الفنون الإسلامية والفنون الغربية

الفنون الإسلامية والفنون الغربية

هانز غاوبه(*

المقدمة: الفن – الفن الإسلامي

في كل العصور التاريخية وفي كُلِّ أصقاع العالم كانت الرغبةُ الإنسَانيةُ في الإبداع من وراء إنجاز أعمالٍ فنية. وتتراوح تلك الأعمال مابين التمائم الصغيرة، والأشياء المعدة للاستعمال اليومي، والجواهر، والزجاج، والمصنوعات الخزفية الجميلة، والنحاسيات، والحفر على الخشب؛ إضافةً لأعمال النجارين والحِرَفيين الآخرين في المباني الضخمة والتزيينات، سواء أكانت رسوماً تجريديةً وتصاوير أم كانت منحوتاتٍ وتماثيل.

وليست هناك تعريفاتٌ للفنّ لدى المسلمين، ولا نظريات من حوله تُشبه تلك المتداولة في الغرب. وقد دفع ذلك بعض الدارسين للذهاب إلى أنه ليس في الإسلام فنون تُشبه الفنون الغربية. وهذه وجهة نظر ضيِّقة الأُفُق، تستند إلى مفهومٍ للفنٍ يقصره أصحاب هذه الوجهة على التصوير أو صنع التماثيل للإنسان والحيوان والأشياء أو الحقول والروابي والغابات، كما جرى التعارُف عليه في الغرب. وهناك الرأي القائل: إنّ الفن لا بد أن يعكس عواطف ومشاعر. وفي كل ذلك شيء من الحقيقة. بيد أنّ الفن الإسلامي لا يمكن مقارنتُهُ بالفنون الغربية أو قياسه عليها بشكلٍ سطحي. فللفن الإسلامي قواعده ومجالاته، وهو يشمل كل مجالات الفن، بما في ذلك مجال التصوير. وقد ظهر في تلك الأصقاع الواقعة تحت تأثير إيران وآسيا الوسطى وتركيا والهند. وهذا لا يعني أنّ فناني الإسلام هؤلاء كانوا أقلّ حماساً لدينهم من أهل الأقطار الأُخرى في العالم الإسلامي. وفي تلك النواحي نجد مختلف أنواع الفنون وأشكالها؛ فلا فَرْق من هذه الناحية بين الغرب والشرق، وهذا يدحض القول بأن في الغرب تصويراً فنياً، ولا كذلك في الشرق الإسلامي.

ولذا فإنّ الذهاب إلى أنّ التصوير محرَّمٌ في الإسلام يقف على أقدامٍ قصيرةٍ ومزعزعة. وليس في القرآن والحديث ما يفيد على القطع بحرمة التصوير. وفي الآيات القرآنية (5: 92، 6: 74) هناك تحريمٌ لعبادة الأصنام والأوثان وليس للتصوير. والأمر ذاته يمكن قولُهُ عن مرسوم يزيد الثاني عام 721م، والذي أمر فيه بتدمير كل التصاوير الدينية. وإذا كان هذا المرسوم قد صدر بالفعل، فإنه كان ضد رسوم وتصاوير القديسيين في الكنائس المسيحية، وليس ضد التصوير بحدّ ذاته. ولا يمكن تصوُّر يزيد الثاني باعتباره رائداً في عمليات تحطيم الصُوَر؛ ففي زمنه كان الموقف الأُموي من الصوَر قد تحدد من خلاله والده الوليد بن عبد الملك (الوليد الأول)، والذي يمتلئ جامعُهُ الكبير بدمشق بالتزيينات والصُوَر الموضوعة على الموزاييك. ومن اللافت أنّ تزيينات الموزاييك لا تحتوي على تصاوير لكائنات حية مثل البشر والطيور أو الأسماك. ونشهد عكس ذلك في قصر الوليد الأول المعروف بقُصير عمرة بشرق عمّان بالأردن. فهناك سمح الوليد بكل أشكال التصوير للحيوان والإنسان. وهكذا فإنّ مبدأً واضحاً بشأن التصوير للأحياء كان قد تكوَّنَ أيام الوليد الأول (705-715م): فالجائز هو التمثيل والتصوير الحيُّ أو للكائنات الحية في المباني والجهات المدنية، وليس في المعابد الدينية. وهذا يعني أنه وُضع خطٌّ واضحٌ بين المباني الدينية والأُخرى الرسمية منذ أيام الوليد بن عبد الملك.

وكان هناك من قال: إنّ التحفظ على تصوير الكائنات الحية هو ميلٌ ساميٌّ عام، وقد أنكر بعضُ العلماء ذلك باعتبار أنّ الحجة حُجةٌ إثنية. لكنّ الواقع أنّ هذا الأمر يمكن الاستدلالُ عليه بما يأتي:

1- ليس هناك شكٌّ في وجود تحفظ يهودي على التصوير والرسم والتماثيل؛ ففي العهد القديم عدة نصوصٍ تؤكّد ذلك. وقصة يعقوب مع الحجر تقصد إلى النهي عن ذلك.

2- في البتراء- عاصمة دولة الأنباط العربية- عدة لوحاتٍ على الصخور أو الشواهد والنُصُب تتميز بطابعها التجريدي في الإشارة إلى الآلهة. وهي تُشبه في ذلك حجر يعقوب. وهكذا فهي تعبّر عن الأُلوهية بطريقةٍ غير تصويرية أو تشبيهية. وأشهر الأمثلة على ذلك اللوحتان على النُصُبَين أمام الضريح المرمري بالبتراء.

3- في الأجزاء الشرقية من سورية- وبخاصةٍ في النواحي الصخرية بشمال شرق البلاد- نجد أشكالاً هندسيةً تجريديةً على الكنائس وعلى البيوت الخاصة، من حقبة ما قبل الإسلام. والمعروف أنّ تلك النواحي بجنوب شرق حلب- مثل زَبَد- كانت تقطنها قبائل مسيحية عربية، كما تدل على ذلك النقوش الكتابية العربية الأُولى على الصخور.

