى الحق من ربــه عن مريـم وعن عيسى عليـه الصلاة والســلام فيعلنه للعالمين ، ولو لم يكن رســولاً مــن الله ما أظهر هذا القول في هذا المجال بحال !
يقول الشاعر الهندي طاغور : "لم ينكر الرسول قصص الأنبياء قبله ، بل تركها كما أملاها الوحي ليظل شاهداً على صدقه وأمانته وإخلاصه" .
إن نبوّة محمد هي نبوّة صدق وأمانة وإيمان ، إنها نبوة تدعو إلى فهم ووعي وهداية ، هداية بالتفكر والتأمل والنظر (فالتفكير يوجب الإسلام والإسلام يوجب التفكير)( ) … (فلا يُخشى على الإسلام من حرية الفكر ، بل يخشى عليه من اعتقال الفكر)( ).
إنها نبوة مبشرة منذرة { إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ( )لا إغراء في هذه النبوة ولا مساومة { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ } ، وإن من لا يصدق هذه النبوة فلن يصدق أي خبر عن الإيمان أو الوجود ، ومن لا ينتفع بعقله وضميره للإيمان بهذه النبوة فلن تنفعه كل المعجزات .
لقد كان القرآن معجزة الإسلام الأولى ، وكان الرسول بذاته وأخلاقه وسيرته وانتشار دعوته معجزة الإسلام الثانية ، وحق للذات التي تجمعت فيها نهايات الفضيلة الإنسانية العليا أن تكون معجزة الإنسانية الخالدة .
يقول أسـتاذ الفلسـفة راما كريشنا راو : ( إن إلقاء نظرة على شخصية محمد تسمح لنا بالإطلاع على عدد كبير من المشاهد : فهناك محمد الرسول ، ومحمد المجاهد ، ومحمد الحاكم ، ومحمد الخطيب ، ومحمد المصلح ، ومحمد ملجأ الأيتام ، ومحمد محرر العبيد ، ومحمد حامي المرأة ، ومحمد القاضي ، ومحمد العابد لله .. كل هذه الأدوار الرائعة تجعل منه أسوة للروح الإنسـانية ) ( )، ويقول الأديب أحمد حسن الزيات : "لما بُعث الرسول الكريم بَعث الحرية من قبرها ، وأطلق العقول من أسرها ، وجعل التنافس في الخير ، والتعاون على البر ، ثم وصل بين القلوب بالمؤاخاة ، وعدل بين الحقوق بالمساواة .. حتى شعر الضعيف أن جند الله قـوتـه ، والفقير أن بيت المال ثروتـه !! والوحيد أن المؤمنين جميعـاً إخوتـه .." ( ).

ضيـف حــراء :
في غار شاهق يقع على الطريق ما بين السماء والأرض تم اللقاء بين محمد القادم من الأرض حاملاً ضراعتها ، وبين جبريل القادم من السماء حاملاً رسالتها ودار الحوار :
الملك جبريل : اقرأ .
النبي محمد : ما أنا بقارئ .
الملك جبريل : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } ( ).
هذه الكلمات هي بسملة سعادة الإنسان ، وهي الأشعة الأولى لأنوار القرآن ، يا لها من براعة استهلال لمقاصد الرسالة ..
من تحت ســن القلـم أبصرتُ بعث الأممِ
(اقرأ) تلاها المصطفـى فكان جيل الأرقـمِ( )
ها هنا في قلب الغار اختُصر تاريخ الإنسان ، فيا له من مكان غمر في جوفه الزمان .
ولقد تكون بعض الأحداث في التاريخ أكبر من التاريخ نفسه !! ويوم حراء أكبر وأخلد من التاريخ . وأكرِم بيوم تم فيه اللقاء بين أمين الأرض وأمين السماء !
( كان العالم كله في غفلة عن ذلك الرجل الذي يأوي إلى غار حراء متوحِّداً في سبيل التوحيد .. وكانت ساعات يرتبط بها تاريخ أحقاب ودهور ، فلما انقضت مدتها لم يبق في الأرض المعمورة غافل عن ضيف ذلك الغـار ، ولم يبق جاهـل بآثـار تلك السـاعات التي كان يقضيها فيـه بالليل والنهار..)( ) .
لقد ( خرج محمد من هذا الغار حقيقة نقية كالسماء الصافية .. خرج قانوناً من قوانين الله التي تُسيِّر الشمس والقمر ، وتمسك السماء والأرض .. يمضي قُدماً إلى الغاية المقدورة مُضيّ النجوم في حُبكها والشمس في فلكها .. هبط الرسول من حراء وقد حمل أمانة الرسالة ، فليت شعري أَهَبط ونفسه قريرةٌ كما ينزل النور من الشمس والقمر ؟ أم نزل ونفسه جائشةٌ كما ينزل الغيث بين الرعد والبرق؟! ما هي المشاعر والأفكار التي كانت تجول في قلبه وقد حمل "قولاً ثقيلاً" لينقذ به العالمين من الظلمات إلى النور ؟! لست أدري .. ولكنه نزل ديناً جديداً .. وعصراً وليداً .. وتاريخاً مديداً .. وإصلاحاً شاملاً وهدى كاملاً .. ورحمةً للعالمين .." ( ).
أيها الغار : يا مأوى محمد .. ويا مطلع النبوة .. ويا بوابة السماء ! كم فجّر الله فيك من ينابيع هدى ، ومن شلالات سناء ( )..
مذ قيل (اقرأ) أشــرقت في الكون شمس الدعوةِ
وســـرى الضياءُ على الوجودِ بأسرهِ في لحظةِ
ومحمد الهـادي ابتدا درب الهــدى من مكـةِ( )
وبعد فهذا الكتاب يذكر كلمة مسلمة في المسيح عليه السلام ، ويذكر أقوالاً مختارة لأناس شرح الله صدورهم للإسلام ، وما أطيب أقوالهم وأخصبها ومن أخصب تخيّر ، بل تحيّر ! .
ويذكر أقوالاً لمساكين قد أبصرت عقولهم ، ولكن عميت قلوبهم ، فضلوا الطريق بعد أن قاربوا المنزل ! وهذا ذنب عقوبته فيه !.
ويذكر أخيراً أقوال مفكرين أبصروا عورات الحضارة الغربية ، وشاهدوا نيران الانهيار الروحي والخلقي والفكري تشبّ في رداء هذه الحضارة فصرخوا بقومهم : هبّوا للنجاة .. هبوا للحياة ..

أختتم تقديمي هذا ببطاقات ثلاث :
الأولى يوقعها شاعر الألمان ( يوهان غوته ) :
"انظر إلى ينبوع الجبل يتدفق صافياً كشعاع دري فوق السحب .. أرضعت ملائكة الخير طفولته في مهده .. ساحباً في أثره أخواتٍ من العيون كأنما هو مرشدها الأمين ..
وأما في البوادي فالرياحين تنبثق عند قدميه ، والمـروج تحيـا مـن أنفاسـه لا يثنيه الوادي الظليل ، ولا الرياحين التي تطوّق ساقيه ، وتحاول أن تستهويه بلحاظها الفواتن ..
وها هو العُباب زاخراً يندفع لا يثنيه ثانٍ مخلفاً وراءه المنارات والصروح .. ذلك هو ( محمد بن عبد الله )"( ).

والبطاقة الثانية يوقعها شاعر الشرق ، الدكتور محمد إقبال :
"لا تعجبوا إذا اقتنصتُ النجوم ، فأنا من أتباع ذلك السيد العظيم ، الذي تشرفت بوطأته الحصباء ، فصارت أعلى قدراً من النجوم .. جاءته بنت حاتم أسيرة، سافرة الوجه ، مطرقةً فاستحيا النبي ، وألقى عليها رداءه .. يا رسول الله : نحن أعرى من السيدة الطائية ! نحن عراة ضعاف أمام أمم العالم ..
إنني مع عُبّاد الظلام في صراع شديد .. فمُدَّ سراجي بزيت منك جديد .. ولا تضن عليّ بشعاع من أشعة شمسك المنيرة للعالم ..
إنني وإن كنت قد أتلفت شبابي ، ولكنني أملك شيئاً اسمه ( القلب ) إنني أغار عليه وأستره ، لأنه يحمل أثراً من حافر جوادك الأصيل ..
يا رب : أنت غني عن العالمين . فاقبل معذرتي يوم الدين .. وإن كان لا بد من حسابي ، فأرجوك يا رب أن تحاسبني بعيداً من المصطفى ، فإني أستحي أن أنتسب إليه ، وأكون في أمته ، وأقترف مثل هذه الذنوب"( )..

والبطاقة الثالثة : أبيات كتبتها بقلمي الصغير الذي غمسته بدواة حب كبير :

حــار فكــري لـســـت أدري مــا أقـــولْ
أيُّ طُـهــــر ضمّـــــه قلــبُ الــرســــولْ
أيُّ نورٍ تــهــتــــدي فــيــــه العـقـــــولْ !
أنت مشـكاة الهدى ، أنت نــبراس الوصـولْ
أيُّ مــــدحٍ كان كُــفْـــــواً في المحافـــلْ
يا رســــولاً بــشّـــرتْ فـيــه الرســــائلْ
أي كــــونٍ نــبـــــويٍّ في الشــــــمـائـلْ
أنت نورٌ .. أنت طهرٌ .. أنت حقٌّ هـَدّ باطلْ ( )
التحيات لله والصلوات والطيبات … السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ما يقول الشـعر لو أثنى وما حيلةُ النثـر أمـام الأنبيـاءْ ؟!
قَدْرهم جلَّ عن الشــعر فهل يُكملُ التاريخُ بَدءَ الشعراءْ ؟!

د. عبد المعطي الدالاتي
حمص – عشية نجاة موسى عليه السلام في عاشوراء
10 / محرم / 1424 هجري
13 / آذار / 2003 غربي

التصور الإسلامي للمسيح

"إن أتباع محمد أوفر أدباً في كلامهم عن المسيح"( )
- برناردشو –

ولد المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من غير أب ! وهو حدث عجيب ! ولكنه ليس أعجب من خلق آدم الذي خلق من غير أب { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }( ) ، وفي هذه الآية نقرأ حُجة دامغة شبهت الغريب بما هو أغرب منه ، فلقد شاءت حكمة الله أن تشهد الإنسانية هذه الولادة العجيبة كي تتلفت من خلالها إلى قدرة الله ، إن عز عليها أن تتلفت إلى العجيبة الأولى – خلق آدم – التي لم يشهدها إنسان ، وثمة حكمة ثانية، وهي إعادة التوازن الروحي لبني إسرائيل الذين غرقوا في المادية ، فكانت ولادة المسيح الخارقة إعلاناً لعالم الروح ، ولما كان المسيح عليه السلام جنيناً صغيراً في بطن أمه الطاهرة ، كان الله يرعاه ، وكان يغذوه من دمها الطاهر الزكي ، وطبيعي أن السماوات والأرض كانت مخلوقة بقدرة الله وحده لما كان المسيح يتخلّق في رحم العذراء البتول( ). { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }( ) وقد تفرّد القرآن الكريم بذكر قصة ولادة المسيح بتفصيل مبين ، وبأسلوب معجز جميل وجليل ، يقول الله تعالى في سورة مريم : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ، فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا ، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا ، قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا ، فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا، فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا، فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ، فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ، فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ، قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ، ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ، مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ }( ).
وإن دارس القرآن يدرك أن القرآن لم يذكر قصة مولد النبي محمد ، لأنه كان مولداً طبيعياً ، وهذا من أظهر الأدلة على أن القرآن ليس من عنده ، وإلا لاهتم بمولده أكثر من اهتمامه بمولد عيسى بمقتضى الطبيعة البشرية ، والعجيبة الثانية التي ذكرتها الآيات الكريمة أن المسيح عليه السلام قد كلم الناس في المهد ليُبرِّئ ساحة أمه الطاهرة التي قال القرآن فيها { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }( ).
وقد أكد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم رفعة السيدة مريم فقال "خير نسائها مريم بنت عمران ، وخير نسائها خديجة"( ). والعجيب حقاً أن يتكرر الذكر العطر للسيدة مريم كثيراً في القرآن من دون أن يذكر اسم والدة محمد صلى الله عليه وسلم ! والسؤال الذي يطرح نفسه : لو كان القرآن من عند محمد فهل كان سيَفصلَه عن ذاته فيغفل ذكر أمه ثم يثني على أم رسول آخر ؟! ألا تدل هذه الظاهرة على أن القرآن الكريم قد صدر عن أفق أعلى من ذات النبي محمد ؟.
هذه الصورة الرائعة في القرآن للسيدة مريم على خلاف الصورة اليهودية التي رسمها يهود ، إذ طعنوا في عفتها وافتروا عليها بهتاناً عظيماً ، ومن المفارقات العجيبة التي ألمح إليها الدكتور شوقي أبو خليل ( )أن يعمد القائمون على طباعة الأناجيل المتداولة إلى طباعة العهد القديم كتاب اليهود المقدس ونشره مرفقاً مع العهد الجديد ! وكان الأولى بهم أن يطبعوا وينشروا القرآن الكريم أو سورتي (( مريم )) و(( آل عمران )) في أضعف الإيمان . والمسلمون يقولون كلما ذكر المسيح (( عليه الصلاة والسلام )) على حين نرى أن موسى بن ميمون يقول كلما ذكر المسيح : (( ليهلك اسم الشرير )) وذلك في تلمودهم الذي مُلئ خبثاً وحقداً وشراً .( )
ونتساءل هل يمكن أن يكون الصمت خطيئة !! نعم إذا كان هذا الصمت يحجب الإيمان والحقيقة ، ولكن الصمت مهما طال فستمزقه كلمة حق حين تُقال.
شب المسيح في كنف أمه التي كانت تحوطه وترعاه ، فبادلها حباً بحب وبرٍّ ووفاء وقد سجل القرآن هذا { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا }( ).
أما في إنجيل يوحـنــا (2/3) فقد ورد : "ولما فرغت الخمر قالـت أم يسوع لــه : ليس لهم خمر ، قال لها يسوع : مالي ولك يا امرأة" !

المسيح إنسان ورسول :
أكدت الأناجيل المتداولة بشرية المسيح عليه السلام وأنه (( ابن الإنسان )) في عشرات الآيات . ففي إنجيل متى (8/20) "لطيور السماء أوكار وأما ابن الإنسان فليس له أن يسند رأسه" ، وفي إنجيل يوحنا (8/40) "أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله" ، وفي أعمال الرسل (2/22) ورد : "يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده" .
ولقد كان المسيح عليه السلام كغيره ، يجوع فيأكل الطعام { مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ }( ).
وفي إنجيل متى (21/18) "وفي الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع" .
هذا الإنسان العظيم كان ذا شخصية جذابة وذا خلق كريم ، اصطفاه الله ليكون رسولاً إلى بني إسرائيل يحكمهم بشريعة التوراة وهداية الإنجيل فدعاهم إلى الإيمان بالله وحده ، وإلى إخلاص العبادة له ، وذلك بعد أن انحرف بنو إسرائيل فمنهم من عبد العجل ، ومنهم من قال : عزير ابن الله ، ومنهم من قتل الأنبياء أو افترى عليهم عظيم القول ، ورسالة المسيح عليه السلام كانت خاصة ببني إسرائيل يقول الله تعالى : { وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ، وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ }( ) ، وفي إنجيل متى ورد : "لم أُرسَل إلا إلى خراف بني إسـرائيل الضالـة"( ) ، وقد ذُكرت مهمة المسـيح الرسـاليـة في القـرآن الكريم
{ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْـهُ }( )، كما ذكرت هذه المهمة في الأناجيل ، ففي إنجيل يوحنا ( 17/3 ) "أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" ، وفي إنجيل لوقا (24/19) "يسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً" .
وكسائر الأنبياء الكرام فقد أيد الله رسوله المسيح بمعجزات وآيات ، من ذلك أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله .

دعوة المسيح هي توحيد الله :
طاف المسيح عليه السلام في البلاد سائحاً يدعو العباد إلى التوحيد الخالص وإلى عبادة الله وحده( )، وراح يدعو بني إسرائيل بآيات الإنجيل ، وبمواعظ تسحر الألباب ، لقد كان عليه السلام كالحكمة الطائفة ، وكأنفاس الحياة ، يزرع الخير ويغرس شجرة التوحيد والعبودية لله الواحد الأحد { وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)( ) ، { لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ }( ).
وفي إنجيل لوقا ( 4/8 ) "إنه مكتوبٌ للرب إلهك تسجد ، وإياه وحده تعبد" .
وفي مُرقس (2/7) : "من يَقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده ؟!" ، وفيه (12/9) : "الربُّ إلهُنا ربٌ واحد" .
وقد سبق أن قرأنا هذه الكلمة : "أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي أرسلته" والتي يمكن أن نقرأها أيضاً هكذا : "لا إله إلا الله ، والمسيح رسول الله" ..
أما القديس (آريوس ) فيقول : "بما أن الرب واحد وغير مولود كالمسيح فهو الإله الوحيد" ، ويقول المستشرق الشهير غوستاف لوبون : "لا شيء يدل على أن الناس عدّوا يسوع إلهاً في القرن الأول من النصرانية"( ) ، أما شاعر الألمان الأكبر يوهان غوته فيقول : "يسوع كان طاهر الشعور ولم يؤمن إلا بالله الواحد الأحد ، ومن جعل منه إلهاً فقد أساء إليه ، وهكذا فإن الحق هو ما نادى به محمد"( ) .
ويتساءل غوته متعجباً : "تريدين أن تُقدمي إلي هذه الصورة البائسة للمصلوب على الخشب على أنه الله ؟!( ).. إذا كان للرب كفواً أحدٌ أيكون بعدها رباً؟" ( )، وفي المؤتمر الذي عقده أساقفة الأنجليكان في إنجلترا عام 1984 وحضره (31) أسقفاً قرر تسعة عشر منهم أنه يكفي اعتبار المسيح رسولاً عظيماً فحسب( ).

بشارة المسيح ببعثة محمد عليهما السلام :
أنزل الله تعالى ( الإنجيل ) على المسيح { وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ }( ) ، وكلمة (الإنجيل) تعني باليونانية ( الخبر الطيب ) أو ( البشارة الطيبة ) ويبدو أنه قد سمي بهذا الاسم لأنه كان آخر كتاب سماوي بشَّر باقتراب موعد نزول الكتاب الإلهي الخالد ( القرآن الكريم ) ، ولأنه بشَّر أيضاً بقرب بعثة الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ، بدليل قول المسيح عليه السلام { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ }( ).
أما القرآن فقد اشتُقّ اسمه من ( القراءة ) بمعنى الاستقراء والتحليل والفهم ، وتأكد هذا المعنى بأن أول كلمة نزلت من القرآن هي ( اقرأ ) وأول أداة ذكرت فيه هي ( القلم ) .
وقد تواترت البشارات في الأناجيل المتداولة ، ففي إنجيل برنابا ( )(36/6) : "قد جاء الأنبياء كلهم إلا رسول الله الذي سيأتي بعدي ، لأن الله يريد ذلك حتى أهيئ طريقه" ، وفيه (44/19) : "إن رسول الله مزدان بروح الفهم والمشورة ، روح الحكمة والقوة ، روح الخوف والمحبة ، روح التبصّر والاعتدال ، ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه إلى العالم" .
وبشارة تواترت تقول "اقترب ملكوت السماوات"( ) ، و "ليأت ملكوتك"( )، والذين بشّروا باقتراب ملكوت السماوات هم يحيى وعيسى عليهما السلام ، وتابعهما الحواريون والتلاميذ ، وفي إنجيل متى نقرأ قول المسيح :
"الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ، لذلك أقول لكم إن ملكوت الله يُنزع منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره ، ومن سقط على هذا الحجر يترضّض ومن سقط هو عليه يسحقه"( ).
لقد كانت بعثة المسيح عليه السلام إذن هي المقدمة الأخيرة لمجيء الرسول الخاتم الذي صار (( رأس الزاوية )) وقد صور الرسول صلى الله عليه وسلم الرسالات السماوية في جملتها أحسن تصوير حين قال :
"إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً ، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة ، فجعل الناس يطوفون به ، ويتعجبون ويقولون هلاّ وُضعت هذه اللبنة ؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"( ).
يقول الدكتور محمد عبد الله الدراز : "كانت الشرائع السماوية خطوات متصاعدة ولبنات متراكمة في بنيان الدين والأخلاق وسياسة المجتمع . وكانت مهمة اللبنة الأخيرة أنها أكملت البنيان ، وملأت ما بقي فيه من فراغ ، وأنها كانت بمثابة حجر الزاوية الذي يمسك أركان البناء إنها إذاً سياسة حكيمة رسمتها يد العناية الإلهية لتربية البشرية تربية تدريجية لا طفرة فيها ولا ثغرة ، ولا تناقض ولا تعارض ، بل تضافُرٌ وتعانقٌ وثباتٌ واستقرارٌ ، ثم نموٌ واكتمالٌ وازدهار"( ).
لقد اكتمل برسول الله بناء النبوة الشامل ، وبهذا الاكتمال انتهى بناء الصرح العظيم فلا محل لزيادة فيه ، يقول الله تعالى : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ }( ).
ويقول : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَليْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }( ).

نهايـة المسيح عليه السلام :
لم تكن نهاية السيد المسيح على الأرض أقل عجباً من ولادته ! فبعد أن لاقت دعوته الرفض من يهود ، وبعد أن بهتوا أمه البتول ، فاض حقدهم عليه ، فعزموا على قتله وصلبه ، فنجّاه الله منهم ورفعه إليه ، { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيماً، وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا }، وفي إنجيل برنابا نقرأ : "دخلت الجنود وألقوا أيديهم على يهوذا لأنه كان شبيهاً بيسوع من كل وجه .. فأخذ الجنود يهوذا وأوثقوه .. وقادوه إلى جبل الجمجمة ، وهناك صلبوه ، ولم يفعل يهوذا شيئاً سوى الصراخ : يا الله لماذا تركتني"( )، وفي هذا العصر برّأت الكنيسة اليهود من دم المسيح ، لاقتناعها ضمناً بأن المصلوب لم يكن المسيح ، وإلا فهل يعقل أن تُفرِّط الكنيسة بدم المسيح هذا التفريط مهما كانت الأسباب ؟! . ونتساءل مع الدكتور سامي عصاصة : "هل اسـتغرق اكتـشـاف هــذا الخطأ ألفي عـام قبــل أن يجري تصحيحه؟! " ( ).
ومثلما تفرّد القرآن الكريم بالحديث عن المسيح قبل مولده ، تفرد أيضاً بالحديث عنه يوم القيامة يوم يقوم الأشهاد . ففي موقف مستقبلي مهيب ، يرسم القرآن الكريم مشهداً جليلاً يصور فيه موقف المسيح مع إخوانه الأنبياء بين يدي الله تعالى يوم الحساب : { وَإِذْ قَالَ اللّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } ( ).
إنه استجوابٌ هائل في موقف مرهوب ، وجوابٌ من المسيح كله أدب مع الله ، (( إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ )) فهو لم يقل في جوابه "لا لم أقله" ! وهذا من أبلغ الأدب مع الله تعالى ، وحقاً إن التاريخ يغدو قصة فارغة إذا خلا من أدب الأنبياء ، ومن سير الأنبياء ، ومن تعاليم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

تاريـخ المسـلم :
وثمة كلمة مسلمة نقولها في المسيح عليه السلام ، إن المسلم لا يكون مسلماً أبداً إن لم يؤمن بأنبياء الله كلهم كإيمانه بمحمد عليه السلام ، فإذا كفر بواحد منهم ، أو تناوله بكلمة سوء واحدة ، فقد انسلخ عن الإسلام ، فمن لا يؤمن برسول من الرسل الكرام هو كمن لا يؤمن به كلهم ، وإن تاريخ المسلم هو تاريخ الرسالات السماوية كلها ، فهو يؤمن بإبراهيم وموسى وعيسى ، وبالتوراة والإنجيل كإيمانه بمحمد وبالقرآن سواء بسواء ، قال الله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } ( ).
والمسلم يسير أبداً في ركب الأنبياء عليهم السلام ، فهو يترسَّم خُطاهم ، ويعتبر تاريخَهم تاريخَه ، ونحن المسلمين ، مذ كنا صغاراً تفتحت قلوبنا على آدم في جنته ، وعلى نوح في سفينته ، وعلى إبراهيم يحطم الأصنام بساعديه ، وعلى موسى إذ يشق البحر بعصاه ، وعلى عيسى بن مريم إذ أتت به قومها تحمله فكلمهم في المهد ، وعلى محمد في غاره يردّد قول الأمين جبريل : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } .. نحن المسلمين : "إذا حاربنا اليهود تحت راية موسى ، حاربناهم تحت رايـة موســى وعيسـى ومحمد عليهم السلام"( ) ، ونحن المسـلمين لا نعيش – بحمد الله – أية عقيدة تجاه أية رسالة سماوية أو أي رسول ، ونحن كما قال نبينا محمد ، "أولى الناس بعيسى بن مريم" إذ يسكن حبه وحب أمه الطاهرة في أعماقنا، وهذا الحب لا يوازيه إلا محبتنا لسائر الأنبياء الكرام .
هذه هي نظرتنا إلى الأنبياء فهل سينظر أتباعهم إلى نبينا النظرة ذاتها ؟ يقول م. كويت "قد شب أغلب الغربيين على كراهية الإسلام ، بينما شب المسلمون على حب المسيح والإنجيل المنزل عليه"( ) . ويقول البريطاني أرسكين تشايلدرز : "إن العلاقة بين المسلمين وغيرهم لم تكن متوازنة من البداية ! فقد اعترف الإسلام بالديانات السماوية واعتبر الإيمان بأنبيائها جزءاً من سلامة اعتقاد المسلم ، في حين أن أهل هذه الأديان لم يعترفوا بالإسلام ولم يهادنوه يوماً"( ).
ويقول رينيه ديكارت في (مقالة الطريقة ): "نحن والمسلمون في هذه الحياة .. ولكنهم يعملون بالرسالتين العيسوية والمحمدية ، ونحن لا نعمل بالثانية، ولو أنصفنا لكنا معهم جنباً إلى جنب لأن رسالتهم فيها ما يتلاءم مع كل زمان" ، ويقول المسلم د. محمد غريب : "لو عرف المسيحيون الإسلام وأسلموا لأكرموا المسيح عليه السلام أكثر" .
نأمل أن يكون البحث عن الحقيقة هو رائد الناس كل الناس ، ونأمل أن يؤدي الصدق مع الذات إلى مراجعة واعية للمواقف والاعتقادات ، ونرجو أن يؤدي التفكر والحوار الموضوعي دورهما في طريق البحث عن الحقيقة .

***

شهادات الذين أسلموا

"أعظم المعارك يتم خوضها داخل الروح ،
ففيها تصنع الانتصارات والهزائم الكبرى"
- د. عبد الكريم بكار -

كانت حياتهم بلا هدف … فأحبوا أن يكون لها معنى .. كانت أرواحهم مسكونة بالظلام ، فابتغوا لها رزق النور .. كانت قلوبهم تتمرغ في أوحال المادة ، فغسلوها بسبحات الطهر ، وغمسوها في عطور الإيمان ..
حكاياتهم متشابهة رحلة طويلة وشاقة في طريق محفوفةٍ بالشك والشوك ، ثم اللحظة العليا التي يجتازون بها المنعطف الأسمى في حياتهم الذي يحولهم بنقلة واحدة إلى القمة السامقة ! حيث الإسلام ، فيخلعون على عتبته رداء الجهل والحيرة والضياع …
هذا المنعطف الذي أعلنوا فيه شهادة التوحيد ، لا تقاس لحظاته بعقارب الزمن ، بل بدقات القلوب الخافقة الساكنة !.
أي مزيج هذا !؟ سكون كله اضطراب !! واضطراب كله سكون !! إنها لحظة مقدسة من زمن الجنة ، هبطت إلى زمنهم وحدهم من دون الناس جميعاً .. إنها لحظة ملهمة أمدّت عقولهم بحيوية هائلة ، وقوة روحية فيّاضة ، فإذا الدنيا وعُبّادها خاضعون لفيض هذه القوة ..
محظوظون أولئك الذين قُدّر لهم أن يبصروا الإنسان المسلم الجديد لحظة نطقه بالشهادتين .. أنا لست أشك أنَّ ملائكة تهبط في ذلك المكان ، وملائكة تصعد لترفع ذلك الإيمان الغض النديّ إلى الله …
أسأل الله الذي أسعدهم في الدنيا بالإسلام ، أن يسعدهم والقارئ والكاتب في الآخرة برضاه …
* المفكر محمد أسد (ليوبولد فايس)

رُبَّ سارٍ والسُّحْبُ قد لَفَّت النّجم
فحـار السـارونَ عبر القفـارِ

سَـفَرَ الفجـرُ فاسـتبانَ خُـطاه
فـرآها اهتـدتْ بـلا إبصـارِ

- الشاعر عمر الأميري –
نمساوي ينحدر من أبوين يهوديين ، درس الفلسفة والفن في جامعة فيينا ثم اتجه للصحافة فبرع فيها ، وغدا مراسلاً صحفياً في الشرق العربي والإسلامي ، فأقام مدة في القدس ، ثم زار القاهرة فالتقى بالإمام مصطفى المراغي ، فحاوره حول الأديان ، فانتهى إلى الاعتقاد بأن "الروح والجسد في الإسلام هما بمنزلة وجهين توأمين للحياة الإنسانية التي أبدعها الله" ثم بدأ بتعلم اللغة العربية في أروقة الأزهر ، وهو لم يزل بعدُ يهودياً .
قصتــه مع الإســلام
كان ليوبولد فايس رجل التساؤل والبحث عن الحقيقة ، وكان يشعر بالأسى والدهشة لظاهرة الفجوة الكبيرة بين واقع المسلمين المتخلف وبين حقائق دينهم المشعة ، وفي يوم راح يحاور بعض المسلمين منافحاً عن الإسلام ، ومحمّلاً المسلمين تبعة تخلفهم عن الشهود الحضاري ، لأنهم تخلّفوا عن الإسلام ففاجأه أحد المسلمين الطيبين بهذا التعليق "فأنت مسلم ، ولكنك لا تدري !" .
فضحك قائلاً : "لست مسلماً ، ولكنني شاهدت في الإسلام من الجمال ما يجعلني أغضب عندما أرى أتباعه يضيّعونه" .
ولكن هذه الكلمة هزت أعماقه ، ووضعته أمام نفسه التي يهرب منها ، وظلت تلاحقه من بعد حتى أثبت القدر صدق قائلها الطيب ، حين نطق ( محمد أسد ) بالشهادتين( ).
هذه الحادثة تعلّمنا ألا نستهين بخيرية وبطاقات أي إنسان ، فنحن لا ندري من هو الإنسان الذي سيخاطبنا القدر به ، ومن منا لم يُحدث انعطافاً في حياته كلمةٌ أو موقفٌ أو لقاء ؟! من منا يستطيع أن يقاوم في نفسه شجاعة الأخذ من الكرماء ؟!
لقد جاء إسلام محمد أسد رداً حاسماً على اليأس والضياع ، وإعلاناً مقنعاً على قدرة الإسلام على استقطاب الحائرين الذين يبحثون عن الحقيقة وعن المصير … يقول الدكتور عبد الوهاب عزام : "إنه استجابةُ نفس طيبة لمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ، وإعجابُ قلب كبير بالفطرة السليمة ، وإدراك عقل منير للحق والخير والجمال"( ).
قام محمد أسد بعد إسلامه بأداء فريضة الحج ، كما شارك في الجهاد مع عمر المختار ، ثم سافر إلى باكستان فالتقى شاعر الإسلام محمد إقبال ، ثم عمل رئيساً لمعهد الدراسات الإسلامية في لاهور حيث قام بتأليف الكتب التي رفعته إلى مصاف ألمع المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث ، وأشهرها كتابه الفذ (الإسلام على مفترق الطرق) وله كتاب (الطريق إلى مكة) ، كما قام بترجمة معاني القرآن الكريم وصحيح البخاري إلى اللغة الإنجليزية .
لقد كان محمد أسد طرازاً نادراً من الرحالة في عالم الأرض ، وفي عالم الفكر والروح …
يقول محمد أسد :
"جاءني الإسلام متسللاً كالنور إلى قلبي المظلم ، ولكن ليبقى فيه إلى الأبد والذي جذبني إلى الإسلام هو ذلك البناء العظيم المتكامل المتناسق الذي لا يمكن وصفه ، فالإسلام بناء تام الصنعة ، وكل أجزائه قد صيغت ليُتمَّ بعضها بعضاً… ولايزال الإسلام بالرغم من جميع العقبات التي خلّفها تأخر المسلمين أعظم قوة ناهضة بالهمم عرفها البشر ، لذلك تجمّعت رغباتي حول مسألة بعثه من جديد"( ).
"إن الإسلام يحمل الإنسان على توحيد جميع نواحي الحياة … إذ يهتم اهتماماً واحداً بالدنيا والآخرة ، وبالنفس والجسد ، وبالفرد والمجتمع ، ويهدينا إلى أن نستفيد أحسن الاستفادة مما فينا من طاقات ، إنه ليس سبيلاً من السبل ، ولكنه السبيل الوحيد ، وإن الرجل الذي جاء بهذه التعاليم ليس هادياً من الهداة ولكنه الهادي" .
"إن الرجل الذي أُرسل رحمة للعالمين ، إذا أبينا عليه هُداه ‘ فإن هذا لا يعني شيئاً أقل من أننا نأبى رحمة الله !"( ).
"الإسلام ليس فلسفة ولكنه منهاج حياة .. ومن بين سائر الأديان نرى الإسلام وحده ، يعلن أن الكمال الفردي ممكن في الحياة الدنيا ، ولا يؤجَّل هذا الكمال إلى ما بعد إماتة الشهوات الجسدية ، ومن بين سائر الأديان نجد الإسلام وحده يتيح للإنسان أن يتمتع بحياته إلى أقصى حدٍ من غير أن يضيع اتجاهه الروحي دقيقة واحدة ، فالإسلام لا يجعل احتقار الدنيا شرطاً للنجاة في الآخرة .. وفي الإسلام لا يحق لك فحسب ، بل يجب عليك أيضاً أن تفيد من حياتك إلى أقصى حدود الإفادة .. إن من واجب المسلم أن يستخرج من نفسه أحسن ما فيها كيما يُشرّف هذه الحياة التي أنعم الله عليه بها ، وكيما يساعد إخوانه من بني آدم في جهودهم الروحية والاجتماعية والمادية .
الإسلام يؤكد في إعلانه أن الإنسان يستطيع بلوغ الكمال في حياته الدنيا ، وذلك بأن يستفيد استفادة تامة من وجوه الإمكان الدنيوي في حياته هو"( ).
ويصف محمد أسد إفاضته مع الحجيج من عرفات فيقول : "ها نحن أولاء نمضي عجلين ، مستسلمين لغبطة لا حد لها ، والريح تعصف في أذني صيحة الفرح . لن تعود بعدُ غريباً ، لن تعود … إخواني عن اليمين ، وإخواني عن الشمال ، ليس بينهم من أعرفه ، وليس فيهم من غريب ! فنحن في التيار المُصطخِب جسد واحد ، يسير إلى غاية واحدة ، وفي قلوبنا جذوة من الإيمان الذي اتقد في قلوب أصحاب رسول الله … يعلم إخواني أنهم قصّروا ، ولكنهم لا يزالون على العهد ، سينجزون الوعد( )".
"لبيك اللهم لبيك" لم أعد أسمع شيئاً سوى صوت "لبيك" في عقلي ، ودويّ الدم وهديره في أذني … وتقدمت أطوف ، وأصبحت جزءاً من سيل دائري! لقد أصبحت جزءاً من حركة في مدار ! وتلاشت الدقائق .. وهدأ الزمن نفسه .. وكان هذا المكان محور العالم( )".
ويسلط محمد أسد الضوء على سبيل النجاة من واقعنا المتردي فيكتب "ليس لنا للنجاة من عار هذا الانحطاط الذي نحن فيه سوى مخرج واحد ؛ علينا أن نُشعر أنفسنا بهذا العار ، بجعله نصب أعيننا ليل نهار ! وأن نَطعم مرارته … ويجب علينا أن ننفض عن أنفسنا روح الاعتذار الذي هو اسم آخر للانهزام العقلي فينا ، وبدلاً من أن نُخضع الإسلام باستخذاء للمقاييس العقلية الغربية ، يجب أن ننظر إلى الإسلام على أنه المقياس الذي نحكم به على العالم ..
أما الخطوة الثانية فهي أن نعمل بسنة نبينا على وعي وعزيمة…"( ) .
وأخيراً يوصينا محمد أسد بهذه الوصية "يجب على المسلم أن يعيش عالي الرأس ، ويجب عليه أن يتحقق أنه متميز ، وأن يكون عظيم الفخر لأنه كذلك ، وأن يعلن هذا التميز بشجاعة بدلاً من أن يعتذر عنه !"( ).