4- وفي الأردنّ جرى اكتشاف أرضيات وسقوف كنائس من فترة ما قبل الإسلام، عليها تزييناتٌ تجريديةٌ منقوشةٌ في الموزاييك. وبذلك فيمكن الربْطُ بين هذه التجريديات والتوحيد بين المسيحيين العرب من اليعاقبة، والذين ما كانوا يتسامحون في مسألة الصُوَر والتماثيل في كنائسهم.

وبعد هذا العرض الموجز لمسألة الفنون والفروق بين الإدراك الإسلامي والغربي له؛ فإنه يمكن تقديم تعريف أوَّلي له؛ فالفنُّ هو نشاطٌ إنسانيُّ واعٍ، الغرضُ من ورائه تشكيل المحيط بطرائق جمالية. مثل الخطوط المتموجة على عنق فخّارية، أو التصاوير والنقوش في قاعة استقبال، أو التيجان، والأشكال الأخرى في المباني الاحتفالية. لقد بدأ الفنُّ مع بداية الحياة الإنسانية الجماعية. وفي كل الأزمنة حاول الناس تصوير أشكال للزينة، وإعطاء معنىً مستجدّ ومقبول للمحيط الذي يعيشون فيه أو أجزاء منه.

ويملك الفنّ الإسلامي تاريخاً خاصاً، بدءًا بالتأثيرات عليه من الكلاسيكية المتأخّرة، ووصولاً إلى الهندسة الناضجة والرائعة والأصيلة للمدن والمساجد والعمائر المختلفة. لقد ظهرت دولٌ كبرى في عالم الإسلام مثل الدولتين الأموية والعباسية. وقد أدى ذلك إلى توحيد مجالات شاسعة من المدن والحواضر والأرياف، فيما بين المحيط الأطلسي ووادي جيحون. ساعد ذلك على ظهور أنماط معينة في البناء والتخطيط وإنتاج الأعمال الفنية. وعندما حدث الانقسام السياسي، ظهرت أيضاً أنماطٌ فرعيةٌ خاصة بكلّ منطقة. لكنْ لا يمكن الذهاب طبعاً إلى وجود أنماط فنية خاصة في الوحدات السياسية الخاصة. ويمكن الحديث عن أنماط (وطنية) بعد القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي في الدولة العثمانية وإيران والهند. لكن دون أن يعني ذلك الابتعاد عن المفهوم العام للفن الإسلامي، والذي يميل إلى استخدام أشكال هندسية ورسوم نباتية، مع الخط العربي بمختلف أشكاله؛ ليعطي تلك المباني قدسيةً وجمالاً ومشروعية.

وفي الوقت نفسِه؛ فإنّ التاريخ الفني الإسلامي هو جزءٌ من تاريخ الفنون في العالم. فما كانت هناك فترةٌ أو حقبةٌ ما كان فيها انفتاحٌ وتأثرٌ وتأثيرٌ بين المسلمين ومجاوريهم من المسيحيين أو رعاياهم من أهل الحضارات السابقة. وقد أفاد المسلمون من العناصر الأولية وبعض الجماليات، وأدخلوها في تجربتهم الفنية والحضارية. ويناقش علماء عديدون في معنى (الفن الإسلامي)، وأنه ليس قصراً على الشعوب التي تعتنقُ الإسلام. فقد تأثّر بالفنون الإسلامية الأوروبيون والآسيويون (الهنود) في الحقبة الكلاسيكية. كما أنّ المسلمين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تأثروا بالفنون الأوروبية. فالنقود البرونزية ذات التصاوير (غير الإسلامية) لدى الأُرتقيين بالجزيرة الفراتية تشي بتأثراتٍ من الفنون السابقة. والمقرنصات في كنائس بالرمو ذات أُصول إسلامية، رغم أنها في كنائس زينها حِرَفيون مسلمون بتكليفٍ من ملكٍ مسيحي. ومع ذلك فإننا سنحدّد الفنّ الإسلامي بأنه بدأ في القرن الهجري الأول/ السابع الميلادي مع ظهور الإسلام ودولته، وحتى ظهور الدول الوطنية الحديثة في القرنين التاسع عشر والعشرين.

الجذور

1- الحضارات الشرقية القديمة: هناك أسبابٌ تدعونا لاعتبار الحضارة الإسلامية خريفاً للهيللينية. بيد أنّ الهيللينية المبكّرة -منذ الإسكندر الأكبر وإلى الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية في القرن الرابع الميلادي- كانت أيضاً وريثةً لحضاراتٍ أقدم في الشرق. وهذا يعني أن علينا -لوضع الفن الإسلامي في سياقاته التاريخية- أن نُقدِّم بموجزٍ عن الفنون في الحضارات القديمة والكلاسيكية. والمعنيُّ بذلك: الحضارة المصرية، وحضارات ما بين النهرين، والحضارة الكنعانية والفينيقية، والحضارة الإغريقية، والحقبة الهيللينية، والحقبة الرومانية،وإيران القديمة، وآسيا الصغرى القديمة؛ وكذلك الأمر مع بيزنطة وإيران قبل الإسلام.

وحدثت الخطوة الثانية في تطور الحياة الإنسانية بعد الثورة النيوليتية، في الألف الخامس قبل الميلاد. وهو الزمان الذي بدأ فيه ظهور المُدُن والمستقرات، أو الدول والمرحلة البدائية لتلك الدول. ويقترن بذلك ظهور التنظيم السياسي والكتابة، وما يترتب على التنظيم والتدوين من ظهور الحواضر والمستقرات والأرياف المحيطة بها. فالريف لا ينشأ دون المدينة، والمدينة تحتاج في تكونها إلى ريفٍ مزدهر. ومن الناحية السوسيولوجية والاقتصادية فإنّ المُدُن هي موطنُ الحِرَف، بينما الريف موطنُ الزراعة. وتقترن بالحِرَف الخدمات (التجارة، والإدارة، والمعابد الدينية، والتسلية..إلخ). وتخدم الزراعةُ في الريف المحيط المدينة بالقوت واللحوم والموادّ الخام. أما المدينة فتخدم الريف بالمصنوعات التي ينتجها الحِرَفيون وخدمات التجار الذين يشترون ما يُنتجه الفلاّحون ويزودونهم بالأدوات المصنوعة بالمدينة وبالملابس. والمدينةُ التي لديها ريفٌ فاعلٌ هي المدينة/ الدولة. وهذه البنية كانت الأصل في بلاد ما بين النهرين. ومن المدن المشهورة هناك أوروك وكِش وأور ولاغش (حوالي 3600 ق.م). وما اقتصرت الاتصالات والتفاعلات على المدينة مع ريفها؛ بل ظهرت تفاعلاتٌ بين المدن ذاتها، بحيث تكونت أقاليم مترابطة بالحرفة والزراعة وبالتنظيم السياسي مثل المدينة/الدولة أكاد (2300ق.م)، والدولة البابلية القديمة (1750ق.م).