* الدكتور جيفري لانغ
بروفسور أمريكي في الرياضيات ، أسلم ووضع كتابه (الصراع من أجل الإيمان) الذي ضمّنه قصة إسلامه ، وأصدر مؤخراً كتاب (حتى الملائكة تسأل – رحلة الإسلام إلى أمريكا) .
يحدثنا د. جيفري لانغ عن إسلامه :
"لقد كانت غرفة صغيرة ، ليس فيها أثاث ما عدا سجادة حمراء ، ولم يكن ثمة زينة على جدرانها الرمادية ، وكانت هناك نافذة صغيرة يتسلّل منها النور … كنا جميعاً في صفوف ، وأنا في الصف الثالث ، لم أكن أعرف أحداً منهم ، كنا ننحني على نحو منتظم فتلامس جباهنا الأرض ، وكان الجو هادئاً ، وخيم السكون على المكان ، نظرت إلى الأمام فإذا شخص يؤمّنا واقفاً تحت النافذة ، كان يرتدي عباءة بيضاء … استيقظت من نومي ! رأيت هذا الحلم عدة مرات خلال الأعوام العشرة الماضية ، وكنت أصحو على أثره مرتاحاً .
في جامعة (سان فرانسيسكو) تعرفت على طالب عربي كنت أُدرِّسُهُ ، فتوثقت علاقتي به ، وأهداني نسخة من القرآن ، فلما قرأته لأول مرة شعرت كأن القرآن هو الذي "يقرأني" !.
وفي يوم عزمت على زيارة هذا الطالب في مسجد الجامعة ، هبطت الدرج ووقفت أمام الباب متهيباً الدخول ، فصعدت وأخذت نفساً طويلاً ، وهبطت ثانية لم تكن رجلاي قادرتين على حملي ! مددت يدي إلى قبضة الباب فبدأت ترتجف، ثم هرعت إلى أعلى الدرج ثانية … شعرت بالهزيمة ، وفكرت بالعودة إلى مكتبي .. مرت عدة ثوانٍ كانت هائلة ومليئة بالأسرار اضطرتني أن أنظر خلالها إلى السماء ، لقد مرت عليّ عشر سنوات وأنا أقاوم الدعاء والنظر إلى السماء ! أما الآن فقد انهارت المقاومة وارتفع الدعاء : "اللهم إن كنت تريد لي دخول المسجد فامنحني القوة" ، نزلت الدرج ، دفعت الباب ، كان في الداخل شابان يتحادثان . ردا التحية ، وسألني أحدهما : هل تريد أن تعرف شيئاً عن الإسلام؟ أجبت : نعم ، نعم .. وبعد حوار طويل أبديت رغبتي باعتناق الإسلام فقال لي الإمام : قل أشهد ، قلت : أشهد ، قال : أن لا إله ، قلت : أن لا إله - لقد كنت أؤمن بهذه العبارة طوال حياتي قبل اللحظة – قال : إلا الله ، رددتها ، قال : وأشهد أن محمداً رسول الله ، نطقتها خلفه .
لقد كانت هذه الكلمات كقطرات الماء الصافي تنحدر في الحلق المحترق لرجل قارب الموت من الظمأ … لن أنسى أبداً اللحظة التي نطقت بها بالشهادة لأول مرة ، لقد كانت بالنسبة إليّ اللحظة الأصعب في حياتي ، ولكنها الأكثر قوة وتحرراً . بعد يومين تعلمت أول صلاة جمعة ، كنا في الركعة الثانية ، والإمام يتلو القرآن ، ونحن خلفه مصطفون ، الكتف على الكتف ، كنا نتحرك وكأننا جسد واحد ، كنت أنا في الصف الثالث ، وجباهنا ملامسة للسجادة الحمراء ، وكان الجو هادئاً والسكون مخيماً على المكان !! والإمام تحت النافذة التي يتسلل منها النور يرتدي عباءة بيضاء ! صرخت في نفسي : إنه الحلم ! إنه الحلم ذاته … تساءلت : هل أنا الآن في حلم حقاً ؟! فاضت عيناي بالدموع ، السلام عليكم ورحمة الله ، انفتلتُ من الصلاة ، ورحت أتأمل الجدران الرمادية ! تملكني الخوف والرهبة عندما شعرت لأول مرة بالحب ، الذي لا يُنال إلا بأن نعود إلى الله" ( ).
برفّـة روحـي ، وخفقـة قلبي بســرٍّ سـرى في كياني يـلبّي
سـألتكَ ربّـي لترضـى ، وإنـي لأرجـو رضـاك إلهي بحبــي
وأعذبُ نجوى سرَت في جَناني وهزّتْ كياني "أحبـك ربـي"( )
وطبيعي أن تنهال الأسئلة على الدكتور جيفري لانغ باحثة عن سر إسلامه فكان يجيب :
"في لحظة من اللحظات الخاصة في حياتي ، منّ الله بواسع علمه ورحمته عليّ ، بعد أن وجد فيّ ما أكابد من العذاب والألم ، وبعد أن وجد لدي الاستعداد الكبير إلى مَلء الخواء الروحي في نفسي ، فأصبحت مسلماً … قبل الإسلام لم أكن أعرف في حياتي معنى للحب ، ولكنني عندما قرأت القرآن شعرت بفيض واسع من الرحمة والعطف يغمرني ، وبدأت أشعر بديمومة الحب في قلبي ، فالذي قادني إلى الإسلام هو محبة الله التي لا تقاوَم"( ).
"الإسلام هو الخضوع لإرادة الله ، وطريق يقود إلى ارتقاء لا حدود له ، وإلى درجات لا حدود لها من السلام والطمأنينة .. إنه المحرك للقدرات الإنسانية جميعها ، إنه التزام طوعي للجسد والعقل والقلب والروح"( ) .
"القرآن هذا الكتاب الكريم قد أسرني بقوة ، وتملّك قلبي ، وجعلني أستسلم لله ، والقرآن يدفع قارئه إلى اللحظة القصوى ، حيث يتبدّى للقارئ أنه يقف بمفرده أمام خالقه( )، وإذا ما اتخذت القرآن بجدية فإنه لا يمكنك قراءته ببساطة ، فهو يحمل عليك ، وكأن له حقوقاً عليك ! وهو يجادلك ، وينتقدك ويُخجلك ويتحداك … لقد كنت على الطرف الآخر ، وبدا واضحاً أن مُنزل القرآن كان يعرفني أكثر مما أعرف نفسي … لقد كان القرآن يسبقني دوماً في تفكيري ، وكان يخاطب تساؤلاتي … وفي كل ليلة كنت أضع أسئلتي واعتراضاتي ، ولكنني كنت أكتـشف الإجابــة في اليوم التالي … لقد قابلت نفسي وجهاً لوجه في صفحات القرآن.."( ).
"بعد أن أسلمت كنت أُجهد نفسي في حضور الصلوات كي أسمع صوت القراءة ، على الرغم من أني كنت أجهل العربية ، ولما سُئلت عن ذلك أجبت : لماذا يسكن الطفل الرضيع ويرتاح لصوت أمه ؟ أتمنى أن أعيش تحت حماية ذلك الصوت إلى الأبد"( ).
"الصلاة هي المقياس الرئيس اليومي لدرجة خضوع المؤمن لربه ، ويا لها من مشاعر رائعة الجمال ، فعندما تسجد بثبات على الأرض تشعر فجأة كأنك رُفعت إلى الجنة، تتنفس من هوائها ، وتشتمُّ تربتها ، وتتنشق شذا عبيرها ، وتشعر وكأنك توشك أن ترفع عن الأرض ، وتوضع بين ذراعي الحب الأسمى والأعظم"( ).
"وإن صلاة الفجر هي من أكثر العبادات إثارة ، فثمة دافع ما في النهوض فجراً – بينما الجميع نائمون – لتسمع موسيقا القرآن تملأ سكون الليل ، فتشعر وكأنك تغادر هذا العالم وتسافر مع الملائكة لتمجّد الله عند الفجر"( ).
ونختم الحديث عن د. جيفري لانغ بإحدى نجاواه لله : "يا ربي إذا ما جنحتُ مرة ثانية نحو الكفر بك في حياتي ، اللهم أهلكني قبل ذلك وخلصني من هذه الحياة . اللهم إني لا أطيق العيش ولو ليوم واحد من غير الإيمان بك"( ).

* الداعية يوسف إسلام (كات ستيفنز)
المغني البريطاني الشهير ، لُقب بمطرب القارتين ، وحاز على 17 أسطوانة ذهبية ، بعد إسلامه أنشأ مدرسة إسلامية للأطفال في لندن ، وأنشأ مؤخراً ثانوية للبنات وأخرى للبنين ، وهي الأولى من نوعها في بريطانية .
كان كات ستيفنز يسبح يوماً في البحر ، فأوشك على الغرق ، فدعا ربه دعاء مضطر غريق : "يا رب إن أنقذتني فسوف أخدم دينك الحق" فجاءته موجة قوية حملته وقذفت به على الشاطئ ، ثم حملته موجة الهداية إلى شاطئ الإسلام ، وذلك بعد أن أصيب بمرض السل ، فأهداه أخوه – وكان في زيارة للقدس – نسخة من معاني القرآن الكريم ، فلما شرع في قراءتها تذكر عهده مع ربه ، وعرف أن الدين الحق الذي خُلق ليخدمه هو الإسلام ، يقول : "لما قرأت القرآن اكتشفت معنى الخلق والحياة ، وأيقنت أنه ليس من كلام البشر ، ووجدت التوحيد فيه يتماشى مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، لقد شعرت كأن القرآن يخاطبني ، فكلماته كانت قريبة مني مع كونها مخالفة تماماً لكل ما قرأته من قبل ، لقد أجاب القرآن على تساؤلاتي ، وبذلك شعرت بالسعادة ، سعادة العثور على الحقيقة" .
بعد إشهار إسلامه ، وكما يُتوقع ، تخلّعت صحافة الغرب وتقيأت كالسكير ، وشنّت عليه حملات التشويه ، فلم يكترث (يوسف إسلام) بها ، وتابع خُطاه في الارتقاء ، وهجر اللذات ليمارس الذات .
قالـوا : غريبُ الـدار يحيا وحـدَه وجفــاه صحبُـهْ
قالوا : نفته الأرض مُذ عشــق السـما والذنبُ ذنبـُهْ
لا الشرق قد أضحى له شرقاً ، وليس الغربَ غربُـهْ
هي غربـة الأطهــار في ملكوتهـا يرتــاح قلبـُهْ
يرقى المعارج ، من ذُراه يسـير والأكـوان ركبُــهْ ( )

ثم أسلم شقيقة من بعد ، كما أسلمت والدتهما ، أما والده فقد أدركته رحمة الله فاعتنق الإسلام قبل وفاته بثلاثة أيام .
ثم غدا يوسف من كبار الدعاة إلى الإسلام في أوربة ، وتزوج من مسلمة ، ورزق منها خمسة أولاد .
يقول :
"قبل الإسلام كنت مثل السفينة التي تجري في البحر ، ولكن بدون اتجاه وبعد أن درست القرآن الكريم نطقت بالشهادتين ، فولدت من جديد ، ورحت أدرس سيرة الرسول * فأدركت الثروة الهائلة في حياته وسنته" ( ).
"هزني تعريف القرآن بخالق الكون ، فقد اكتشفت الإسلام عبر القرآن ، وليس من أعمال المسلمين ! أيها المسلمون ! كونوا مسلمين حقاً حتى يتمكن الإسلام من الانتشار في العالم كله ، فالإسلام هو السلام لكل العالم"( ) .
"أدركت وأنا في المدرسة أن هناك فرقاً كبيراً بين دروس الدين ودروس العلوم الأخرى كالحساب ، في حصة الدين تعلمنا أن 3=1 ، وهذا غير صحيح في دروس الرياضيات ! وأخيراً وجدت الواحد واحداً في الإسلام" ( ) .

* الدكتـور مـراد هوفمـان
دكتور في القانون من جامعة هارفرد ، وسفير ألمانية في المغرب ، من مؤلفاته (يوميات مسلم ألماني) ، و(الإسلام عام ألفين) و(الطريق إلى مكة) وكتاب (الإسلام كبديل) الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانية .
قبل إسلامه تعرض لحادث مرور مروّع ، فقال له الجراح بعد أن أنهى إسعافه : "إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع أحد ، وإن الله يدّخر لك يا عزيزي شيئاً خاصاً جداً"( ).
لما أشهر إسلامه حاربته الصحافة الألمانية محاربة ضارية ، وحتى أمه لما أرسل إليها رسالة أشاحت عنها وقالت "ليبق عند العرب !( ).
قال لي صاحـبي أراك غريبـاً بيـن هــذا الأنام دون خليلِ
قلت : كلا ، بـل الأنـامُ غريبٌ أنا في عالمي وهذي سـبيلي ( )
ولكن هوفمان لم يكترث بكل هذا ، يقول : "عندما تعرضت لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الإعلام بسبب إسلامي ، لم يستطع بعض أصدقائي أن يفهموا عدم اكتراثي بهذه الحملة ، وكان يمكن لهم العثور على التفسير في هذه الآية {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ( ) .
يتحدث هوفمان عن التوازن الكامل والدقيق بين المادة والروح في الإسلام فيقول : "ما الآخرة إلا جزاء العمل في الدنيا ، ومن هنا جاء الاهتمام في الدنيا ، فالقرآن يلهم المسلم الدعاء للدنيا ، وليس الآخرة فقط { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } وحتى آداب الطعام والزيارة تجد لها نصيباً في الشرع الإسلامي"( ).
"إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مر التاريخ ، وذلك لأنه دين الفطرة المنزّل على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم " ( ).
"الإسلام دين شامل وقادر على المواجهة ، وله تميزه في جعل التعليم فريضة ، والعلم عبادة … وإن صمود الإسلام ورفضه الانسحاب من مسرح الأحداث ، عُدَّ في جانب كثير من الغربيين خروجاً عن سياق الزمن والتاريخ ، بل عدّوه إهانة بالغة للغرب !!( ) ".
"من أكثر ما يُذهل المستشرق في القرآن ، تفصيله الدقيق لحماية الأقليات من أهل الكتاب في المجتمع الإسلامي ، وفي ذلك الدليل الساطع على سعة هذا الدين وتسامحه"( ) .
"في عيد الأضحى ينظر العالم الغربي إلى تضحية المسلمين بحيوان على أنه عمل وحشي ، وذلك على الرغم من أن الغربي ما يزال حتى الآن يسمي صلاته (قرباناً) ! وما يزال يتأمل في يوم الجمعة الحزينة لأن الرب (ضَحَّى) بابنه من أجلنا!!"( ).
"لا تستبعد أن يعاود الشرق قيادة العالم حضارياً ، فما زالت مقولة (( يأتي النور من الشرق )) صالحة( ) … إن الله سيعيننا إذا غيرنا ما بأنفسنا ، ليس بإصلاح الإسلام ، ولكن بإصلاح موقفنا وأفعالنا تجاه الإسلام( )… وإذا ما أراد المسلمون حواراً حقيقياً مع الغرب ، عليهم أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم ، وأن يُحيوا فريضة الاجتهاد ، وأن يكفوا عن الأسلوب الاعتذاري والتبريري عند مخاطبة الغرب ، فالإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردّى الغرب فيها ، وهو الخيار الوحيد للمجتمعات الغربية في القرن الحادي والعشرين"( ).

* العلامة الدكتور عبد الكريم جرمانوس
عالم مجري ، وصفه العقاد بأنه (( عشرة علماء في واحد )) أتقن ثماني لغات وألف بها ، وهي العربية والفارسية والتركية والأوردية والألمانية والمجرية والإيطالية والإنجليزية ، وكان عضواً في مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد والرباط، وله أكثر من مائة وخمسين كتاباً بمختلف اللغات ، منها (( معاني القرآن )) و(( شوامخ الأدب العربي )) و(( الله أكبر )) و(( الحركات الحديثة في الإسلام )) .
يقول الدكتور عبد الكريم جرمانوس : "حَبب لي الإسلام أنه دين الطهر والنظافة : نظافة الجسم والسلوك الاجتماعي والشعور الإنساني ، ولا تستهن بالنظافة الجسمية فهي رمز ولها دلالتها"( ).
"أَلفيت في قلوب المسلمين كنوزاً تفوق في قيمتها الذهب ، فقد منحوني إحساس الحب والتآخي ، ولقنوني عمل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى المسلمين أن يعضوا بالنواجذ على القيم الخلقية التي يمتازون بها ، ولا ينبهروا ببريق الغرب ، لأنه ليس أكثر من بريقٍ خاوٍ زائف" ( ).
"لا يوجد في تعاليم الإسلام كلمة واحدة تعوق تقدم المسلم ، أو تمنع زيادة حظه من الثروة أو القوة أو المعرفة ، وليس في تعاليم الإسلام ما لا يمكن تحقيقه عملياً ، وهي معجزة عظيمة يتميز بها عن سواه ، فالإسلام دين الذهن المستنير ، وسيكون الإسلام معتقد الأحرار" .
"لقد تمنيت أن أعيش مائة عام ، لأحقق كل ما أرجوه لخدمة لغة القرآن الكريم ، فدراسة لغة الضاد تحتاج إلى قرن كامل من الترحال في دروب جمالها وثقافتها"( ) .

* مالكولـم إكـس
زعيم من الملوّنين الأمريكيين ، كان يُلقَّب قبل إسلامه بالشيطان و (( أحمر دويترويت )) إذ كان زعيماً عنصرياً متطرفاً في عداوته للبيض ، ولكنه عدل عن هذا النهج بعد إسلامه ، وبعد رحلته للحج خاصة إذ غمرته أخوّة المسلمين البيض تحت مظلة الإسلام ، فأرسل إلى أتباعه من مكة رسالة يبين فيها انعطاف مساره ، يقول فيها "ما رأيت قط كرماً أصيلاً ، ولا روحاً غامرة من الأخوة كهذه التي تسود هنا بين الناس من كل لون وجنس ، في هذه الأرض المقدسة ، وطن إبراهيم ومحمد … فها هنا عشرات الألوف من الحجاج قدموا من كل أنحاء العالم ، ليؤدّوا المناسك نفسها بروح من الوحدة والأخوة ، ما كنت أظن – بحكم خبراتي في أمريكا – أنها يمكن أن تنشأ بين البيض والسود … وإن أمريكا في حاجة إلى أن تفهم الإسلام ، لأنه هو الدين الوحيد الذي يمكن أن يمحو المشكلة العنصرية في مجتمعها … لقد تقابلت مع مسلمين بيض وتحدثت معهم ، بل تناولت الطعام معهم ! ولكن النزعة العنصرية محاها من أذهانهم دين الإسلام .. إننا هنا نصلي لإله واحد ، مع أخوة مسلمين لهم أعين زرقاء كأصفى ما تكون الزرقة ، ولهم بشرة بيضاء كأنصع ما يكون البياض .." ( ).
قلت : عجباً لأمر الإسلام ! كيف حوّل الحقد الأسود في قلب هذا الزعيم إلى حب أبيض فياض .. لم يستطع أن يعبر عنه إلا بهذه التداعيات التي ختم بها رسالته ؟! … لقد غدت نيته بالإسلام بيضاء ، وأشد بياضاً من لون بشرة أعدائه السابقين ، إنه الإسلام دين الإنسان .
"في مجتمع الإسلام لا يشعر أي إنسان بأي تمييز ، فلا توجد في الإسلام عقدة الاستعلاء ، ولا عقدة النقص" ( ).

* المهندس اللورد هيدلي
من أغنى البريطانيين ، ومن أرفعهم حسباً ، درس الهندسة في كامبردج ، أسلم وأصدر مجلة ( The Islamic Reneu ) وأصدر كتاب (إيقاظ العرب للإسلام) و(رجل غربي يصحو فيعتنق الإسلام) ، وقد كان لإسلامه صدى كبير في إنكلترا .
"لا ريب إن أسعد أيام حياتي هو اليوم الذي جاهرت فيه على رؤوس الأشهاد بأنني اتخذت الاسلام ديناً ( )، فإذا كنت قد ولدت مسيحياً ، فهذا لا يحتم عليّ أن أبقى كذلك طوال حياتي ، فقد كنت لا أعرف كيف أستطيع أن أؤمن بالمبدأ القائل : إذا لم تأكل جسد المسيح ، وتشرب دمه ، فلن تنجو من عذاب جهنم الأبدي ! إنني بإسلامي أعتبر نفسي أقرب إلى النصرانية الحقة مما كنت من قبل ، ومن يعادي النصرانية الحقة فلا أمل فيه … لم أولد في الخطيئة ، ولست مولود سخط وغضب ، ولا أحب أن أكون مع الخاطئين( ).. لقد تملك الإسلام لبي حقاً ، وأقنعني نقاؤه ، فأصبح حقيقة راسخة في عقلي وفؤادي ، اذ التقيت بسعادة وطمأنينة ما رأيتهما قط من قبل( )" .
"بما أننا نحتاج إلى نموذج كامل ليفي بحاجاتنا في خطوات الحياة ، فحياة النبي تسد تلك الحاجة ، فهي كمرآة نقية تعكس علينا الأخلاق التي تكون الإنسانية، ونرى ذلك فيها بألوان وضاءة( ).. خذ أي وجه من وجوه الآداب ، تتأكد بأنك تجده موضحاً في إحدى حوادث حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ".
"الإسلام هو الدين الذي يجعل الإنسان يعبد الله حقيقة مدى الحياة ! لا في أيام الآحاد فقط … أصبحت كرجل فر من سرداب مظلم إلى فسيح من الأرض تنيره شمس النهار ، وأخذ يستنشق هواء البحر النقي الخالص"( ).
وكـم ذا شردتُ ، وهـا إنني هجرتُ إليكَ جميـع الدروبْ
وأثبتُّ قلبي بـدرب الهـوى مناراً يَلُمُّ شـتـاتَ القلـوبْ
أيُرضيك عني فـؤادٌ غــدا بحبك – ربي – غريق الطيوبْ( )

* الفنان الفرنسي ناصر الدين دينيه
ألفونس إيتان دينيه ، من كبار الفنانين والرسامين العالميين ، دُونت أعماله في معجم (لاروس) ، وتزدان جدران المعارض الفنية في فرنسة بلوحاته الثمينة ، وفيها لوحته الشهيرة (غادة رمضان) وقد أبدع في رسم الصحراء . كما ألّف بعد إسلامه العديد من الكتب القيمة ، منها كتابه الفذ (أشعة خاصة بنور الإسلام) وله (ربيع القلوب) و(الشرق كما يراه الغرب) و(محمد رسول الله) و(الحج إلى بيت الله الحرام) وقد أحدثت كتبه دوياً في دوائر المستشرقين . يقول دينيه :
"لقد أكد الإســلام من الساعة الأولى لظهوره أنه دينٌ صالحٌ لكل زمان ومكان ، إذ هو دين الفطرة ، والفطرة لا تختلف في إنسان عن آخر ، وهو لهذا صالح لكل درجة من درجة الحضارة( )… لقد كان النبي يُعنى بنفسه عناية تامة ، وقد عُرف له نمط من التأنق على غاية من البساطة ، ولكن على جانب كبير من الذوق والجمال" .
"إن حركات الصلاة منتظمة تفيد الجسم والروح معاً ، وذات بساطة ولطافة وغير مسبوقة في صلاة غيرها"( ).
"إن تعدد الزوجات عند المسلمين أقل انتشاراً منه عند الغربيين الذين يجدون لذة الثمرة المحرمة عند خروجهم عن مبدأ الزوجة الواحدة ، وهل حقاً إن المسيحية قد منعت تعدد الزوجات ؟! وهل يستطيع شخص أن يقول ذلك دون أن يأخذ منه الضحك مأخذه ؟! إن تعدد الزوجات قانون طبيعي ، وسيبقى ما بقي العالم ، إن نظرية الزوجة الواحدة أظهرت ثلاث نتائج خطيرة : العوانس ، والبغايا، والأبناء غير الشرعيين".( )

* الداعية عبد الله كوليام
أول مسلم إنجليزي دعا إلى الإسلام ، أسلم على يديه اللورد هيدلي ، واللورد ستانلي أولدرلي ، وأصدر كتاب (العقيدة الإسلامية) ، وقد لقي عبد الله بعد إسلامه من الأذى الكثير الكثير ! وهذه صورة يرسمها لنا :
"ومما أوذينا به أن أولئك الأشرار كانوا يلقون الأقذار على المصلين في أثناء الصلاة ، وينثرون الزجاج المكسور على السجاد ليجرحوا جباهنا ! ولقد دخلت المسجد مرة أنا وأخواني لأُلقي عليهم محاضرة ، فرأيت في المسجد وجوهاً غريبة سبقتنا ، فلم أبال بهم وشرعت في تلاوة وتفسير آيات من القرآن ، فلما انتهيت من المحاضرة قام أحد أولئك المريبين وأخرج من جيبه حجارة وألقاها على الأرض ، وقال لأصحابه : من كان منكم يريد أن يرجم المسلمين بالحجارة فليرجمني معهم فأنا مسلم ، فألقوا حجارتهم وأعلنوا إسلامهم !
وهذا الرجل الذي كان رئيساً لهم ، ما لبث أن صار عضدي الأيمن وتسمى بـ (جمال الدين )( ).

* الحاج إبراهيم أحمد
(القـس إبراهيم فيلـوبـوس) ، ماجستير في اللاهوت من جامعــة برنسـتون الأمريكية ، من كتبه (محمد في التوراة والإنجيل والقرآن) و(المسيح إنسان لا إله) و(الإسلام في الكتب السماوية) و(اعرف عدوك اسرائيل) و(الاستشراق والتبشير وصلتهما بالإمبريالية العالمية) و(المبشرون والمستشرقون في العالم العربي الإسلامي) وقد كان راعياً للكنيسة الإنجيلية ، وأستاذاً للاهوت ، أسلم على يديه عدد كبير من الناس .

ردّه العقل الحر :
يحدثنا الحاج إبراهيم عن رحلته إلى الإسلام ، فيقول :
"في مؤتمر تبشيري دعيت للكلام ، فأطلت الكلام في ترديد كل المطاعن المحفوظة ضد الإسلام ، وبعد أن انتهيت من حديثي بدأت أسأل نفسي : لماذا أقول هذا وأنا أعلم أنني كاذب ؟! واستأذنت قبل انتهاء المؤتمر ، خرجت وحدي متجهاً إلى بيتي ، كنت مهزوزاً من أعماقي ، متأزماً للغاية ، وفي البيت قضيت الليل كله وحدي في المكتبة أقرأ القرآن ، ووقفت طويــلاً عنـد الآية الكريمة : (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )( ) .. وفي تلك الليلة اتخذت قرار حياتي فأسلمت، ثم انضم إلي جميع أولادي ، وكان أكثرهم حماساً ابني الأكبر (أسامة) وهو دكتور في الفلسفة ويعمل أستاذاً لعلم النفس في جامعة السوربون"( ).
وبإسلامهم زادت بيوت الإسلام بيتاً .
أتيتك – ربـي – بفلْذات قلبي وفدنا عليكَ بشــوقٍ وحـبِّ
أتينا جميعاً كبـاراً صغـاراً نصلي ، نصوم ، نزكّي ، نلبّي( )

* البروفسور خالد ميلاسنتوس
(آرثر ميلاسنتوس) دكتوراه في اللاهوت ، وكان الرجل الثالث في مجمع كنائس قارة آسية .
في أثناء عمله بالتنصير عام 1983 قال لنفسه : أي ضير في قراءة القرآن من أجل الرد على المسلمين ؟ فتوجه إلى أحد المسلمين سائلاً إياه أن يعيره كتاب المقدس ، فوافق المسلم مشترطاً عليه أن يتوضأ قبل كل قراءة ، ثم شرع آرثر يقرأ القرآن خفية ، ولنستمع إليه يحدثنا عن تجربته الأولى مع القرآن :
"عندما قرأت القرآن أول مرة ، شعرت بصراع عنيف في أعماقي ، فثمة صوت يناديني ويحثني على اعتناق هذا الدين ، الذي يجعل علاقة الإنسان بربه علاقة مباشرة ، لا تحتاج إلى وساطات القسس ، ولا تباع فيها صكوك الغفران !! وفي يوم توضأت ، ثم أمسكت بالقرآن فقرأت : { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ علَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }( ) فأحسستُ بقشعريرة ، ثم قرأت : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} فحلت السكينة في الروح الحيرى ، وشعرت أني قد خُلقت من جديد" .
في تلك الليلة لم يصبر آرثر حتى تطلع الشمس ، بل اتجه حالاً إلى منزل صديقه المسلم ليسأله عن كيفية الدخول في الإسلام ، وبين حيرة الصديق ودهشته نطق آرثر بالشهادتين( ).

* البروفسور عبد الأحد داود
(بنجامين كلداني) أستاذ في علم اللاهوت ، وقسيس الروم الكاثوليك لطائفة الكلدانيين الموحدة ، يتكلم عدة لغات .
اعتزل الدنيا في منزله شهراً كاملاً ، يعيد قراءة الكتب المقدسة بلغاتها القديمة وبنصوصها الأصلية مرة بعد مرة ، ويدرسها دراسة متعمقة مقارنة ضمّن بعضها في كتابه الفذ (محمد في الكتاب المقدس) وأخيراً اعتنق الإسلام في مدينة استانبول ومن مؤلفاته (الإنجيل والصليب) . يقول عبد الأحد داود :
"في اللحظة التي آمنت فيها بوحدانية الله ،وبنبيه الكريم صلوات الله عليه ، بدأت نقطة تحولي نحو السلوك النموذجي المؤمن"( ).
(( لا إله إلا الله محمد رسول الله )) هذه العقيدة سوف تظل عقيدة كل مؤمن حقيقي بالله حتى يوم الدين … وأنا مقتنع بأن السبيل الوحيد لفهم معنى الكتاب المقدس وروحه ، هو دراسته من وجهة النظر الإسلامية"( ) .

* القس والباحث محمد فؤاد الهاشمي
ألّف كتاب (الأديان في كفة الميزان) يقول فيه : "لقد كان قصدي من البحث في الإسلام استخراج العيوب التي أوحى إلي بها أساتذتي ، لكن وجدت أن ما زعموه في الإسلام عيوباً هو في الحقيقة مزايا ! فأخذ الإسلام بلبي ، فانقدت إليه ، وآمنت به عن تفكّر ودراسة وتمحيص ، وبها كلها رجحت كفة الإسلام ، وشالت كفة سواه"( ).

* الشهيدة المفكرة صَبورة أُوريبة
(ماريا ألاسترا) ولدت في الأندلس عام 1949م ، حصلت على إجازة في الفلسفة وعلم النفس من جامعة مدريد ، واعتنقت الإسلام عام 1978م ، وكانت تدير مركز التوثيق والنشر في المجلس الإسلامي ، استشهدت في غرناطة عام 1998م على يد متطرف إسباني بعد لحظات من إنجاز مقالها (مسلمة في القرية العالمية) .

ومما كتبت في هذا المقال الأخير :
"إنني أؤمن بالله الواحد ، وأؤمن بمحمد نبياً ورسولاً ، وبنهجه نهج السلام والخير … وفي الإسلام يولد الإنسان نقياً وحراً دون خطيئة موروثة ليقبل موقعه وقَدره ودوره في العالم"
"إن الأمة العربية ينتمي بعض الناس إليها ، أما اللغة العربية فننتمي إليها جميعاً ، وتحتل لدينا مكاناً خاصاً ، فالقرآن قد نزل بحروفها ، وهي أداة التبليغ التي استخدمها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم " .
" تُعد التربية اليوم أكثر من أي وقت آخر ، شرطاً ضرورياً ضد الغرق في المحيط الإعلامي ، فصحافتنا موبوءة بأخبار رهيبة ، لأن المواطن المذعور سيكون أسلس قياداً ، وسيعتقد خاشعاً بما يُمليه العَقَديّون ! ( ).
رحمها الله وأدخلها في عباده الصالحين .

* الكاتبــة مريــم جميلــة
(مارغريت ماركوس) أمريكية من أصل يهودي ، وضعت كتباً منها (الإسلام في مواجهة الغرب) ، و(رحلتي من الكفر إلى الإيمان) و(الإسلام والتجدد) و(الإسلام في النظرية والتطبيق) . تقول :
"لقد وضع الإسلام حلولاً لكل مشكلاتي وتساؤلاتي الحائرة حول الموت والحياة وأعتقد أن الإسلام هو السبيل الوحيد للصدق ، وهو أنجع علاج للنفس الإنسانية".
"منذ بدأت أقرأ القرآن عرفت أن الدين ليس ضرورياً للحياة فحسب ، بل هو الحياة بعينها ، وكنت كلما تعمقت في دراسته ازددت يقيناً أن الإسلام وحده هو الذي جعل من العرب أمة عظيمة متحضرة قد سادت العالم"( ).
"كيف يمكن الدخول إلى القرآن الكريم إلا من خلال السنة النبوية ؟! فمن يكفر بالسنة لا بد أنه سيكفر بالقرآن" .
"على النساء المسلمات أن يعرفن نعمة الله عليهن بهذا الدين الذي جاءت أحكامه صائنة لحرماتهن ، راعية لكرامتهن ، محافظة على عفافهن وحياتهن من الانتهاك ومن ضياع الأسرة"( ).

* السيدة سلمى بوافير (صوفي بوافير)
ماجستير في تعليم الفرنسية والرياضيات .
تمثل قصة إسلام السيدة (سلمى بوافير) نموذجاً للرحلة الفكرية الشاقة التي مر بها سـائر الذين اعتنقوا الإسـلام ، وتمثل نموذجاً للإرادة القوية ، والشـجاعة الفكرية -وشجاعة الفكر أعظم شجاعة – اللتين اتسم بهما المسلمون الجدد ، نساءً ورجالاً.
تروي السيدة سلمى (( أم صفوان )) قصة اهتدائها إلى الإسلام فتقول باعتزاز :
"ولدت في مونتريال بكندا عام 1971 في عائلة كاثوليكية متدينة ، فاعتدت الذهاب إلى الكنيسة ، إلى أن بلغت الرابعة عشرة من عمري ، حيث بدأت تراودني تساؤلات كثيرة حول الخالق وحول الأديان ، كانت هذه التساؤلات منطقية ولكنها سهلة ، ومن عجبٍ أن تصعب على الذين كنت أسألهم ! من هذه الأســئلة : إذا كان الله هــو الذي يضــر وينفع ، وهو الذي يعطي ويمنع ، فلماذا لا نسأله مباشرة ؟! ولماذا يتحتم علينا الذهاب إلى الكاهن كي يتوسط بيننا وبين من خلقنا ؟! أليس القادر على كل شيء هو الأولى بالسؤال ؟ أسئلة كثيرة كهذه كانت تُلحُّ علي ، فلمّا لم أتلق الأجوبة المقنعة عنها توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة ، ولم أعد للاستماع لقصص الرهبان غير المقنعة ، والتي لا طائل منها .
لقد كنت أؤمن بالله وبعظمته وبقدرته ، لذلك رحت أدرس أدياناً أخرى ، دون أن أجد فيها أجوبة تشفي تساؤلاتي في الحياة ، وبقيت أعيش الحيرة الفكرية حتى بدأت دراستي الجامعية ، وفي الجامعة لفت انتباهي زي إحدى الطالبات اليهوديات المحتشمات ، فتقربت منها وصادقتها ، وبدأت أعتني بدراسة اليهودية ، وسرعان ما اكتشفت عورات هذا الدين ، وليس أقلها أني لا أستطيع اعتناقه لأني لم أولد يهودية ! وكان السؤال الكبير : إذا كان الله يقبل عباده فكيف يرفض أن أعتنق دينه ؟ وكيف يرفض الدين الحق الراغبين باعتناقه ؟ وعرفت أخيراً أن اليهودية ليست هي ضالتي ، ولا عندها الري لظمأ أسئلتي .
شرعت بدراسة الإسلام ، فتعرفت على شاب مسلم جعلت منه عوناً لي على فهم هذا الدين ، فأدهشني ما وجدت فيه من أجوبة مقنعة عن تساؤلاتي الكبرى ! وبقيت سنة كاملة وأنا غارقة في دراسة هذا الدين الفذ ، حتى استولى حبه على قلبي ، والمنظر الأجمل الذي جذبني إلى الإسلام هو منظر خشوع المسلم بين يدي الله في الصلاة ، كانت تبهرني تلك الحركات المعبرة عن السكينة والأدب وكمال العبودية لله تعالى .
فبدأت أرتاد المسجد ، فوجدت بعض الأخوات الكنديات اللواتي سبقنني إلى الإسلام الأمر الذي شجعني على المضي في الطريق إلى الإسلام ، فارتديت الحجاب أولاً لأختبر إرادتي ، وبقيت أسبوعين حتى كانت لحظة الانعطاف الكبير في حياتي ، حين شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
إن الإسلام الذي جمعني مع هذا الصديق المسلم ، هو نفسه الذي جمعنا من بعد لنكون زوجين مسلمين ، لقد شاء الله أن يكون رفيقي في رحلة الإيمان هو رفيقي في رحلة الحياة" .

* الكاتبة البريطانية إيفلين كوبلد
شاعرة وكاتبة ، من كتبها (البحث عن الله) و(الأخلاق) . تقول :
"يصعب عليَّ تحديد الوقت الذي سطعت فيه حقيقة الإسلام أمامي فارتضيته ديناً ، ويغلب على ظني أني مسلمة منذ نشأتي الأولى ، فالإسلام دين الطبيعة الذي يتقبله المرء فيما لو تُرك لنفسه"( ).
"لما دخلت المسجد النبوي تولّتني رعدة عظيمة ، وخلعت نعلي ، ثم أخذت لنفسي مكاناً قصّياً صليت فيه صلاة الفجر ، وأنا غارقة في عالم هو أقرب إلى الأحلام … رحمتك اللهم ، أي إنسان بعثت به أمة كاملة ، وأرسلت على يديه ألوان الخير إلى الإنسانية !"( ).
وقـلـت أسـارعُ ألقـى النبـيّ تعطّرت ، لكن بعطرِ المدينــهْ
وغامـت رؤايَ وعـدتُ سـوايَ وأطلقتُ روحاً بجسمي سجينهْ
سجدتُ ، سموتُ ، عبرتُ السماء وغادرتُ جسمي الكثيف وطينهْ
مدينـةُ حِبّـي مـراحٌ لقلـبـي سـناءٌ ، صفاءٌ ، نقاءٌ ، سـكينهْ( )

"لم نُخلق خاطئين ، ولسنا في حاجة إلى أي خلاص من المسيح عليه السلام ، ولسنا بحاجة إلى أحد ليتوسط بيننا وبين الله الذي نستطيع أن نُقبل عليه بأي وقت وحال" ( ).

* الشاعرة الأوكرانية أكسانتا ترافنيكوفا
أتقنت اللغة العربية ، وتذوقَتها إلى حد الإبداع الشعري الجميل ، وها هي تقول :
خذ قصوري والمراعي .. وبحوري ويراعي .. وكتابي والمدادْ
واهدني قولةُ حقٍ تنجني يوم التنادْ
دع جدالاً يا صديقي وتعالْ .. كي نقول الحق حقاً لا نُبالْ
ونرى النور جلياً رغم آلات الضلالْ
نحن ما جئنا لنطغى .. بل بعثنا لحياةٍ وثراءْ
وصلاةٍ ودعاءْ .. عند أبواب الرجاءْ .. يومها عرسُ السماءْ .

* الدكتورة لورا فينشيا فاليري
أستاذة اللغة العربية في جامعة نابولي بإيطالية . لها كتاب (محاسن الإسلام) و(تقدم الإسلام السريع) . تقول فاليري :
"أية قوة عجيبة تكمن في هذا الدين ؟! أية قوة داخلية من قوى الإقناع تنصهر به؟ ومن أي غور سحيق من أغوار النفس الإنسانية ينتزع نداؤه استجابة مزلزلة؟!( ).
"تفجر ينبوع ماء عذب في وادٍ غير ذي زرع ، ذلك الينبوع هو الإسلام الذي تدفق بغزارة واتخذ سبيله في الأرض سرباً ، لم يشهد التاريخ حدثاً مماثلاً لهذا الحادث الخطير( ).
"سيعود المسلمون ثانية إلى الارتواء من منهلهم العذب الصافي وهو القرآن"( ) .

* الفيلسوف الفرنسي عبد الواحد يحيى
(رينيه جينو) عالم وفيلسوف وحكيم ، درس الأديان عامة ، ثم اعتنق الإسلام ، فأحدث إسلامه ضجة كبرى في أوربة وأمريكا ، وكان سبباً في دخول الكثيرين إلى الإسـلام ، ألف الكثير من الكتب منها (أزمة العالم الحديث) و(الشرق والغرب) و(الثقافة الإسلامية وأثرها في الغرب) ، كما أصدر مجلة سماها (المعرفة) وقد ترجمت كتبه إلى كثير من اللغات الحية ، وقد حرَّمت الكنيسة قراءة كتبه ! ولكنها انتشرت في جميع أرجاء العالم ، وممن تأثر بكتاباته الكاتب الفرنسي المشهور أندريه جيد الذي كتب يقول : "لقد علمتني كتب جينو الكثير ، وإن آراءه لا تُنقَض" . يقول عبد الواحد يحيى :
"أردت أن أعتصم بنص لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فلم أجد بعد دراسة عميقة ، سوى القرآن"( ).
"لقد ابتعدت أوربة عن طريق الله فغرقت في الانحلال والدمار الخلقي والإلحاد، ولولا علماء الإسلام لظل الغربيون يتخبطون في دياجير الجهل والظلام" .

* الفيلسوف روجيه جارودي
دكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون ، ودكتوراه في العلوم من موسكو، ولد في مرسيليا عام 1913م ودرس الفلسفة والحضارات العالمية لعشرات السنين ، كما تعمق في دراسة الأديان حتى استوت سفينة فكره على شاطئ الإسلام ، بعد مسيرة نصف قرن من البحث عن الحقيقة ، فأعلن إسلامه في جنيف عام 1982م .
شردتُ طويلاً وعُــدتُ الحمـى شَـغوفاً أُلبيّك مسـتـسـلمـا
شـردتُ فـذقتُ الضـنا والعمى وضاقـت عليّ رحـاب الســما
أتيتُ الحمى بعد طول شـرودي ولولاك – ربي – أضعتُ الحمى( )
من كتبه (حوارات الحضارات) و(الإسلام دين المستقبل) و(ما يَعد به الإسلام) و(الإسلام وأزمة الغرب) و(جُلت وحيداً حول القرن) و(الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل) وقد استعدى عليه بهذا الكتاب الأخير سفهاء الصهاينة وأذنابهم .
يحدثنا جارودي عن معرفته الأولى بالإسلام :
"اعتقلت في أثناء الحرب العالمية الثانية في معسكر بالصحراء الجزائرية ، وفي المعتقل تزعمت تمرداً ، فأصدر قائد المعسكر حكماً عاجلاً بإعدامي ، وأعطى أوامره للجنود الجزائريين المسلمين ، وكانت المفاجأة عندما رفضوا إطلاق النار ، ولما بحثت عن السبب ، علمت أن شرف المحارب المسلم يمنعه من أن يطلق النار على إنسان أعزل ، وكانت هذه أول مرة أتعرف فيها على الإسلام ، هذا الحادث المهم في حياتي ، علمني أكثر من دراسة عشر سنوات في السوربون!"
"إن انتمائي للإسلام لم يأتِ بمحض المصادفة ، بل جاء بعد رحلة عناء وبحث ، تخللتها منعطفات كثيرة ، حتى وصلت إلى العقيدة التي تمثل الاستقرار ، والإسلام في نظري هو الاستقرار"( ).

والذي دفع جارودي إلى اعتناق الإسلام ينحصر في هذه الأسباب :
1 – احترام الإسلام للديانات السماوية السابقة ، وتوقيره لرسلها .
2 – إخضاع الإسلام العلوم والفنون للمبادئ الدينية السماوية ، وجعلها وسائل لسمو الإنسان وارتقائه ، لا لانحطاطه وتدميره .
3 – شمول الإسلام جوانب الحياة كافة ، بما في ذلك السياسة( ).
"لقد وجدت في الإسلام نظاماً اجتماعياً واقتصادياً وأخلاقياً شاملاً للحياة ، يصلح لإخراج البشرية من ورطتها الحاضرة ، حيث فشلت الرأسمالية والماركسية كنظم وضعية في إنقاذ الإنسان المعاصر من مشكلاته( ).. وما كان يشغلني هو البحث عن النقطة التي يلتقي فيها الوجدان بالعقل ، أو الإبداع الفني بالحياة ، وقد مكّنني الإسلام بحمد الله من بلوغ هذه النقطة"( ).

* روجيه دوبا سكويه
كاتب وصحفي سويسري ، اعتنق الإسلام مع زوجته الهولندية ، من أهم كتبه (تحدي العصر) و(إظهار الإسلام) ، يقول فيه :
"تقتضي شهادة (( أن لا إله إلا الله )) الامتثال الضروري والتسليم لمشيئته عز وجل، ثم تأتي الخطوة الثانية (( محمد رسول الله )) فتُقرّر أنه لتحقيق الامتثال والتسليم لله ، لا توجد وسائل أفضل من اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد عاش الرسول وأنجز مهمته بالاعتبار الكامل للدنيا والآخرة ، وأعطى المثل الأعلى في إمكانية تحقيق الحالة الإنسانية على الأرض بدون إغفال – ولو للحظة – البعد الروحي ، وأقام الاتزان الرائع الذي يميز المسلم والذي يسمح له بالتمتع بالحياة الدنيا ، دون أن ينسى أننا كلنا راجعون إلى الله عز وجل وماثلون أمامه .. ويساعد الإسلام المرء على العيش بدون أن يفقد نفسه ، إذ يجمع طمأنينة الروح مع التوافق في العلاقات البشرية مع تحقيق الغاية العظمى التي خلقنا الله لها"( ).

* الدكتور موريس بوكاي
طبيب فرنسي ، رئيس قسم الجراحة في جامعة باريس ، اعتنق الإسلام عام1982م ، ويُعتبر كتابه (التوراة والقرآن والعلم) من أهم الكتب التي درست الكتب المقدسة على ضوء المعارف الحديثة ، وله كتاب (القرآن الكريم والعلم العصري) منحته الأكاديمية الفرنسية عام 1988م جائزة في التاريخ . يقول :
"إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه نصوص القرآن لأول مرة هو ثراء الموضوعات العلمية المعالجة ، وعلى حين نجد في التوراة – الحالية – أخطاء علمية ضخمة ، لا نكتشف في القرآن أي خطأ( ). ولو كان قائل القرآن إنساناً فكيف يستطيع في القرن السابع أن يكتب حقائق لا تنتمي إلى عصره ، ليس هناك تفسير وضعيّ لمصدر القرآن" ( ) .
"لم أجد التوافق بين الدين والعلم إلا يوم شرعت في دراسة القرآن الكريم فالعلم والدين في الإسلام شقيقان توأمان لأن القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف يدعوان كل مسلم إلى طلب العلم ، طبعاً إنما نجمت إنجازات الحضارة الإسلامية العظيمة عن امتثال الأوامر المفروضة على المسلمين منذ فجر الإسلام" ( ).

* الدكتور ياسين باينز
طبيب بلجيكي ، يتكلم اللغة العربية ، ويحفظ القرآن الكريم . يقول د. ياسين :
"كنت قبل الإسلام أرى أنه إذا كان لا بد من دين ، فإن هذا الدين لا بد أن يكون شاملاً لكل تصرفات الإنسان في الحياة ، فلا يمكن أن يكون الدين الصحيح لساعات قليلة من حياة الإنسان ، وكنت أرى أن الله لا بد أن يمنح الإنسان هذا النظام الشامل ، ووجدت في الإسلام وحده نظاماً شاملاً لحياة الإسلام ، إذ الإسلام يشمل حاجة القلب والنفس والعقل ولكن دخولي في الإسلام كان مبنياً على الفكر أولاً"( ).

* الدكتور فاروق عبد الحق
(روبرت كرين) دكتوراه في القانون الدولي والمقارن ، رئيس جمعية هارفارد للقانون الدولي ، ومستشار الرئيس الأمريكي نيكسون للشؤون الخارجية ، ونائب مدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض سابقاً ، ومؤسس جمعية المحامين المسلمين الأمريكيين ، اعتنق الإسلام عام 1980م .
"الإسلام هو الحل الوحيد ، فهو الذي يحمل العدالة في مقاصد الشريعة وفي الكليات والجزيئات والضروريات" ( ).
"لو قرأ الناس الصحف في أمريـكا ، فإنهم بلا شــك سـينتابهم الخوف من الإسلام" ( ) .

* المنصور بالله الشافعي
(فانسان مونتيه) أستاذ اللغة العربية والتاريخ الإسلامي في جامعة باريس ألف كتاب (الإرهاب الصهيوني) و(مفاتيح الفكر العربي) و(الملف السري وإسرائيل) وقد تجاوزت كتبه ثلاثين كتاباً . يقول :
"لما قرأت القرآن لأول مرة في حياتي ، واطلعت على نظرته إلى السيد المسيح ، وعرفت أنه بشر أوحي إليه ، وعرفت تسامح الإسلام تجاه الديانات الأخرى ، أعلنت إسلامي ، فشعرت بالراحة في ظلاله ، فهو لا يفصل بين الروح والجسد ، وليس مثل الإسلام دين يدفع إلى الأخلاق العليا ، والكرامة الإنسانية ، لقد اخترت الإسلام لأنه دين الفطرة .. اخترته ديناً ألقى به وجه ربي" .
"إن مَثل الفكـر العربي المُبعد عــن التأثـير القرآني كمثل رجل أُفـرغ مـن دمـه!"( ) .

* محمد مارماديوك باكتال
إنجليزي ، أصدر كتاب (الثقافة الإسلامية) كما قام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى الإنجليزية ، مستعيناً بالدكتور محمد أحمد الغمراوي ، وتعتبر هذه الترجمة من أوثق الترجمات ، وهي أول ترجمة يقوم بها إنجليزي مسلم .
يقول باكتال : "يمكن للمسلمين أن ينشروا حضارتهم في العالم بنفس السرعة التي نشروها بها سابقاً ، بشرط أن يرجعوا إلى أخلاقهم السابقة لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام روح حضارتهم" .

* خالد شلدريك
"تساءلت في نفسي : إذا كان الإسلام لا أهمية له ، فلماذا يبذل الغربيون كل هذه الجهود لمقاومته ؟ وليس عندي ريب في أن الإسلام سيسود العالم أجمع بشرط أن يكون المسلمون مثالاً حسناً يعلن عن الإسلام ، ويعرّف الأمم به عملياً"( ) .
"عقيدة التوحيد الخالص التي امتاز بها الإسلام هي أصح العقائد التي عرفها البشر ، وهي كاملة في توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية ، وفي إعلان صفات الكمال لبارئ الكون .. إن الإسلام لا يُخفيه انتقادُ منتقديه … وإذا كان هناك دين انتشر بالسيف ، فليس هو الإسلام بل غيره"( ).

* الحقوقي الدكتور فاندوبيك (محمد المهدي)
كان رئيس محكمة العدل الدولية ، يقول : "لقد اقتنعت بأن القرآن الكريم متفرد وليس من وضع البشر ، بل هو كتاب الحياة ومنهاج السماء للأفراد والجماعات ، ففيه مفاتيح كل شيء بدءاً من السلوك الشخصي للإنسان إلى المناهج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الرائعة للإنسانية كلها . وأؤكد أنني أدركت ذاتي الحقيقية ، حق الإدراك ، وأنا أقرأ القرآن" ( ).

* الطبيب الفرنسي علي بنوا
"العامل الرئيسي في اعتناقي الإسلام هو القرآن ، فقد كنت قبل الإسلام مؤمناً بالقسم الأول من الشهادتين (( لا إله إلا الله )) فقد كان شعوري الفطري بوحدانية الله يمنع عليّ قبول مبدأ (ثالث ثلاثة) أو الإيمان بقدرة البشر على مغفرة الذنوب ، كما كنت لا أصدق مطلقاً مسألة الخبز المقدس الذي يمثل جسد المسيح عليه السلام . وبعد أن قرأت القرآن بعقلية من يحمل أحدث الأبحـاث العلميــة ، كان ذلك كافيــاً لإيماني بالقســم الثاني من الشـهادتين (( محمد رسـول الله )) "( ).
"مما أبعدني عن الكاثوليكية ، التغافل التام عن النظافة قبل الصلاة" ( )، قلت : يذكر الدكتور حســان شمسي باشا في كتابه القيم (هكذا كانوا يوم كنا) : أن الكاثوليك كانوا يعتقدون أن ماء المعمودية الذين يغتسلون به عند ولادتهم يُغنيهم عن الاغتسال طوال الحياة" ص(92) .

* عثمـان مـاج
"قبل الإسلام كانت على عيني عصابة ، وبعده أزيحت عني فأبصرت .. ولا أستطيع أن أُعبِّر عن مشاعري بعد أن أسلمت ، ولكني صرت أستخدم حواسي كما أمر الله ، لمرضاة الله"( ) .

* عبد الصمد كيل
(موري كيل ) كندي ، حصل على عدة شهادات في الدراسات الإسبانية والإسلامية ، يتقن العربية والإسبانية والفرنسية والإنجليزية .
"لقد أعطاني الإسلام التوازن في الحياة ، فماذا يخسر من يربح الإسلام ؟! وماذا يربح من يخسر الإسلام ؟! لقد وجدت في الإسلام ما يطابق العقل ، وما يعطي الإنسان العقل الإيماني ، والإيمان العقلي"( ).

* الباحث الفرنسي ليون روشي
سياسي فرنسي ، تعلم العربية ليتجسس على المسلمين ، ولكنه اقتنع بالإسلام حقيقة فاعتنقه ، وأصدر كتابه (ثلاثون عاماً في الإسلام) . يقول فيه :
"وجدت في الإسلام حل المسألتين الاجتماعية والاقتصادية ، اللتين تشغلان بال العالم طُرّاً :
- الأولى : في قوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فهي أعظـم مبدأ للتعاون الاجتماعي .
- والثانية : في فريضة الزكاة .. ولو تمسك المسلمون بالإسلام لكانوا أرقى العالمين ، وأسبقهم في كل الميادين" . ويقول :
"وجدت الإسلام أفضل دين ، ولقد بحثت في تأثير هذا الدين في نفوس المسلمين ، فوجدته قد ملأها شجاعة وشهامة ، ووداعة وجمالاً ، ثم وجدت هذه النفوس على مثال ما يحلم به الحكماء من نفوس الخير والرحمة"( ).

* عالم الاجتماع الهولندي إسماعيل ريسلو
"أدهشتني النظم الاجتماعية التي يقررها الإسلام ، وخاصة الزكاة ، وتشريع المواريث ، وتحريم الربا ، وفريضة الحج وإباحة تعدد الزوجات ، وشتان بين هذا وبين مبدأ الزواج من واحدة الذي تؤمن به الشعوب الأوربية شكلاً ولكن دون وفاء"( ) .
* عالم الأجناس د. ل. ملما
بالإضافة إلى الوحدانية ، والصلة المباشرة بين الله والخلق ، والتسامح الإسلامي أدهشني مبدأ الأخوة في الإسلام ، إذ ينفرد الإسلام بين كل الأديان بأنه الدين الوحيد الذي طبق مبدأ الأخوة والمساواة عملياً بين الناس ، يتجلى هذا واضحاً في لباس الحج والإحرام"( ).

* البروفسور أبو الحسن بوتولّو
أستاذ علم النفس في ميونخ ، أسلم على يديه الكثير . يقول د. بوتولو :
"أنا مرتاح لأني أصبحت مسلماً ، ولكني لست مرتاحاً لما وصل إليه المسـلمون من مسـتوى غير طيب ، والعالم الإسلامي يفتقر حالياً إلى تربية سليمة للأولاد"( ).
* البروفسور لومكس وزوجته ألن يونافيس
أستاذان بجامعة كولومبيا :
"الذي أخـذ بقلوبنـا وأثّر فينا التأثير كلـه ، ذلك المعنى الجميـل الـذي تضمنتـه الآيـات الكريمـات { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ } ، فهذه السورة هي التي جعلتنا ندين بالإسلام"( ).
* البروفسور نشكنتنا دهيابا
أستاذ التاريخ في جامعة ميسوري .
"قد بنيت اختياري للإسلام على ثلاثة أمور : أولاً صحة أخباره ، ثانياً موافقته للعقل ، ثالثاً أنه عملي لا خيالي ، فلا يوجد في الإسلام ثلاثة في واحد ، ولا ثلاثون مليوناً من الآلهة"( ).

* الدكتـور غرينييــه
عضو مجلس النواب الفرنسي .
"تتبعت كل الآيات القرآنية التي لها ارتباط بالعلوم الطبية والطبيعية ، فوجدت هذه الآيات منطبقة كل الانطباق على معارفنا الحديثة ، فأسلمت لأني أيقنت أن محمداً * أتى بالحق الصُراح( ).. ولو أن كل صاحب فن من الفنون قارن كل الآيات القرآنية المرتبطة بفنه أو بعلمه مقارنة متعمقة ، كما فعلت أنا ، لأسلم بلا شك ، إن كان عاقلاً وخالياً من الأغراض"( ).

* المطرب العالمي محمد عبد العزيز
(جيرمين جاكسون) يروي قصة هدايته فيقول( ):
"قمت في عام 1989 برحلة في دول الشرق الأوسط ، وفي البحرين وقفت أحاور عدداً من الأطفال ، فسألوني عن ديني فأجبتهم (( شهود يَهْوه )) ولما سألتهم عن دينهم أجابوا بصوت شبه جماعي (الإسلام) أدهشتني هذه الإجابة ، فهؤلاء الأطفال كانوا فخورين جداً بدينهم ، ولما استرسلت معهم بالأسئلة كان كل واحد منهم يحدثني عن الإسلام باعتزاز ، في تلك اللحظة علمت بكل كياني أني سأصبح مسلماً ، فسافرت إلى (مكة) وأعلنت هناك إسلامي ، وأديت العمرة" .
الحسـنُ شـعاعٌ يـأسـرنـا في الشـرق تجلّى لا الغربِ
في غارِ حـراءٍ ، في الصحـرا في السجنِ قديماً ، في الجُبِّ
مـن وادٍ ليـس بـذي زرعٍ قد غُمـر العـالم بالخِصـبِ ( )
"لما أسلمت أحسست بحق أني قد ولدت من جديد ، فقد وجدت في الإسلام كل الأسئلة التي حيرتني سابقاً ، لقد قدّم لي الإسلام حلاً لكل مشكلاتي"
"مجتمعنا الأمريكي يشجع العنف والخمر والمخدرات ، لأن التلفزيون يُقدم كل هذه الأمور على طبق من فضة … والمرأة في العالم الإسلامي كالوردة المحفوظة التي لا ينالها كل عابر سبيل".

* الشاعر المهجري أبو الفضل الوليد
(إلياس طعمة) شاعر مُجيد ، من عيون شعره :
يا شـامتينَ بنفـسٍ لم تنـلْ أَرَبـا حذار منها ، فهذي نومةُ الأسدِ
ما حال نسرٍ كسيرِ الجانحينِ رأى كلَّ العصافير وُرّاداً ولــم يَردِ؟!
"في العهد القديم ما يُخجل من تلاوته الخليع ، ناهيك عن أنه يُعلّم الفاسق ما يَجهل ، فَحوِّل وجهك عما فيه من دعارة بني إسرائيل"( ).
قلت : تذكرنا هذه الكلمة بكلمة (برناردشو) عن العهد القديم أيضاً : "الكتاب المقدس من أخطر الكتب الموجودة على وجه الأرض ، فاحفظوه في خزانة مغلقة بالمفتاح ، احفظوه بعيداً عن متناول الأطفال!!"( ).

* المخرج السينمائي الأمريكي وكس إنجرام
"في ليلة قمت أصلي ، وبقيت أصلي مدة طويلة ، وفي صباحها قلبت ظهري لعملي وابتعدت عن أخاديع هوليود ومغرياتها ، وأعطيت جسمي ونفسي وحياتي لرب محمد ، وأنا اليوم ابن الإسلام"( ).
وخلّفت خلفي الغداة أُناسـاً يُخالف منطقهم منطقــي
نَأَوا عن هُدى الله في نهجهمْ وساروا وسرتُ فلم نلتقِ( )

* الفنّان روبر ولزلي
"غمرني شعور عميق بالسكينة لم أشعر به من قبل ، فكأنما قد تسنّمتُ ذروة الحياة ! .. حتى الهواء الذي أستنشقه أضحى معطراً بنفحات القدر !
لقد عطّر ديـنُ الله بالقـرآن دنـيـانـا
ولولا الدين ما شاهدتَ في دنياك إنسانا( )

* اللـورد بـرنـتـون
"إن اختلاف الأناجيل هو الذي دفعني لدراسة الإسلام ، فوجدت في القرآن الحكمة وفصل الخطاب" ( ) .

* اللورد عادل هاملتون
(دوغلاس هاملتون) ، أسلم وخصص مبلغاً كبيراً من ثروته لخدمة الإسلام
يقول عن الإسلام :
"ارتبطت بالإسلام لأنه الدين الذي يعلن الوحدانية الخالصة ، وأعتقد أن الإسلام سيجذب الكثيرين من الذين أعيتهم وأثقلتهم الارتباكات العقائدية"( ) .

* اللورد استانلي أولدرلي
اعتنق الإسلام على يد عبد الله كوليام ، يقول :
"وقع في يدي كتاب الله تعالى ، فما فرغت من تلاوته ، حتى اجتاحني مدد البكاء ، فنفضت عن نفسي التعصب الممقوت ، وأصبحت من المسلمين"( ).

* الألمانية ماكلوسكي
"في ظل الإسلام استعادت المرأة حريتها ، فالمرأة في الإسلام تتمتع بحرية الفكر والتعبير … والمرأة المسلمة معززة مكرمة في كافة نواحي الحياة ، ولكنها اليوم مخدوعة مع الأسف ببريق الحضارة الغربية الزائف ومع ذلك سوف تكتشف يوماً ما كم هي مُضللّة في هذا"( ) .

*روز ماري هاو
"قد كرّم الإسلام المرأة ، وأعطاها حقوقها كإنسانة وكامرأة .. أما المرأة الغربية فلا تستطيع أن تمارس إنسانيتها الكاملة وحقوقها مثل المرأة المسلمة"( ).
* سالي جان مارس
"لقد لاحظت أن المشكلات العائلية التي يعاني الغرب لا وجود لها بين الأسر المسلمة ، التي تنعم بالسلام والهناء ، وكذلك الحب ، فالمسلمون واثقون أن أبناءهم غير دخلاء عليهم ، وهذا مفقود في الغرب"( ).

* الصحفية الهولندية ناصرة زهرمان
ترجمت معاني القرآن إلى الهولندية ، كما ترجمت أربعة آلاف حديث نبوي ، وأسلم على يديها العشرات . تقول :
"إن أوربة ستعتنق الإسلام عن دراسة وفهم وتحقيق وعلم ، ثم تبزغ شمس الإسلام من الغرب الأوربي إلى المشرق العربي الإسلامي"( ).

* الممثلة البريطانية مارشيلا مايكل أنجلو
"لقد أحسست أني مسلمة قبل أن أعلن الإسلام ، إنني أشعر كما لو كنت قد ولدت من جديد … لقد خرجت من أعماقي تاركة غلافي القديم ، آمنت بالله .. لا إله إلا الله" .

* إميلــي براملــت
"ترددت على الكنيسة كي أصبح مؤمنة ، لكني عجزت ، فلم يقنعني الإله الذي تحول إلى بشر ، فتعذب ومات كما يموت البشر ، ولم يقنعني إله اليهود الذي كان يخطئ ، حتى قرأت القرآن فامتلأت سلاماً"( ).
* الأمريكية إيفا الهريشي
"إنني مسلمة تمتد جذوري ضاربة في أعماق الكون بنعمة هذا الدين ، الذي ينسى كثير من أبنائه قيمة الانتماء إليه"( ).

* الإنجليزيــة نــورا
"لم ينتشر الإسلام بالسيف ، وإنما ينتشر كانتشار النور لا يسد تياره شيء كل مسلم رسول لدينه ، وتلك ميزة من ميزات الدين الإسلامي ، أن يستحوذ على نفس المؤمن به ، فالمسلم يحمل في جسمه أنسجة الداعية" .

* مـاري ويـلـدز
بريطانية ، اعتنقـت الإسـلام وكـتـبـت كتابـهـا (رحلتي من الكنيـسـة إلى المسجد) تقول فيه : "بدأت تتفتح أمامي دنيا تبدو ذات معنى وانسجام وتناغم مع جمال زاهر ، فلقد تعلمنا لغة جديدة للتفاهم مع الدنيا والكون ، هي لغة القرآن الكريم"( ).

* الأمريكية ديبورا بوتر
صحفية أسلمت عام 1980 وكتبت تقول : "عندما قرأت القرآن الكريم غمرني شعور بأنه الحق ، وقد تساءلت : كيف استطاع محمد الرجل الأمي أن يعرف معجزات الكون ، التي لا يزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها؟!"( ).

* جــودي آنــوي
أمريكية اعتنقت الإسلام ، وهي ابنة الباحثة الكهنوتية (كارول أنوي) ، تقول جودي : "أثناء دراستي للإسلام كانت جميع أسئلتي تجد الإجابة الشافية فنحن لا نُعاقب على خطأ آدم الذي طلب المغفرة من ربه فعفا عنه ربنا الرحيم ، لقد وجدت تعاليم الإسلام تضع كل شيء في إطاره الصحيح ، وتلبي حاجة قلبي وعقلي … إنها تعاليم الفطرة ، فليس فيها غموض"( ).
"لقد استمتعت بالوضوء وبارتداء ملابس الصلاة ، وبأداء الصلاة ، لأني أشعر أنني أقترب أكثر من خالقي … وإن أعظم الحقوق الإسلامية منزلة هو الحجاب ، فإن لي الحق أن ينظر الناس إليّ على أني امرأة ذات أخلاق فاضلة ، لا على أنّي أنثى ، فالحرية الحقيقية أجدها في الحجاب"( ).
قد توارت بالحجــابِ كتــواري الـــدُّررِ
واختفتْ مثل الســماءِ خلف سُحْب المطرِ
وسمت مثل الشـــهاب أو كنجم المشــتري ( )
"إن ربط كل حياتي بالله هو في نظري الجزء المليء بالمعاني في الإسلام فالإسلام يلبّي كل جوانب الحياة ، وأشعر أني قد ولدت مسلمة ، ولكن تربيتي كانت كاثوليكية ، وها قد نجحت الآن ورجعت إلى الإسلام" ( ).
وبهذه الكلمة نختم استعراض الذين اعتنقوا الإسلام ، ويطول بنا الحديث لو حاولنا استيفاء مقولات الآخرين ، فلا بأس بأن نذكر أسماء لنخبة منهم .

فممن اعتنق الإسلام في أمريكة :
مهندسو مؤسسة الأبحاث الأمريكية(nasa)وذلك بعد هبوطهم الناجح على سطح القمر( ) ، والكاتبة د. جميلة كولوكترو نينو ، والصحفي كاري واندر ، ونانسي وليم صاحبة كتاب (رحلتي من المسيحية إلى الإسلام) عثمان لولن ، وتشارلز بلال ، والزنجي عبد العليم موسى ، وأمينة أسيلمي صاحبة كتاب (الإسلام في حياتي) وجمال زارا بورو ، وستيف جونستون ، والبروفسور محمد أكويا ، والكاتب مايكل ولفي ، ولاعب كرة السلة الشهير كريس جاكسوم ( محمود عبدالرؤوف ) ، والبروفسور أرماندو يوفالي .

وفي ألمانـيـــة :
كريستيان هوفمان ( المتحدث الرسمي باسم الحزب المسيحي الديموقراطي) ، وهارون بهر صاحب كتاب (العودة إلى دين الطبيعة) وكثير من حزب الخضر ، وعائشة ليمو صاحبة كتاب (النساء في الإسلام) ، والكاتبة فاطمة جريم ، والسياسي محيي الدين لودن والمذيعة الألمانية الشهيرة كريستياني باكر ، وأمينة فيدر ، والداعية محمد صديق ، والداعية أحمد فون دنفر صاحب كتاب (الإسلام وعيسى) و(علوم القرآن) و(يوم مع الرسول) و(الإسلام وغوته) والبروفسور عبدالجواد فلاتوري.
وفي إنكلـتــــرا :
البروفسور عبد الله أليسون رئيس قسم الهندسة الألكترونية في لندن ، والعالم عبدالرشيد سكنر صاحب ( تكنولوجيا السلوك الإنساني ) وأستاذ علم النفس في جامعة بافورد بانكلترا ، وجنداش بيرت نجل جون بيرت رئيس هيئة الإذاعة البريطانية ، وماربيلا وجوناثان سكوت ابنتا اللورد ريتشارد سكوت ، والدكتورة آمنة كوكسون ، المصلح حسين روف ، البحار مستر براون ، ومارتن لنج ، وجمايما جولد ابنة المليونير البريطاني جولد سميث ، والملاكم العالمي كريس يوبانك ( حمدان ) ، والموسيقي براين هوايت ( إبراهيم ) ، وديبي روجرز (عائشة) التي أسلم على يديها أكثر من 30 إنساناً .

وفي اليـابـــان :
الطبيب الشهير شوقي نوتاغي الذي أسلم على يديه مئات اليابانيين في أشهر ، والمترجم هانوتو ، وزعيم طائفة الأموتو كيوتارو ديكوشي ، والمفكر البروفسور هشام كورودا والبروفسور كوسوجي ، والعالم جعفر إيزيتسو ، والبروفسور عبدالجبار مائدا ، والحافظ البروفسور شيروتاناكا ، والبروفسور مرتضى كوراساوا ، وجميلة تاكاهاشي ، ومحمد ساتورا .

وفي فرنـســا :
إيفا ميروفيتش أستاذة السوربون ، والعلامة شمبرنيو ، جون كارتيجني ، الموسيقي جوليان نارس ، الرسام برناردشو ، وعبد الرحمن وكاترين توريز حفيدا مؤسس الحزب الشيوعي الفرنسي موريس توريس .

وفي روســيــا :
البروفسورة فاليريا بوروخوفا أستاذة الفلسفة واللغات في جامعة موسكو ، وقد ترجمت معاني القرآن إلى اللغة الروسية .
وفي سـويـسـرا :
المفكر الشهير تيتوس بروكهاردت مؤلف كتاب ( الفن في الإسلام) والصحفي ألبرت هويدا ، وحاتم كول .

في الســويـد :
رئيس الوزراء السابق أولفا بالمي ، والبروفسورة آن صوفي رولو رئيس قسم الأديان في جامعة مالمو .

ومن رجال الديــن :
المبشر الإنجليزي محمد جون ، والقس أنطونيو مقار صاحب كتاب ( لماذا أسلمت؟) والحاخام الأوزبكي إبراهيم بولات ، والقس جان باتيست أهونيمو ، والقس الكندي توماس أرفنج ، والقس بري هارسيو الذي أدخل الآلاف في دين الإسلام .
وممن أسلم من النخبة في مختلف أنحاء العالم : البروفسور تاجان تاجاسون عميد كلية الطب في تايلند ، وعالم النفس أرثر كين ، والمستشرق منصور لين ، والداعية عبد الواحد فانبوميل ، وموريس كوديرا ، وعبد الله بالمر ، محمد أيوب مولباور ، فون هارفيش ، جون وبستر ، عبد الله هاملتون ، فريزوف شوان ، المهندس أحمد مبين ، عبد الله بوريك ، أمينة هوبهوم ، الدكتور كريم كرو، قسطنطين ملحم ، سيف الدين موسيح والكاتبات : استان – رانيس – آني بيزانت .
وغيرهم كثير ممن لا أحصيهم ، وليس يضيرهم عدم ذكرهم في هذا الكتاب فحسبهم أن الله عالم بهم ، أدعوه أن يَقبلهم ، وأن يرفع درجاتهم ، وأن يُحلَّ رضوانه عليهم فلا يسخط عليهم بعده أبداً ، وأسأله أن يرحم المستقدمين منهم والمستأخرين ، وأن يجمعنا بهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله .

وفيما يلي إحصاء تقريبي يعطينا تصوراً عن المد الإسلامي في العالم :
- في بريطانية يعتنق الإسلام أكثر من خمسة آلاف بريطاني كل عام .
- في فرنسا بلغ الذين اعتنقوا الإسلام حتى الآن أكثر من 400 ألف فرنسي .
- وفي الولايات المتحدة بلغ عدد المسلمين السود والبيض أكثر من مليونين ويلاحظ أن فرصة انتشار الإسلام في أمريكا أكثر منها في أوربة ، لأن الأخيرة ما زالت تنظر إلى الإسلام بعيون بطرس الناسك وأوريان الثاني !
- وفي اليابان تجاوز الذين اعتنقوا الإسلام 15 ألف ياباني في عامين .
وإنما ذكرت هذه الاحصاءات حافزاً للجهود وبشرى ، والبشرى كالذكرى تنفع المؤمنين ، والنجاح الصغير يقود إلى النجاح الكبير ، وهذا الانتشار الكبير لا ينفي عنا تهمة التقصير ، ولا يُعفينا من المسؤولية الهائلة الملقاة على عاتقنا ، إذ ليس ثمة بقعة أرض أحق من بقعة برسالة الإسلام .
يقول د. محمد إقبال : "سيرتعد المسلم من خزي يومٍ يسأله فيه الرسول : لقد أخذت منا كلمة الحق فلماذا لم تُسلِّمها إلى الخلق ؟!"
فلنزد في الحياة نفعاً بدلاً من أن نكون زائدين على الحياة ، والإسلام العظيم يستحق منا أن نخدمه في الستين ثانية التي تملأ كل دقيقة من عمرنا وإذا لم نبذل أقصى طاقاتنا في سبيل نشر هذا الدين ، فلا أقل من أن نكون القدوة الحسنة في العالم ، ولا أقل من أن نكف عن تشويه صورته بجهلنا وتخلفنا الحضاري ، ولا أقل من أن (( ننفع بألاّ نضر )) على حد تعبير الرافعي – رحمه الله - .
شهد الله ما انتقدتكَ إلا طمعاً أن أراكَ فوق انتقادِ( )
تقول المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه) : "لم يأتِ الإسلام للعرب فحسب ، بل جاء للعالم أجمع فهل سيظل المسلمون على هذا الجمود ؟! أرجو أن يتبعوا طريق الرسول الكريم ، فالعالم في فراغ لن تسده سوى تعاليم الإسلام ، والفرصة متاحة ليتلقى الأوربيون الإسلام ، فهم في حاجة إلى منقذ ولا منقذ لهم سوى الإسلام" ( ).

فأنتَ العطرُ في روضِ المعالي فكيف تعيش محتبَساً دَفينا ؟‍
وأنتَ نَسـيمُهُ فاحملْ شـذاهُ ولا تحملْ غبـارَ الخاملينـا
وأَرسلْ شـعلةَ الإيمان شـمساً وصغ من ذرّة جَبلاً حصيناً ( )

* * *

الفصل الثالث
آفـاق المـد الإسـلامي في الغـرب

"خلّــوا بيني وبيــن النـاس"
- محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم -( )

" قرية ذات نخيل ، قامت في الصحراء ، كالأمن بعد الخوف ، والأمل بعد اليأس .. لمن هذه القرية المباركة ؟! من هؤلاء الأصحاب الذين أصغوا إلى معلمهم – في دار الأرقم – وقد اعتزموا اقتحام الصعاب ، وتحدثوا بقلب العالم ؟ وا عجبا لقوم ضعافٍ فقراء يريدون أن يكونوا أساتذة العالم !! انظر إليهم بعد أعوام وقد خفقت أعلامهم في مشرق الشمس ومغربها ، وإذا هم شرر قد انبعث في الفِطَر الصالحة فكان نوراً ، وأصاب النفوس العليلة فكان في هشيمها ناراً ! وإذا كتابٌ في تاريخ الحضارة لم تقوَ على فصوله أمم الأرض قاطبة !! أنبئني كيف وسعت القرية الصغيرة أرجاء الدنيا ؟! وكيف بلغ هؤلاء التلاميذ الفقراء آمالهم كما أرادوا فكانوا أساتذة العالم!!
ما هذا الذي خلق من القِلّة كثرة ، ومن الضعف قوة ، ومن الذل عزاً ، ومن الموت حياة ، وأخرج من الصحراء خِصباً غمر العالم ؟! فتش ما استطعت ، وقلّب حوادث التاريخ كما تشاء ، فلن تجد إلا سبباً واحداً ، إنه الإسلام"( ). والإنسان اليوم ظمآن ، ظمآن ولكنه لا يعرف اسم الماء ، ولا أين يوجد ، لا ريب أنه قد سمع باسمه ، ولكنه يرتاع لهذا الاسم لمجرد أنه لم يجد مسمّاه الحقيقي ، ولأن الدعاية الصهيونية والصليبية لقّنته أن الماء شيء مسموم جداً يجب ألا يقاربه أحد – فهو إرهاب !! ولو أنه عثر عليه دون اسم لنهل منه ، ثم لو عرف اسمه الحقيقي لعجب طويلاً من هذا الخداع الطويل !!.

عوامل انتشار الإسلام :
إذا قمنا باستقراء ما صرح به هؤلاء المباركون الذين صاحبناهم في الصفحات السابقة لنستخرج الأسباب التي تقف وراء اعتناقهم الإسلام ، لوجدنا أن هذه الأسباب تكاد تنحصر وبحسب أهميتها وتواترها فيما يلي :
1 – الإسلام دين الفطرة والتوحيد :
هذا هو العامل الأول في انتشار الإسلام ، فالإسلام يَهَب الإنسان تصوّراً صحيحاً عقلانياً عن الله وعن الكون وعن الإنسان ، ويهبه تشريعاً يلائم الفطرة الإنسانية ملائمة تامة ، "فالإسلام دين الفطرة ويسهل تطبيقه في كل الظروف الأمر الذي سهل انتشاره"( ).
وممن دخل الإسلام عبر هذا الباب : كات ستيفنز ، وأحمد فون دنفر ، وجيرمين جاكسون ، ومحمد صديق .
2 – دراسة القرآن الكريم :
تلعب الدراسة الموضوعة للقرآن الكريم دوراً مهماً في التوصل إلى اليقين بمصدر القرآن الإلهي ، وإلى أنه الحق المحض الذي لم تطله يد التحريف . وممن تأثر بدراسة القرآن نذكر : جيفري لانغ ، وموريس بوكاي ، ويوسف إسلام .
3 – القدوة الحسنة :
في القدوة الحسنة يكون المسلم كالكتاب المفتوح يقرأ فيه الناس معاني الإسلام ، فلسان الحال أبلغ من لسان المقال ، وإن عمل رجل في ألف رجل ، أقوى من قول ألف رجل في رجل !! وفي القدوة الحسنة يؤمن الآخرون بعمل المسلم الطيب ، وبخلقه الجميل ، قبل أن يؤمنوا بعقيدته الصحيحة ( )! .
4 – شمول وتوازن المعمار الإسلامي :
ويدخل من هذا الباب عادةً المفكرون والمستشرقون المنصفون من مثل : محمد أسد ، وروجيه جارودي ، ومحمد صديق .
5 – دراسة الكتب المقدسة :
ويدخل من هذا الباب علماء الدين والقسيسون من مثل عبد الأحد داود ، وإبراهيم الأحمد .
6 – احترام الإسلام للرسل :
وقد أثرت هذه الناحية في فانسان مونتيه والدكتورة كوكسون .
7 – الانبهار بجوانب خاصة من المعمار الإسلامي الكبير :
فمنهم من بهرته صلاة المسلمين ومساجدهم ، ومنهم من بهرته النظافة في الإسلام ( د. بنوا – جرمانوس ) ومنهم من شده العدل والأخوة في الإسلام ( د. فاروق عبد الحق – أحمد فون دنفر – مالكولم إكس ) . وكثيرات كان سبب إسلامهن مكانة المرأة في الإسلام .
8 – غياب الوساطة بين الخلق والخالق ، أو صكوك الغفران .
9 – الاطمئنان النفسي وتحقيق إنسانية الإنسان .
فالقنوات التي نقلت غير المسلمين إلى الإسلام كثيرة إذن وتأتي على رأسها جاذبية هذا الدين وكونه دين الفطرة الإنسانية .

الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم :
يسارع الكثير من الغربيين إلى الإسلام متخطين حواجز البيئة الثقافية والاجتماعية ، وحملات الدعاية المعادية للإسلام لتشويه تاريخه وحضارته ومبادئه، ومتخطين الواقع المر لتخلف المسلمين .
فعلى الرغم من الوسائل البدائية العفوية التي يستخدمها المسلمون في الدعوة إلى الإسلام ، وعلى الرغم من أنهم لا يزالون يَحبون في طريق الدعوة ، وعلى الرغم من صورة المسلمين المشوَّهة التي تعاون على رسمها المسلمون بتخلفهم ، والحاقدون من الغربيين بمكرهم ، على الرغم من كل ذلك فلا زال الإسلام هو الدين الأكثر انتشاراً في العالم وفي التاريخ ، وفق دراسات مركز ( رصد العقائد ) في مدينة ( برن ) بسويسرا . وهذه الحقيقة قد أكدها دارسو الأديان فالباحثة الكهنوتية الأمريكية كارول أنوي تقول : "الإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في أمريكا الشمالية"( )، ويقول الدكتور هستون سميث : "إن الإسلام في هذا العصر كما في العصور السابقة أسرع الأديان إلى كسب الأتباع المصدّقين" ( ) ، ويقول المبشر جون تكل : "الإسلام آخذ في الانتشار رغم أن الجهود التي تبذل في سبيله تكاد تكون في حكم العدم"( ).
فإذا علمنا أن الإسلام ينتشر بجهود فردية مبعثرة ، وأنه لا يرصد في سبيله إلا نسبة ضئيلة جداً مما يرصد للتبشير بغيره من الأديان ، إذا علمنا هذا علمنا يقيناً أن "الدين عند الله الإسلام" … وتفهمنا هذه الصرخة البائسة التي أطلقها لورنس براون : "الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام ، وفي قدرته على التوسع ، وفي حيويته ، إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار"( )، وتفهمنا أيضاً هذه الحيرة للمستشرق هاملتون جب : "إن أخطر ما في هذا الدين أنه ينبعث فجأة دون أسباب ظاهرة ، ودون أن تستطيع أن تتنبأ بالمكان الذي يمكن أن ينبعث منه"( )!

جاذبيـة الإسـلام :
غدت جاذبية الإسلام ظاهرة تاريخية وعالمية لفتت أنظار الدارسين فهذا (مكسيم رودنسون ) قد نشر كتاباً له بهذا الاسم ، ويقر هيرمان إيلتز بهذه الظاهرة فيقول : "إن الإسلام هو أسرع الديانات انتشاراً في العالم اليوم .. هناك إذن شيء حقيقي يجذب إليه العديد من نخبة الناس"( ).
أما مراد هوفمان فيقول : "كثير من الغربيين يستيقظون ذات يوم ليجدوا أنفسهم وقد اعتنقوا الإسلام!"( ).
ويقول المستشرق هيل : "لا نعرف في تاريخ البشر أن ديناً انتشر بهذه السرعة وغيّر العالم كما فعل الإسلام"( ).
ويعتبر ( روي ) بحق أن انتشار الإسلام هو معجزة ، وهو "أكبر آيات الأنبياء وأروعها إعجاباً وخرقاً للعادة"( ).
وتلمح بيانكا سكارسيا هذه الجاذبية فتقول : "إن الشريعة القرآنية تمارس جاذبيتها على ملايين الناس ، فالإسلام يشهد بشكل دائم إقبالاً أكثر على اعتناقه ، ويصعب تفسير تنامي هذه الظاهرة ، في أوروبة خاصة ، إذ أن الإسلام ينحو لأن يُمثل اليوم خياراً بديلاً عن الحضارة الغربية"( ).

وهل سرُّ عطرٍ أُودع الريحَ يكتمُ !
يتساءل د. واكيسا واكليري عن قوة جذب هذا الدين فيقول : "يتقدم الإسلام بصورة مطردة ، فما هي القوة المعجزة المودعة في هذا الدين ؟! وأية قوة ذاتية من الإقناع ممتزجة به ؟ ولماذا تستقبل أرواح البشر الإسلام هكذا بحرقة وتلبي هذه الدعوة بجواب ( لبيك ) ؟"( )وفي الجواب يقول أولرش هيرمان "الإسلام دين جذاب جداً، وهذا يعود – ربما – إلى وضوح الرسالة الإسلامية ، وجاذبية أخلاقها ولأسباب لا أعرفها"( ).
ويذهب الدكتور عماد الدين خليل إلى تعجب آخر : "ليس عجيباً انتشار الإسلام السريع في العالم ، بل العجيب هو عدم انتشاره بأكثر من هذه السرعة"( ).

يـوم الإسـلام قـادم :
بلى فكل الدلائل تشير إلى هذا اليوم الجديد ، يقول جان بول رو "إن عودة الإسلام إلى أوربة هي موجة جديدة لن يقدر على وقفها أو الحد منها أية عقيدة أو مبدأ أو دين"( ).
ويقول ليو تولستوي : "ستعم الشريعة الإسلامية كل البسيطة لائتلافها مع العقل ، وامتزاجها بالحكمة والعدل"( ).
"إن الدنيا بأكملها ستقبل الإسلام ، وإن هي لم تقبله باسمه الصريح فستقبله باسم مستعار ! وسيأتي يوم يعتنق فيه الغرب دين الإسلام( ) ، وإن عقيدة النابهين والمثقفين في المستقبل ستكون الإسلام"( ) .
"الإسلام قادم رغم كل العقبات ، لكنه يحتاج إلى دعاة حقيقيين يقدمون تعاليمه بالحب والعمل"( ).
"ولا شك أن الإسلام سوف يكون نهاية المطاف لكل طالبي الحقيقة في هذا العالم"( ).
"قرأت عن الإسلام ، فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية"( ).
ونختم بقول الباحث كليمان هوارت : "أعتقد أن الإسلام قادم إلى أوربة بكل الحب ، وسيصبح المسلمون الأوربيون دعاة حقيقيين للإسلام ، وسيأتي يوم يصبح فيه الإسلام هو المحرك الحقيقي للعالم" .

ما زال قيسٌ والغرام كعهدهِ وربوع ليلى في ربيع جمالها
والعشقُ فيّاضٌ ، وأمةُ أحمدٍ يتحفَّزُ التاريخُ لاسـتقبالهـا( )

***

عوائق انتشــار الإســلام

"بعض الغربيين تزعجهم حقيقة مفادها أن
الغرب هو غرب صباح أشرق في الشرق!"
- مراد هوفمان –

تقف عوائق كثيرة دون انتشار نور الإسلام في العالم وأهم هذه العوائق :
أولاً – مناخ التخلف الذي يرزح تحته العالم الإسلامي :
إضافة إلى تخلف المسلمين في أسلوب عرض الإسلام ، وتقصيرهم في تبليغه دعوةً وسلوكاً ، وسيُبسط القول في هذا السبب لاحقاً إن شاء الله .
ثانياً – تشويه الإعلام الغربي لصورة العرب والإسلام :
وتضخيم صورة التخلف ، ودور الإعلام لا يخفى في تشكيل عقول الشعوب، وللأسف إن الذين يحكمون إمبراطورية الإعلام في العالم هم اليهود ، فلا عجب إن ضلّلوا الرأي العام الغربي بالدعاية الكاذبة التي تُجهِّل الإنسان الغربي بالإسلام . يقول مراد هوفمان : "حتى أساس الإسلام ، الشهادة ، قد تم تحريفها في الغرب إلى "أشهد أن لا إله إلا محمد" !! تُرى من هو النّصّاب؟"( ).
فالتشويه والصمت هما السلاحان الرئيسان للإعلام الغربي في تشكيل الرعب الهستريائي من الإسلام ، يقول المسلم جون وبستر : "يظهر أن الغرب المسيحي قد تآمر منذ الحروب الصليبية على التزام الصمت تجاه محاسن الإسلام، وحاول تشويه مبادئه بطريقة متعمدة"( ).
وقد نبأنا القرآن الكريم بهذه الحرب الإعلامية فقال تعالى : {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } ( )، يقـول العلامــة د. يوســف القرضــاوي : "أذىً كثيراً" يدل على أن حرباً كلامية ستُعلَن على أهل الإيمان ، لتشويه دعوتهم والتشكيك في سيرتهم .. والآية قرنت بين الصبر والتقوى "أي بالتعفف عن مقابلة الخصوم بمثل أسلحتهم الدنيئة فلا يُواجَه الدس بالدس"( ) .
وإذا كان الإسلام قد عانى من جاهلية العرب ربع قرن ، فقد ظل يعاني من جاهلية الغرب قروناً طوالاَ ! يقول إدوارد سعيد :
"إن الإعلاميين الغربيين عن بكرة أبيهم مفعَمون بالاستشراق ، ويظلون ينهلون أبداً من المكتبة الصلبة التي كوّنها الاستشراق عن الشرق والتي ساهمت في شرقنة الشرق" .
ثالثاً – الكتب المدرسية في مدارس الغرب وجامعاته :
وقد لعب مؤلفو هذه الكتب دور (حمّالة الحطب) في عرقلة الأجيال عن الوصول إلى الإسلام ، والحق يقتضينا أن نشير إلى أن بعض المؤلفين كانوا ضحية التضليل الكبير الذي ورثوه عن مكتبة الاستشراق .
يقول مراد هوفمان : "في مدارس ألمانية يُدرَّس الإسلام مشوهاً في (600) كتاب بطريقة مرعبة"( )، فالحرب المعلنة على الإسلام في الغرب ليست "حرباً حضارية باردة" فحسب ، بل هي حرب إيديولوجية محتدمة ومنظمة اكتملت كل أدواتها ، وتعددت جبهاتها ، ولا ينقصها سوى شرف الخصومة !
رابعاً – الاستشراق والروح الصليبية وسنخصها بتفصيل .
خامساً – الأصولية المسيحية (الإنجيلية أو المسيحية الصهيونية أو المسيحانية) :
نجح اليهود الصهاينة في اختراقٍ ثانٍٍ للمسيحية ، لتوظيفها في خدمة الصهيونية ، فمزجوا بين المسيحية والصهيونية في مذهب جديد عقيدته أن المسيح عليه السلام لن يعود إلى الأرض إلا بعد أن تقوم دولة إسرائيل الكبرى (مملكة داود الكبرى) من النيل إلى الفرات ، وقد نجح اليهود في السيطرة على مراكز القرار في الغرب في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة ، حتى إنه قد بدأت الصيحات تتعالى مطالبة بتحرير البيت الأبيض من الاستعمار الصهيوني !( ) وسيدرك القارئ أبعاد هذه الحقيقة إذا قرأنا هذين الخطابين لرئيسين أمريكيين أمام الكنيست الإسرائيلي .

الخطاب الأول :
"إن علاقة أمريكا بإسرائيل لا يمكن تقويضها لأنها متأصلة في وجدان الشعب الأمريكي نفسه وأخلاقه وديانته ، فقد تمكنت الصهيونية من التأثير الروحي على أوساط الكنائس الأمريكية ، الذين صاروا يعتقدون أن نزول المسيح المخلص مرتبط كل الارتباط بقيام إسرائيل الكبرى ، ومن هذا المنطلق تستخدم هذه الكنائس في غالبيتها كل إمكاناتها لحشد التأييد لإسرائيل في أوساط الرأي العام الأمريكي"( ).

الخطاب الثاني :
".. بعد ذلك مرض راعي الكنيسة ، وحينما اشتد به المرض قمت بزيارته وقلت له : أعتقد أنني سأصبح في يوم من الأيام رئيساً للولايات المتحدة ، فقال لي : إنك إذا تخليت عن إسرائيل فلن يغفر لك الله أبداً ، إن مشيئة الله أن اختار إسرائيل أرضاً لنا ، وإن مشيئته أن إسرائيل ستبقى إلى الأبد" ( ).
سادساً – امبراطورية الرأسمال الغربي :
والمتسترة بواجهة الحكومات الغربية ، والمتمثلة في المؤسسات الاقتصادية الغربية الكبرى ، والتي ترى في المد الإسلامي خطراً على مصالحها الاقتصادية ليس في العالم الإسلامي فحسب ، وإنما في العالم بأسره( ).
***

الاستشراق وجنايته على الحقائق

{ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ
بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ } [البقرة : 109 ]
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ
يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضلّوا السَّبيلَ }( )

"مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله ، وبالتالي فلا صلة تربطه بالأخلاق ، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الاستعمار .. استمروا في أداء رسالتكم فقد أصبحتم بفضل جهادكم المبارك موضع بركات الرب !!" ( ).
هذه باختصار مهمة المستشرقين كما أرادها لهم المستشرق اليهودي صموئيل زويمر ، فهل كل المستشرقين كانوا على هذه الدرجة من الانحطاط؟!
بالطبع لا ، فالمستشرقون أصناف :
أولاً - المستشرقون المنصفون
هم الذين أنصفوا أنفسهم أولاً قبل أن ينصفوا الحقيقة ، لم يكلفوا أنفسهم سوى أن يكونوا موضوعيين في تفكيرهم وفي أحكامهم ، فقادهـم التفكير المنصف إلى أعتاب الإســلام ، فاعتنقوه عقيدة وسلوكاً ومنهجاً ، ويأتي في مقدمة هــؤلاء : ليوبولد فايس ، ومراد هوفمان ، وأحمد فون دنفر ، ومحمد صدّيق ، ورينيه جينو ، وعبد الكريم جرمانوس ، وموريس بوكاي ..
ثانياً – المستشرقون الأقرب للإنصاف
وقد استطاعوا أن يتخلصوا إلى حدٍ بعيد من رواسب التعصب الغربي ، فآمنوا بالإسـلام حُلُماً ودراسة أكاديمية دون أن يعتنقوه عقيدة ، وكما يقول د.محمد إقبال : "ليس كل من درس علم النخيل تمتع بالرطب" فهم قد تعاملوا مع الإسلام ببرود عاطفي ، فلم تكن لهم العزيمة الصادقة التي ترى الحق فتندفع إليه وشتان بين الإعجاب المجرد ، وبين الإيمان ، فهم قد أبصروا جنة الإسلام وتقدموا إليها خطوات ، ولكنهم – يا أسفاً – لم يجاوزوا السياج .
ومن هؤلاء المستشرقين نذكر : المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه صاحبة كتاب (شمس الله تسطع على الغرب ) ، ومنهم شاعر الألمان (غوته)( ) الذي دعي القرن التاسع عشر باسمه (قرن غوته) ، ومن هؤلاء المستشرق توماس أرنولد صاحب كتاب ( الدعوة إلى الإسلام) الذي يعتبر من أوثق المراجع في تاريخ التسامح الديني ، ، ومن المعاصرين (مارسيل بوازار) و(آنا ماريا شمل) والدكتور النروجي اينربرغ .
ثالثاً – المستشرقون المترددون بين الإنصاف والإجحاف
تقرأ لهؤلاء الكلام الحسن فتحمد لهم الإنصاف والعقل ، ثم فجأة يطل (بطرس الناسك) برأسه من بين سطورهم !! ومن هؤلاء غوستاف لوبون والمؤرخ مونتغمري وات . وبعض هؤلاء كان مشوش الرؤية في بدء حياته الاستشراقية ثم تراجع عن آرائه الخاطئة ، من مثل برناردشو وإرنست رينان الذي طعن كثيراً بالإسلام ثم صحا ضميره وعقله في أُخرياته ليقول في إحدى تداعياته: "الإسلام دين الإنسان .. وكلما دخلت مسجداً هزني الخشوع وشعرت بالحسرة لأني لست مسلماً"( ).
ويدخل في هذه الفئة الفيلسوف (فولتير) الذي أعلن توبته عما اقترف بحق الإسلام ، والغريب أن الأضواء لا تسلط إلا على أقواله الأولى ، أما أقواله الأخيرة فقد طُمست ! وها هو يعترف بأنه كان ضحية الأفكار السائدة الخاطئة : "قد هدم محمد الضلال السائد في العالم لبلوغ الحقيقة ، ولكن يبدو أنه يوجد دائماً من يعملون على استبقاء الباطل وحماية الخطأ ! " ثم يقول في قاموسه الفلسفي(6/4): "أيها الأساقفة والرهبان والقسيسون إذا فُرض عليكم قانون يحرم عليكم الطعام والشراب طوال النهار في شهر الصيام .. إذا فرض عليكم الحج في صحراء محرقة.. إذا فُرض عليكم إعطاء 2,5 % من مالكم للفقراء .. إذا حُرِّم عليكم شرب الخمور ولعب الميسر .. إذا كنتم تتمتعون بزوجات تبلغ ثماني عشرة زوجة أحياناً، فجاء من يحذف أربع عشرة من هذا العدد ، هل يمكنكم الإدعاء مخلصين بأن هذه الشريعة شريعة لذّات ؟!" .
رابعاً – المستشرقون المتعصبون( )
وهم أكثر المستشرقين ، وقد أبت أحقادهم الآبائية إلا أن تطفو على كتبهم التي كتبوها بأقلام شاخت في الكذب والافتراء واللاموضوعية ، يقول أليكسي جورافيسكي : "إن الأغلبية المطلقة من المستشرقين لم يتخلصوا من المواقف المعادية للإسلام"( ) فلا يعرف العقل حدّاً لتعصبهم على الشرق والعرب والإسلام، ولا يعرف المنطق مدى لما يقوم به هؤلاء من تحريف وتشويه لثقافة الإسلام وتاريخه ، وقد ركز هؤلاء السفهاء على النيل من قدسية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، إذ أن التشويه الكاذب لصورة إنسان ، أسهل بكثير من محاولة نقض مبادئــه وأفكاره ، يقول العقاد رحمـه الله : "إن تصوير إنسان مقدس بالصورة التي تنزع عنه القداسة أيسر جداً من عناء الدراسة في نقض العقائد وإدحاض الأفكار .. إنها مهارة رخيصة تنجح بقليل من الجهد ، إذ تعتمد على سهولة الإصغاء إليها في طبائع الجهلاء والأغرار، ولكن خبراً صادقاً عن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ينكشف للإنسان الغربي فيهدم مئات الأخبار الكاذبة التي لفقها المبشرون"( ).
نعم قد ينجح هذا الأسلوب الرخيص لزمن ، ولكن لن يطول انتظار سكان الأكواخ لاكتشاف قصر الإسلام وراء الأكَمَة التي صنعها كذب المستشرقين . وقد فضح كثير من المفكرين ألاعيب هذه الفئة ، يقول توماس كارليل : "إن أقوال أولئك السفهاء من المستشرقين في محمد ، إنما هي نتائج جيل كفر ، وعصر جحود وإلحاد ، وهي دليل على خبث القلوب وفساد الضمائر ، وموت الأرواح"( )، وتقوم بيانكا سكارسيا بتحليل عميق لهذه الفئة فتقول : "عمل الاستشراق لصالح الاستعمار بدلاً من إجراء التقارب بين الثقافتين . إن إنشاء هذا العلم لم يكن إلا من أجل تقديم أدوات للاختراق أكثر براعة ، فهناك فعلاً عملية ثقافية مستترة ماكرة ومرائية ، وهذا ما يفسر ريبة المسلمين حيال كل ما يقال عنهم في الغرب"( )، ويقول برناردشو متأسفاً : "مضت على الغرب القرون وهو يقرأ كتباً ملأى بالأكاذيب على الإسلام"( ).

وسـائل هذه الفئـة
تنطلق هذه الزمرة من المبدأ الذي يقول : اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدّقك الناس ! وإذا كان الكذب شعاراً فكل شيء متوقع بعد ذلك ، وهؤلاء المستشرقون يصطنعون في بحوثهم سمت العلم والموضوعية والبراهين ، وهذا أخطر ما فيهم ومن خطورتهم التلطف في دس السموم مع التدرج ، وذلك بعد منافقة القارئ بكلمات معسولة كي يَركَن إليهم .
على وجه ميٍّ مِسحةٌ من ملاحةٍ وتحت الجمال الشرُّ ، لو كان باديا
وهو بادٍ لكل قارئٍ حصيف .
ومن وسائلهم اللعب بالتاريخ ، فيصححون الأخبار الكاذبة ، ويطمسون الأخبار الصحيحة ، ويضخمون الأخطاء الصغرى ، وما أسهل تغيير مجرى التاريخ على قلم المؤرخ الكذوب ! فقد جعل هؤلاء المتعصبون من التاريخ هواية يتم من خلالها التنفيس عن الأهواء والأحقاد الإيديولوجية .
ومن وسائلهم وضع الفكرة مقدَّماً ثم البحث عن أدلة تُعزّزها مهما كانت واهية على أسلوب (محاكم التفتيش) حيث كانت توضع التهمة أولاً ثم تثبت بالشهود الذين ينوب عنهم التعذيب ! وليس هذا الأسلوب غريباً عمن يكون شعاره : "اعتقد أولاً ثم افهم ما اعتقدت !" يـقــول ليوبـولـد فايـس : "إن أبرز المستشرقين جعلوا من أنفسهم فريسة التحزب غير العلمي في كتاباتهم عن الإسلام ! وإن طريقة الاستقراء والاستنتاج التي يتبعها أكثر المستشرقين تذكرنا بوقائع (دواوين التفتيش) ( )" .
ومن وسائل هذه الفئة التعالم رغم الجهل الذي يقع فيه كبارهم ، فأحد المستشرقين على سبيل المثال ، فسر الآية الكريمة : "وترى الملائكة حافّين من حول العرش" بقوله "أي بدون أحذية !" ( )، وليس هذا غريباً فكثير من المستشرقين لا يفهمون أدب لغتهم فضلاً عن الأدب العربي . يقول ول ديورانت : "كيف يستطيع العقل الغربي أن يصدر على الشرقي حكماً صحيحاً نزيهاً ؟!" ويأبى هؤلاء رغم جهلهم بثقافة الإسلام إلا أن يستخدموا الإرهاب الفكري لإضعاف ثقة القارئ بنفسه كي يَسهُلَ قِياده : "وأي أداة للإرهاب أفضل من (أنا) غربية حاكمة سيدة ؟!"( ) .

أشهر المستشرقين المتعصبين
1 – هاملتون جب : إنجليزي مؤلف (الاتجاهات الحديثة في الإسلام) .
2 – جولد تسيهر : يهودي مجري ، كرس حياته للطعن في الإسلام ونبيه ، وممن تتلمذ عليه د. طه حسين ! .
3 – مرجليوث : يهودي إنجليزي ، وممن تتلمذ عليه د. طه حسين ! .
4 – زويمر : مبشر يهودي تظاهر بالمسيحية ، اشتهر بحقده على الإسلام .
5 – دوركايم : يهودي . وممن تتلمذ عليه د. طه حسين ! .
6 – لويس ماسينون : مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية ، تخصص في التصوف المنحرف لبعض الزنادقة كالحلاج المصلوب ( )
7 – يوسف شاخت : يهودي ألماني متعصب .
8 – هنري لامانس : فرنسي شديد التعصب .
9- وليم موير : إنجليزي وكتابه (حياة محمد)
ومن هؤلاء المتعصبين : آربري ، فينسنك ، دوزي ، أرفنج ، درمنغهم ، لودفيج ، ول ديورانت.
ومن المستشرقين المعاصرين نذكر :
1 – صاموئيل هانتغتون : يهودي من دعاة (الطائفية الحضارية ) صاحب نظرية (صراع الحضارات) وخطورته تكمن في أنه يُقدم التحريض ضد الإسلام على شكل منظومة متكاملة
2 – فرانسيس فوكوياما : مستشار سياسي سـابق بوزارة الخارجيـة الأمريكية ، صاحب نظرية (نهاية التاريخ وخاتم البشـر) وقد تنبأ فيها بوراثـة الرأســمال الغربي للعالم ! .
3 – برنارد لويس : يهودي ، يعرض الإسلام بطريقة ترعب جمهوره الغربي ، فيجعله يرفض أن يتنازل قدر بوصة للإسلام .

ما وراء الأكمــة :
وإذا علمنا أن أكثر هؤلاء المستشرقين المتعصبين هم من اليهود بطل العجب منهم أو العتب عليهم ، وحقاً قد نجحت هذه الفئة في القرون الماضية في حجب أنوار الإسلام عن الإنسان الغربي ، ولكن في الآونة الأخيرة بدأت تتكشف الأمور عن إخفاق فكري وخلقي مريع لهذه الزمرة ، فانحسر تأثيرها إلى حد لا بأس به ، وبدأ الوعي بالإسلام يغزو قلوب الغربيين وعقولهم ، وها هو ذا الكاتب البريطاني جان دوانبورت يقول "أعتذر عن التصورات والأحكام التي كانت شائعة في الغرب حول نبي الإسلام"( ) ، يقول الله تعالى : { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ } ( ).

***

إرث الحروب الصليبية

"يمكننا أن نقول من غير أن نوغل في المبالغة
إن أوربـة وُلدت من روح الحروب الصليبيـة"
- ليوبولد فايس -

عاشت هزيمة الغرب في حطين في الذاكرة الجماعية للغرب حتى اليوم ، وتجلت بشكل روح غربية عدائية قطعت الجسور بين الشرق والغرب على مر القرون .
الدوافع الحقيقية للحروب الصليبية
إن الأحداث المخزية للحروب الصليبية ليست هي المسيحية السمحة التي نادى بها السيد المسيح ، وهو براء من مثل هذه الأعمال ، فالحروب الصليبية تسترت بالدين ، ولكن حقيقتها مادية بحتة لجلب الغنائم ، بدليل أن الغزاة لم يُفرقوا بين مسلم ومسيحي عربي .
وقد لعبت المجاعات في أوربة وشيوع الفساد الإقطاعي والاستبداد الديني الدور الرئيسي في إطلاق هذه الحروب ، يقول غوستاف لوبون : "كانت أوربة إبان الحروب الصليبية في أشد أدوار التاريخ ظلاماً ، فلم تكن هذه الحروب سوى صراع عظيم بين أقوام من الهمج وحضارة تعدّ من أرقى الحضارات التي عرفها التاريخ"( ).
صفحة من تاريخهم
يقول المستشرق غوستاف لوبون : "اقترف الصليبيون من الجرائم نحو المسلمين والنصارى الشرقيين مالا يصدر عن غير المجانين ، وكان من ضروب اللهو عندهم تقطيع الأطفال إرباً إرباً وشيّهم ! ويدل سلوك الصليبيين في جميع المعارك على أنهم من أشد الوحوش حماقة ، فقد كانوا لا يفرقون بين الحلفاء والأعداء . لقد أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان ، وكانت جثث القتلى تحوم في الدم .. وكانت الأيدي والأذرع المبتورة تسبح كأنها تريد أن تتصل بجثث غريبة عنها !! وأباد الفرسان الصليبيون الأتقياء جميع سكان القدس من المسلمين واليهود والنصارى .. وكان سلوك الصليبيين غير سلوك الخليفة الكريم عمر بن الخطاب حين وصل القدس منذ بضعة قرون .. ولا يسعنا سوى الاعتراف بأننا لم نجد بين وحوش الفاتحين من يؤاخذ على اقترافه جرائم قتل كتلك التي اقترفت ضد المسلمين"( )، أما المستشرق روم لاندو فيقول : "مثل هذا الإفناء البشري باسم المسيح كان لا بد له أن يُذهل الإنسانية ، ولقد عجزت القرون المتعاقبة عن محو هذه الوصمة … وإن كَرّ السنين لم يخفف من أعمال اللا تسامح التي قام بها الصليبيون باسم الله"( ).
كنه هؤلاء الأتقياء
يصفهم أسقف عكا (جاك دوفيتري) : "كان لا يُرى منهم في أرض الميعاد غير الزنادقة والملحدين واللصوص والخائنين"( ).
صفحة من تاريخنا
بعد حطين ، فتحت مدينة القدس أبوابها للسلطان صلاح الدين ، ثم أمر رجالاً ينادون في الصليبيين ، أن كل عاجز عن دفع الفداء له أن يخرج ، فهو حر لوجه الله تعالى " وكان موقف صلاح الدين معاكساً للمذابح التي ارتكبها النصارى فأطلق الأسرى وقدم الهبات للأرامل واليتامى"( ).
مَلكنا فكان العفو منّا سـجيـةً فلما ملكتم سـال بالدمِ أبطُـحُ
وحلّلْتمُ قتل الأسارى ، وطالما غدونا على الأسرى نَمُنُّ ونصفحُ
وما عجبٌ هذا التفاوتُ بـيـننـا فكلُّ إنـاءٍ بالذي فيـهِ يَنـضـحُ
هذا هو التاريخ فلنتحاكم إليه ، وإذا لم يكن التاريخ كافياً فلننتظر المستقبل .
يقول أليكسي جورافسكي : "يبقى الحاجز النفسي هو العائق الحقيقي ، والذي وصل إلى درجة الحوار بالسيف ، وقد لعبت الكنيسة دوراً فعالاً في ذلك الحوار !"( ).
ومما يؤسف له أنه عوضاً عن أن يعتذر الغربيون عما ارتكب أجدادهم من فظائع ، نقلنا نقطة من بحرها ، نراهم يحتفظون بعداءٍ تاريخي للعرب وللمسلمين، ونتساءل مع الشاعر هوراس : "هل يلد النسر الكاسر ورقاء ذات حياء" ؟! .
والإنصاف يقتضينا أن نفرق بين المواطن الغربي والحكومات الغربية ، فالمواطن الغربي اليوم كجده على عهد الحروب الصليبية ، كان وقوداً لهذه الحرب استخدمه الملوك الحاكمون لتغطية الفساد الذي أهلك البلاد والعباد ، يقول لوي غارديه : "بأي وجه يمكن أن نطلب النسيان من الشعوب التي أهينت بعمق ، وجرحنا مشاعرها القومية والدينية؟!"( ) ، وتقول عالمة الاجتماع المسلمة ديانا روتنشتوك : "إن أهل أوربة في أمسِّ الحاجة إلى الإسلام ، ولكن الوضع السياسي حالياً يشوّه الإسلام"( ).

***
الصليبية المعاصرة

"لقد حورب الإســلام كثيراً ومــا زال يُحارب ،
ولكـن النصر دائماً للحق ، وما جاء محمد إلا بالحق والحقيقة"
- كارل بروكلمان –

لقد امتد إذاً الغزو الصليبي للعالم الإسلامي في المكان ، وامتد في الزمان فحتى هذا العصر ، عصر العولمة والانفتاح العالمي الحضاري ، لا زالت جمعية متطرفة تعقد اجتماعاً سنوياً في جنوب فرنسة في مكان انطلاق الحملة الصليبية الأولى ! حيث تلقى الخطب المهووسة المحاكية لخطب (أوربان الثاني) ! وتعيد تمثيل انطلاق هذه الحملة !( ) ولست أدري ما الذي يجعل هؤلاء (( الأتقياء ! )) يتركون الحاضر ليجتروا أحقاد الماضي ؟! وما الذي يمنعهم عن مواصلة (حملتهم المقدسة) إلى القدس اليوم لتحريرها من رجس أعداء مريم والمسيح ؟! يقول الدكتور عمر فروخ "يدّعي الغربيون أنهم مسيحيون ثم هم يُسلِّمون مهد المسيح لأعداء المسيح!" ( )، ويقول الأستاذ محمد حسين فضل الله : "إن الغرب علماني إلى حد الإلحاد ، ولكنا نراه عندما يواجه الإسلام قد حمل الصليب وأضحى مسيحياً متعصباً في أقصى درجات التعصب" ! .
إن الغرب مسيحي في كنيسته ، صهيوني في سياسته ، مادي في حياته .

"تلك أمانيهــم"
"لا تستطيع أمريكا إلا أن تقف في الصف المعادي للإسلام ، لأنها إن فعلت غير ذلك تنكّرت للغتها وثقافتها ومؤسساتها ! إن هدف العالم الغربي في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية ، وإن قيام إسرائيل هو جزء من المخطط ، وليس إلا استمراراً للحروب الصليبية !"( ) . هذا ما صرح به يوجين روستو ، رئيس قسم التخطيط بوزارة الخارجية الأمريكية سابقاً . وتؤكد رئيسة وزراء بريطانية السابقة تاتشر هذه المخططات فتقول : "يقف الغرب اليوم مع الشرق الأرثوذكسي والكاثوليكي في خندق واحد لمجابهة العدو ، وهو الإسلام"( ).
وينفخ المستشرق المعاصر فرانسيس فوكوياما نار الصراع ليزيد من الرُّهاب( )المرضي الغربي من الإسلام فيقول : "إن هناك عدواً قادماً للحضارة الغربية هو الإسلام … وهذه الإيديولوجية ستصبح النقيض للإيديولوجية الغربية ، وبالتالي لا بد أن ينتصر أحدهما وينهزم الآخر ، لأن العالم لن يستمر في حالة صراع بين العقيدة الغربية والإسلام"( )! أما ( دي ميسنيل ) فيعلن هدفه بوضوح أكثر : "إن الهدف الذي يتعين علينا تحقيقه هو تحطيم قوة التماسك الجبارة التي يتميز بها الإسلام ، أو على الأقل إضعاف هذه القوة"( ).

وقد تَنسُبُ السُّمَّ للحمامةِ حيّةٌ !
هذا الحقد الصليبي لم ينج منه حتى أطفال المسلمين ، وإذا أردنا أن نعرف تخوم هذا الحقد فلنسأل أطفال فلسطين أو أطفال البوسنة والعراق ، وتحت عنوان (الطفل المسلم قنبلة موقوتة ) يقول ت. س. إليوت : "إن الغرب سينتهي ليس بانفجار بل بنشيج ، لعله نشيج طفل مسلم في مهده"( ) .
وليس هذا فحسب ، بل طال الحقد حتى المقدسات ، واقرأ هذا التشبيه الحاقد اللا أخلاقي للرئيس السابق بل كلينتون : "في مدينة نيويورك تحولت محطة هارلم للسكك الحديدية مع الوقت إلى (مكة) يحج إليها المتعاملون بالمخدرات ، ورجال العصابات ، والمجرمون من جميع الأنواع"( ) .
قلت : هذه المقولة تؤكد صدق نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : "إنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القِبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام : آمين"( ).

الحروب الصليبية الجديدة في البوسنة
على أبواب سراييفو سقطت كل الأقنعة ، فبدت الوجوه الكالحة والحاقدة على كل مسلم ولو كان أوربياً ، وقد اعترف بهذه الحقيقـة ريتـشـارد نيكسـون : "إن العالم لم يهب لنجدة سراييفو لأن غالبية سكانها مسلمون" ! .
وأكد هذه الحقيقة مراد هوفمان فكتب ساخراً : "لم يتدخل العالم المتحضر عسكرياً لإنقاذ مسلمي البوسنة ، ولكن انشغل بالمساعدات الإنسانية ! وعمل بجد واجتهاد حتى يضمن للمسلمين أن يُعذَّبوا أو يُغتصبوا أو يموتوا وهم شبعانون ! لقد سمّت وسائل الإعلام الغربية ضحايا البوسنة بالمسلمين ، ولكنها أغفلت تماماً الإشارة إلى ديانة القتلة المعتدين"! ( ).
ويتساءل وزير الخارجية السوري الأستاذ فاروق الشرع : "لو كان مسلمو البوسنة الذين يتعرضون لعمليات التطهير العرقي والترحيل الجماعي والاغتصاب الوحشي ينتمون إلى عرقٍ ودينٍ آخر هل كانت هذه المذبحة ستستمر؟! إننا لا نستطيع أن نثق بأن الغرب يستهدف فعلاً رفع الظلم عن الإنسان ، وإحقاق حقوقه في كل مكان وزمان .. إن من يخرق الحقوق الأساسية للشعوب ، هم أولئك الذين يرفعون شعار حقوق الإنسان" ( ) .
ويتساءل وليد نويهض عن أسباب ما جرى من جرائم : "كيف نفهم تصرفات الصرب في البوسنة وأمام عدسات الكاميرا ؟ ولماذا الانتقام من الحجر بعد البشر ؟ هل هو اقتلاع للذاكرة ومسحٌ للتاريخ ؟ وهل التقدم هو (تقدم) في وسائل الفتك أيضاً ؟!"( ). بلى ففي هذه الحضارة السؤال المهم هو : ما هويتك ؟ ومن البوسنة إلى كوسوفا إلى الشيشان إلى فلسطين يمكن أن تعني الإجابة الخاطئة على هذا السؤال رصاصة في الرأس !! .
هذه الروح المتوحشة انتشرت في أوربة ، ففي فرنسة صدر أمر بابوي بطرد رئيس الكنيسة الكاثوليكية بمدينة(افروه) من أسقفيته لأنه أعلن تأييده للمسلمين في البوسنة والشيشان( ). أما في ألمانية فقد نقلت صحيفة (الديلي تلغراف) أن أطفالاً بوسنيين قد استُخدموا لإجراء اختبارات تصادم السيارات .. يقول مراد هوفمان : "إن إبداء موقف إيجابي من الإسلام في ألمانيا وإنجلترا هو بلا شك خطأ فادح بل قاتل"( ).
أما (مجلس الخوف) فلم يحرك ساكناً اللهم إلا في تأييده للصربيين بالمباركة أو بالمشاركة في مجزرة (الملاذات الآمنة) ، وكذلك كان شأنه في تأييده للسفاح شارون في مجازر جنين ونابلس وقرى فلسطين ! ، وهكذا شأنه في تأييده للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية في جرائمها ضد الشعب العراقي المسلم .
يقول جودت سعيد "الأمم المتحدة ، هذه المؤسسة التي تبعث على الغثيان ويُعظَّم فيها الشرك ، والأرباب الخمسة الكبار الذي وُضعوا فوق البشر ، وأمريكا الآن تريد أن توحدهم في ذاتها المقدسة !!" ( ).
أما نحن المسلمين :
فنَرى ونســمع صامتينَ كأننا لم نســتمعْ وكأننا لم نشـهدِ !
وإذا تحمّســنا مددنا نحوهم كف الدعاء ، وغيرها لم نَمدُدِ( )

إذا اقتحم الحجاب العريَ الفرنسي
ويتجلى موقف الحكومات الغربية من الإسلام في موقف الحكومة الفرنسية من الحجاب الإسلامي ، "فإن فرنسا التي تعتبر نفسها عاصمة الثقافة العالمية القائمة على التنوع ، ضاقت ذرعاً بفتيات يغطين شعورهن وقامت بفصلهن من المدارس!"( ). هذا الموقف العجيب دعا رئيس الوزراء الإسباني (فيليب جونزاليس) إلى أن يتساءل : "إني مندهش لما يجري في فرنسة ! إذ كيف تستطيع ثلاث فتيات يرتدين الحجاب أن يُعرّضن للخطر الهوية الثقافية الفرنسية!؟" ، ويفضح المفكر الفرنسي (برنار سيشير ) الباعث الحقيقي لهذا التصرف الهمجي فيكتب في مقاله ( الحجاب .. العرب .. ونحن) : "إنها أعراض (بواتيه) المرضية ! إذا كان العرب قد بهروا ذاكرتنا القديمة وأربكوها ، فذلك لأنهم كشفوا عن قدرتهم على ابتكار الحضارة الأكثر ألقاً وغنى ، عندما كنا لا نزال في طور التخلف ، وقد لعبت الكنيسة في إطار هذا الكبت الكبير دوراً لا تحسد عليه"( ).
وثمة مضايقات في تطبيق الشعائر الإسلامية ففي ألمانية – يقول هوفمان :
"يُسمح لليهود أن يذبحوا وفق الشريعة اليهودية ، بينما يُمنع المسلمون من هذا الحق وهو أمر يدعو إلى السخرية"( ).. و"يعتقد المرء أن مشكلات المسلم في ألمانية قد تنتهي بوفاته ! ولكن هيهات ! فإجراءات الدفن وفق الشريعة الإسلامية تلقى اعتراضات هائلة ، وتقاوَم بشدة!"( ).. "إن الغرب يتسامح مع كل المعتقدات والملل حتى مع عبدة الشيطان ، ولكنه لا يُظهر أي تسامح مع المسلمين ، فكل شيء مسموح به إلا أن تكون مسلماً!"( ).