ومع ظهور الدول الأولى ظهرت الفنون؛ لكنّ هذا لا يعني أنه لم تكن هناك محاولاتٌ فنيةٌ بدائيةٌ من قبل. فالإنسان زَيَّنَ ملابسه وزيّن المعابد والقبور والآلهة. لكنْ مع المدينة/ الدولة تحول ذلك كُلُّه إلى حِرَفٍ مثل الحدَّادين والنجارين وصنّاع التماثيل، وبُناة المعابد والأسوار وأبواب المُدُن. وفي سائر أنحاء العالم اليوم في المتاحف آثارٌ وأدواتٌ من فنون بلاد ما بين النهرين في تلك العصور. كما أنّ هناك بقايا من المباني في العراق وفي سورية.

وفي الأزمنة نفسِها، ظهرت الفنون في مصر القديمة. بيد أنّ الطبيعة الجغرافية المختلفة ما بين العراق وما حوله وبين مصر أنتجت نظاماً سياسياً مختلفاً وفنوناً مختلفة. فبلاد ما بين النهرين شاسعة الاتّساع؛ بينما يضيق وادي النيل. وقد عاش هذان المجالان الحضاريان أحياناً في صداقة، وأحياناً في حروب. وكانت الحروب بينهما تجري في بلاد الشام (سورية ولبنان وفلسطين). وكما هو الحال في مصر وما بين النهرين، ظهرت على ساحل بلاد الشام دول المُدُن مثل صور وصيدا وبيروت وجبيل وأُوغاريت. والمدن الكنعانية والفينيقية هذه (في الألفين الثاني والأول قبل الميلاد)، تكونت فيها حضارةٌ مختلطة من تأثيرات المجالين الكبيرين السالفي الذكر.

2- الفن الإغريقي والفن الروماني: شكّلت الحضارة الكنعانية- الفينيقية دافعاً تطورياً كبيراً في أساس الحضارة اليونانية. وقد وصلت التأثيرات إلى الجزر اليونانية وإلى آسيا الصغرى اليونانية عبر قبرص بما في ذلك الألفباء الفينيقية. ولأنّ الفن الكنعاني كان متأثراً بفنون بلاد ما بين النهرين ومصر؛ فإنّ ذلك الخليط كلَّه ظهر في الفن الإغريقي الذي بدأ في القرن الخامس قبل الميلاد؛ وبخاصةٍ التماثيل والمنحوتات والرسوم والأعمال المعدنية. ومن المستعمرات اليونانية بجنوب إيطاليا ظهر التأثير اليوناني في الفن الروماني، ممزوجاً بالطبع بتأثيرات الفن الإتروسكي.

3- فنون إيران القديمة والهيللينية الشرقية: كان الفرس القُدماء ورثة الحضارات البابلية والمصرية والكنعانية والإغريقية. وفي إمبراطوريتهم التي امتدت من نهر جيحون وإلى الصحراء الليبية، ظهرت التقاليد الفنية لكل المجالات السابقة. وخير نماذج للفن الأخميني تبدو في قصور برسيبوليس وبسارد غاده. بيد أنّ الفن الأخميني ما ظهر فقط في تلك القصور؛ بل كانت له تمظهرات في بلدان البحر المتوسط. ثم قام الإسكندر بفتح الإمبراطورية الأخمينية (334-323 ق.م)، وكان ذلك إيذاناً بتغيير كبير في الفنون بآسيا. والمستعمرون الإغريقيون الذين استقروا في الشرق جلبوا معهم الخبرة والحماس للفن اليوناني، كما تأثروا بالمحيط والبيئات الموجودة. وامتدت التأثيرات إلى المباني في أفغانستان وأوزبكستان، وأعاد الفن الإغريقي تكييف الفنّ وأساليبه في آسيا الوسطى وشبه القارة الهندية. كما أنّ تلك الفنون المزيجة تأثرت بالفن البوذي. في حين أفاد الفن الفارسي من الاندفاعة الفنية البوذية، وكذلك الإغريق. وكان السلوقيون قد حكموا لأكثر من قرن بعد وفاة الإسكندر. ثم هزمهم البارثيون الذين حكموا إيران من القرن الثالث قبل الميلاد وإلى القرن الثالث بعده. وبعد احتلال الرومان لشواطئ البحر المتوسط في القرن الثاني، كانت الحرب دائمة النشوب بينهم وبين البارتيين. وكانت الحدود بينهما تقع على الفرات، وفي شرقه وغربه نشأت حضارات فنية مزدهرة اختلط فيها الإيراني بالإغريقي.