"أليس فيكم رجل رشيد؟!"
بلى فيهم رجال ، وهذا ما يبعث الأمل في النفوس ، فقد بدأت تتعالى أصوات لضمائر غربية حرة تندد بهذه الروح العدائية الهمجية ، فها هو الفريد هاليداي يتساءل ساخراً في معرض رده على تحذيرات هانتغتون من الإسلام قائلاً: "خطرُ الإسلام أم خطرٌ على الإسلام ؟!!"( ) . أما أستاذ اللاهوت (ليندل يولينغ) فيقول : "لسوء الحظ أن الناس في الغرب يبحثون عن عدو! ، وللأسف الشديد هناك مجموعة من المسيحيين في بلدنا تحاول أن تجعل في الإسلام (الإمبراطورية الشريرة) ، ونحن كمجموعة مسيحية مؤمنة نرفض هذا"( ) ، ويقول البروفسور الكندي (ويلارد أكستومي) : "أن تكون عربياً في أمريكا يعني في معظم الأحوال أن تُجرَّد من هويتك وألاّ تجد فرص عمل"( ).
أما عالم الاجتماع الأمريكي نيكولاس هوفمان فيقول : "لا توجد ديانة أو قومية أو ثقافة كثقافة العرب والمسلمين تتعرض في الولايات المتحدة لمثل هذا التشويه الفظيع"( ).
ويعترف المستشرق غوستاف لوبون بهذا العداء الكبير : "تراكمت أوهامنا الموروثة ضد الإسلام بتعاقب القرون ، وصارت جزءاً من مزاجنا ، وأضحت طبيعة متأصلة فينا تأصُّلَ حقدِ اليهود على النصارى الخفيّ أحياناً والعميق دائماً"( ).
وهذا المعنى أكده ليوبولد فايس بقوله : "إن روح الحروب الصليبية ما تزال تتسكع فوق أوربا ، ولا تزال تقف من العالم الإسلامي موقفاً يحمل آثاراً واضحة لذلك الشبح المستميت في القتال"( ).
وصورة دقيقة يرسمها مراد هوفمان : "إذا سبرت غور النفس الأوربية ولو بخدش سطحي صغير ، لوجدت تحت الطبقة اللامعة الرقيقة عداء للإسلام"( ).
من يقف وراء تأجيج هذه الروح العدائية
تقول المفكرة الشهيدة الإسبانية (صبورة أوريبة ) : "قد أعلن الدساسون من الغربيين المتلاعبون بالضمائر عداوتهم للإسلام ، لأنه ينزع أقنعتهم ، ويقاوم شعوذتهم الخادعة"( ).
ويقول السيناتور الامريكي (بول فندلي) : "هناك الكثير من رجال الدين المسيحي في أمريكا يقومون بتشويه صورة الإسلام … وإن الإسلام ليس خطراً على المسيحية أو الحضارة الغربية ، وإن كُتّاباً غير مسلمين هم الذين شوهوا صورته في الغرب"( ).
وبعد فالسؤال الكبير هو : هل الغرب يحقد على الإسلام لأنه يخافه ؟ أم أنه يخافه لأنه حاقد عليه ؟!
أَتَشـكونَ بعد الجفافِ المطرْ ! وبعد العمى تشـتكونَ النظرْ !
أَتسـخطكمْ زقزقاتُ الصبـاح وهمسُ النسيم ، ووجه القمرْ !
أيُرعبكـم روحُ هـذي الحيـاة وعطرُ الزهور ، ولون الثمـرْ !
وبعضُ النفـوس تُحبُّ الظلام وكلُّ الخراف تعـافُ الدُّررْ( )

الإسلام والغرب : ما هو الخيار الصراع أم الحوار ؟

"من يعرف نفسه سيعرف أيضاً أن
الشـرق والغـرب لا ينفصلان أبداً"
- غوته –
أحس العقلاء من الغربيين بأن الباعث على الرعب الهستيري من الإسلام والذي يسبب العداء هو جهلهم به ، فتنادوا إلى مراجعة أفكارهم بتعرف أفضل عليه ، لكسر هذه الحلقة المعيبة المؤلفة من (الجهل – الخوف – الحقد ) فيقول البروفسور (هيرمان إيلتز) أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بوسطن معترفاً بأمية الغربيين في معرفتهم للإسلام : "إن حكومتنا والكونغرس في حاجة إلى فهم أفضل للإسلام ، وأقول بصراحة مطلقة إننا نجهل الإسلام تماماً" ( ) .
ونحن كمسلمين ندعو إلى هدم الجدران ، وإقامة الجسور المتينة بين الشـرق والغرب كي تتعارف الثقافات والشعوب ؛ انطلاقاً من قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ( ).
ونحن المسلمين ندعو إلى إقامة الحوار بدل الصراع ، الحوار الحر الصادق ، انطلاقاً من قوله تعالى : { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلاّلٍ مُّبِينٍ }( )، وانطلاقاً من قوله تعالى :
{ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَن } ( )، وانطلاقاً من قوله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }( ).
ندعو إلى التعارف والحوار وصولاً إلى ( الكلمة السواء ) ولن يثنينا عن طريق الحوار تلك الدعوات المجنونة إلى الصراع والتي يتحمل وزرها برنارد لويــس وهانتغتون وفوكايامـا وغيرهم من أعداء السلام العالمي وأعداء الحضارات .. نعم ندعو دائماً إلى الحوار ولو أن الطريق ما زال شائكاً كما يقول ولفرد كانتول سميث "لا نظن أن الغرب يستطيع أن يتخلص بسهولة من الروح العدائية التي يحسها نحو الإسلام"( ).
كنا ننتظر أن يكون موقف الغربيين من اليد البيضاء التي قدمها المسلمون غير هذا الموقف "ومن عجب أن الغرب لم ينكر على العرب فضائلهم فحسب ، بل نسب إليهم أحداثاً شائنة لا صلة لهم بها"( )، فالغربيون مصممون على أن يكون اللقاء صراعاً حضارياً في غابة ، لا حواراً حضارياً في منتدى الحضارات ، ولكنهم في هذا الخيار هم الخاسرون .
يقول المفكر عبد الحكيم بحلاق : "يخطئ الغرب كل الخطأ إذا أصر على الصراع مع الإسلام بدلاً من الحوار ، لأنه يسارع بذلك في سقوط حضارته ، أما العالم الإسلامي فباستطاعته أن يمتلك مفاتيح التقدم العلمي التكنولوجي لو عزم بمنأى عن الغرب ، ولقد نجحت بعض الدول الإسلامية في اختراق الحصار العلمي الذي تفرضه الدول الغربية على العالم الإسلامي"( ) ، ويقول العلامة أبو الحسن الندوي : "إن حاجة أوربة في اقتباس الإيمان منا أشد وأعظم من حاجتنا إلى الاقتباس من علومها"( ).
ندعو إلى الحوار فإن أبى الآخر إلا الصراع فإن "الإسلام – يقول الإمام القرضاوي – أعمق جذوراً وأقوى سلطاناً وأعز نفراً ، وأكثر جنداً مما يظن الظانون وستظل هناك ألسنة صدق ، وأقلام حق ، وأيدي عطاء ، ومصابيح هداية ، ومفاتيح خير ، يحملون أمانة الكلمة ، ويؤدّون رسالة الله { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ }"( ).

تخلف المسلمين وغيابهم عن الشهود الحضاري

"إنني أؤمن بإسلام النبي محمد ، وإسلام الخلفاء
الراشدين ، وليـس بإسلام مسلمي هذا العصر"
- برناردشو -

إذا كان الإسلام قد ابتلي بأعداء ينتقصون أطرافه من الخارج ، فقد ابتلي بلاءً أشد بأصدقاء يشوّهون معالمه من الداخل ، وإن فتح أبواب الحصون من داخلها أهون من خارجها بكثير ، و "إن أعداءنا لا يضربوننا بأيديهم ، قدر ما يضربوننا بأيدينا!" على حد تعبير العلامة محمد الغزالي رحمه الله .
ويأتي تخلف المسلمين على رأس الأسباب التي تعوق انتشار الإسلام إذ يشكل تخلفهم مرآة مشوهة لا تعكس أنوار الإسلام بل تعكس ظلمات المسلمين ، (( فالإسلام محجوب بأهله )) ، على حد تعبير الإمام محمد عبده رحمه الله ، وكما فتننا الغربيون ببريق حضارتهم ، كذلك فتنّاهم بظلام تخلفنا !
يقول الدكتور محمد عمارة "لولا هذا التخلف الذي يعيش فيه العالم الإسلامي لكان للإسلام جاذبية أكبر في إطار التجمعات الغربية ، فالعقلية الغربية مؤهلة للانعطاف للإسلام لطابعه العقلاني"( )ويقول عباس العقاد : "إن الجاهل أعدى لأمته من أعدى أعدائها ! وما نكب الإسلام كما نكب من أبنائه الجاهلين" !
يا شرقُ لا تشـكُ الشـقاءَ ولا تُطلْ فيه نــواحَكْ
لو لم تكن بيديك مجروحاً لَضمـّدنـا جـراحكْ ! ( )
إن واقع المسلمين الحالي يمثّل حجاباً كثيفاً يطمس نور الإسلام ، ويُمثّل من ثَمّ صدّاً عن سبيل الله ، وبذا يرتكب المسلمين خطيئتين : تقصيرهم في تطبيق الإسلام ، وحجبهم أنواره . وليت شعري كيف يستطيع المتخلف حضارياً أن يُقنع المتحضرين – ولو مادياً – باعتناق مبدئه ؟! يقول العلامة الغزالي : "إن امتلاك الحياة الدنيا عن قدرة وخبرة هو السبيل لنصرة المبادئ"( ). وهو السبيل أيضاً للحفاظ على كيان الأمة ، فالمسلم لن يحميه في المعترك الحضاري إلا يده المؤمنة المتوضئة التي تستخرج معدن الحديد من أطواء الأرض ، على حد تعبير الدكتور المؤرخ عماد الدين خليل .
ونحن المسلمين ، لن تكون لنا الآخرة إن لم تكن لنا الدنيا ؟ فمن عجز عن إعمار دنياه فهو عن إعمار آخرته أعجز . وسيسأل المسلمون في الآخرة عن كيفية مرورهم في الدنيا
{ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسئُولُونَ } ( ).
وتخلف المسلمين هو في الحقيقة تخلفهم عن فهم الإسلام ، وعن الارتفاع إلى تطبيقه ، وهو الذي أدى إلى تخلفهم عن ضمير العصر وعن صناعة الحياة ، فهو انتقام للمبادئ التي خانها أصحابها ، يقول الإمام محمد عبده : "كل ما يُعاب على المسلمين ليس من الإسلام ، وإنما هو شيء آخر سموه إسلاماً"( ) .
ويقول المفكر عمر حسنة : "هل أخطر من أن نأتي إلى صور من تخلفنا فنرفع فوقها شعارات لتصبح هي الإسلام ؟!" ( )ويقول المفكر مالك بن نبي : "التخلف هو عقوبة إلهية أوقعها الإسلام بأتباعه جرّاء تخلّيهم عنه ، إن المسلمين تأخروا لأنهم تركوا الإسلام لا لأنهم تمسكوا به ، فحق عليهم قوله سبحانه :{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} ( ).
وقد نجح الإعلام الغربي – للأسف – باستغلال تخلف المسلمين فوظفه لصالح أطروحاته المعادية للإسلام والعرب .
ومن دعا الناسَ إلى ذمّه ذموه بالحق وبالباطلِ( )

مفردات التخلف
تشتبك في التخلف الأسباب والنتائج ، لتشكل دائرة معيبة تستلزم استنفار كل الطاقات لكسرها ، وأهم هذه المفردات :
1 – الكسل ، وعدم اتقان العمل ، والتطلّع إلى نتائج عظيمة من جهد يسير .
2 – جفاء القلم والقراءة ، وانحسار الوعي الحضاري والفقه السنني .
3 – انطفاء فاعلية العقل المسلم ، وضعف توهجه ، وإصابته بالجمود المؤدي للجحود ، وتقديم عقلية الحفظ على التفكير ، واستبدال الارتجال بالتخطيط ، والتسويغ بالنقد والمراجعة والتوبة .
4 – التعصب المذهبي المقيت ، والتدين المغشوش ، والارتزاق بالدين ، وانتشار الأحاديث المكذوبة والخرافات ، والابتداع في الدين ، مع ترك الإبداع في الدنيا .
5 – تبديد الوقت وعدم سماع خطوات الزمن ، وإضاعة العمر العزيز في أعمال صغيرة أو غير نافعة .
6 – التركيز على الفرد المنقذ ! وغياب العمل المؤسسي المعتمد على الشورى والتكامل وعلى روح الفريق .
7 - ضعف الإحساس بالجمال والنظافة ، وضعف الشعور بالقانون والنظام والمسؤولية تجاه المجتمع .
8 – اليأس القتّال والخور المميت ! وتمزق وحدة المسلمين .. وظلماتٌ بعضها فوق بعض !
هذا هو مناخ التخلف الذي أناخ فوق صدر أمتنا ، فحجب الإسلام عن الأنام . يقول الإمام جمال الدين الأفغاني : "أفضل وسيلة لإقناع الغربيين بالإسلام أن نقنعهم أولاً بأننا لسنا مسلمين كما ينبغي" ، إذ أن نُدرة من الغربيين يستطعون التمييز بين الإســلام والمسـلمين كعالم اللاهوت د. ميشــيل لولونغ الذي يقـول: "لا بد أن نقوّم الإسلام بعمل المســلمين الملتزمين ، وليـس بعمل المنحرفين"( ). فيا عجباً لأمة (اقرأ) كيف خدّرها الجهل ! ويا عجباً لأمة (سورة الحديد) كيف أناخ بها الضعف ! ويا عجباً لأمة (سورة العصر) كيف رضيت أن تكون خارج العصر ! ويا عجباً لأمة تنام في النور ، ولأمم تستيقظ في الظلام !
بأيديهمُ نُورانِ ذكرٌ وسُنةٌ فما بالهم في أحلك الظلماتِ ! ( )
يقول الشاعر حافظ شيرازي : "نفسي متعبة من هذه الحال التي أناخت على مدينتي فجعلت الأعداء يتزاحمون عليها ويجعلون أعزة أهلها أذلة ، نفسي متعبة فأنا أرى كل هذا السوء يحط على مدينتي وأنا وحدي لا أتمكّن من رفعه ولا أقدر على دفعه ! نفسي متعبة باكية ، ولكنْ هو ذا في الأفق البعيد يلوح نور جديد ، يهدي الضال وينهض الآمال"( ) .

***
بشــائر وبصــائر

{ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء
مِنْ عِبَـادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِـينَ }
[ الأعراف -128]

على الرغم من أن العوائق في وجه الإسلام كبيرةٌ جداً لكنَّ (الله أكبر) وعلى الرغم من أنها ضخمة جداً لكنها تغدو غثاء أمام كلمة الله .. والبشائر بانتشار الإسلام كثيرة ، سنذكر بعضاً منها :
أولاً : الأمل بالله تعالى يقين بأنه سيحفظ دينه لأنه تكفّل بحفظ كتاب هذا الدين { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ( ). وتكفّل بحفظ هذه الأمة من الاســتئصـال { لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } ( )هـذا هـو وعـد الله { إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }( ) والمسـلم لاييأس أبـداً ، فـقـد علمه الإسـلام أن اليـأس كـفــر : { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }( ) .
يقول (( أديب العربية والإسلام )) مصطفى صادق الرافعي : "ليس لمصباح الطريق أن يقول إن الطريق مظلم ، وإنما عليه أن يقول ها أنذا مضيء"( ).

ثانياً : نحن أمة قد تشكّلت وجوداً وثقافة وحضارة من خلال القيم المعصومة في القرآن والسنة والسيرة المطهرة ، وهذه القيم لا زالت مصونة بحفظ الله ، وتنتظر من يؤمن بها ويتمثلها ويحملها ليعيد البعث الحضاري من جديد .
عطايانا سـحائبٌ مـرسـلاتٌ ولكنْ مـا وجدْنا السّائلينا
وكل طريقنـا هـديٌ ونــورٌ ولكنْ ما وجدنا السّالكينا
ولو صدقوا وما في الأرض نهـر لأجرينا السماء لهم عيونا( )
وإن عجلة الحضارة لن تدور دون عزمٍ أو أنين ، ولا بد لكل أمة من لحظةٍ عُليا عليها أن تقرر فيها ، وأمتنا لم تمت وإنما هي في سبات ولا بد للنائم أن يستيقظ يوماً .
إن الطيورَ وإن قصصتَ جناحَها تسمو بفطرتها إلى الطيرانِ( )
يقول الإمام محمد عبده : "لا تزال الشدائد تنزل بالمسلمين حتى يفيقوا ، وعند ذلك يجدون هذا الكتاب الكريم في انتظارهم ، يعدُّ لهم وسائل النجاة ، ويؤيدهم بروح القدس ، فيكتشفون أنفسهم ، ويشهدون ما كان قد كمن فيها من قوة، فيأخذ بعضهم بيد بعض .. وهذا الكتاب المجيد ، لا بد له أن يعود ويرجع إلى موطنه الأول من قلوب المسلمين ، وقد وعد الله بأن يتمَّ نورَه وبأن يظهره على الدين كله ، ولن ينقضي العالم حتى يتم ذلك الوعد ، وليس بيننا وبين هذا الوعد إلا الزمان الذي لا بد منه في تنبيه الغافل ، وتعليم الجاهل ، وتوضيح المنهج ، وتقويم الأعوج ، وهو ما تقتضيه السنة الإلهية في التدريج : "إنهم يروْنَه بعيداً ونراه قريباً"( ).
ويقول الدكتور عبد الكريم بكار : "إننا نتمتع بخاصية حضارية فريدة ، هي أننا نَصدر في رؤيتنا للحياة عن منهجية مطلقة ومعصومة لا بشرية ، ومن ثم فإننا قادرون على محاكمة التاريخ والواقع ومنجزات الآخرين ، ونحن – بحول الله – قادرون على الإفاقة بعد الكبوة من خلال رجوعنا إليها واسترشادنا بها ، أما الحضارة الغربية فإنها تفتقر إلى ذلك"( ).

ثالثاً - استشفاف قيم التاريخ الإسلامي :
نحن أمة لم تنبت فوق ظهر الأرض من غير جذور ، إنّ إسلام أسلافنا معنا ، وإن قلوبهم ما زالت تخفق في صدورنا ، وإن كان ثمة شيء يدوّي في أعماقنا فلن يكون ذلك سوى الإسلام ، وإذا أمكن هزيمة الواقع فلن يمكن بحال هزيمة التاريخ ، ومن تاريخنا المنتصر سنعرف - بإذن الله - كيف نصوغ انتصار المستقبل . وأنا لست أرمي من هذا الكلام إلى أن ننام على هدهدات التاريخ ، بل الذي أقصده هو أن نسأل التاريخ ، ذلك الشيخ الصادق الوقور ، عن قصته مع الإسلام ، وأن نسأل الحضارة هل عرفت أتقى وأنقى وأذكى من رجال الإسلام ؟ وإذا كنا الآن نعاني من أزمة نخبة ، فإنا لا نعاني أبداً من أزمة أمة ، فأمتنا يسكن في أعماقها المخزون النفسي والروحي الكبير الذي لا يبرز إلا في المحن ، وإن في الصمود الأعزل الكبير لرجال جنين في وجه الصهاينة المسلحين أوضح مثل ، والأيدي المؤمنة المتوضئة ستحسن البناء لو دُعيت إلى العمل ، والنور لا زال مشعاً في الجبين ، والخير ما زال كامناً في اليمين ، ولكنه ككمون النار في الحجر ، إن قدحتَه أورى ، وإن تركته توارى .
يقول الدكتور محمد إقبال : "هناك من غادر الركب لأن الحادي لم يملك الكلام الذي يسحر به القلوب ! يا حادي الركب : لا تيأس منهم إن كنت حكيماً ، تنقص المسافرين العزيمة ولكن لا تنقصهم الرغبة في الوصول" .
وظَنّـي يقــينٌ بـأنَّ بـلادي ستُنبتُ بين الطحالبِ نخـلا
ومن بين شوكٍ وصخرٍ ستنبتُ أرضي خزامى وورداً وفُــلاّ
ففي كل زنـدٍ مضـاءٌ تجلّى وفي كل عينٍ ضيـاءٌ أطـلاّ
قريباً سـيقفو الرعيـلُ الرعيلَ فنمسـحُ جهلاً ونغسلُ ذُلاّ( )
يقول المفكر الدكتور رشدي فكّار : "إنها أزمة جيل وليست أزمة مصير ، وأزمة نخبة وليست بأزمة أمة ، والمسلم لن يستعيد مكانته إلا بتحقيق ذاته كإنسان في عصر عزت فيه إنسانية الإنسان ، فالمسلم هو الإنسان المتوازن المتعادل ، روحاً وجسداً ونفساً ، المتعادل حتى في مشيته وإنفاقه ، بل حتى في صوته الخاشع لربه"( ).

ويقول شاعر الإسلام محمد إقبال : "افتح عينيك كالنرجس أيها الزهر النائم ، فقد أغار على أرضنا الأعداء .. لقد أصبح بحرك أيها المسلم هادئاً ساكناً كالصحراء . عجباً لهذا البحر الذي لا يهيج ! انهض أيها المسلم ، أنت للسُّنن حارس وأمين ، أنت لهذا الكون يسار ويمين ، اشرب كأساً فائضة اليقين ، الغياث من الإفرنج الذين خلبوا العقول وخدعونا مرة بالرقة والدلال .. ومرة بالقيود والأغلال . أيها المسلم اضرب خيمتك حيث شئت ، ولتكن خيمتك قائمة على عُمُدك وأطنابك ، ولا تنسَ أن استعارة الأطناب من الأجانب حرام"( ).

لقد استطاعت أمتنا بفضل الله أن تسجل في نصف قرن قفزة فوق القرون انتقلت بها من القرون الوسطى إلى القرن الحادي والعشرين ، وفي قابل الأيام ندعو الله أن يعينها على قفزة أخرى إلى المستقبل .. هذا هو وعد الله الذي لن يتحقق حتى يقول كل مسلم : أشرقي يا شمس الإسلام من هنا … من عندي أنا .

اللهم بصّر المسلمين بما عندهم من كنوز وأنوار … وأعِنهم حتى يُعيدوا للحياة جمال الحياة ، وإيمان الحياة .

يا لُبينى أوقـدي طـال المـدى أوقـدي علّ على النـار هُـدى
أوقـدي يا (لُبنُ) قد حـار الدليلْ أوقـدي النـار لأبنـاء السـبيلْ
شَـرّدي هـذا الظـلام الجاثمـا أرشـدي هـذا الفـراشَ الهائـما
ليلُ هذا الركب في البيداء عسعسْ أقبلـي يا (لُبنُ) بالنور المقدسْ
هلـَّـت الأنـوار والبشـرى علينا أَرشـدي فيها الحيارى يا (لبينى)
أرشـدي كلَّ الحيارى في الدروبْ بالشـذا والنور في وجه الحبيبْ( )

يا أيتها الدعوة :
مُرّي بترنيمك السماوي على أسوار هذه الأرض المحرومة من النور .. لعلّ هذا الناس يصحو من سباته الطويل ، ويقبس إشراقة من هذا الحُداء الجديد .. وأحرقي أيتها الدعوة بنارك هشيم المُجّان الواقفين في طريقك العتيد .

***

الفصل الرابع
الإسـلام وحضارتـه
- رؤى غربية منصفة -

في هذا الفصل شهادات منصفة انتُزعت من أقلام مفكرين غربيين كانوا موضوعيين في أقوالهم هذه .
وبعض هؤلاء المفكرين كان الإنصاف طاغياً عليه ، من مثل غوته وتولستوي وهونكه وماري شميل ، إذ درسوا الإسلام فراعهم جماله ، وأعجبتهم مبادئه ، ولكنهم لم يُنزلوا قناعاتهم من سماء العقل إلى أرض القلب ، ولم يسقوها بماء الوجدان ، فلم تنمُ غراسها ولم تثمر ! وفشلوا في أن يحوّلوا الاقتناع بالحق إلى اعتناق له ، والإعجاب بالإسلام إلى عقيدة تجري في العروق ، نعم لم يبقَ أمامهم إلا ضربة معول واحدة كي يصلوا إلى النبع الثّر الزلال ، فلم يفعلوا .. حاموا وهم الظّماء حول الماء ولم ينهلوا !!
وثمة أقوال لمفكرين تقلّبوا في رؤاهم للإسلام بين الإنصاف والإجحاف ، من مثل توينبي ، وتوماس أرنولد … وإنما أعرض أقوالهم لأولئك المهزومين أمام الغرب ، الذين لا يشربون الكأس الرويّة إلا إذا كانت بيد غربية ! ولا يجرعون الدواء إلا من تلك الصيدلية !!
على أن بعض هذه العبارات كانت في سياقها شَرَكاً نُصب للعقل المسلم ، ولا حرج علينا – أظن – إن لقطنا الحبة ، ومزقنا الشبكة ، وطرنا بسلام .

أولاً – شهاداتهم في القرآن الكريم
يقول المستشرق آرثر آدبري : "عندما أستمع إلى القرآن يتلى بالعربية ، فكأنما أستمع إلى نبضات قلبي"( ).
ويقول غوته : "إن أسلوب القرآن محكم سام مثير للدهشة … فالقرآن كتاب الكتب ، وإني أعتقد هذا كما يعتقده كل مسلم … وأنا كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي … ولما بلغ غوته السبعين من عمره أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بليلة القدر التي أنزل فيها القرآن على النبي محمد، ولما أبصر غوته ريشة طاووس بين صفحات القرآن هتف : "مرحباً بك في هذا المكان المقدس ، أغلى كنز في الأرض"( ).
وفي كتابه (الديوان الشرقي للشاعر الغربي ) يقول غوته : "هاجر إلى الشرق في طهره وصفائه ، حيث الطهر والصدق والنقاء ، ولتتلقى كلمة الحق منزلة من الله بلسان أهل الأرض".
"القرآن ليس كلام البشر ، فإذا أنكرنا كونه من الله ، فمعناه أننا اعتبرنا محمداً هو الإله!"( ).
"القرآن هو كلمة الله ، موحاة بلسان عربي مبين ، وترجمته لن تتجاوز المستوى السطحي ، فمن ذا الذي يستطيع تصوير جمال كلمة الله بأي لغة؟!"( ).
"لا يوجد في تاريخ الرسالات كتاب بقي بحروفه كاملاً دون تحوير سوى القرآن"( ).
"بين أيدينا كتاب فريد في أصالته وفي سلامته ، لم يُشكّ في صحته كما أُنزل ، وهذا الكتاب هو القرآن"( ).
"لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله "والله يعصمك من الناس" ، صرف النبي حراسه ، والمرء لا يكذب على نفسه ، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته !"( ).
"القرآن ليس دستور الإسلام فحسب ، وإنما هو ذروة البيان العربي ، وأسلوب القرآن المدهش يشهد على أن القرآن هو وحي من الله ، وأن محمداً قد نشر سلطانه بإعجاز الخطاب ، فالكلمة لم يكن من الممكن أن تكون ثمرة قريحة بشرية"( ).
"القرآن وحي من الله ، لا يحده زمان ، ومتضمن للحقيقة المركزة"( ).
"إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود … إن الذي قال هذا القرآن يرى كل شيء في هذا الكون ، وكل شيء مكشوف أمامه"( ).
ويحاول المفكر مارسيل بوازار أن يصل إلى سر التأثير العجيب للقرآن فيقول : "القرآن يخاطب الإنسان بكليته … أعمق مشاعره ، وعمله اليومي من منظور تستطيع نسبته إلى علم النفس التطبيقي "( ).
قلت : إن الذي خلق النفس البشرية والخبير بدروبها ومنعطفاتها وآفاقها ، هو الذي أنزل القرآن ليهديها سبيل { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ( ).

ثانياً - شهاداتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم
إلى المهاجر الأعظم :
في ديوانه الرائع (الديوان الشرقي للشاعر الغربي) يخاطب شاعر الألمان غوته ، أستاذه الروحي الشاعر حافظ شيرازي فيقول : "أي حافظ ! إن أغانيك لتبعث السكون … وإنني مهاجر إليك بأجناس البشرية المحطمة ، لتحملنا في طريق الهجرة إلى المهاجر الأعظم محمد بن عبد الله …"( ).
ويقول غوته : "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد( )… ، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد"( ).
ويقول الأديب الروسي (ليو تولستوي) والذي حرمته الكنيسة بسبب آرائه : "أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه ، وليكون هو أيضاً آخر الأنبياء … ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام ، وفتح لها طريق الرقي والمدينة" .
ويقول الشاعر الفرنسي الشهير (لا مارتين) : "أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة واعية ، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، ومن ذا الذي يجرؤ على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد ؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه ، عند النظر إلى جميع المقاييس التي تُقاس بها عظمة الإنسان؟! إن سلوكه عند النصر وطموحه الذي كان مكرساً لتبليغ الرسالة وصلواته الطويلة وحواره السماوي هذه كلها تدل على إيمان كامل مكّنه من إرساء أركان العقيدة . إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد ، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق"( ).
ويقول الفيلسوف الإنجليزي جورج برناردشو : "لقد درست محمداً باعتباره رجلاً مدهشاً ، فرأيته بعيداً عن مخاصمة المسيح ، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية ، وأوربة بدأت في العصر الراهن تفهم عقيدة التوحيد ، وربما ذهبت إلى أبعد من ذلك ، فتعترف بقدرة هذه العقيدة على حل مشكلاتها بطريقة تجلب السلام والسعادة ! فبهذه الروح يجب أن تفهموا نبوءتي"( ).
"إذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس ، قلنا إن محمداً رسول المسلمين أعظم عظماء التاريخ ، فقد كبح جماح التعصب والخرافات ، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم ديناً واضحاً قوياً ، استطاع أن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم"( ).
"لم يسجل التاريخ أن رجلاً واحداً ، سوى محمد ، كان صاحب رسالة وباني أمة ، ومؤسس دولة … هذه الثلاثة التي قام بها محمد ، كانت وحدة متلاحمة ، وكان الدين هو القوة التي توحدها على مدى التاريخ"( ).
ويقول الفيلسوف الفرنسي فولتير : "لقد قام الرسول بأعظم دور يمكن لإنســان أن يقوم به على الأرض … إن أقل ما يقال عن محمد أنه قـــد جاء بكتاب وجاهد ، والإسلام لم يتغير قط ، أما أنتم ورجال دينكم فقد غيرتم دينكم عشرين مرة"( ).
ويقول مايكل هارت في كتابه الشهير (المائة الأوائل) : "كان محمد الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح في مهمته إلى أقصى حد ، سواء على المستوى الديني أم على المستوي الزمني"( ).
أما عالم اللاهوت السويسري المعاصر د. هانز كونج والذي يعتقد أن المسيح إنسان ورسول اختاره الله لا غير ، فيقول : "محمد نبي حقيقي بمعنى الكلمة ، ولا يمكننا بعد إنكار أن محمداً هو المرشد القائد على طريق النجاة"( ).
ويقول المؤرخ البريطاني الشهير (أرنولد توينبي) : "الذين يريدون أن يدرسوا السيرة النبوية العطرة يجدون أمامهم من الأسفار مما لا يتوافر مثله للباحثين في حياة أي نبي من أنبياء الله الكرام"( ).
ويقول الكونت كاتياني في كتابه (تاريخ الإسلام) :
"أليس الرسول جديراً بأن تقدَّم للعالم سيرته حتى لا يطمسها الحاقدون عليه وعلى دعوته التي جاء بها لينشر في العالم الحب والسلام؟! وإن الوثائق الحقيقية التي بين أيدينا عن رسول الإسلام ندر أن نجد مثلها ، فتاريخ عيسى وما ورد في شأنه في الإنجيل لا يشفي الغليل" .
ويقول المستشرق المعروف غوستاف لوبون : " نعرف ما فيه الكفاية عن حياة محمد ، أما حياة المسيح فمجهولة تقريباً ، وإنك لن تطمع أن تبحث عن حياته في الأناجيل"( ).
ويلحّ ر. ف. بودلي على هذا المعنى فيقول : "لا نعرف إلا شذرات عن حياة المسيح، أما في سيرة محمد فنعرف الشيء الكثير ، ونجد التاريخ بدل الظلال والغموض"( ).
"لقد أخرج محمد للوجود أمة ، ومكن لعبادة الله في الأرض ، ووضع أسس العدالة والمساواة الاجتماعية ، وأحل النظام والتناسق والطاعة والعزة في أقوام لا تعرف غير الفوضى"( ).
"يا للمهابة تليق بنذير يهيب بالناس إلى مكارم الأخلاق … إنها لروعة عندما أتيح لي أنا ابن أوربة أن أجلس بين يديه تحت ظلال النخيل ، أنا قادم من أوربة أشد العرائس جحوداً ، أصلحها الله إنه السميع المجيب … إن الصحراء تتسع وتمتد ، فويل لمن يطمح إلى الإستيلاء على أسود الصحراء!"( ).
"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } كان محمد رحمة حقيقية ، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق"( ).
ويقول بسمارك : "يا محمد أنا متأثر جداً إذ لم أكن معاصراً لك! إن البشرية رأت قدوة ممتازة مثلك مرة واحدة ، وأنا أعظمك بكمال الاحترام" .
"إن الأوضاع العالمية تغيرت تغيراً مفاجئاً بفعل فرد واحد ظهر في التاريخ هو محمد"( ).
"إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها"( ).
"لم يكن محمداً نبياً عادياً ، بل استحق بجدارة أن يكون خاتم الأنبياء ، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الذين سبقوه مضاعفة من بني قومه … نبي ليس عادياً من يقسم أنه "لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها" ! ولو أن المسلمين اتخذوا رسولهم قدوة في نشر الدعوة لأصبح العالم مسلماً"( ).

ونختم بقول الشاعر الروسي الشهير (بوشكين) :
"شُقّ الصدر ، ونُزع منه القلب الخافق … غسلته الملائكة ، ثم أُثبت مكانه ! قم أيها النبي وطف العالم …. وأشعل النور في قلوب الناس"( ).

ثالثاً – شهاداتهم في الإسلام :
تقول الشاعرة (ساروجين نايدو) :
"لقد كان الإسلام في المسجد عند أداء الصلاة ، وفي ساحة الحرب إذ يقاتل المسلمون صفاً ، وكانت عدالة الإسلام تطبق خمس مرات في اليوم ، عندما كان الأمير والفقير يركعان ويسجدان كتفاً إلى كتف … لقد شدتني مرات ومرات وحدة الإسلام التي لا تتجزأ والتي تجعل من الإنسان أخاً للإنسان … "( ).
ويقول الأمير البريطاني تشارلز : "إن الإسلام يمكن أن يعلمنا طريقة للتفاهم والعيش في العالم ، الأمر الذي فقدته المسيحية ، فالإسلام يرفض الفصل بين الإنسان والطبيعة ، والدين والعلم ، والعقل والمادة"( ).
وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه : "لا إكراه في الدين ، هذا ما أمر به القرآن الكريم ، فلم يفرض العرب على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام ، فبدون أي إجبار على انتحال الدين الجديد اختفى معتنقو المسيحية اختفاء الجليد، إذ تشرق الشمس عليه بدفئها ! وكما تميل الزهرة إلى النور ابتغاء المزيد من الحياة ، هكذا انعطف الناس حتى من بقي على دينه ، إلى السادة الفاتحين"( ) .
"كل ما جاء في الإسلام يرمي إلى الصلاح والإصلاح ، والصلاح أنشودة المؤمن ، وهو الذي أدعو إليه المسيحيين"( ).
"يكفي الإسلام فخراً أنه لا يقر مطلقاً قاعدة (لا سلام خارج الكنيسة) التي يتبجح بها كثير من الناس ، والإسلام هو الدين الوحيد الذي أوجد بتعاليمه السامية عقبات كثيرة تجاه ميل الشعوب إلى الفسق والفجور"( ).
"إن دعوة التوحيد التي حمل لواءها الإسلام ، خلصت البشرية من وثنية القرون الأولى"( ).
ويقول العلامة الكونت هنري دي كاستري : "درست تاريخ النصارى في بلاد الإسلام ، فخرجت بحقيقة مشرقة هي أن معاملة المسلمين للنصارى تدل على لطف في المعاشرة ، وهذا إحساس لم يُؤثر عن غير المسلمين .. فلا نعرف في الإسلام مجامع دينية ، ولا أحباراً يحترفون السير وراء الجيوش الغازية لإكراه الشعوب على الإيمان"( ).
ويبين الشاعر غوته ملامح هذا التسامح في كتابه (أخلاق المسلمين) فيقول "للحق أقول : إن تسامح المسلم ليس من ضعف ، ولكن المسلم يتسامح مع اعتزازه بدينه ، وتمسكه بعقيدته" .
ويؤكد هانوتو إعجابه بروعة التسامح الإسلامي فيقول : "إننا مدينون للمسلمين بالعدل والسلم والتساهل الديني ، ومن الواجب أن ندرس هذا الدين ونبذل جهدنا في فهمه، وعلينا أن نتخذ (لا إكراه في الدين) شعاراً "( ).
ويقول المستشرق لين بول : "في الوقت الذي كان التعصب الديني قد بلغ مداه جاء الإسلام ليهتف (لكم دينكم ولي دين) ، وكانت هذه المفاجأة للمجتمع البشري الذي لم يكن يعرف حرية التدين ، وربما لم يعرفها حتى الآن"( ).
"الإسلام عقيدة ترتكز على المادة والروح ، والدنيا والآخرة ، الإسلام دين ودولة ، وحياة وغيب ، الإسلام يدفع الإنسان دوماً إلى الأمام"( ).
ويقول المفكر آرثر هاملتون :
"لو توخى الناس الحق لعلموا أن الدين الإسلامي هو الحل الوحيد لمشكلات الإنسانية"( ).. ويؤكد هذا المعنى عالم القانون مارسيل بوازار :
"إن دخول الإسلام إلى الساحة العالمية ، وإعادة الأمر إلى نصابه بتحقيق التوازن المطلوب ، ليس هو مجرد مشاركة فعالة ، وإنما هو إنقاذ للوضع البشري المنهار" .
ويقول الفيلسوف جورج برناردشو : "الإسلام هو الدين الذي نجد فيه حسنات الأديان كلها ، ولا نجد في الأديان حسناته ! ولقد كان الإسلام موضع تقديري السامي دائماً ، لأنه الدين الوحيد الذي له ملكة هضم أطوار الحياة المختلفة ، والذي يملك القدرة على جذب القلوب عبر العصور( ).. قد برهن الإسلام من ساعاته الأولى على أنه دين الأجناس جميعاً ، إذ ضم سلمان الفارسي وبلالاً الحبشي وصهيباً الرومي فانصهر الجميع في بوتقة واحدة "( ).
ويقول شاعر فرنسة (لامارتين) : "الإسلام هو الدين الوحيد الذي استطاع أن يفي بمطالب البدن والروح معاً ، دون أن يُعرِّض المسلم لأن يعيش في تأنيب الضمير … وهو الدين الوحيد الذي عباداته بلا صور ، وهو أعلى ما وهبه الخالق لبني البشر"( ).
ويقول المستشرق النروجي المنصف الدكتور إينر برج :
"يعتبر الطفل في الإسلام مولوداً على الفطرة ، أما المسيحيون فيحكمون على الطفل أنه يولد متحملاً للخطيئة ، وقبل مائة عام كانوا يغطسون أطفالهم في الماء حتى يطهروا من الخطيئة ، فإذا ماتوا قبل الغسل لم يدفنوهم ! وإنما يلقونهم في القمامة لأنهم متسخون بالخطيئة !"( ).
وتقول الأديبة مي زيادة : "الدين المسيحي أقرب إلى النظريات ، وعلى نقيضه الإسلام فإنه نظري وعملي معاً( )… ولا تملأ هاوية النفس غير عطور الشرق ، وتلك الأصداء المرفرفة الهابطة من أعالي المآذن مرددة (( لا إله إلا الله )) "( ).
ويقول المستشرق روم لاندو : "إن شهادة التوحيد فيها من الحيوية ما يقطع بضربة واحدة شجرة الوثنية … وإن المسلم ينعم بالأمن والطمأنينة لأن في إمكانه أن يبلغ مثل دينه الأعلى هنا على سطح الأرض .. فالإسلام دين عملي ومُيسر ... لقد كان الإسلام ديناً توحيدياً على نحو لا يعرف هوادة ، ديناً واقعياً شاملاً ينظم كل شيء"( ).
ويقول عميد الدراسات التبشيرية في أمريكا (ساليب) في كتابه (المسلم يواجه المستقبل) : "إن المتحول إلى الإسلام يصلي إلى جانب أستاذه ! إن الأخوة في الإسلام ليست دينية فحسب وإنما اجتماعية أيضاً . الإسلام لا يرسم خطاً لونياً بين الأبيض والأسود" .
ويقول المؤرخ المعروف أرنولد توينبي في (دائرة المعارف التاريخية) : "إنني أدعو العالم إلى الأخذ بمبدأ الإخاء والمساواة الإسلامي ، فعقيدة التوحيد التي جاء بها الإسلام هي أروع الأمثلة على فكرة توحيد العالم وإن في بقاء الإسلام أملاً للعالم كله" .
ويقول المؤرخ ولز في (معالم تاريخ الإنسانية) : "الإسلام مملوء بروح الرفق والسماحة والأخوة ، وعقيدته سهلة يسيرة الفهم ، أوصلها محمد إلى القلوب دون أي فرية مبهمة ! ودون أن يقيم للهياكل أي أهمية" .
"ليس في التاريخ دين غير الإسلام يدعو أتباعه على الدوام إلى أن يكونوا أقوياء ، وليس في التاريخ دين فرض على الأغنياء ما فرضه الإسلام من الضرائب لإعانة الفقراء"( ).
"إن سر القوة في الإسلام أنه منح الفرد مقياساً للحياة هو مقياس الضمير الحر ، وأنه وهب الجماعة المسلمة مبدأ (الأمة) هذا المبدأ الذي تفرد به الإسلام لم يزل ينبوعاً لكل فيض من فيوض الإيمان ، ويدفع المسلمين إلى (الوحدة) في أمة واحدة تختفي فيها حواجز الأجناس واللغات"( ).
ويقول الممثل العالمي أنطوني كوين : "أحسست أن الإسلام قوة غير عادية بعد أن درست ومثلت حياة عمر المختار !" .
قلت : كيف لا يخامره هذا الشعور عندما يقرأ قول الشهيد عمر المختار قبل إعدامه : "لَئن كسر المدفع سيفي ، فلن يكسر الباطل حقي" .
"إن المسلم قد استيقظ وأخذ يصرخ : ها أنذا ، إنني لم أمت ، ولن أقبل بعد اليوم أن أكون أداة تسيرها العواصم الكبرى ومخابراتها"( ).
"لقد انتشر الإسلام في العالم كله في زمن يسير ، كما ينتشر شعاع الشمس في لحظات .. وكان انتشاره دليلاً على سمو مبادئه وغاياته وعقائده وتشريعاته ، هذه المبادئ التي كانت ولا تزال تشع النور والهداية والمعرفة والعلم على الناس"( ) .
ويقول غوته : "درست تاريخ الأديان على مدى خمسين عاماً ، وإن العقيدة التي يُربّى عليها المسلمون لتدعو لأعظم دهشة!! إذ تقوم على أساس الإيمان بأنه لن يصيب الإنسانَ إلا ما كتبه الله له ، وإنه ما من شيء ينقص هذه العقيدة ، ولن يكون بإمكان أي امرئ أن يتجاوزها … إن الإسلام هو الدين الذي سنقرّ به جميعاً إن عاجلاً أو آجلاً … وأنا لا أكره أن يقال عني أني مسلم"( ).
وأختم هذه النقول المثلجة للصدور بسطور من كتاب غوته ( الديوان الشرقي للشاعر الغربي ) وأهدي هذه الكلمات إلى أهالي الشهداء في جنين وفي كل بقاع فلسطين ( ) – يقول غوته : "لا تندبوا الشهداء فإنهم أحياء ، لقد فتحت السماوات أبوابها لهم ، وهم أولاء يقرعون أبواب الجنة يدخلونها بسلام آمين … ويجتلون من مجالي الجمال والسنا والجلال ما اكتحلت به عين النبي في ليلة المعراج ، وفي جنة النعيم تُقبل أسراب الحور العين على أجنحة النسيم ، فأنعِم أيها المجاهد الشهيد ! إنّ كونك بطلاً أمر مفروغ منه عندهن ، وإلا لما كنت هنا بينهن ، ولكن أيّ الأبطال تكون ؟ وسرعان ما يعرفن من جرحك الذي نُقشَ على صدرك ، فلونه لون دم وريحه ريح مسك … إن المال فان ، والجاه زائل ، ولا يبقى إلا طعنة كهذه لقيها المؤمن في سبيل الله … إنهـن يدعينك في لطف وإيناس إلى شراب أهل النعيم ، ذلك هو الرحيق المختوم ، فأنـت من الحور العــين في مطلـبٍ جدّ عزيز ، ومن حقه أن تطلب الجنة من أجله ، فأنعم بهذا الصفاء الذي ليس له كفاء !" .
وعندما يصل قلم (غوته) إلى هنا يُطمعه الرجاء في رحمة الله أن يدخل الجنة مع المسلمين ، ولكن حورية تستوقفه وتحاوره : (( اليوم أنا الموكلة بباب النعيم ، ولا أدري ما العمل وأنت عندي ظنين ؟! أتُراك حقاً من معشر المسلمين؟! هل أنت من المجاهدين ؟ فاكشف إذن عن جراحك إن كنت من الصادقين )) ..
غوته : دعيني أدخل الجنة ، لقد عشت رجلاً ، أي إنني كنت من المجاهدين .. لقد عملت مع صفوة العاملين ، وتألق اسمي بحروف مشبوبة الأنوار في قلوب الصالحين الأبرار … وإذا كان الإسلام يعني الاستسلام لله ، فكلنا نحيى ونموت على الإسلام" ( ).

رابعاً – شهاداتهم في الحضارة الإسلامية

"لا يمكن أن نجد ديناً يحتل العلم والمعرفة
فيه محلاً بارزاً كما كان الأمـر في الإسـلام"
- كونستان جيورجيو – ( )

تميزت الحضارة العربية الإسلامية بغايتها الربانية ، ورؤيتها الإنسانية ونزعتها العالمية ، ونظرتها الشمولية ، وفكرتها الوسطية ، وصبغتها الأخلاقية . وهذه الحضارة هي الوحيدة في التاريخ التي وصلت الدنيا بالآخرة ، وربطت السماء بالأرض ، وآخت بين العقل والقلب ، ومزجت المادة بالروح ، وأرضت الفرد والمجتمع ، ووازنت بين الحقوق والواجبات ، وجمعت بين الواقع والمثال .. لقد وحّدت بحق بين الثنائيات ، وأخرجت منها شراباً خالصاً سائغاً للشاربين .
يقول المؤرخ الإنجليزي (ويلز) : "كل دين لا يسير مع المدنية في كل أطوارها فاضرب به عرض الحائط ، وإن الدين الحق الذي وجدته يسير مع المدنية أينما سارت هو الإسلام … ومن أراد الدليل فليقرأ القرآن وما فيه من نظرات ومناهج علمية ، وقوانين اجتماعية ، فهو كتاب دين وعلم واجتماع وخلق وتاريخ ، وإذا طُلبَ مني أن أحدّد معنى الإسلام فإني أحدده بهذه العبارة (( الإسلام هو المدنية )) "( ).
وتقول المستشرقة زيغريد هونكه في كتابها القيم : (شمس الله تسطع على الغرب) : "إن هذه القفزة السريعة المدهشة في سلم الحضارة التي قفزها أبناء الصحراء ، والتي بدأت من اللا شيء لهي جديرة بالاعتبار في تاريخ الفكر الإنساني… وإن انتصاراتهم العلمية المتلاحقة التي جعلت منهم سادة للشعوب المتحضرة لفريدة من نوعها ، لدرجة تجعلها أعظم من أن تُقارَن بغيرها ، وتدعونا أن نقف متأملين : كيف حدث هذا ؟! إنه الإسلام الذي جعل من القبائل المتفككة شعباً عظيماً ، آخت بينه العقيدة ، وبهذا الروح القوي الفتي شق العرب طريقهم بعزيمة قوية تحت قيادة حكيمة وضع أساسها الرسول بنفسه … أو ليس في هذا الإيمان تفسير لذلك البعث الجديد ؟! والواقع أن روجر بيكون أو جاليليو أو دافنشي ليسوا هم الذين أسسوا البحث العلمي .. إنما السباقون في هذا المضمار كانوا من العرب الذين لجأوا – بعكس زملائهم المسيحيين – في بحثهم إلى العقل والملاحظة والتحقيق والبحث المستقيم ، لقد قدّم المسلمون أثمن هدية وهي طريقة البحث العلمي الصحيح التي مهدت أمام الغرب طريقه لمعرفة أسرار الطبيعة وتسلطه عليها اليوم … وإن كل مستشفى وكل مركز علمي في أيامنا هذه إنما هي في حقيقة الأمر نُصب تذكارية للعبقرية العربية … وقد بقي الطب الغربي قروناً عديدة نسخة ممسوخة عن الطب العربي ، وعلى الرغم من إحراق كتب ابن سينا في مدينة بازل بحركة مسيحية عدائية ، فإن كتب التراث العربي لم تختف من رفوف المكتبات وجيوب الأطباء ، بل ظلت محفوظة يسرق منها السارقون ما شاء لهم أن يسرقوا"( ).
وعلى مدى الكتاب كانت المؤلفة تعقد المقارنات بين منهج العرب المسلمين في البحث العلمي وبين ما كان عليه العقل الغربي من تسطّح فتقول : "اتسعت الهوة بين الحضارة العربية الشامخة والمعرفة السطحية في أوربة التي كانت ترى أن من الكفر والضلال القول بأن الأرض كروية ، فمعلم الكنيسة لاكتانتيوس يتساءل مستنكراً: أيعقل أن يُجنّ الناس إلى هذا الحد ، فيدخل في عقولهم أن البلدان والأشجار تتدلى من الجانب الآخر من الأرض ، وأن أقدام الناس تعلو رؤوسهم؟!!"( ).
ونحن بدورنا نتعجب من تعجب المعلم ! إذ منذ ألف عام توصل فقيه الأندلس ابن حزم إلى الجزم بكروية الأرض منطلقاً من القرآن الكريم ومن التنظيم المطّرد لمواقيت الصلاة في محيط الأرض… وقد بسط ذلك في كتابه الموسوم (الفصل بين المِلل والنِّحَل) .
ويقول العلامة بريفولت : "ما من ناحية من نواحي الازدهار الأوربي إلا يمكن إرجاع أصلها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية بصورة قاطعة ، وإن ما يدين به علمنا لعلم العرب ليس فيما قدموه لنا من كشوف مدهشة ونظريات مبتكرة ، بل إنه مدين بوجوده ذاته … ولم يكن بيكون إلا رسولاً من رسل العلم والمنهج الإسلامي إلى أوربة المسيحية ، وهو لم يَملّ قط من التصريح بأن اللغة العربية وعلوم العرب هما الطريق الوحيد لمعرفة الحق( ).. ولقد انبعثت الحضارة الإسلامية انبعاثاً طبيعياً من القرآن ، وتميزت عن الحضارات البشرية المختلفة بطابع العدل والأخلاق والتوحيد ، كما اتسمت بالسماحة والإنسانية والأخوّة العالمية"( ).
ويقول المفكر ليوبولد فايس : "لسنا نبالغ إذ قلنا إن العصر العلمي الحديث الذي نعيش فيه ، لم يُدشّن في مدن أوربة ، ولكن في المراكز الإسلامية في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة"( ).
"نحن مدينون للمسلمين بكل محامد حضارتنا في العلم والفن والصناعة ، وحسب المسلمين أنهم كانوا مثالاً للكمال البشري ، بينما كنا مثالاً للهمجية"( ).
ويقول الكاتب الفرنسي أناتول فرانس في كتابه (الحياة الجميلة) : "أسوأ يوم في التاريخ هو يوم معركة (بواتييه) عندما تراجع العلم والفن والحضارة العربية أمام بربرية الفرنجة ، ألا ليت شارل مارتل قطعت يده ولم ينتصر على القائد الإسلامي عبد الرحمن الغافقي"
"حين نتذكر كم كان العرب بدائيين في جاهليتهم يصبح مدى التقدم الثقافي الذي أحرزوه خلال مئتي سنة ، وعمق ذلك التقدم ، أمراً يدعو إلى الذهول حقاً ، ذلك بأن علينا أن نتذكر أيضاً أن النصرانية احتاجت إلى نحو من ألف وخمسمئة سنة لكي تنشئ ما يمكن أن يدعى حضارة مسيحية ، وفي الإسلام لم يُولّ كل من العلم والدين ظهره للآخر ، بل كان الدين باعثاً على العلم ، وإن الحضارة الغربية مدينة للحضارة الإسلامية بشيء كثير إلى درجة نعجز معها عن فهم الأولى إذا لم تتم معرفة الثانية"( ).
ويقول المسيو سيديو : "لم يشهد المجتمع الإسلامي ما شهدته أوربة من تحجر العقل ، وشل التفكير ، وجدب الروح ومحاربة العلم والعلماء ، ويذكر التاريخ أن اثنين وثلاثين ألف عالم قد أُحرقوا أحياء ! ولا جدال في أن تاريخ الإسلام لم يعرف هذا الاضطهاد الشنيع لحرية الفكر ، بل كان المسلمون منفردين بالعلم في تلك العصور المظلمة ، ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة ، ومنح مخالفيه في العقيدة كل أسباب الحرية كما فعل الإسلام"( ).
"لقد ديست بالأقدام تلك المدنية العظيمة في الأندلس ! ولماذا ؟ لأنها نشأت من أصول رفيعة ، ومن طباع شريفة ، نعم من رجال الإسلام . إن المدنية الإسلامية لم تتنكر يوماً للحياة"( ).
ويقول العلامة جورج سارتون :
"المسلمون عباقرة الشرق ، لهم مأثرة عظمى على الإنسانية ، تتمثل في أنهم تولّوا كتابة أعظم الدراسات قيمة ، وأكثرها أصالة وعمقاً ، مستخدمين اللغة العربية التي كانت بلا مراء لغة العلم للجنس البشري( ) .. لقد بلغ المسلمون ما يجوز تسميته ((معجزة العلم العربي))" .
وتقول الدكتورة لويجي رينالدي : ".. لما شعرنا بالحاجة إلى دفع الجهل الذي كان يثقل كاهلنا ، تقدمنا إلى العرب ومددنا إليهم أيدينا لأنهم كانوا الأساتذة الوحيدين في العالم"( ).
ويقول البروفسور غريسيب ، مدير جامعة برلين : "أيها المسلمون ما دام كتابكم المقدس عنوان نهضتكم موجوداً بينكم ، وتعاليم نبيكم محفوظة عندكم ، فارجعوا إلى الماضي لتؤسسوا المستقبل"( ).
ويقول المستشرق درايبر : "ينبغي أن أنعي على الطريقة التي تحايل بها الأدب الأوربي ليخفي عن الأنظار مآثر المسلمين العلمية علينا ! إن الجور المبنّي على الحقد الديني ، والغرور الوطني لا يمكن أن يستمر إلى الأبد"( ).
ويقول روم رولان : "تفرد العلم الإسلامي بأنه لم ينفصل عن الدين قط ، والواقع أن الدين كان ملهمه وقوته الدافعة الرئيسة، ففي الإسلام ظهر العلم لإقامة الدليل على الألوهية".
ويقول رينان : "ما يدرينا أن يعود العقل الإسلامي الوَلود إلى إبداع المدنية من جديد؟ إن فترات الازدهار والانحدار مرت على جميع الأمم بما فيها أوربة المتعجرفة"( ).
ونختم بنقول من كتاب (حضارة العرب) لغوستاف لوبون يقول : "إن حضارة العرب المسلمين قد أدخلت الأمم الأوربية الوحشية في عالم الإنسانية ، فلقد كان العرب أساتذتنا … وإن جامعات الغرب لم تعرف لها مورداً علمياً سوى مؤلفات العرب ، فهم الذين مدّنوا أوربة مادة وعقلاً وأخلاقاً ، والتاريخ لا يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه … إن أوربة مَدينة للعرب بحضارتها … والحق إن أتباع محمد كانوا يذلّوننا بأفضلية حضارتهم السابقة ، وإننا لم نتحرر من عقدتنا إلا بالأمس ! وإن العرب هم أول من علّم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين … فهم الذين علّموا الشعوب النصرانية وإن شئت فقل حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان … ولقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولى أرقى كثيراً من أخلاق أمم الأرض قاطبة … "( ).
إن القفزة الحضارية الهائلة التي سجّلتها أمتنا الإسلامية ، يمكنها أن تعود ، وأن تتكرر من جديد ، بشرط واحد هو أن نريد بإذن الله ، فالإمكان الحضاري الذي تهبنا إياه القيم المعصومة في الكتاب والسنة والسيرة ، ليس ببعيد على من يريده ويسعى إليه ، وقد بدأت تتفتح أزهار الانتصار العاطفي للإسلام في ضمير الأمة ، ولم يبقَ إلا أن تتعمق جذور الوعي كي تثمر هذه الأزهار . ويقع عبء التوعية أولاً على كاهل النخبة المخلصة المتخصصة المؤتَمنة على إيصال صوت نبيها إلى العالم … وهؤلاء هم (أولو الألباب) الذين مزجوا الحق بالصواب ، والذين باعوا أعمارهم وجهودهم وطاقاتِهم لله تعالى ، فربحوا مرتين إذ البضاعة منه والثمن ! "إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسَهم وأموالَهم بأنّ لهم الجنة"( ).
وإن الحضارة في صعود ، إذ كانت النخبة المبدعة المؤمنة هي التي تقود ، ومن بعد النخبة يأتي دور الأمة ، ليقوم كل مسلم بدوره في عملية النهوض الحضاري وإن أول عمل حضاري في تاريخ الإسلام وهو بناء المسجد ، قد شاركت فيه عزائم كل المسلمين ، بقيادة نبيهم الأمين ، وكذلك الأمر في حفر الخندق إذ كان الصحابة كلهم على أمرٍٍ جامع ، وإن الحضارة لن تنجم إلا عن تجمع آلاف الجهود الصغيرة النافعة ، والنهر المتدفق هو قطرات ماء تآخت ثم وجدت طريقها .
إن على كل مسلم أن يقوم بدوره في عملية البناء الحضاري للأمة ، وإن كل مسلم مدعوّ إلى نزهة القمم ، فعليه أن يُنَزِّه نفسه عن وهدة السفوح . فأمام المسلم اليوم خياران : إما أن يسعى إلى تغيير نفسه ليتغيّر العالم ، وإما أن يُغيّر اسمه .
ربنا هب عوامنا العلم ، وعلماءنا العمل … وعاملينا الإخلاص ، وهب مخلصينا السداد والتميز في النجاح .

الفصل الخامس
الحضارة الغربية في قفص الاتهام
- رؤيــة مـن الداخــل -

"ترتقي الحضارة بالروح والفكر ، وتنحدر بالغريزة"
- المفكر مالك بن نبي -

تعاني الحضارة الغربية من الوقوع في مأزق كبير ، سبّبه عوامل كثيرة منها : اختلال التوازن بين المادة والروح ، وانفصال العلم عن الإيمان والخلق والضمير ، وانفصال الحياة عن الهدف والضمير .
وهذا المأزق بدأ ينحدر بحضارة الغرب إلى الهاوية ، فلقد أثخنت الغربَ الجراح ، ورُبّ جرح أوقعَ في مَقتل .
ونحن المسلمين لا نتمنى لهذه الحضارة أن تسقط ، وإنما نرجو لها أن تؤمن بالله ورسله ، وإن الجوانب المضيئة من هذه الحضارة ، هي إرث إنساني وإسلامي بشكل خاص ، فلا مصلحة إذن لأي إنسان في أن يتهاوى صرح هذا الإرث ، على أن سقوط الأقوياء لن يُقوّي الضعفاء في شيء ! ولن ينقذهم من تخلفهم ، فليس ينفعنا أن نظل سادرين في غرف الانتظار ننتظر سقوط الحضارات! وإنما الذي ينفعنا هو التزامنا بالأمر الإلهي الأول (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ )) .
ويبقى الدرس الذي نتعلمه من الغربيين هو ألا نسقط فيما سقطوا فيه .
وقد تنبه العقلاء من المفكرين الغربيين إلى السيرورة الهابطة لحضارتهم ، فراحوا ينبهون أقوامهم ، ويقرعون أجراس الخطر لتجنب سقوط هذه الحضارة .
كما راحوا يدرسون آفات هذه الحضارة وأعراضها ، ويضعون الخطط والوصفات في محاولة لإنقاذها قبل الاحتضار بنقل دم جديد في عروق متصلبة !
وسنرى فيما يأتي مشاهد من الليل البهيم الذي يلف الحضارة الغربية ، وترسم هذه المشاهد صرخات الحيرة والعبث والاستلاب والاغتراب التي يُطلقها الإنسان الغربي ، كما ترسمها الصرخات المنذرة التي يطلقها المفكرون الذين يحاولون – ظنوا – محوَ الظلام بمصابيح خافتة ، ناسين أو متناسين أن الظلام الحالك لا يكشفه إلا الفجر الساطع الذي بدأت طلائعه تتجلى في القلوب التي ملّت الظلام فأشرقت بنور الإسلام :
مَنْ كانَ يحملُ في جوانحِهِ الضُّحى هَانَتْ عليهِ أشعةُ المصباحِ( )
إن مثل هؤلاء المصلحين كمثل الزّراع الذين أبصروا شجرة عليلة ، فتوهموا أن منبع الفساد في بعض أغصانها ، فراحوا يُضيّعون وقتهم في قطع هذه الأغصان ، أو في طلائها بالألوان ! إنهم لا يعلمون أن منبع الفساد في جذور هذه الشجرة ! { وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا }( ).
ورب ضارة نافعة ، فهذا الليل الجاثم على صدر الغرب هو الذي حدا المهاجرين الجدد إلى الإسلام ، والعسرُ مقدّمة اليسر ، ومن رحم الظلام يولد الفجر ! ولن تنبت الحبة إلا إذا دُفنت في التراب .
يقول الدكتور عبد الكريم بكار : "إن جزءاً من انتصار الإسلام لن يكون بالجري وراء العالم لإصلاحه ، ولكن بعودة العالم إليه بعد انسداد السبل أمامه ، وإن الوقت يعمل لصالح هذا الدين"( ).

وفيما يلي نُقول ملتقطة من أقوال مشاهير الغربيين – حكماء وسفهاء – وهذه الأقوال ترسم الملامح الحقيقية للإنسان الغربي والحضارة الغربية ، وهم بلا شك أعلم بأنفسهم منّا بهم .

تشوُّق طيرٍ لم يُطعه جناح !
يقول الفيلسوف نيتشه : "بدأتُ مغامراتي الفكرية ، وفررتُ من الحيرة إلى الإلحاد ، فازدادت حيرتي ! فإلى أين أتجه ! أفلا يجدر بي أن أعود أدراجي إلى الإيمان ، أو أن أوفّق لإيمان جديد ؟ ويقول : أنا لا أريد أن أكون نوراً لأبناء هذا الزمان ، بل أريد إيراثهم العمى!… وكل مولود جديد يأتي برجس إلى العالم ! فإياكم وممارسة الفضائل ! ولنكن أعداء فيما بيننا ، وليحشد كل منا قواه ليحارب الآخرين ! فخير السلام ما قَصُرت مدته ، وإن من الخير أن تكون الأقذار كثيرة في هذا العالم ! فلا معنى للوجود ، والحكمة القاتلة !"( ).
ولعل الدكتور محمد إقبال لم يكن مُبعِداً إذا وصف نيتشه بقوله : "مجنون ولج مصانع الزجاج ! إذا ابتغيت نغمة ففرّ منه ، فليس في نايه إلا قصف الرعد ، وقد دفع مبضعه في قلب الغرب!" .

لمثل كلامك حُمد السكوت
وفيلسوف غربي آخر ! هو جان بول سارتر ، الوجودي الذي ساهم في تشكيل عقول الملايين من الغربيين وأذيالهم ، يقول : "الجحيم هم الآخرون ، وإنني أطلب العار والدمار والاحتقار لأن الإنسان خُلق ليقضي على الإنسان في داخله ، وليفتح روحه لجسد الليل المظلم( )… إن الوجود لَيعلن أن الإنسان يحيا في قلق… ( ) فالإنسان عاطفة تافهة لا جدوى منها"( ) .
ويؤكد سارتر عواطفه الهابطة في سيرته الذاتية عندما يتكلم عن أبيه : "ليس هناك أب صالح، تلك هي القاعدة! كان ذلك المرحوم - يعني أباه - قليلاً ما يعنيني ، بل إن هذا الأب ليس حتى ظلاً - كل ما في الأمر أننا كلينا مشينا ردحاً من الزمن على الأرض نفسها( )!! كنتُ أملك حق العبوس في وجه الكون … كنت أتذوّق متعة الحقد " . ثم يرتقي سارتر في (إنسانيته) ليقول : "إنني كلب أتثاءب والدموع تسيل ... إنني ذبابة أتسلق على الزجاج ثم أتدحرج ! وأعود إلى التسلق ! إنها منتنة ، تلك هي حُبكة حياتي ! إنني أحيا الموت .. وما من شك في أن نفس الكلب المعتمة أقدر بما لا يقاس على تلقّي ذبذات الفكر من نفسي ! إنني أنظر إلى حياتي عبر موتي ! فهل يُتصوّر أمني وسكوني؟!"( ).
"رأيت ذبابة على النافذة فقتلتها ، ما كان ينبغي لي أن أقتلها ، لقد كانت من جميع المخلوقات الكائن الوحيد الذي يخافني ! فأنا الآن لا أهمية لي بعدُ في نظر أحد ! إنني ذبابة ولقد كنت كذلك دائماً !"( )، ويحاول سارتر أن يرتقي ويتحرر فيكتب : "كان يطلق النار على الناس ، على الفضيلة ، على العالم كله ، لقد كان رأسه ملتهباً ... كانت الطلقات تنطلق حوله حرة في الهواء ! لقد أطلق الرصاص ! لقد اغتسل ! إنه قوي للغاية … إنه حر !"( ).

دعاة على أبواب جهنم
وليست حال (ألبير كامو) صديق سارتر بأفضل منه ، فها هو يقول : "ينبغي ألا نؤمن بأي شيء في هذا العالم سوى الخمر!( ) لو أني شجرة بين الشجر فقد يُصبح لهذه الحياة معنى ، ولعلها تصبح أفضل !( ) … فالإنسان تناقُض وسُخف ولا معقول ، بلا غاية أو هدف ، مصيره الانتحار !" .

زهـرة فـوق قـبر
ولعل ثالثة الأثافي ، الكاتبة الوجودية (سيمون دي بوفوار) ، كانت أصدق في التعبـير وأقـرب إلى البوصلـة . وهـا هي تكتب في إحدى تداعياتها : "إن الشيخوخة تترصّدني في قعر المرآة ، وسوف تستولي عليّ لقد فقدت تلك القدرة التي أملكها لفصل الظلمات عن النور … فسعادتي تصفّر وتنحلّ … والساعات العجلى تسوقني مسرعة نحو قبري ! وأنا الآن وحدي ، فواحد وواحد يساويان واحداً ! أي سوء تفاهم!"( ).
"كنا نشرب كثيراً لأن الخمر كانت متوفرة ! ثم لأننا كنا بحاجة إلى أن نتخلص من عقدتنا … لم يكن بوسع الاطمئنان أن يكون حليفنا ، كان العالم يعاكس أهواءنا المعكوسة ، فكان يجب علينا أن ننساه ، بل أن ننسى أننا ننساه!"( ).

والماء يُخبر عن قذاه زجاجهُ
"نحن موتى ، نحن مكدودون ، مُضيّعون … نحن سكيرون … نحن حمقى … نحن تافهون ، نحاول طول الوقت أن نسترعي انتباه إنسان ما لمشاكلنا القذرة التافهة!"( ).

أيـن المفـر ؟
"أكره الليل لأنني لا أستطيع النوم ، وأكره النهار لأنه يقود إلى الليل"( ).
سلاسل لا حُلي
"من نواح كثيرة يشبه إنسان العصر الحيوان البري المأسور في حديقة الحيوانات ، فالإنسان اليوم ليس غريباً عن أخيه الإنسان فحسب ، بل الأهم أنه غريب معزول عن أعماق ذاته"( ).

ولا نجم يبدو به يُهتدى
"في داخل نفسي أحسّ بأنني ضال حائر ، ألهث وراء البحث عن فكرة غير مزيفة ، فكرة توازي في قيمتها ما أوازيه أنا في قيمتي … إني أحاول عبثاً أن أحتفظ بالأمل في أن أعيش سلاماً مع نفسي … إنني أعيش في حالة عدم تفاهم مع عدم تفاهمي نفسه ! وإن عصر الانتحار قد فتح أبوابه"( ).

من عجز أن يعلو فلن يعجز أن يهبط
"على المرء أن يبحث عن طريقة يوجد بها علاقة بينه وبين شيء ! إذا لم تكن بينه وبين الناس ، فبينه وبين فراش … أو مرآة أو سجادة ! حقاً لقد أصبح الاتصال بالناس حُلماً بعيد المنال !"( ).

مـن تألّـم تكلـم
"نحن جيل بلا عمق ، فعمقنا هو الهاوية ، نحن جيل بلا دين ولا راحة ، حُبّنا وحشية ، وشبابنا بلا شباب ! إننا جيل بلا قيود ولا حدود ولا حماية من أحد"( ) .
صراع الفأر في المصيدة
ويتساءل (تنسي وليامز) : "لماذا تبدِّد حياتك هباء يا بني ؟! وكأنها شيء كريه مزرٍ عثرت عليه في الطريق؟!" ويجيب شوبنهور : "إن الأصل في الحياة هو العذاب والألم ، إن الحياة احتضار مستمر!" .

لا تضرب نَفسك بالصفر
تقول الشاعرة الروسية بيلاّ لينا : "مُعظم شعراء روسيا الكبار ماتوا منتحرين، مارينا سفينا ماتت منتحرة ، أنا نفسي أفكر في هذا الموضوع" .
ولم يكن الانتحار وقفاً على الشعراء فهذه إلينور ابنة كارل ماركس بعد أن خدعها الاشتراكي (إدوارد أفلنج) انتحرت ، كما انتحرت أختٌ لها من قبل !( ) .
وهذا الكاتب البريطاني (آرثر كيسلر) وزوجته يتجرعان السم كي يكشفا الستار عن الحقيقة بالانتحار !! وامرأة إنجليزية انتحرت لأن كلبها أصيب بمرض عضال ! وثمة ظاهرة جديدة وهي انتحار بعض العلماء الذين يدرسون ويعالجون ظاهرة الانتحار !( ) .

أولاد المرابي أول لاعنيه
يقول الفيلسوف جبريل مارسيل : "لا أشك أن أحداً منا يشك في تفاهة وضياع هذه الحضارة"( ).
ويقول كولن ولسون : "أَنظر إلى حضارتنا نظري إلى شيء رخيص تافه ، باعتبار أنها تُمثل انحطاط جميع المقاييس العقلية( )… إن حضارتنا تسير في الاتجاه المعاكس وأنا أعتقد أن تدهور حضارتنا أمر لا مفر منه ، كما يعتقد كل طبيب بأن موتنا لا مفر منه"( ).

الفـأس في الـرأس
يقول اشبنجلر في كتابه (أفول الغرب) : "لقد شاخت الثقافة الأوربية وحان موتها ، وهي تعاني سكرات وآلام الاحتضار ، وإن ساعة القضاء قد دقّت وإن المدنيّة الغربية يشيع فيها اليوم القلق والاضطراب ، وقد أخذت تنقلهما إلى الشرق … ولا أرانا نمتلك أي هدف أو خطة أو فكرة أكثر من تلك التي يمتلكها صنف من الفراشات! "

خيمة السعادة لا تقوم على عمود واحد
يقول المؤرخ أرنولد توينبي – وهو من المدافعين عن الحضارة الغربية!– :
"إن الحضارة الغربية مصابة بالخواء الروحي الذي يُحوّل الإنسان إلى قزم مشوّه يفتقد عناصر الوجود الإنساني ، فيعيش الحد الأدنى من حياته ، وهو حد وجوده المادي فحسب ، والذي يُحول المجتمع إلى قطيع يركض بلا هدف ، ويُحول حياته إلى جحيم مشوب بالقلق والحيرة والتمزق النفسي( )… وإذا كانت النفوس الغربية قد استبدّ بها قلق الفراغ الروحي ، فإلى متى نتحمل العيش بدون عقيدة دينية؟!"( ) .
ويبلغ الأسى واليأس مداهما في فؤاد توينبي إلى درجة يصرخ فيها : "إنني أكره الحضارة الغربية المعاصرة ، كراهية بعيدة عن التهويل ، فخلال حياتي عاصرتُ حربين عالميتين ، وكلما نظرت إلى هذا الإرهاب الغربي وجدته شيئاً مروعاً"( )، ويقول أندريه مالرو : "إنها أوربة التي دُمّرت ولطختها الدماء ، هي التي دمرت الإنسان ولطخته بالدماء!" .

الهـرم المقلـوب
يقول الكاتب الإنجليزي جود : "إنكم تقدرون أن تطيروا في الهواء كالطيور وتسبحوا في الماء كالسمك ، ولكنكم إلى الآن لا تعرفون كيف تمشون على الأرض كإنسان ! وإن الحضارة الحديثة ليس فيها توازن بين القوة والأخلاق ، فالأخلاق متأخرة جداً عن العلم فقد منحتنا العلوم الطبيعية قوة هائلة ولكننا نستخدمها بعقل الأطفال والوحوش .. وإن سمّ الانحطاط هو خطأ الإنسان في فهم حقيقة مكانته في الكون ، وفي إنكاره عالم القيم ، الذي يشمل قيم الخير والحق والجمال "( ).

في أعمـاق الضيـاع
"مكّنتنا الكهرباء أن نخترق الأركان المظلمة المحيطة بنا ، ولكن الظلام مازال يخيم على كياننا الداخلي ، فنحن نتحكم في قوى الطبيعة ، ولكن طبيعتنا الحيوانية تتحكم فينا !"( ) .
"نحن الآن على حافة الهاوية ، ولم يبق لنا إلا بارقة أمل في النجاة ، هي أن نؤمن بأن لهذا الكون خالقاً ، وأنه قد وضع لنا قوانين ينبغي أن نسير عليها"( ) ، "لقد تعدى الغرب حدود الله وعبث بالشرائع ، وخالف تعاليم المسيح الذي أمر بمحبة الناس ، لقد أضاء الشرق دياجير أوربة بنور تعاليمه ، وما هذه العلوم التي يفخر بها الغرب إلا من علوم الشرق … إن الغرب مجرم ، وقد اختار الرذيلة على الفضيلة ، وأثبت أن مدنيته قد أفلست"( ).

ويتساءل هربرت ويلز :
"هل بلغت البشرية نهايتها ؟ إن الإنسان في صورته الحالية صار شيئاً منهوكاً لا غناء فيه ، ولا بد أن يُخلي مكانه … وكم أتمنى أن أحضر الجنس البشري وهو يجود بأنفاسه!"( ).