4- الكلاسيكية المتأخرة: تعبير الـ(Late Antiquity)، أي المرحلة الكلاسيكية المتأخرة يشمل العصور السابقة على الإسلام والعصور الوسطى. وهناك خلافٌ في بدايات الكلاسيكية ونهاياتها. ونحن نفرّق بين العصور الفنية هنا بانقسام الإمبراطورية الرومانية إلى شرقية وغربية في عصر الإمبراطور ديوكليتان (244- 311) في العام 285م. وقد أدى ذلك فيما بعد إلى ظهور الإمبراطورية الرومانية المقدسة في الغرب، والإمبراطورية البيزنطية في الشرق. والمَعْلَمُ الآخَرُ هو انتصار أردشير الأول (228-241م) على آخر ملوك البارتيين أرطبانوس الخامس عام 226م. أما نهاية هذه الحقبة فمع ظهور الإسلام، وفتح أجزاء واسعة من ممتلكات البيزنطيين، وإسقاط الإمبراطورية الساسانية من جانب المسلمين. وهكذا فإنَّ المرحلة الكلاسيكية المتأخرة يمكن تحديدها بما بين 250م و700م. وتتميز هذه الحقبة باستمرار النزاع بين الشرق والغرب، أي بين روما/بيزنطية من جهة، والساسانيين من جهةٍ ثانية. كما تتميز الحقبة بظهور سياسات دينية جديدة لدى الإمبراطوريتين. فقسطنطين الكبير اعتنق المسيحية حيث صارت ديناً للدولة، كما أنّ أردشير وخلفاءه اعتنقوا الزرادشتية، بينما كانت ديانةً من عدة ديانات أيام البارتيين.

في القرن الخامس، حصل الانقسام النهائي بين روما الغربية والقسطنطينية. وهكذا تبلورت في المشرق وعلى حدوده إمبراطوريتان: بيزنطية/أرثوذكسية، وساسانية/زرادشتية. وسادت بين الدولتين فترات سلامٍ وحرب، وجرى تبادل التأثير والتأثر الديني والسياسي والفني والإداري. فقد فرض الساسانيون الزرادشتية ديناً للدولة قبل أن يفرض البيرنطيون المسيحية، ثم استخدم ثيودوسيوس القوة في إزالة الوثنيات، تماماً كما فعل كارتير مع الديانات غير الزرادشتية في إيران.

واستمر العهد الكلاسيكي في تصوير وتمثيل الأشخاص والنباتات والحيوانات لدى البيزنطيين إلى أن اعتُبر ذلك فناً مسيحياً. ولا شكَّ أنّ ذلك كان بتأثير شرقي. لكنْ في القرن الرابع بدأ َشيء جديد؛ إذ صارت الصُوَر والتماثيل جامدة وفي المواجهة، بينما تتخذ الوجوه أبعاداً وتعابير غير طبيعية. فهناك إذن خصيصتان مشرقيتان: المواجهة والروحانية. ومن جهةٍ أخرى فإننا نجد تأثيراً معاكساً من الناحية الفنية. فالحروب المتعددة بين الساسانيين والبيزنطيين استتبعت تهجيراً أو نقلاً لكُتل سكانية كبيرة. فقد قام الساسانيون بأخذ الحِرَفيين والعمّال المَهَرة إلى إيران من الجهات البيزنطية التي فتحوها. وكانت هذه الطريقة من موروثات البابليين والأشوريين. والفرق أنّ القُدامى كانوا يفعلون ذلك لأسباب سياسية، أما الفرس ففعلوه لأسباب اقتصادية، وقد أدّى ذلك إلى إحداث تغييرات في الكثير من التقنيات كما في الفنون. وأبرز تلك التغييرات ملحوظٌ أيام سابور الأول. فقد اجتاح سابور أقاليم واسعة من ممتلكات الرومان في سورية وآسيا الصغرى. وعن طريق العمّال المهرة والفنانين المأخوذين من تلك الأقاليم قام ببناء عاصمته بيشابور في جنوب غرب إيران. ورجالُ الصنعة والحرفة هؤلاء جاءوا معهم بأساليب مختلفة في التخطيط والبناء والتزيين للمباني، وهي أمورٌ ما كانت معروفة في إيران. وتشير خطط المدينة إلى اختلافها عن خِطط مدينة والده أردشيرخُرّة. فأردشيرخُرّة مدينة مدوَّرة مثل المدن البارتية. أما بيشابور فهي مربعة مثل المدن الشامية. ويضاف لذلك أن المباني والأسوار فيها قائمة على الأحجار المقصوبة، وهي طريقةٌ آتيةٌ من سورية بالتأكيد. وهناك عدة أمور أُخرى مأخوذة عن الفن في أنطاكية وسورية والقسطنطينية. الملاحظ أن خلفاء أردشير ما اتبعوا خطته في بناء مدنهم فيما بعد. إلى أن جاء كسرى أنوشروان بعد عدة قرون، وقلَّد ما فعله جدُّهُ الأعلى سابور. فقد افتتح أنوشروان أجزاء واسعة من الإمبراطورية البيزنطية في سورية ومصر وآسيا الصغرى. ومن هناك أخذ الكثير من الحِرَفيين، الذين ينبغي أن يكونوا قد شيدوا قصره في تقي بستان على مقربة من كرمانشاه. وقد انتهت حروبه على بيزنطة بكارثةٍ على الطرفين؛ إذ إنها هزت أركان الدولتين، ومهدت لسرعة فوز المسلمين، فقد انتزع المسلمون أجزاء شاسعة في زمنٍ قصيرٍ من الدولة البيزنطية، كما أنهم استولوا على إيران بالكامل.

الفن الإسلامي والفن الغربي

1- الدولة الأموية (661-750م): عندما كان الإسلام يتمدد في الشرق الأوسط وشمال إفريقية وآسيا الوسطى وأجزاء من شبه القارة الهندية، ويصنع تجربته الحضارية الكبيرة؛ كانت القارة الأوروبية راقدةً في سُباتٍ عميق وفوضى هائلة بسبب انهيار الإمبراطورية الرومانية. وقد بقيت أُسرة الميروفنجيين على أجزاء من أراضي الإمبراطورية (450-751م)، وظهر منها كارل الكبير(= شارلمان) الذي أسس الإمبراطورية الرومانية المقدسة للأمة الألمانية فيما بعد. أمّا الدولة (الغربية) الوحيدة في هذه الفترة فكانت الدولة البيزنطية، والتي مرت منذ عهد جستنيان(527-565م) بفترات ضعفٍ وحروب مع الساسانيين. والفن (الغربي) لهذه الفترة هو الفن البيزنطي / المسيحي المبكّر.

صار المسلمون ورثة الإمبراطوريتين البيزنطية والساسانية معاً. ولذا فإنّ فنونهم وإدارتهم ينبغي فهمها على هذه الخلفية الحضارية والفنية والسياسية؛ فقد أفاد المسلمون من وراثة حضاراتٍ استمرت لآلاف السنين في عالم الشرق القديم وعالم البحر المتوسط. وللفن الإسلامي حقبتُهُ التكوينيةُ بالفعل. والفن الإسلاميُّ فنٌّ قروسطي. ولذلك لا بد أن يرى بالمقارنة مع الفنّ القروسطي الأوروبي؛ إذ إن لكلا الفنين نفس الأصول: الفترة الكلاسيكية المتأخّرة. فالفن الأوروبي الوسيط هو نتاج الكلاسيكية المتأخرة والبحر المتوسط، وإلى حد أقل نتاج منطقة البحر الأسود. أما الفن الإسلامي فيجد جذوره في الفترة الكلاسيكية المتأخّرة على البحر المتوسط والمناطق المجاورة. وبسبب وحدة المصدر؛ فإنّ الفنين الشرقي والغربي توأمان. وهذه التوأمة لا تقتصر على الفنّ؛ بل تتناول الحضارة أيضاً؛ لأنّ الحضارتين لهما نفس الأصول.

ليس عندنا شواهد على بدايات الفن الإسلامي قبل العصر الأموي (661-750م). ويعطينا مسجد قبة الصخرة بالقدس الانطباع الأول عن المبنى الأول والمرحلة الأولى في الفن الإسلامي. وقد بناه الخليفة الأُموي عبد الملك بن مروان عام 705م. وهو بناءٌ مستطيلٌ وفوقه قبة. وهذا الشكل مُتعارَفٌ عليه في الفن المسيحي الكَنَسي في سورية وأجزاء أُخرى من الإمبراطورية البيزنطية. وقد اتبعت الكنائس هذه الخطة في سورية وإيطاليا ولاحقاً حتى في ألمانيا (آخن). وهناك نوعٌ آخر من المباني غير الكنائس يتبع نفس الخطة، ونعني به المباني التذكارية أو المزارات التي تُقامُ للقديسين. والواقع أنّ مسجد قبة الصخرة يحمل أيضاً هذا الانطباع، كما يبدو من الآيات القرآنية المكتوبة على الإفريز المحيط بقبة المسجد. فهذه الآيات تقُصُّ أمجاد الإسلام، وتعظّم من شأنه. والأشكال المرسومة ضمن الموزاييك فيها تاج كسرى وقيصر اللذين قهرهم الإسلام. وهكذا فإن المبنى يشبه المباني المسيحية المبكّرة. الجديد هو مضامين التزيين؛ فالتزيينات في الكنائس تضمنت دائماً تصاوير لكائنات حية وغالباً من القديسين. أمّا التزيينات في الموزاييك على قبة الصخرة؛ فإنها لا تتضمن أيّ تمثيلٍ حي. وهذا ليس مصادفة؛ فمسجد قبة الصخرة مبنى ديني. ومنذ ذلك الحين -أي بعد ثمانين سنة على وفاة النبي (ص)- كان ممنوعاً رسم الكائنات الحية أو تمثيلها على المباني الدينية. وهذه القاعدة صارت أكثر وضـوحاً أيام الوليد بن عبد الملك. فالمسجد على ضخامته يتبع نفس القواعد والخطط كما في مسجد قبة الصخرة. لكنْ فيه أيضاً تجديداتٌ غير مسبوقة. وأعمال الموزاييك في المسجد الأُموي هائلة، لكنها مثل موزاييك قبة الصخرة تخلو من التشكيلات الحية. وهكذا فمنذ صدر الإسلام لا تشكيلات حية على المباني الدينية.

إنّ أعمال الموزاييك الخالية من الرسوم الحية قَصْرٌ على المباني الدينية؛ فقد جاء المسلمون إلى الشام ووجدوا الكنائس مليئةً بالتزيينات والصور التي تُقدّسُها العامة، وهذا يخالف التوحيد الإسلامي مخالفةً صارمة. وربما أدى ذلك إلى صدور الأمر من الخليفة يزيد الثاني بمنع التصاوير. وربما قام المسلمون بالنيل من الصُوَر في الكنائس أيضاً. والدليل على أنّ هذا المنع كان قاصراً على المباني الدينية أننا نجد في مباني الأُمويين غير الدينية رسوماً وتصاوير. وأقدم المباني المعروفة مبنى (قُصير عمرة) الذي كان حمّاماً، وفيه قاعة استقبال. وعلى حيطان القاعة هناك رسومٌ لعمال البناء ولأشخاصٍ آخرين. وعلى الحائط أيضاً هناك صورة للخليفة جالساً وعلى يساره أربعة ملوك هم الذين أخضعهم! ولا شكَّ أنّ الفنانين والبنائين ما كانوا عرباً أو مسلمين وإنما هم من سورية وبيزنطة ومصر وآسيا الصغرى. ونوعية الموزاييك والرسوم التجريدية ليست ممتازة. لكنها من المتعارف عليه في منطقة البحر المتوسط. وليس من المستبعد تماماً أن نقارن الموزاييك بجامع دمشق وقبة الصخرة، بأعمال مشابهة في الفن المسيحي المبكّر بإيطاليا مثلاً (روما، رافينا). وفي مبنىً أُموي آخر هو قصر الحَير الغربي على مقربةٍ من تدمر بالصحراء السورية، نجد جداراً عليه لوحةٌ مرسومةٌ لمنظر صيد. وفي حين يشير منظر الصيد في قُصير عمرة إلى تأثيرات متوسطية؛ فإنّ المنظر في قصر الحَير ذو تأثيراتٍ ساسانية. ويشير هذا إلى ذلك المزيج من التأثيرات البيزنطية والساسانية في الفن الإسلامي المبكّر. ويمكن أن نشير إلى مَثَلٍ مشهورٍ لهذا المزيج هو قصر الخَرّانة على مقربةٍ من عمّان. فالقسم الأكبر من القصر ذو هندسةٍ عراقية – إيرانية. أو مخطَّط القصر فهو من أصلٍ متوسطي؛ في حين تعود تزييناته ثانيةً إلى منحىً شرقي. والتزيينات بالجبس مستخدمة أيضاً في قصر الحير الغربي، وقصر الحير الشرقي، وجبل سيس وخربة المفجر. واستخدام الجبس في التزيين معروفٌ في المباني البارتية. وقد استُخدم في الهندسة المسيحية البيزنطية، وظلَّ يُستخدم في الغرب بعد ذلك. وهذا عنصرٌ مشتركٌ بين الفنون الإيرانية والبيزنطية والإسلامية والغربية.

ونجد في قصر الحَير الغربي وفي خربة المفجر تماثيل مصنوعة من الجبس أو الجصّ، ومن ضمنها تمثالٌ لخليفةٍ واقف، وامرأة متحررة الثياب، وتماثيل نصفية، ورؤس ومشاهد قصصية. وفي المكانين فإنّ التماثيل تبدو متقنة. وهذه التماثيل جميعاً واضحة الأصول الساسانية، فربما كان الفنان عراقياً. ونجد تماثيل غير متقنة في المشتّى قرب عمّان، وفي عنجر بلبنان، فربما كان الفنانون محليين.

2-العباسيون- الكارولنجيون- العثمانيون (9-11م): مع وصول العباسيين للسلطة عام 750م، انتقل مركز الخلافة نحو الشرق. وجرى بناء بغداد عاصمة الدولة الجديدة على مقربةٍ من المدائن عاصمة الساسانيين من قبل. وما كان ذلك مجرد مصادفةٍ أو رمز. ففي ظل العباسيين ازداد النفوذ الفارسي السياسي والثقافي، وراح الخلفاء العباسيون في بلاطاتهم يقلّدون الموروثات الساسانية التاريخية والأسطورية.

وتصادف صعود العباسيين مع تطورٍ مُماثلٍ في الغرب؛ حيث تمكن كارل الكبير (شارلمان) (742-814م) من توحيد أجزاء كبيرة من وسط أوروبا في حروبٍ دموية، ومع تلك الأجزاء أقاليم من أعالي إيطاليا ووسطها. وكان هدفه إحياء الإمبراطورية الرومانية. ولذا ففي العام 800م تُوّج شارلمان باعتباره إمبراطوراً رومانياً. وبصعوده هذا بدأت حقبة فنون العصور الوسطى. والفنون التي ازدهرت أيام الكرولنجيين كانت إحياءً للفن البيزنطي وفنون الحقبة الكلاسيكية المتأخّرة. وأشهر المباني التي تركها شارلمان كانت الكنيسة الملحقة بقصره في آخن بألمانيا. وتشبه الكنيسة الشارلمانية مسجد قبة الصخرة بالقدس، لكنها أوسع وأعلى، ولها قبةٌ مبنيةٌ بالحجارة، وفي أعلاها من الداخل تزيينات الموزاييك.

وقد كان لشارلمان موقفٌ واضحٌ من النقاشات حول الصُور التي كانت ما تزال دائرة في زمنه. فقد سمح بالصور والتماثيل بداخل الكنائس وخارجها، لكنّ أحداً ما كان مجبراً على تقديسها أو الصلاة أمامها. وما بقي كثيرٌ من تلك الصور والتماثيل؛ لكنّ الكتب الكثيرة الباقية تعطي فكرةً عن روعتها. من بينها صُوَرٌ لحواريي المسيح جالسين، وهي تُشبه المشاهد في قُصير عمرة. أما الفن الكارولنجي فيحاول تجديد التقاليد القديمة، وأمّا الفن الأُموي فيتابع تلك التقاليد؛ ولذلك يتشابهان.

وتتميز هندسةُ ما بعد الكارولنجيين (بعد 919م) بظهور الكاتدرائيات الضخمة والتي تُتابع التقاليد المسيحية المبكرة. وهناك نماذج جيدة لهذا الفن المسيحي في شمال غرب سورية. الجامع الكبير بدمشق يقع في التقليد نفسه. وفي القرن التاسع الميلادي بُنيت الجوامع في الغرب الإسلامي. ولا نجد مباني مشابهةًً في أوروبا. وهذا الافتراق نجده في أنواع فنية أُخرى. فالخزفيات شهدت تقدماً كبيراً، ومضت إلى أسبانيا فأوروبا فيما بعد من خلال البندقية. وليست هناك غير نماذج قليلة للتصوير من سامراء، وهي تُظهر تأثيراً بيزنطياً؛ لكنّ التأثير الصُغدي (آسيا الوسطى) يظلُّ وارداً. أمّا في الغرب فإنّ التماثيل واللوحات صارت مَعْلَماً رئيسيا في الهندسة البنائية. وظهرت تزيينات الكتب وتجليداتها لدى الطرفين. لكن النماذج من الجانب الإسلامي في هذه المرحلة نادرة؛ بحيث لا يمكن الحكم على اتجاهات التأثُّر.

3- الأُسَرُ المحلية – الحقبة الرومانسكية (11-13م): مع تحطُّم وحدة الدولة العباسية، تراجع التأثير العراقي في الفنون الإسلامية؛ لتتخذ تلك الفنون طوابع محليةً بعض الشييء. بعض الدويلات/ المدن قامت واستجلبت اعترافاً من الخلافة ببغداد، والبعض الآخر قام في مواجهة العباسيين. وأهمُّ تلك الدول الدولة الفاطمية التي قامت بالمغرب وامتدت إلى مصر والشام. والنموذج الفني للدولة الفاطمية بالمشرق هو النموذج المتوسطي، ولذلك تأثر بالنموذج الأُموي مع عناصر جديدة فارقة. أمّا الدول التركية في العالم الإسلامي، وأشهرها في هذه الحقبة الغزنويون والسلاجقة؛ فإنها تميزت سياسياً أكثر مما تميزت من الناحية الفنية. ونعرف في هذه الحقبة من شرق إيران عدداً كبيراً من المصنوعات البرونزية فيما بين القرنين الخامس والسابع للهجرة/الحادي عشر إلى الثالث عشر للميلاد. وتتضمن التزيينات الكتابات والتصاوير والترقيشات. كما انتشرت مصنوعات نحاسية وفضية في القرن الثاني عشر الميلادي؛ تتضمن مناظر صيد وأشكال شبيهة بأبي الهول وشارات فلكية. وفي نطاق سلطة السلاجقة انتشرت (الفنون الصغيرة) في المصنوعات المعدنية والسيراميك والأخشاب التزيينية. وفي العصر السلجوقي تميزت أبنية المساجد في إيران، وظهرت قبابٌ تحتها إيوان واسع أمام المحاريب. وصارت المآذن دقيقة ورفيعة العلوّ. وحصيلة ذلك مساجد من نوعٍ هندسيٍ جديد. وقد اعتبر السلاحقة أنفُسَهم دُعاة النزعة السُنّية الجديدة. ولذلك استخدموا إلى جانب المساجد المدارس للتعليم، ولبناء النُخَب الموالية لهم. وبذلك انتشرت هندسةٌ معينةٌ من المدارس التي امتدت من إيران إلى العراق وسورية ومصر وشمال إفريقية.

وفي الغرب سُمّيت الحقبة بين الحادي عشر والثالث عشر الميلادي حقبة الرومانسك. وتتميزالهندسة الفنية الرومانسكية ما قبل القوطية بالأقواس المدوَّرة، التي حلّت محلّها القوطيات فيما بعد. وتتميزهذه الفترة من الناحية السياسية بظهور الصراع بين البابا والإمبراطور (1075-1122م)، وبالحروب الصليبية. وقد حفل الجسم الظاهري للكنائس بالتزيينات التي امتدت إلى أبواب الكنائس والقاعة الافتتاحية. ومعظم التزيينات والأشكال غير طبيعية، وهي ذات معانٍ رمزية. وفي تلك التزيينات صور شيطانية لمنع الشر من دخول الكنائس. وفي الأعالي فوق المدخل مشاهد ليوم الحساب الأخير أو الزمن النشوري. أما الجدران فعليها رسومات ومشاهد من العهد القديم وأساطير القديسين. وهي تشبه في ذلك ما عُرف لدى البيزنطيين. وفي العصر الرومانسكي هذا صارت النوافذ الزجاجية بالغة الانتشار. وتُشبه الرسومات عليها ما كان على الجدران.

ويتميز الفنُّ الإسلامي في هذه الحقبة بظهور الهندسة الجديدة للمدارس، والأشكال الجديدة من المساجد العائدة للسلاجقة.

إنّ الحقبة الواقعة بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر غطتها أحداث الحروب الصليبية، وللحروب الصليبية أسبابٌ لا يمكن نقاشُها في هذا السياق. وفيما بين 1095 (الحملة الصليبية الأولى) و1272(النهاية المأساوية للحملة الصليبية التاسعة) جاءت إلى الشرق جيوشٌ صليبيةٌ مختلفة الأحجام والأهداف؛ بقصد السيطرة على شواطئ المتوسط ومصر. وظهرت خلال ذلك ممالك صليبية صغيرة مختلفة الأعمار في أجزاء من تركيا المعاصرة وغرب فلسطين، وقامت علاقات سلامٍ وتجارةٍ أحياناً بين الصليبيين ومجاوريهم العرب في الإمارات المتكونة. وكانت مدينتا البندقية وجنوه بإيطاليا المستفيد الرئيس من التجارة المتوسطية.وكان الشرق هو الطرف المُعطي في التجارة والثقافة والفنون. وصُدِّرت الصناعات المعدنية والزجاجية من مصر والشام إلى أوروبا، وحصلت على إعجابٍ كبير. وكذلك الأمر مع صناعات الأنسجة وتزييناتها. وحصل تمازُجٌ بين الطرفين في الهندسة العسكرية للقلاع؛ فالحصون الصليبية الأولى كانت بسيطة وتعتمد على الأخشاب، ثم تأثرت بالهندسة الشرقية، وصارت أبنيةً حجريةً هائلة الأحجام. ولا ينبغي نسيان التأثير الشرقي على الهندسة القوطية التي ظهرت فيما بعد.

4- المغول، والمماليك، والتيموريون- الحقبة القوطية (13-16م): فيما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر اجتاح المغول مشرق العالم الإسلامي، وسيطر المماليك على مصر والشام بعد الانتصار على الصليبيين. وقد ازدادت الأشكال الفنية اكتمالاً بعد استيلاء المغول على إيران وأرجاء من الشرق الأوسط. وفي هذا السياق تطورت التزيينات والرسوم على الكتب والنصوص. وبدا ذلك في مخطوطات الشاهنامة. وصارت كلٌّ من تبريز وشيراز مراكز للكتب الملوَّنة والمرسومة. فمهَّد ذلك لفنون المرحلة اللاحقة.

أما مصر وسورية فصارتا أيام المماليك مراكز للفنون الغنية في سائر النواحي والأنواع؛ أي في المباني الدينية وقصور السلاطين والأُمراء. وظهرت هندسةٌ جديدةٌ للمآذن ومداخل المساجد وبأشكال شتّى. وقد غيّرت فعاليات المماليك العمرانية من شكل القاهرة ودمشق وحلب والقدس والمدن الأخرى. أما الصناعات والحِرَف فتناولت الأنسجة والسجاد والنحاسيات والخزفيات والزجاجيات.

أما حملات تيمور فشكّلت مرحلةً جديدةً في تاريخ الفن الإسلامي. فهو لم يضمّ إلى مملكته أجزاء واسعة من العالم الإسلامي وحسب؛ بل جلب معه إلى عاصمته سمرقند الحِرَفيين والفنانين الذين شيدوا وزينوا الكثير. وقد حصل ذلك من قبل مع غيره، لكنّ تلك المركزية بلغت حدوداً قصوى مع تيمور. وبعد وفاته ظلّ الفنانون يعملون في سمرقند وهراة وشيراز وتبريز، ووجدوا رُعاةً ذوي أذواق عالية تركت آثاراً هائلةً في سائر المدن.

وفي الغرب بدأت الحقبة القوطية (وتعود هذه التسمية مثل الرومانسك إلى القرن التاسع عشر) التي جاءت بجديد راديكالي في سائر الفنون. ولا شكَّ أنّ بين أسباب التغييرالنهاية المأساوية للحروب الصليبية. ثم الصراع بين البابا والإمبراطور أيام الشتاوفيين. وأدّى ذلك إلى ازدهار المدن في شمال إيطاليا. وظهر التجار والفنانون والصناعيون- ما قبل الثورة الصناعية- والذين حصلوا على استقلالية نتيجة التنافس بين البابا والإمبراطور، وهؤلاء البورجوازيون -الذين اكتسبوا وعياً جديداً، وثراءً واسعاً- أتوا بأفكار جديدة، وكلّفوا فنانين ببناء الكنائس والعمائر وبتزيين دُورهم ومرابعهم. وأصل هذه الروح الجديدة كانت في فرنسا. وظهرت الجدران الرشيقة، والنوافذ الواسعة، الحافلة بالزجاجات المرسومة والملوَّنة. أما تماثيل الكنائس القوطية فتختلف عن تماثيل حقبة الرومانسك. فالفنان القوطي فضّل الأشكال العادية والطبيعية. وصار من الممكن تصوير المسيح في صورة طفلٍ سعيد، ومريم في صورة أمٍ سعيدةٍ أو منزعجة. لقد رمى الفنان القوطي الماضي عن كتفيه، وصنع أشكالاً جيدة أكثر إنسانيةً وأُلفة. وبرز الفنانون الإيطاليون باعتبارهم رواد المرحلة الجيددة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر. لقد خرجوا على التقليد البنزنطي، وتعمدوا المثالية والطبيعية. وانتشرت الثورةُ من إيطاليا عبر جبال الألب. وأدت كل تلك التغييرات إلى متغيرات في التقنيات وفي إنتاج الصُوَر والتماثيل. وأقدم نماذج الحقبة استخدام الخشب في التماثيل (حوالي الـ 1400م). ثم ظهرت الأشكال النحاسية المحفورة (حوالي 1440م)، والتي جرى اتّباع أشكال رائعة في نطاقها ما تزال متميزةً حتى اليوم.

5- الدول الجديدة – الرينسانس/ الباروك (16-18م): عندما اجتاح العثمانيون أسوار القسطنطينية، عام 1453م/857هـ، صار بوسع السلطان محمد الثاني أن يعتبر نفسه وريثاً للبيزنطيين. ولذلك فقد جعل القسطنطينية/ إسطنبول عاصمةً للإمبراطورية. وأقبل الرجل على إعادة بناء المدينة، ليس من خلال مجموعة قصوره وحسْب؛ بل ومن خلال بناء مسجده الجامع، والمدارس الملحقة، والمطبخ السلطاني. وفي أيام خلفائه استمر بناء المساجد والمدارس والصروح والقصور، بحيث تحولت القسطنطينية إلى مدينة إسلامية. وجاءت هندسة الجوامع العثمانية الجديدة مزيجاً من التقاليد الأناضولية، ومن الهندسة البيزنطية ونموذجها الأبرز كاتدرائية آيا صوفيا. وتميزت الجوامع العثمانية بالقبة التي تسود المبنى مثلما هو الأمر في آيا صوفيا، مع إعطاء المعبد أبعاداً جديدة. وكان المهندس سنان أبرز معماريي وفناني المرحلة الجديدة. وخلال خمسين عاماً من عمله باعتباره رئيس مهندسي السلطان، غَّير سنان شكل إسطنبول ومرابعها. وفي الجوامع السلطانية الثلاثة التي بناها يتبين التطور في الرؤية من التزيينات المفردة في البداية، وإلى العناصر المتناسقة التي حوَّلت المعبد إلى بناءٍ منتظمٍ ذي شكلٍ جديدٍ ورائع، فيه اهتمامٌ بكل التفاصيل، لكنه -يبدو بسبب القبة والمئذنة- كأنما صُبّ في قالبٍ واحد. ويرتبط التزيين والبرقشة في الجوامع العثمانية ارتباطاً وثيقاً بصناعة السيراميك في إزنك. فمن تلك المدينة الصغيرة بشمال غرب الأناضول أتت تلك الأشكال الساحرة من البرقشات التي صارت شهيرةً بسبب ألوانها الحية، ورسوماتها الرشيقة. ففي القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، بدأ في محترفات إزنك إنتاج السيراميك الأرزق والأبيض، استتناداً إلى مخطَّطات تيمورية، وباستخدام فنّ الأرابسك. كما أنّ البورسلان الصيني لعب دوراً جاذباً في صناعة الأشكال الأُولى. وخلال القرون اللاحقة حدثت تطورات بارزةٌ لجهة التقنيات والأشكال. وفي النتيجة تشكل الطابع الخاص لسيراميك إزنك، والذي تظهر فيه الأزهار والأشكال الرائعة للفواكه والنباتات مع موتيفات صينية، وبترتيباتٍ هندسية أو حرة.

وحكم الصفويون إيران فيما بين القرنين العاشر والثاني عشر للهجرة- السادس عشر والثامن عشر للميلاد. وعندما نقل الشاه عباس الأول عاصمته إلى أصفهان، عمل على تشكيل جديد للمدينة غيّر الكثير من معالمها وأعطاها حُلّةً جديدة. وكان من ضمن التغييرات الميدان الضخم، والذي تحيط به مبانٍ ومسقوفات، ويحدُّهُ مسجدان ضخمان، وبابٌ ضخمٌ للبازار، والباب الرئيس للقصر الشاهنشاهي. ومن الهندسة والتزيين يتبين أنه حتى لدى الصفويين فإنّ فنون القصر غير فنون المسجد الجامع؛ رغم ارتباط منصبهم ارتباطاً وثيقاً بالدين والمذهب في نظرهم. وجاءت ناحية القصر الملكي منفصلةً تماماً عن باقي أجزاء المدينة. وقد