ولكنّ الهــدى رزقُ
يقول العلامة هنري دي كاستري : "الواقع أن الرذائل الفاضحة في باريس ولندن أكثر مما يحدث في الشرق بأجمعه … فلقد تولدت في المسلمين ملكات الحشمة والوقار ، عملاً بما جاء في القرآن الكريم والحديث ، والفرق بين الحشمة عند المسلم وعند غيره كما بين السماء والأرض"( ).

وأول خُبث الماء خُبث ترابــه
والتربة التي ترعرعت فيها الأخلاق الغربية هي التربة الميكيافيلية حيث يقول أستاذ الغرب (ميكيا فيلي) : "إن من يتقن الخداع دائماً أولئك الذين هم على استعداد لأن تنطلي عليهم خديعته ! ومن الخير أن تتظاهر بالرحمة والشعور النبيل والإخلاص والتدين … ولكن عليك أن تعدّ نفسك عندما تقضي الضرورة ، لتكون متّصفاً بعكسها !"( ) ، ويؤكد نابليون هذا المعنى فيوصي قائلاً : "لا تنسَ أن تضع دائماً في الواجهة لصاً يتصرف تصرّف الشرفاء" ، ويقول ماكس نوردو : "اكذب واكذب وادّعِ فلن يكتشف أمرك غير العقلاء ، وما أقلهم!" .

يطلبـون أجـور أنيابهــم !
يقول الفيلسوف الفرنسي رينان : "خُلق الأوربي للقيادة ، كما خلق الصيني للعمل في ورشة العبيد !" ، ويقول ريلكة : "إن القوي يجب أن يبني إمبراطورية قوية على جثث الضعفاء !" ، أما عضو الكونغرس الأمريكي وليام فولرايت فيقول: "علينا أن نمتثل لما تُمليه علينا دماؤنا ! ! فنحتل أسواقاً جديدة ، لأن غاية الله النهائية تتمثل في حتمية اختفاء الحضارات والأجناس الضعيفة أمام الحضارات العظمى التي تنشئها الأجناس الأكثر نُبلاً وحيوية"( ).
أما فيلسوف الغرب نيتشه فيقول : "الضعفاء العجزة يجب أن يُفنوا ! هذا هو أول مبدأ من مبادئ حبنا للإنسانية ! ويجب أيضاً أن يُساعَدوا على هذا الفناء"( ) ويقول مونتسكو في كتابه (روح القوانين) : "حاشا لله أن يكون قد أودع روحاً في جسد حالك السواد ‍!" .
تعالى الله عما يفتري المجرمون ، ونتساءل مع ألكسيس كارليل : "لماذا نعزل المرضى بالأمراض المعدية ، ولا نعزل أولئك الذين ينشرون الأمراض الفكرية والأدبية والخلقية؟!"( ) .
ونقول مع ماكس نوردو : "إن أوربة راتعة في حديقة موت أسود من الانحطاط الخلقي ، ولم يخل من هذا الداء من كثير من المفكرين والكتاب إذ خرج جانب عظيم من مؤلفاتهم غاصاً بعاهات هذا الداء ومقاذره ، والجماهير الحمقى تسميهم قادة الفكر ومصابيح المستقبل ، وما هم في الحقيقة إلا فئة من المرضى المصابين، والمستشفى أولى بهم من المكتبات !"( ).

في الـوحـل
يقول السيناتور الأمريكي ويليم فولبرايت : "لقد وضعنا رجلاً على القمر ، ولكن أقدامنا هنا على سطح الأرض غائصة في الوحل"( ).

"يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا"
"الحضارة الحديثة غير إنسانية ، فهي تنتج إنسان قطيع مروّض للعمل الرتيب إلى درجة المسكنة ، وأجمل وصف لهذا المخلوق أنه (لا يثير المشكلات)"( ).
ويقول جان بيليت : "إن إنسان المجتمعات الصناعية اليوم لا يعرف من يكون! ولا يدري بماذا يؤمن ؟ وليس لديه وقت ليتساءل : من أين أتى ؟ وإلى أين يذهب؟ فالوضع القائم ليس له مثيل"( ).
ويتساءل مايكل هارنجتون : "هل هناك في مجتمعنا التكنولوجي ميثاق أخلاقي ينقذنا من عبقريتنا ؟"( ).

تـبر أم تـبن ؟
يقول مصطفى فالسان قنصل رومانيا : "إن لكل أمة خُلقاً تعرف به ، ومن أبرز أخلاق الغربيين النفاق في ادعاء الرحمة !" .

حقاً إن الشيطان لشيطان
"إن الغرب اليوم يشبه قبيلة تعبد الشيطان ، وتعيش في قوانين قائمة على الشر والحقد والمادية البحتة التي تحرر الإنسان من كل مشاعر الإنسان ، فلا بد من السعي إلى تطهير فكر الإنسان المعاصر من هذه الأصنام الجديدة التي رفعتها الحضارة وعبدتها من دون الله"( ).

قتلــة الأمــل
يقول جارودي : "إن المدنية الغربية في طريقها إلى الموت لغياب الأهداف ، إننا نرى انتشار قتلة الأمل الذين يحاولون إقناع الشباب بأن حياتهم لا معنى لها( )… ولا يمكن أن يترك المستقبل للعالم الغربي ، فقد هيمن خمسة قرون على مقدّرات البشرية فاتجه للإبادة أكثر جداً مما اتجه للتعمير"( ).

هم يسلبون النور من وجه القمر
يقول سيمونز : "جاء الرجل الأبيض إلى إفريقيا وبيده الإنجيل … ولكن بعد أن مرت عقود قليلة أصبحت الأرض للرجل الأبيض ، وأصبح الإنجيل بيد الزنجي!"( ).

أوربة ودورها في شقاء العالم
عنوان كتاب للسويدي جان ميردال يقول فيه : "قد اعتصرت أوربة ثروات العالم ، وسبحت في النعيم ، تاركة أهل تلك الموارد في فقر شديد ، ومتّهمة إياهم بأنهم متأخرون وملوّنون ولا يستحقون الحرية ! ثم حجبت عنهم عناصر التقدم وفي مقدمتها التكنولوجيا" .

داخـل أوربــة
كتاب للكاتب الأمريكي جون جنتر يقول فيه : "إن الغربيين يعبدون المادة وشهواتها ستة أيام في الأسبوع ، ثم يذهبون إلى الكنيسة ساعة في اليوم السابع !"

أمريكا من الداخل
تعاني المجتمعات الأمريكية من آفات كثيرة عبّر عنها بيل كلينتون بقوله : "إن مشاكل المخدرات والعنصرية والفقر لا تزال مقيمة بيننا ، ونحن نحتاج إلى جميع جهودنا لإبعاد مراهقينا عن العنف والمخدرات ، وإن الأفلام التي نراها إنما هي تعابير عن انحطاط الإنسان الفكري واللا أخلاقي ، وفساد الروح الإنسانية ، وعلينا أن نتذكر أن جميع الأمريكيين معرَّضون للجريمة والمخدرات والعنف المنزلي والحمل في سن المراهقة ، وإن في أمريكا حوالي مليون مراهقة تصبح حاملاً كل عام ، إنه عيب وإثم !!"( ) . قلت : لا شك أنه قد كتب هذه العبارة "عيب وإثم!!" قبل أن يتعرف على اليهودية مونيكا لوينسكي ! .
وفيما يلي نُفصّل بالأرقام ما أجمله بيل كلينتون عن حال البيت الأمريكي :
- بلغت الخسائر الناجمة عن الخمور عام 1996 ما قيمته 136 مليون دولار .
- في كل 25 دقيقة تحدث جريمة قتل ، وفي كل 10 ثوان يتم السطو على منزل!.
- عدد ضحايا الانتحار 5000 في السنة( ).
- انتشرت بأعداد كبيرة محلات لتجميل وقص شعر الكلاب وكذلك العيادات النفسية لمعالجة اكتئاب الكلاب !
- بلغ عدد الأطفال الفارّين من بيوتهم أكثر من مليون ونصف .

المـرأة في أمريـكا
- تبلغ حالات الطلاق 1,2 مليون حالة في السنة .
- عـدد النسـاء اللاتي يتعرضـن للضرب (9) مليون امرأة( ) ، وكذلك الحال في إنكلترا وكندا إذ بلغت النسبة 25% .
المرأة العربية في عيون الغربيين
في كتابه (حياة محمد) يصف فيرجيل جيورجيو المرأة العربية فيقول :
"للمرأة عند العربي مكانة لا يحظى بها أي شيء آخر … هي البساتين والأزهار ، والفواكه والأنهار … هي ينابيع الربيع وعطر الأعطار … المرأة عند العربي هي كل جمال وروائع الكون !" .
ويقول غوستاف لوبون : "ينظر الشرقيون إلى الأوربيين الذيم يُكرهون نساءهم على العمل ، كما ننظر إلى حصان أصيل يستخدمه صاحبه في جر عربة ! فعمل المرأة عند الشرقيين هو تربية الأسرة ، وأنا أشاركهم رأيهم مشاركة تامة ، فالإسلام لا النصرانية هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه ، وذلك خلافاً للاعتقاد الشائع !"( ).
ويقول مسيو دو فوجاني : "المسلم يحبو حريمه بكل ثمين وبكل جميل ، ثم يرضى لنفسه بالقليل"( ) ، ويقول درمنغم : "المرأة في الشرق لا تحسد عاملاتنا في المصانع وعجائزنا !!"( ).

نـبــوءة
يقول الأديب الأمريكي جون شتاينبك : "إننا في حاجة إلى ضربة قوية تجعلنا نفيق من ثرائنا !" .

في دائــرة النــار
في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) يطيل مؤلفه ألكسيس كارليل نفسَه في تحليل عميق للإنسان الغربي وللحضارة الغربية : "في المدينة العصرية قلما نشاهد أفراداً يتبعون مَثلاً أخلاقياً ، مع أن جمال الأخلاق يفوق العلم والفن من حيث أنه أساس الحضارة … كما أن هذه المدنية هبطت بمستوى ذكاء الشعب ، بدليل وجود هذا العدد الكبير من المجانين بيننا . وحينما تنهار حضارتنا يجب أن تنشأ حضارة أخرى ، لكن هل يجب أن نعاني من آلام الاحتضار قبل أن نصل إلى النظام والسلام ؟! .. لقد حان الوقت الذي نبدأ فيه العمل لتجديد أنفسنا .. يجب أن نحرر أنفسنا من التكنولوجيا العمياء ، إننا لنرى خلال ضباب الفجر طريقاً يقودنا إلى النجاة … إن مصيرنا بين أيدينا … فيجب أن نسير قُدماً في الطريق الجديد"( ).

أزمــة عصــرنا
عنوان كتاب من تأليف عالم الاجتماع تيرم سوركن يقول فيه : "إن الثقافة الغربية معتلّة ، سقيمة الروح والجسم ، وتعاني أزمة حادة متغلغلة في كل نواحي الحياة ، وهي أزمة انهيار عام وتحلل شامل ، إننا نعيش في أواخر الليل الطويل للحضارة المادية ، بما يحوي من أشباح وظلام رهيب ، وإرهاب ووحشة .. ومن وراء هذا الليل المهول سيستقبل الناس القادمون صبحاً صادقاً لثقافة جديدة جامعة ومعنوية" .

بانتظـار الفجــر
ويتطلع العقلاء من مفكري الغرب إلى فجر صادق يمحو ظلم الغرب وظلامه ، فيكتب فرجيل جورجيو : "مما لا ريب فيه أن هذا الانهيار للمجتمعات المادية تعقبه نهضة القيم الإنسانية والروحية ، وأن هذا النور العظيم سيجيء من الشرق".
ويقول عالم النفس إرنست بيكر : "إذا كانت المسيحية قد فقدت فاعليتها ، فإن الحاجة قائمة لبروز تصور ديني نقي يحرر الإنسان من صنمية الموجودات ، ويخرجه إلى فضاء الحرية التي يوفرها الإله الذي ليس كمثله شيء"( )، أما الفيلسوفة البريطانية كاثلين رين فتقول في بحثها (نحو كون حي) : "الغرب بحاجة إلى بدء عصر جديد ، تبدأه مقدمات فكرية جديدة تستعيد شمول المعرفة التي استبعدها العلم المادي ، بحيث يضاف إلى معرفة العالم المادي – الشهادة – معرفة عوالم التصور غير المادي – الغيب – التي تدور الآن في الشرق ، وتتخذ الروح والعقل أساساً للمعرفة"( ).
ويقول رانتو : "إن الليل يخيّم على أوربة ، ونحن نولّي وجوهنا شيئاً فشيئاً قِبَلَ المشرق"( ).
ونقول مع إقبال :
إنّ هـذا العصـر ليلٌ فأَنِرْ أيها المسـلمُ ليلَ الحائرينْ
وسـفينُ الحق في لُجّ الهوى لا يرى غيرَك رُبّان السفينْ( )

الإسـلام هـو طـوق النجـاة
يفضح المفكر هيوستن سميث عجرفة الغرب وتكبره عن الاعتراف بقدرة الإسلام على إنقاذ الغرب المنهار فيقول : "إننا نحيا حالة دفاعية تعكس حيرتنا أمام إمكانية التصور بأن يكون هناك ما هو أحسن مما نحن فيه ، كدين الإسلام الذي يمكن أن يمدّنا (بالخير والقوة) معاً ، إذا ما فتحنا أنفسنا لتقبّله"( ).
ويحذّر عالم النفس البروفسور لويس روخاس المبهورين منا بالحضارة الغربية فيقول :
"احذروا يا عرب ، يا مسلمون أن تخلطوا تصوّراتكم بالتصورات الغربية ، فأنتم أهل حضارة عريقة لها مقومات لا تملكها حضارتنا …. لا تتطلعوا إلى الحضارة الغربية تطلّع الممجّد لها ، إنها ستبلى"( ).
"فالإسلام - يقول د. عماد الدين خليل - هو النظام الوحيد الذي يستطيع وحده بتكامله وتوازنه أن ينقذ الحضارة المعاصرة مما تعانيه ، دون أن يتخلى عن الانتصار التكنولوجي الذي أحرزه الإنسان ، بل يحتضنه ويُنمّيه وفق قيم أخلاقية روحية تضمن استمرارية الحضارة ، وسلام الإنسان في أعماقه ومجتمعه وعالمه وكونه ، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} ( ).

***

الفصل السادس
الحضارة الغربية في قفص الاتهام
- رؤية من الخارج -

"لما انطفأت الشمعة أشرقت حجرتي بنور القمر !
فعجبت لهذا النور الذي يمــلأ السـماء والأرض
كيف يختفي وراء ضـوء شـمـعـة صغـيرة ؟!"
- المؤلف -
من حقنا – نحن المسلمين – أن ننتقد هذه الحضارة الغربية ، وهل اكتوى بنارها أحد مثلنا ! من حقنا أن ننتقد ونقول ما نعتقد ومن حق هذه الحضارة علينا، بل من حقنا أن نذكر ما لها من محاسن ومزايا ، قبل أن نذكر ما عليها ، وما صنعت في دين الناس ودنياهم .
ومن حق كل إنسان اشتد به الظمأ فتوهّم أن المورد العذب في دنيا الغرب ، من حقه علينا أن نبصّره بأنه يجري وراء السراب ، مخلّفاً وراءه ينبوع النور والهداية ، وإن الانبهار بالحضارة الغربية ظاهرة مرضية ، استطاعت أن تعبّر عن نفسها بصورة قوية ، وسيأتي يوم يذكر فيه التاريخ كم كنا متخلفين جداً في الطب النفسي ، على مستوى التشخيص ، أو على مستوى العلاج ! .
وكما يُفتن الفرد بالفرد ، تفتن الأمة بالأمة ، ولقد فُتنّا حقاً بالغرب ولكن بريق الحضارة الغربية لا يجوز أن يعمي أبصارنا عن الشقاء الذي باتت تكابده الإنسانية كلها في ظل هذه الحضارة …. وبسبب هذا الشقاء فقد انتهى دور الرجل الغربي وعلى المسلم أن يمارس هذه الحضارة ممارسة اختبار واختيار ، وعليه أن يعدَّ نفسه ليكون الخليفة في الأرض كما أراد خالقها جلَّ وعلا .
يقول الدكتور عماد الدين خليل : "هل أحد أقدر من الإسلام على أن يهبنا زاد (النقد) الخصب الثرّ الواضح البيّن المستقيم ، في دنيا من المعطيات ، اضطربت فيها مسالك السائرين ، وضاعت معالم الطريق ؟! هل ثمة أقدر من رسالة السماء على أن تُحدّد موقع أقدامنا في الأرض وتهبنا أضواءها الغامرة الكاشفة ، فنعرف تحت مدّها الإلهي العجيب مواطن النور والظلام ، ومواقع الحق والباطل ، ومظانَّ القبح والجمال ؟!"( ).
على أن الحضارة الغربية ، في جوانبها المضيئة من علم وتنظيم ، هي ابنة شرعية للحضارة الإسلامية ، فكل ما هو إنساني هو إسلامي ، فليس من الحكمة إذن أن نسعى في خرابها ، وإنما الواجب علينا أن نُسلمها لا أن نهدمها .

رؤيـة من الجانـب المنـير
• من مزايا الغربيين الحرية ، ثم الحرية … من مزاياهم العلوم والإنفاق على البحث العلمي والتدريب ، ففي أمريكا ينفَق أكثر من مائة مليار دولار سنوياً لتدريب العمال ! ومن مزاياهم العمل والكفاءة والاتقان في العمل.
• من مزاياهم اليقظة والتخطيط للمستقبل والعمل المؤسسي المتكامل .
• من مزاياهم القانون يطبّق على القوي وعلى الضعيف .
• من مزاياهم تمسك كل ذي حق بحقه ، وصراخ كل مظلوم في وجه ظالمه .
• من مزاياهم حبهم للغتهم ولثقافتهم ولحضارتهم وتاريخهم رغم لونه الحالك .
• من مزاياهم أن اللاجئ إليهم قد يجد عندهم الأمن والمأوى .
• من مزاياهم حب النظام وقوة الاحساس بالقانون ، والحفاظ على نظافة المدن وجمالها .
حقاً إن مزاياهم كثيرة !
يقول المفكر علي عزت بيغوفتش : "قوة العالم الغربي لا تكمن في طريقته في الحياة ، وإنما في طريقته في العمل والعلم والشعور بالمسؤولية"( ).

الإسـلام نهر يبحث عن مجـرى
عنوان معبر جميل ، للدكتور شوقي أبو خليل ، يقول فيه : "نظرت إلى واقع مدنية الغرب اليوم ، فرأيتها مجرى جف ماؤه ، يبحث عن مياه نهر صاف يرفده ، ورأيت في الوقت ذاته الإسلام – اليوم – نهراً يبحث عن مجرى ، نهراً منبعه حراء ، ومعينه (اقرأ) ومنهله رحمة للإنسانية وقطراته ومياهه لأولي الألباب الذين يتفكرون ويعقلون … لقد علمنا التاريخ أن المعين غزير متدفق ، فالإسلام نهر خالد لا يجف مجراه"( ).

مـا نمتـاز بـه
يقول أديب العربية مصطفى صادق الرافعي في كتابه الخالد (وحي القلم)(2/77) : "نمتاز على الأوربيين بقربنا من قوانين الكون ، ففي أنفسنا ضوابط قوية متينة ، إذا نحن أقررنا محاسن مدينتهم فيها ، سبقناهم وكنّا الطبقة المصفّاة التي ينشدونها في إنسانيتهم الراهنة ولا يجدونها … هذه الضوابط هي ما نمتاز به وهي ما تحتاج إليه أوربة" .

نتسـوّل ونحـن أغـنـيـاء !
ويقول العلامة الدكتور يوسف القرضاوي :
"الحضارة الغربية قدّمت للإنسان الغربي الوسائل ، ولم تقدم له الغايات ، قدمت له الرفاهية ولم تقدم له السكينة …. منحته المادة وسلبته الروح … أعطته العلم وحرمته الإيمان … هذا ما صنعه الغرب ، ناهيك بما صنعه بغيره من الشعوب …. لقد قتل الغرب الآخرين ليحيا ، وصنع من جماجمهم حجارة لبناء رفاهيته ، وزخرف أبنيته بدمائهم( )… وإذا كان في الحضارة الغربية من خير ، فكله قد سبق به الإسلام ، ولسنا في حاجة إلى أن نتسوّل من غيرنا ونحن أغنياء"( ).
سـلاح غـربـي
يقول الدكتور محمود عكام : "أدرك الغرب امتياز العالم الإسلامي بشيء اسمه الفكر ، وهو النواة لكل عمل جاد ومقبول ، فسعى إلى زعزعة ثقة المسلمين بفكرهم المسلم ودينهم ، عبر إشعار الغرب لهم بأن الأهم هو المادة والتكنولوجيا"( ).
حينما يسقط الدولار
يقول الدكتور عبد الكريم بكار : "تسود في الغرب روح استهلاكية عارمة تدمّر كل شيء أتت عليه ، من باب التعويض عن الخواء الروحي الرهيب الذي يعاني منه الإنسان الغربي ، حقاً إن المجتمعات الغربية ما زالت قادرة على دفع التكاليف الباهظة للانهيار الأخلاقي والاجتماعي ، وذلك من بقايا المنهوبات من عالم المستعمَرين ، وبسبب الجهود والعبقريات الفذة ، لكن حين تستحكم الأزمات الاقتصادية فإن الانهيار سوف يسير بخطى متسارعة"( ).
تـوازن أعــرج
ويقول الدكتور محمد عمارة : "يعاني الغربيون من خلل توازن ثمرات الإبداع ، ففي ميادين القوة والوفرة المادية قفزت حضارتهم قفزات عملاقة ، على حين أصابها الفقر في غير هذين الميدانين ، فافتقد إنسانها التوازن الحضاري ، والاطمئنان الآمل … إنه التوازن الأعرج الذي حقق لإنسان الحضارة الغربية قوة الوحوش الكاسرة ، وشِبَع من يأكل في سبعة أمعاء ، مع أقصى درجات القلق والعبثية ، وانعدام المعنى الإنساني للحياة !"( ).

هــاربـــون
إن المدنية الغربية تعاني من الخواء المرير ، خواء الروح ، وتعاني من الهجير المُحرق الذي تعيش فيه بعيداً عن ذلك الظل الوارف النّدي ، وما من أحد يزور أهل تلك البلاد حتى يكون الانطباع الأول في حسه أن هؤلاء قوم هاربون !
هاربون من أشباح تطاردهم ! هاربون من أنفسهم ! وسرعان ما يتكشف الرُّخاء المادي عن الأمراض العقلية والشذوذ والقلق والمسكرات والمخدرات والعنف ، وفراغ الحياة من هدف مشرق كريم . إنهم لا يجدون أنفسهم لأنهم فشلوا في العثور على غاية وجودهم ، إنهم لا يجدون السعادة لأنهم لا يجدون المنهج الرباني الذي يُنسّق بين حركتهم وحركة الكون والحياة .

جسـم فيـل ورأس نملـة
تقف الحضارة الغربية اليوم كالطائر الذي يرفّ بجناح واحد جبار ، بينما جناحه الآخر مهيض ، فيرتقي بالإبداع المادي بقدر ما يرتكس في المعنى الإنساني
يقول الدكتور عبد الكريم بكار : "إن الحضارة الغربية الحديثة تمزج بين أعلى درجات التقدم والرقي وأسفل درجات الانحطاط والتخلف"( ) .
ويقول العلامة أبو الحسن الندوي : "إن فتوحات العلم الحديث لا يسع أي إنسان إنكارها ، ولكنه عاجز تماماً عن إنشاء أفراد صالحين مؤمنين ، وهذا أكبر هزائم الحضارة الغربية"( ).
بضعفنـا لا بقـوتـهـم
يقول الكاتب الصحفي أحمد منصور : "القشرة الهشة التي تغطي الحضارة الغربية إذا نفذ الإنسان من خلالها ، فإنه يجد خلفها مجتمعات منهارة ، وما بقاء القيادة والريادة في طرفها إلا لأن غيرهم لم يأخذ بأسباب السيادة والريادة"( ).

شـجرة ما لها قـرار
يقول الأديب مصطفى صادق الرافعي : "حضارة الغربيين كالشجرة الذابلة ، يعلقون عليها الأثمـار ويشـدونها بالخيط ! كل يوم يحلّون ، وكل يوم يربطون ، ولا ثمرة في الطبيعة !"( ).

سـفينـة في ســراب
يقول شاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال : "أيها المسلم المخدوع بالغرب ، استيقظ إنك تُجري سفينة في سراب ! إنك تبحث عن الشمس بمصباح ! سر على قدميك واهجر الهودج ولو في صحبة ليلى ، واحترق بحرارة ذاتك ، ولا تقبس من أحد ناراً( ) ، صدّقوني ، إن أوربة هي أكبر عائق في سبيل الرقي الأخلاقي للإنسان! وكما قص الغزنوي ضفائر إياز التي تفيض إغراء ، قص إقبال ضفائر أوربة ، وعاد منها وفي يده قصاصة شعرها منادياً : إن الحسن الذي يمكن للمقص أن يزلزله لا يستحق أن يكون كعبة القلوب .
لم يستطع بريق العلوم الغربية أن يبهر لبي ويغشي بصري ، ذلك لأني اكتحلت بإثمد المدنية( )… فلا تحكم على أوربة ، بما لها من بريق فالمصابيح الكهربائية هي التي تجعل ماسها يتألق ، وليست بهرجة الحضارة الغربية إلا خدعة، فالخد المورّد لا يحتاج إلى بائع المساحيق . وإن الحضارة الغربية سوف تقتل نفسها بخنجرها فالعش لا يثبت على غصن ضعيف مضطرب( )… لننظر في كيس من ستسقط أوربة ؟!"( ).

خضــابُ زورٍ لا دمــاء
"الحمرة التي نراها على وجوه الغربيين عند المساء ، ليست إلا خضاباً زائفاً أو هي من آثار الخمر … فما هذا العلم والحكمة التي تتبجح بها أوربة إلا مظاهر جوفاء ، إن قادتها يمتصون دماء الشعوب ، وهم يلقون دروس المساواة الإنسانية والعدالة الاجتماعية( )… إن صرح أوربة واهي الأساس ، وجدرانها من جليد !
وعجوزُ حارتنا يقـولُ مؤكِّداً عن صرحِ أوربا المضيءِ المُعتمِ !
هذي المرايا من جليـدٍ ما لها وُسعٌ لتعكسَ نورَ قلبِ المُسـلمِ

على فراش من حرير
يقول الأديب القاص الدكتور نجيب الكيلاني :
"الحضارة الغربية هي التي أدت إلى حربين عالميتين لم يعرف لهما العالم مثيلاً من قبل ، وفي ظل هذه الحضارة تضعضعت القيم الروحية للإنسان ، وعاش الإنسان قلقاً حزيناً ، وهو الذي تقلب على فراش من حرير !"( ).
حضــارة مــن ورق
يقول الأستاذ عبد الكريم بحلاق في كتاب (أبحث عن هوية) : "إن الأساس الفكري للحضارة الغربية يحمل في طياته دمار العالم وفناء البشرية … فلا يغرنك هذا العلو الشاهق في القدرة المادية ، فسرعان ما يتحول هذا الصرح المذهل إلى لعبة كرتونية تتهشم وتحترق فكأنها لم تَغنَ بالأمس !"
الغربُ تغرب شـمسُـه وبريقُـه الخدّاع يُطوى
كم خلتُ (قيصر) قلعةً ، فإذا بـه ورقٌ مقوى !( )

احتضـار الحضـارة الغربـيــة
يقول د. اسماعيل الفاروقي :
"الحضارة الغربية متصدعة مقبلة على انهيار تام ، لا لضعف في قوتها بل لفساد في أساسها ، أليس مسخاً للإنسان أن يتحدث الإنسان الغربي عن القيم ، فيسألك عن الثمن ؟!".
ويحدد العلامة أنور الجندي مواطن الداء في هذه الحضارة فيقول : " يكمن زيف الحضارة الغربية في مقاتلها الحقيقية وهي : قيامها على الربا ، ونسبية الأخلاق ، وموقفها الفاسد من المرأة والأسرة والمجتمع"( )… "ففي هذه الحضارة دمارُها ، وتحت أنوارها نارها"( ) ، ويقول د. طه جابر العلواني : "رغم أن الفكر الغربي نجح في التقدم العلمي ، فإنه قصّر في مخاطبة الجوانب الإنسانية في المجتمع ، وأصبحت الحضارة الغربية قائمة على صراع القوي ضد الضعيف"( ).
ويقول العلامة المجدد ابن باديس رحمه الله :
"المدنيّة الغربية هي مدنيّة مادية في نهجها وغايتها ونتائجها ، فالقوة عندها فوق الحق والعدل والرحمة والإحسان ، قد عمّرت الأرض وأفسدت الإنسان"( ).

القابليـة للاسـتعمار
لا أتصور أن هناك إنساناً يرى الاستعمار يدوس أعناقنا في كل مكان ، ثم يمجّد هذا الاستعمار ! إنني أشك في إنسانية أولئك الذين ولّوا وجوههم شطر الدولار ! أشك في إنسانيتهم لأن أول خصائص الإنسان أن يشعر بكرامة الإنسان ، إن الاستعمار لا يغلبنا بالنار ، بل بقابليتنا للاستعمار . ويغلبنا بأولئك الذين استُعمرت أرواحهم ، وبتلك الأقلام التي تُغمس في مداد الذل والهوان الروحي لتكتب عن أمجاد الغرب ! إن أخطر ما يهدد حصوننا هم أُجراء الثقافة الغربية ، وفسائل مختبراتها التي لا تثمر إلا الفكر اللقيط .
أنصفتَ مظلومـاً فأنصِف ظالماً في ذلّـة المظلوم عـذرُ الظالمِ
من يرض عدواناً عليـه يُضـيره شرٌّ من العادي الظّلوم الغاشمِ
وها هو ذا الغرب يسقط في كل امتحان أخلاق ، وينكشف للعالم ضميره المتعفن في موقفه من مجزرة جنين ، هذا هو الغرب الذي لا يفهم إلا بمنطق القوة، ولا ينظر إلا بعين المرابي مصاص الدماء ، ولا يتكلم إلا بلغة المتعجرف المغرور .
أضحى السلامُ حقيقةً مكذوبـةً والعدلُ فلسفةَ اللهيب الخابي
لا عـدل إلا إن تعادلـت القُوى وتصـادم الإرهابُ بالإرهابِ( )

نحسب الشهد في جحور الأفاعي
ومن عجبٍ أننا لا نكتفي بالسكوت عن اليد التي تمتدُّ إلينا بالشر ، بل نُقبِّلها !! إذا عجزنا عن تحطيم تلك اليد ، فلا أقل من أن نعترف أمام أولادنا بشجاعة أننا عاجزون علّهم يقدرون .

إن القضاة إذا ما خوصموا غلبوا
يقول أمير البيان شكيب أرسلان : "الأمم المتحدة مثل العروض ، بحر بلا ماء! ما وُجدت إلا لتُلبس الإجرام حلة القانون ، ولا يطيعها سوى ضعيف عاجز، ولا تستطيع أن تحكم على قوي متجاوز … ولقد ألغت رقَّ الأفراد ، وسنت رق الأمم !"

تقــدُّم إلى الخلــف!
"إن الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر حديثاً عن حقوق الإنسان والأكثر عدواناً عليها ، وويل للعالم حين يتفرد بقيادته أقوام يعدّون النفاق أكبر فضائلهم!"( ).

قـشـرة رقـيـقـة
يقول العلامة د. حسن ظاظا : "الحضارة الغربية قشرة رقيقة يختفي تحتها الوحش ، وإذا أزيلت هذه القشرة استوى الأمريكي في نيويورك ، وعضو الأكاديمية في باريس ، وعضو المافيا في كولومبيا !"( ).

إعـلان القبـض على القتيـل
تحمل أمريكا اليوم لواء حقوق الإنسان والعدل الدولي ، فعلى مشارف نيويورك ينتصب تمثال الحرية الذي أقيم على جماجم (60 مليوناً) من الهنود الحمر ، وعلى عظام (100مليوناً) من السود المستَعبَدين( ).
وكلنا يذكر مهزلة الشواء البشري في هيروشيما وناغازاكي .
وصدق الإمام محمد عبده : "ما أهون الدم على من يعتقد أن خلاص العالم الإنساني من الخطيئة إنما كان بسفك الدم البريء على يد المعتدي الأثيم !"( ).
ويقول الشاعر الإفريقي دافيد أيوب : "قتل الأبيض أبي ، لأن أبي كان أبياً ، وأحنى الأبيض أخي تحت شمس الطرقات لأن أخي كان قوياً ! ثم توجه الأبيض نحوي ويداه مضرّجتان بالدماء ، وبصق حقده في وجهي وبصوت السـيد قــال : "يا صبي أريد منشفة للدماء !( ) … أيها الأوربيون الفاقدون للإنسانية : قد عرفتم كل الكتب ، ولكن لم تعرفوا المحبة .." .
مهما تألّقت العلومُ وأصبحت مُلك اليــدِ
فعقولُهـم فيهـا غبـارُ الجهـل لم يتبـدَّدِ
ما دام فيهـم أبيضٌ يغتـالُ روح الأسـودِ ( )

في سـجون الفـكـر
في كتابه القيم (هل اليهودية التلمودية دين ؟!) يرسم الباحث الدكتور سامي عصاصة صورة للإجحاف العالمي الذي أنزله توافق العالم الشرقي والغربي ضد العرب ، فيقول : "إن العدل العالمي أصبح ألعوبة مضحكة في أيدي من لديهم القوة ، وإن القيم الأخلاقية أصبحت نزيلة ذليلة في زنزانات سجون الفكر ، وغدت فضلات مستهلكة في سلال الأقوياء"( ).

في المجـزرة لا المـرعـى
" منذ بدأت أعقل ما أنا فيه , رأيتُني أنشأ في قطيع يسوقه الاستعمار إلى المجزرة , وهو فرح بها نشوان ! رأيت مجتمعاً يتمزق وهو ينشقُّ عن كل تاريخه بخطاطيف قد علقت بلحمه تجذبه من هنا وهنا و هناك , كنت أجد مغرزها في لحمي , وأحس جذبها في وجداني"( ).

ثقـافـة التـسـلـط
"كم أنفق الأمريكيون لكي يعرّفونا بمواطننا المسيح وبدينه ؟! كأننا أشد افتقاراً إلى فضائل المسيح من الأمريكيين أنفسهم ؟!"( ).

أفشـل محامين لأعـدل قضيـة !
يقول الدكتور هشام الطالب : " إن الغرب لديه بضاعة رديئة يتولى عرضها باعة مهرة , ولدينا بضاعة ممتازة يتولى عرضها باعة خائبون!" .

تـفــاوُت
"المدنية الغربية اليوم أثر من آثار الإسلام بالأمس , والانحطاط الإسلامي اليوم ضربة من ضربات الغرب ..لقد طلعت شمس الإسلام في سماء الغرب فملأت الكون نوراً وإشراقاً . واختلف الناس في شأنها , ما بين معترف بها , ومتنكر لها , ولكنهم كانوا جميعاً سواء في الانتفاع بنورها"( ).
محنـة لا منحـة
" تمثل الحضارة الغربية محنة حقيقية لنا , ولا سيما أنها الأجهر صوتاً والأكثر عتاداً وعُدّة , وإذا كنا نملك قوة الحق , فإنهم يملكون حق القوة ! ويطالبون بدفع استحقاقاتها"( ).

هجرة في سبيل الشيطان
يقول الدكتور محمد راتب النابلسي:
"حينما تكون الهجرة بذلاً للخبرات والطاقات والإمكانات لغير بلاد المسلمين!
وحينما تكون الهجرة إضعافاً للمسلمين وتقوية لأعدائهم !
وحينما تكون الهجرة تضييعاً للدين وكسباً للدينار!
فهي هجرة في سبيل الشيطان"( ).
يترسّمون الغربَ حتى يوشكوا أن يعبدوهُ عبادة الأصنـامِ
ما قلّدوهـم مبصريــن , وإنما تَبعــوا نظامهمُ بغير نظامِ( )

هجـرة المــادة الرماديــة
متى نشعر بنفاسة المادة الرمادية-أدمغة النابهين-التي نصرف على تعليمها الأموال الطائلة ونحن فقراء , لتهاجر وتستقر في بلاد الغربيين الأغنياء بلا عناء؟!.. متى نوقف ضخ دمائنا الذكية إلى عروق الحضارة الغربية ؟! هذه الدماء التي امتصت خضاب الأمــة لتنقله إلى أنسـجــة الغـرب !.. وكيـف لا يتحرج هــؤلاء - الأذكياء - من بيع أغلى ما وهبهم الله مقابل حفنة من المال ؟!.
إن الغربيين مهما بذلوا من مال لشراء العقل المهاجر فلن يشكل هذا المبلغ إلا جزءاً يسيراً من المال الذي سينفقونه على تعليم وتدريب مثيله من مواطنيهم , هذا عدا عن كسب عامل الزمن .. فهل ثمة جريمة ترتكب بحق أمتنا العربية والإسلامية أكبر من هذه الظاهرة الخطيرة؟!..ففي تقرير قدمه الدكتور حسن زلزلة للجامعة العربية نقرأ :
"حتى عام 1980 بلغ عدد الأدمغة المهاجرة من البلدان العربية إلى الغرب (150) ألفاً من الخبراء , منهم (24) ألفاً من الحاصلين على شهادة الدكتوراه ! و(200) عالم نووي , وقُدّرت خسائر الاقتصاد العربي من هذه الهجرة بمائة مليار دولار !".
وليت الأمر توقف عند هجرة العقول , بل تجاوزه إلى "هجرة الأجنّة" لاكتساب الجنسية الأمريكية !. حقاً "إن الشعوب التي لا تبصر بعيونها سوف تحتاج إلى هذه العيون كي تبكي طويلاً" !
لم أستطع تفصيلَه برســـائلي قـد كان هـذا البُعـد مُرّاً إنمـا
صبروا قليلاً قبل هجرِ المنزلِ( ) يا ليت من ركبَ الجنونُ عقولَهـم

خسارة للمسلمين لا للإســلام
"إن مأساة إعراض كثير من المسلمين عن إسلامهم لا تشكل خسارة تحيق بالإسلام وإنما هي خسارة كبرى تحيق بهم أنفسهم , فالحصن الذي يتخلى عنه أصحابه يظل حصناً , ولا بد أن يأوي إليه آخرون , وإنما تحدق الأخطار بأولئك الذين تخلّوا عنه"( ).

درس مــن التاريــخ
يقول إقبال:" درسٌ تعلّمته من تاريخ الإسلام , هو أنه في أحرج الأوقات والمحن كان الإسلام هو الذي يحفظ على المسلمين حياتهم , ولم يكن المسلمون هم الذين حفظوا الإسلام .." .
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي :" إن الإسلام أشد ما يكون قوة , وأعظم ما يكون رسوخاً وشموخاً حين تنزل بساحته الأزمات , وتحدق به الأخطار , ويقل المساعد والنصير"( ).

شـــروط التقــدّم
يقول الإمام محمّد عبده :" ما استطاعت الشعوب الغربية أن تتقدم إلا حين تخلت عن عقيدتها , وما استطاعت الشعوب المسلمة أن تتقدم إلا حين استمسكت بعقيدتها . وما تأخرت إلا من يوم انحرفت عن دينها , فكلما بَعُد عن المسلمين علم الدين , بعد عنهم علم الدنيا"( ).

مصير الحضارة الغربية
"يكفي الحضارة الغربية جنوحاً ما تعانيه من اختلال محزن في التوازن بين الثنائيات الذي قدر الإسلام على التحقق به بشكل يثير الدهشة والإعجاب :توازن بين الوحي والعقل , والعدل والحرية , و الضرورة والجمال , والفردية والجماعية, والروح والجسد , والطبيعة وما وراءها , والوحدة والتنوّع , والمنفعة والأخلاق , والقدرة والإختيار , والحياة والموت , والدنيا و الآخرة ..وإن البريق الذي يشع من معطيات الحضارة الغربية لن يتجاوز جلدها إلى صميم هذه الحضارة..وإن مصيرها لَلمصير الذي ينتظر كل حضارة ترفض الإيمان بالله"( ).

حضارة الأفكار أم الأشياء ؟!
يقول المفكر عمر عبيد حسنة : " إن الحضارة الغربية ، وإن استطاعت بأشيائها وقوتها أن تطفو حضارياً ، إلا أن العبرة دائماً بالعواقب ، فكثيراً ما حمل لنا التاريخ دلالات حضارية على أن الأفكار والعقائد تبقى أقوى من الأشياء والسياسات ، وأن قيم المغلوب عسكرياً كانت أقوى من قيم الغالب .. وهذا ما لا نراه إلا في حضارة الإسلام ، لأنها حضارة الفطرة ، حضارة الإنسان (1) .. إن الحضارة الغربية التي انتصرت بأشيائها وقوتها ، وسقطت بقيمها وإنسانها ، يرتفـع صوتها اليوم ، وكأني بها تقول للمسلمين (( اعلُ هُبل )) .. لكن العالم الإسلامي المهزوم بأشيائه سوف يستعلي بقيمه وأفكاره ، وبشعاره (( الله أعلـى وأجـل )) قولة أهـل أحـد .. وأن القرح الذي يصيب المسلمين سوف يؤدي إلى الاستجابة لله والرسول ويتحقق الخلـود لقوله تعالى : { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران :172 ] . وتنبعـث الـروح الإسلامية مـن جديد " (2)

***

الفصل السابع
المسـتقبل للإسـلام

كما أن الظمأ للماء يدل على وجود الماء ,كذلك الظمأ للدين يدل على وجود هذا الدين.
والدين الحق هو الدين الذي يقدّم تصوّراً صادقاً عن الوجود ,وعن مركز الإنسان فيه , وعن غاية وجود هذا الإنسان ..
الدين الحق هو الذي يستطيع أن يروي ظمأ الأسئلة الخالدة في تاريخ الإنسان : من أين أتيت ؟ ولماذا أعيش؟ وإلى أين أذهب ؟ . هذه الأسئلة الكبرى في الحياة التي تسكن أعماقنا ولا مفر لنا من مواجهتها , شئنا أم أبينا !.
الدين الحق هو الذي لا يصادم العقل بل يُقنعه , ولا يجفو العاطفة بل يُمتعها , ولا يقف أبداً في وجه فطرة الإنسان .
الدين الحق هو الذي يربط حياتنا بالوجود كله , ويقيم الجسور بين عالم الغيب وعالم الشهادة , ويربط بين السماء والأرض , وبين الحياة والمصير , وبين السياسة والاقتصاد والأخلاق..ويقيم التوازن بين الفرد والمجتمع , وبين الضرورة والجمال , وبين الواقع والمثال ..
الدين الحق هو الذي يأخذ النفس من أقطارها , فيخاطب كل أبعاد الإنسان, عقلاً وروحاً وجسداً وينمّيها كلها , ويرتقي بها صُعداً إلى أقصى درجات الكمال , فلا يُفقد العقل توهّجه , ولا يحرم القلب حرارته ، ولا يمنع الجسد حق البهجة في الحياة .. فيُلبّي كل تطلعات الإنسان وأشواقه الأصيلة , في صورة رائعة من العدل و التنظيم ..ويُحقق كل المُمكنات الخيّرة في حياة الإنسان , ويفجّر كل الطاقات الكامنة في أعماقه ..
الدين الحق هو الذي يتّسع فيشمل كل نشاط الإنسان في كل حقول الحياة , فيرفع الجسد إلى مستوى الروح ويجعل الصلاة عبادة , والعمل عبادة , والنوم عبادة , والزواج عبادة .. ويجعل العبودية لله تمتد خيوطها في الحياة الإنسانية امتداد الشرايين وامتداد الأعصاب .
الدين الحق هو " دين الكتاب والميزان والحديد " . أي دين العلم والعدل والقوة ..
الدين الحق منهاج حياة , ومنظومة قيم , لا تتحكم به الرغبات والأهواء , بل ينسجم مع قوانين الكون والحياة ..
وفي الإسلام تصبح الحياة كلها محراباً للعبادة .. بومضة الفكر .. بخطرة القلب .. بخلجة النفس .. بسجدة الجبين .. بعزمة الساعد سواء بسواء…
وفي الإسلام منهاج حياة .. وسكينة روح .. ومنازل شوق .. ووقود حضارة .. ووعي بالوجود وبالمصير .
وفي الإسلام حوار دائم فعّال بين السماء والأرض .. وائتلاف بين الروح والجسد .. وأُخوّة بين العقل والوجدان .. وتوازن بين التسامح والاعتزاز ..
فالإسلام دين للحياة .. دين للنّماء ..دين تطابق تكاليفه فطرة الإنسان .. إذ يأخذ بيدها خطوة خطـوة , ويصعد بهـا برفـق وحيويـة في المرتقى الصاعد إلى القمة السامقة ..
لا يغفل الإسلام لحظة واحدة عن فطرة الإنسان وحدود طاقاته . أما باقي المذاهب فتحاول معاكسة الفطرة لتتحطم تحت مطارق هذه الفطرة .. وإن الإنسان المسلم مشروع قابل للنمو " فمن اعتدل يوماه فهو مغبون " .
وإن الإنسان المسلم يعيش حياة الاستقرار والسكينة والسلام .. فهو معصوم من التمزق والحيرة والضياع .. إذ ليس ثمة أي عداء في الإسلام بين الروح والجسد { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}( ).. { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }( ) .
فالزينة مع الصلاة , ومع الطعام والشراب , ومع العدل والتوازن !.
لا انصداع في حياة المسلم , بل أمن وإيمان .. فالإسلام –من اسمه- تسليم لله وسلام .. سلام في الفكر .. وسلام في الروح .. وسلام في الضمير ..وسلام في الحياة .. وسلام في المصير..
والإسلام دين ينقل الإنسان نقلة فريدة من العمر المبذّر العابث , إلى حياة ذات معنى .. دين تبرأ من نتائج هوى الإنسان وجهل الإنسان , وبذا يُحقق سعادة الإنسان .. دين يحقق كرامة الإنسان ويمنحه الحرية الحقيقية , فالمسلم في سجوده لله وحده لا يعرف أبداً السجود للعبيد ..
وإن حاجة الإنسانية اليوم إلى الإسلام أكبر من تشويه المسلمين له , وأكبر من حقد الحاقدين عليه .. ولقد علّمنا التاريخ أن الهجوم على الإسلام كلما كان أعتى وأشد ازداد الإسلام جلاء و انتصاراً .. فالشك مقدمة اليقين .. وأحلك الساعات هي تلك التي تسبق طلوع الفجر ..
يقول د.عبد الكريم بكار : "إن عصا المعول التي تهدم في صرح الإسلام , تحمل في أحشائها نواة لوريقة تحن إلى دين التوحيد وتصدح به"( ).
فالإسلام هو رسالة السماء , فهو فوق مقاييس النصر والهزيمة بالمعنى المادي , فرسالة السماء لا تنهزم , ولن تنهزم أبداً .
وإن الذي يمسك الإسلام أن يزول , هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا .. أرأيت لو زالت الشمس أو الجاذبية من هذا الكون , كم يكون الاضطراب؟! فكذلك وجود الإسلام في الحياة.
فالإسلام والشمس والقمر والجاذبية من سنن الكون التي يتحتّم وجودها .. لكنها سنة لن يراها إلا صاحب ضمير سليم , كما لا يرى الجاذبية إلا صاحب عقل عليم ..
والإسلام يجعل المسلم صديقاً للكون والسنن المبثوثة فيه , إذ يوجه وجهه لخالق الكون مع الكائنات . حتى ليمكننا أن نسأل : هل يسجد جبين المسلم لله على الأرض ؟ أم تسجد الأرض لله على جبين المسلم؟!.
للهِ في حُــبٍّ و ديــنْ الأرضُ تسـجدُ والجبينْ
آفاقُـهــا بالسـّـاجدينْ فالحبُّ دنـيـا أشـرقـتْ
يمضي بركـبِ المرسـلينْ الحـبُّ جيـلٌ مســلمٌ
للمصطفى في كلِّ حـينْ الحـبُّ قلـبٌ ظامـئٌ
لله ربِّ العالــمــين( ) والحـبُّ كـونٌ سـاجـدٌ
وإن أمة الإسلام قد تشكلت تاريخياً وحضارياَ من خلال كتاب اشتُقّ اسمه من القراءة .. وأول كلمة فيه هي " اقرأ " .. وأول أداة ذكرت فيه هي القلم .. وأول حرب خاضتها هي الحرب ضد الجاهلية , وضد الجهل الذي ينصب الأصنام ..
وإن أمة (اقرأ) بدأت من جديد تقرأ , وبدأت تتطهر بتوبة فكرية ستُنهي بإذن الله زمن انطفاء الفاعلية , وستُفعّل انطلاقة المسلم الحضارية ..
إن أمتنا تقف الآن على مفترق الأقدار .. وإن أمل الإنسانية مذخور في روح هذه الأمة وليس في مكان سواه .. والإسلام –رغم جهل المسلمين به – لا زال مقيما في ضمير المسلمين .. ولن يخلو زمان من أوس ومن خزرج .. ومن دعاة راشدين يجمعون الإخلاص مع الصواب, وإن دين الله لن يحمله –كما يقول القرضاوي- إلا "جيل واقعي لا يسبح في البر , ولا يحرث في البحر , ولا يبذر في الصخر ..
جيل يتجاوز العشوائية , و يحتكم إلى الحقائق , ولا ينسى وهو يتطلع إلى السماء أنه واقف على الأرض ..
جيل يرنو إلى شاطئ الأحلام , ولكنه يتوقع هياج البحر ..
جيل يراعي قوانين الله في كونه , كما يراعي أحكامه في شرعه ..
جيل يؤمن بالعلم , ويحترم العقل .. تعلم من القرآن والسنة أن التفكير فريضة , وأن التأمل عبادة , وأن طلب العلم جهاد ..
جيل لا يقف عند التغني بأمجاد الماضي , ولا عند النواح على هزائم الحاضر , ولا عند التمني لانتصارات المستقبل"( ) .
يقول الدكتور عماد الدين خليل : "لن يكون انتشار الإسلام السريع , وسريانه كالنور وسط الجماعات البشرية أمراً محيراً يثير الدهشة بقدر ما هو المصير المفروض في دين كهذا الدين ..إنها لمعادلة متكاملة الأطراف : أن يملك هذا الدين القدرة على الانتشار في كل زمان ومكان .. وأن يلتقي مع مطالب الإنسان وأشواقه وحاجاته الأصيلة في إفريقيا وفي أمريكا على السواء ..وأن يحمل قدرته على الحركة والامتداد في قرن سابع أو قرن عشرين ..ولقد كان الإسلام وسيظل الصيغة الوحيدة للتعامل مع إنسانية الإنسان , ليس من قبيل الكلام ولكنها التجربة المُعاشة التي شهدتها وتشهدها و ستشهدها باستمرار أقطار العالم ..هذا الدين ما جاء للعربي وحده ولكنه جاء للإنسان أنّى وحيثما كان , وهو الدين الذي سيظل يتميز بقدرته الأبدية على الاستجابة لمطالب الإنسان في القرن السابع الميلادي أو القرن السبعين !! وسيظل الإسلام رغم اختلال التكافؤ , بل انعدامه أحياناً قديراً على الانتشار في كل زمان وفي كل مكان"( ).
بلى ففي مرآة المستقبل يلوح وجه الإسلام , وستسلم الإنسانية لخالقها , وستشرق الأرض بنور ربها.

يد بيد .. وأرواحنا بالإسلام تمتد .. لنعلن ونحن واثقون بتصاريف القضاء .. بما بشّرنا خبر السماء أن " المستقبل للإسلام" .
قريباً سيجلو الصباح المسا أخي في العقيدة لن نيأسـا
بشــائر تُنسي ظلام الأسى وسـوف يزفُّ إلى العالمين
عسـاه يكون قريباً ..عسى( ) فإنّا مع الفجــر في موعدٍ

سـلسـبيل حـيــاة
يقول الإمام محمد عبده:
"جلّت حكمة الله في هذا الدين : سلسبيل حياة نَبع في القفار العربية فأحياها, وزلزل هديره –على لينه- ما كان استحجر من الأرواح فانشقت عن مكنون سر الحياة فيها .. لم يَدع الإسلام أصلاً من أصول الفضائل إلا أتى عليه , ولا قاعدة من قواعد النظام إلا قررها .. لقد علا صوت الإسلام وجهر بأن الإنسان لم يُخلق ليقاد بالزمام , ولكنه فُطر على أن يهتدي بالعلم .
وحقق الإسلام للإنسان أمرين عظيمين طالما حُرم منهما , وهما : استقلال الإرادة , واستقلال الفكر . بهما كملت له إنسانيته , واستعد لأن يبلغ سعادته( ) .
ويقول الأديب الدكتور عبد الوهاب عزام : "ما دامت النفوس الإنسانية طمّاحة إلى السمو ، نزّاعة إلى الخير ، مُفعمة بحب الحق والعدل وتواقة إلى الأخوّة والحرية ، فلن تقف دعوة الإسلام .. إن دعوة الإسلام لا تقف حتى يموت الخلق الذكي ، والقلب الأبي .. وإن الإسلام سيبقى كلمة الله في الأرض ، ودعوته إلى الحق ، وحجته عن الخلق …"( ) .
ديـن الإنسـانيـة
يقول المستشرق (( مونتغمري وات )) في كتابه (الإسلام والحضارة) : "كل دين يترك الدين الذي يليه يكمل ما فيه ، أما الإسلام فهو خاتم الأديان الذي يشتمل على كل فضائلها ، وهو الدين الوحيد الذي يؤاخي بين الروح والعقل ، والدين والعلم ، فهو ينظر إلى الإنسان من حيث هو عقل وروح وشعور وإرادة وإلهام ، وإن الإسلام يحترم في الإنسان هذا كله ويدعوه إلى استخدام طاقاته للوصول إلى الحقيقة ، ولم تعرف البشرية قبل الإسلام ديناً قد قامت عليه حضارة بالمعنى السليم لكلمة حضارة ، فلم يطلب الإسلام التضحية بالدنيا من أجل الآخرة ، فالإسلام بذلك دين الحاضر والمستقبل ، ودين الإنسانية ما شاء رب الإنسانية" .

الإسلام قوة الغد العالمية
عنوان كتاب يختمه مؤلفه باول شمتز بهذه العبارة المثيرة : "سيعيد التاريخ نفسه مبتدئاً من الشرق ، من منطقة الصدر الأول للإسلام ، وستظهر هذه القوة إذا ما أدرك المسلمون كيفية استخراجها ، وستقلب موازين القوى ، لأن هذه القوة قائمة على أسس لا تتوافر في غيرها من تيارات القوى العالمية ! إن انتفاضة العالم الإسلامي صوت نذير لأوربة … وأنا أدعو إلى التجمّع لمواجهة هذا العملاق الذي بدأ يصحو … هل أحد يسمع ؟! هل من مجيب ؟!" . ( )

الفـرد والمجتمـع
يقول المفكر العلامة أنور الجندي :
"في الإسلام الفرد والمجتمع متكاملان معاً ، المجتمع يبرز مرة ، والفرد يبرز مرة أخرى ، الفرد للمجتمع والمجتمع للفرد … والإسلام هو الدين الذي جعل من الإنسان فردياً في الفكر ، اجتماعياً في العمل… فردياً في حق الكسب ، اجتماعياً في دفع الزكاة … فردياً في النوافل ، اجتماعياً في الفرائض … فردياً في المحراب ، اجتماعياً في المنبر .."( ) .

الإسـلام حضـارة الغـد
تحت هذا العنوان كتاب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي : "البشرية في حاجة ماسة إلى حضارة تعطيها الدين ، ولا تُفقدها العلم ، تعطيها الإيمان ولا تسلبها العقل . تعطيها الروح ولا تحرمها المادة … تعطيها الآخرة ولا تحرّم عليها الدنيا .. تعطيها الحق ولا تمنعها القوة … تعطيها الأخلاق ولا تسلبها الحرية … تُربحها النفع ولا تخسرها الجمال … إنه في حاجة إلى حضارة تتصل بها الأرض بالسماء ، وتتعانق فيها المعاني الربانية والمصالح الإنسانية ، ويتآخى فيها العقل المفكر والقلب المؤمن ، ويمضي فيها الإنسان قدماً مستضيئاً بنور الوحي الإلهي ، ونور الفكر البشري .. وليست هذه الحضارة إلا حضارة الإسلام ، التي يتجلى فيها التوازن والتكامل ، وتلتقي فيها المتقابلات في صورة من الاتساق المبدع ، وبهذا التوازن تتميز الأمة المسلمة عن غيرها من الأمم ، ويضعها في مرتبة الأستاذية ، وهو ما خاطبها الله تعالى به بقوله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } .. منهج الله وحده يُعنى بإشباع حاجات الإنسان كله ، جسمه وعقله وروحه ، ويهتم بالإنسان فرداً وعضواً في أسرة ، وعضواً في مجتمع ، يهتم بالإنسان طفلاً ، والإنسان شاباً ، والإنسان شيخاً … الإنسان رجلاً والإنسان إمرأة … الإنسان من حيث هو إنسان"( ) .
"وإذا كان القرن التاسع عشر قرن الرأسمالية ، والقرن العشرون قرن الشيوعية، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام"( ) .
موعـده الانتصـار
ويقول المفكر المسلم الدكتور مراد هوفمان : "الإسلام هو الحياة البديلة بمشروع أبدي لا يبلى ولا تنقضي صلاحيته ، وإذا رآه البعض قديماً فهو أيضاً حديث ومستقبليّ لا يحدّه زمان ولا مكان ، فالإسلام ليس موجة فكرية ولا موضة، ويمكنه الانتظار …"( ) .

رسـالـة الإنـسـانيـة
ويقول الباحث د. محمد عبد الله الدراز : "رسالة الإسلام تدعو إلى نفسها بنفسها ، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار … إنها رسالة الفطرة السليمة والأخلاق الكريمة ، والسياسة الحكيمة ، فلماذا لا تكون رسالة الإنسانية كلها ، لماذا لا تعتنقها البشرية جمعاء"( ) .

طـريـق النجــاة
ويقول المفكر علي عزت بيغوفيتش : "إن الإسلام لم يأخذ اسمه من قوانينه ولا من نظامه ولا من عبادته ، وإنما من شيء يشمل هذا كله ويسمو عليه ! من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعي باطني … من قوة النفس في مواجهة محن الزمان … من التهيؤ لاحتمال كل ما يأتي به القدَر … من حقيقة التسليم لله … إنه استسلام لله …والاسم (( إسلام )) "( ) .

الدرس الأخير
وأختم هذا الكتاب بدرسٍ يُمليه علينا التاريخ : "إن الأمة الإسلامية قد مر عليها حين من الدهر اندحرت من كل جهة ، إذ سقطت القدس بأيدي الصليبيين ، وبغداد بأيدي التتار ، ولم يبقَ إلا أن تنطبق الكماشة على قلب العالم الإسلامي (( مصر )) .
وكان السـؤال الذي يـدور في العالـم : كـم بقي من الوقت حتى يزول دين محمد ؟ " …
"فلم يمضِ سوى قرن حتى سقطت القدس في جعبة صلاح الدين ، والقسطنطينية في جعبة محمد الفاتح ، وكان السؤال الذي تتردد أصداؤه في العالم : هل سيقف شيءٌ في وجه دين محمد؟".
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيْئًا } ( ) .
***
ختــام ودعــاء

لدى قيامنا برحلة كثيراً ما نفتح حقائبنا لنكتشف أننا قد نسينا بعض المتاع! فنأسف ونحزن ، ولا يُخفف حزننا إلا فرحنا بأننا أنجزنا الرحلة ، وصاحبنا الجمال ، وجدّدنا الحياة … والكمال لا يُنال وإنما يُسعى إليه …
فتقبّل يارب ما كان طيباً ، وتجاوز عن عثرات القلم ، واغفر اللهم لمن مرت عينه على كلماتي ، فآخت أفكاره أفكاري ، فراح يدعو الناس لأفكارنا … وراح يسأل الله ربّه ، أن يغفر لي ذنبي ويغفر له ذنبه …
اللهم : حُجّتنا لديك حاجتنا إليك ... وكنزنا عجزنا بين يديك …
اللهم : سبيلنا إليك ، إنعامك علينا .. وشفيعنا لديك ، إحسانك إلينا …
إلهنا : ما أقربك ممن دعاك … وما أحلمك على من عصاك …
فلا تبعد اللهم من اقترب منك ، ولا تطرد اللهم من ابتعد عنك …
اللهم : حاشاك أن تمنع من يسألك ، وأنت تغضب على من لا يسألك ..
اللهم : قد وهبتنا التوحيد بلا سؤال ، فلا تحرمنا رضاك مع السؤال ..
اللهم : لا نظنُّ تردّنا في حاجة قد أمضينا أعمارنا ونحن نطلبها منك ..

ناجيت ربَّ العالــمينْ في هـدأة الليــل الحزيـنْ
واقبل دمـــوع التائبينْ أرشــدْ جميــعَ الحائرينْ
حتى ترى النور المبينْ( ) وافتح عيــون الغافلــينْ

اللهم نوِّر أعمارنا بالدين .. وزيّن أقلامنـا باليقين .. وثبّت أقدامنا في الميادين .. وأعنّا كي نخرج من أغوارنا وأغوار الكون كل طاقاتٍ خفين .
"أعوذ بك اللهم أن أَظْلِمَ أو أُظْلَم ، أو أَعتدي أو يُعتدى عليّ ، أو أكتسب خطيئة مُحبطة ، أو ذنباً لا يُغفر ..
{ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }( ).
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمينَ }( ).
وفي كل نهاية يطيب الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على خاتم النبيين .

***
قائمة بأسماء المراجع
-------------

(( ركائز الإيمان بين العقل والقلب )) العلامة محمد الغزالي
(( ظلام من الغرب )) محمد الغزالي
(( الغزو الثقافي يمتد في فراغنا )) محمد الغزالي
(( التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام )) محمد الغزالي
(( جيل النصر المنشود )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( العقل والعلم والقرآن الكريم )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( الإسلام حضارة الغد )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( مدخل لمعرفة الإسلام )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( كيف نتعامل مع القرآن العظيم )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( الصبر في القرآن الكريم )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( مسلمة الغد )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( الثقافة العربية الإسلامية ، بين الأصالة والمعاصرة )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( المبشرات بانتصار الإسلام )) الدكتور يوسف القرضاوي
(( أزمة الفكر الإسلامي الحديث )) الدكتور محمد عمارة
موسوعة (( مقدمات العلوم والمناهج )) العلامة أنور الجندي
(( آفاق جديدة للدعوة الإسلامية في عالم الغرب )) العلامة أنور الجندي
(( أضواء على الأدب العربي المعاصر )) العلامة أنور الجندي
(( إظهار الحق )) العلامة رحمة الله الهندي
(( الإسلام والمسيحية مع العلم والمدنية )) الإمام محمد عبده
(( رسالة التوحيد )) الإمام محمد عبده
(( الحوار دائماً وحوار مع مستشرق )) الدكتور شوقي أبو خليل
(( الإسلام في قفص الاتهام )) الدكتور شوقي أبو خليل
(( الإسلام نهر يبحث عن مجرى )) الدكتور شوقي أبو خليل
(( التسامح في الإسلام )) الدكتور شوقي أبو خليل
(( الحضارة العربية الإسلامية )) الدكتور شوقي أبو خليل
(( دور الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوربية )) الدكتور شوقي أبو خليل – أ. هاني المبارك
ديوان (( قلب ورب )) للشاعر عمر بهاء الدين الاميري
(( هكذا كانوا يوم كنا )) الدكتور حسان شمسي باشا
(( الإسلام والمبادئ المستوردة )) الدكتور عبد المنعم النمر
(( سقوط الحضارة الغربية )) الأستاذ أحمد منصور
(( النفوذ اليهودي في الإدارة الأمريكية )) الأستاذ أحمد منصور
(( المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي )) الدكتور عماد الدين خليل
(( حول تشكيل العقل المسلم )) الدكتور عماد الدين خليل
(( القرآن الكريم من منظور غربي )) الدكتور عماد الدين خليل
(( تهافت العلمانية )) الدكتور عماد الدين خليل
(( في التأصيل الإسلامي للتاريخ )) الدكتور عماد الدين خليل
(( فوضى العالم في المسرح الغربي المعاصر )) الدكتور عماد الدين خليل
(( الفن والعقيدة )) الدكتور عماد الدين خليل
(( مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي )) الدكتور عبد الكريم بكار
(( العولمة )) الدكتور عبد الكريم بكار
(( تجديد الوعي )) الدكتور عبد الكريم بكار
(( من أجل انطلاقة حضارية شاملة )) الدكتور عبد الكريم بكار
(( مدخل إلى التنمية المتكاملة )) الدكتور عبد الكريم بكار
(( حتى يتحقق الشهود الحضاري )) المفكر عمر عبيد حسنة
(( منهجية الاقتداء )) المفكر عمر عبيد حسنة
(( نظرات في الإسلام )) الدكتور محمد راتب النابلسي
(( عصارات – كلمات في المنهج والنقد والحب )) الدكتور محمود عكام
(( الإسلام والإنسان )) الدكتور محمود عكام
(( لمَ أسلم هؤلاء الأجانب )) محمد عثمان عثمان
(( شمس الإسلام تشرق من جديد )) محمد عثمان عثمان
(( محمد في الآداب العالمية المنصفة )) محمد عثمان عثمان
(( هؤلاء المثقفون اختاروا الإسلام )) محمد عثمان عثمان
(( وحي القلم )) الأديب العلامة مصطفى صادق الرافعي
(( روائع إقبال )) العلامة أبو الحسن الندوي
(( المد والجزر في تاريخ الإسلام )) العلامة أبو الحسن الندوي
(( الطريق إلى المدينة )) العلامة أبو الحسن الندوي
(( هل اليهودية التلمودية دين ؟! )) الدكتور سامي عصاصة
(( الفكر الإسلامي في مواجهة الغزو الثقافي في العصر الحديث )) الدكتور مصطفى حلمي
(( رجال ونساء أسلموا )) عرفات كامل العشي
(( عظماء ومفكرون يعتنقون الإسلام )) محمد طماشي
(( الإمام الغزالي )) صالح أحمد الشامي
(( الإسلام )) العلامة الدكتور أحمد شلبي
(( المسيحية )) العلامة الدكتور أحمد شلبي
(( في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي )) محمد حسين فضل الله
(( حوارات مع مسلمين أوربيين )) الدكتور عبد الله الأهدل
(( حوارات مع أوربيين غير مسلمين )) الدكتور عبد الله الأهدل
(( محمد في الكتاب المقدس )) عبد الأحد داود ، ترجمة فهمي شما
(( الإسلام على مفترق الطرق )) محمد أسد ، ترجمة د. عمر فروخ
(( الطريق إلى الإسلام )) محمد أسد ، ترجمة عفيف البعلبكي
(( يوميات مسلم ألماني )) مراد هوفمان ، ترجمة عباس العماري
(( الطريق إلى مكة )) مراد هوفمان
(( الإسلام كبديل )) مراد هوفمان ، ترجمة عادل المعلم
(( الصراع من أجل الإيمان )) د. جيفري لانغ ، ترجمة د. منذر العبسي
(( حتى الملائكة تسأل )) د. جيفري لانغ ، ترجمة د. منذر العبسي
(( إنجيل برنابا )) ترجمة الدكتور خليل سعادة
(( صرخة في واد )) للشاعر محمود غنيم
(( حاضر العالم الإسلامي )) مع تعليقات الأمير شكيب أرسلان ترجمة عجاج نويهض
(( يا إلهي )) ديوان شعر للشاعر محمد التهامي
(( أمريكا والإسلام – تعايش أم تصادم؟ )) الدكتور عبد القادر طاش
(( أمريكا – السقوط والحل )) مختار المسلاتي
(( التبشير والاستعمار )) الدكتور عمر فروخ ومصطفى الخالدي
(( الإسلام والغرب والديموقراطية )) جودت سعيد ، عبد الواحد علواني
موسوعة (( النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين )) الدكتور محمد رجب البيومي
(( إنه الحق )) هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمكة المكرمة
(( مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي )) المفكر مالك بن نبي
(( رحلات )) الدكتور عبد الوهاب عزام
(( المثاني )) الدكتور عبد الوهاب عزام
(( الأوابد )) الدكتور عبد الوهاب عزام
(( وهذه مشكلاتنا )) الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
(( مناهج التربية الإسلامية )) الدكتور ماجد عرسان الكيلاني
(( جناح جبريل )) د. محمد إقبال ، ترجمة محمود غازي ، الصاوي شعلان
(( فلسفة إقبال )) الصاوي شعلان ، ومحمد حسن الأعظمي
(( حقائق الإسلام وأباطيل خصومه )) الأديب عباس محمود العقاد
(( الإسلام دعوة عالمية )) الأديب عباس محمود العقاد
(( ما يقال عن الإسلام )) الأديب عباس محمود العقاد
(( الصحائف )) الأديبة مي زيادة
(( المساواة )) الأديبة مي زيادة
(( بين الجزر والمد )) الأديبة مي زيادة
(( رجاء جارودي وحضارة الإسلام )) أمينة الصاوي ، ود. عبد العزيز شرف
(( لماذا أسلمت )) إعداد محمد عثمان الخشت
(( مقدمة في علم التفاوض الاجتماعي والسياسي )) الدكتور حسن محمد وجيه
(( المفكرون العرب ومنهج كتابة التاريخ )) وليد نويهض
(( الغارة على العالم الإسلامي )) ل. شاتيلييه
(( حِكَم النبي محمد )) ليف تولستوي ، ترجمة سليم قبعين
(( شمس الله تسطع على الغرب )) زيغريد هونكه ، ترجمة فاروق بيضون ، وكمال دسوقي
(( حضارة العرب )) غوستاف لوبون ، ترجمة عادل زعيتر
(( حياة الحقائق )) غوستاف لوبون
(( الإسلامية والمسيحية )) أليكسي جورافسكي ، ترجمة د. خلف محمد جراد
(( الإسلام والعرب )) روم لاندو ، ترجمة منير البعلبكي
(( الاستشراق )) إدوارد سعيد ، ترجمة كمال أبو ديب
(( عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة )) جاك بيليت ، ترجمة السيد محمد عثمان
(( الإسلام قوة الغد العالمية )) باول شمتز ، ترجمة د. محمد شامة
(( العالم الإسلامي وقضاياه التاريخية )) بيانكا ماريا سكارسيا ، ترجمة سمير سعد
(( سر إسلام الأمريكيات )) الباحثة كارول أنوي ، ترجمة محمد عبد العظيم علي
(( سيرتي الذاتية )) جان بول سارتر ، ترجمة د. سهيل إدريس
(( قصة الحضارة )) ول ديورانت
(( الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية )) د. روجيه جارودي ، ترجمة حافظ الجمالي
(( مستقبل الإسلام في الغرب )) روجيه جارودي ، د. رفيق المصري
(( بين الأمل والتاريخ )) بيل كلينتون ، ترجمة محمد جميل قصاص
(( القرآن الكريم والعلم العصري )) د.موريس بوكاي ، ترجمة فودي سوريبا كمارا
(( دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة )) الدكتور موريس بوكاي
(( آمنت بربكم فاسمعون )) إميلي براملت
(( سقوط الحضارة )) كولن ولسون ، ترجمة أنيس زكي حسن
(( قوة الأشياء )) سيمون دي بوفوار ، ترجمة عائدة إدريس
(( الديوان الشرقي للمؤلف الغربي )) يوهان غوته ، ترجمة عبد الرحمن بدوي
(( جوته والعالم العربي )) كاتارينا مومزن ، ترجمة الدكتور عدنان عباس علي
(( الإنسان ذلك المجهول )) ألكسيس كارليل ، ترجمة شفيق فريد
(( الإنسان والإسلام ومدارس الغرب )) الدكتور علي شريعتي ، ترجمة عباس الترجمان
(( الشرق في أدب غوته )) عبد الرحمن صدقي
(( قصائد شرقية )) ألكسندر بوشكين
(( الإسلام والغرب – إشكالية التعايش والصراع )) الدكتور سمير سليمان
(( الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي )) الدكتور محمد البهي
(( الإسلام والغرب – الحاضر والمستقبل )) زكي الميلاد ، تركي الربيعو
(( التنصير والاستعمار )) عبد العزيز كحلوت
(( بالقرآن أسلم هؤلاء )) عبد العزيز الغزولي
(( بنية التخلف )) إبراهيم البليهي
(( الإسلام فوبيا – عقدة الخوف من الإسلام )) مصطفى الدباغ
(( تاريخ الأديان )) الدكتور محمد زحيلي والدكتور يوسف العش
(( النصرانية من التوحيد إلى التثليث )) الدكتور محمد أحمد الحاج
(( تذكار جيتي )) عباس محمود العقاد
(( التفكير فريضة إسلامية )) عباس محمود العقاد
(( الكشكول )) العلامة الدكتور حسن ظاظا
(( حافظ شيرازي )) الدكتور إبراهيم الشواربي
(( أم القرى )) عبد الرحمن الكواكبي
(( دموع قديمة )) الدكتور محمد جميل غازي
(( ابن باديس )) عمار الطالبي
(( رياح التغيير )) جودت سعيد
(( البحث عن الحقيقة الكبرى )) المهندس عصام قصاب
(( أحبك ربي – نجاوى شعرية )) الدكتور عبد المعطي الدالاتي
(( عطر السماء – حُداء للبنين والبنات )) الدكتور عبد المعطي الدالاتي
(( أبحث عن هوية )) الأستاذ عبد الحكيم بحلاق
(( الإعلان الإسلامي )) المفكر علي عزت بيغوفتش ، ترجمة محمد يوسف عدس
(( الإسلام بين الشرق والغرب )) المفكر علي عزت بيغوفتش ، ترجمة محمد يوسف عدس
(( أباطيل وأسمار )) العلامة اللغوي محمود شاكر
(( اللغة العربية ومكانتها بين اللغات )) الدكتور فرحان السليم

***
الفهرســت
الإهداء ………………………………………………………………………………… 2
صفحة من القرآن الكريم ………………………………………………………… 3
صفحة من الحديث الشريف ……………………………………………………… 4
صفحة من العهد القديم …………………………………………………………… 5
صفحة من الأناجيل ………………………………………………………………… 6
المقدمة : ربحت محمداً ولم أخسر المسيح ……………………………………… 8
الفصل الأول : التصور الإسلامي للمسيح ……………………………………… 16
الفصل الثاني : شهادات الذين أسلموا ………………………………………… 27
الفصل الثالث : المد الإسلامي في الغرب : آفاقه – عوائقه – بصائر وبشائر 74
الفصل الرابع : الإسلام وحضارته : رؤى غربية منصفة ……………………… 113
الفصل الخامس : الحضارة الغربية في قفص الاتهام : رؤية من الداخل …… 132
الفصل السادس : الحضارة الغربية في قفص الاتهام : رؤية من الخارج …… 150
الفصل السابع : المستقبل للإسلام ………………………………………………… 166
ختام ودعاء ………………….………………………………………………………… 176

***

المؤلف في سطور :

- من مواليد مدينة حمص ، سورية ، عام 1961غ
- نال شهادة (دكتور في الطب البشري) من جامعة دمشق عام 1985غ .
- نال شهادة (ماجستير في الأحياء الدقيقة) من جامعة دمشق 1989غ .
- نال (إجازة في اللغة العربية وآدابها) من جامعة حلب عام 1993غ .
- نال شهادة (الاختصاص في الدمويات) عام 1996غ .
- دَرس علوم (الشريعة الإسلامية) في كلية الشريعة بجامعة دمشق .
- دَرس (اللغة الإنجليزية وآدابها) في كلية الآداب بجامعة البعث .
- المؤلفات والبحوث :
- المنشورة:
- (ربحت محمداً ولم أخسر المسيح ) - نشر مؤسسة الرسالة والدار المتحدة .
- (عطر السماء – حُداء للبنين والبنات ) – لحن قصائده المنشد مأمون عبد السلام ، نشر مؤسسة الرسالة والدار المتحدة.
- ( أحبك ربي – نجاوى شعرية ) – نشر دار الفكر بدمشق .
- لحّن قصائده المنشدون: محمد العزاوي، ومصطفى الجعفري وإيهاب أكرم..
- (أمنية العمر) – ديوان شعر لحن قصائده المنشدان محمد العزاوي ومأمون عبد السلام. نشر مؤسسة الرسالة والدار المتحدة.
- ( إليك حواء ) – قصائد للمرأة المسلمة ، نشر مؤسسة الرسالة والدار المتحدة.
- (لكُم يغنّي الربيع ) – ديوان شعر للأطفال ؛ نشر مؤسسة القمر الصغير. صدر ملحّنا بصوت المنشد عماد رامي .
- (لحن البراءة ) - ديوان شعر للأطفال ؛ نشر مؤسسة القمر الصغير.
- ( عيون القمر) - ديوان شعر للأطفال ؛ نشر مؤسسة القمر الصغير.
- نشر مقالاته وبحوثه وقصائده في موقع صيد الفوائد ، وموقع الإسلام اليوم ، وموقع لها، ولها أون لاين ،ومجلة الفاتح و في سواها من المواقع والمجلات .
- ومن مؤلفاته المخطوطة :
- ((في ظلال الرسول)).
- ((في ظلال القلم)).
- ((محمد والحياة)).
- ((مصباح الفكر)) - خواطر مرسلة -.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك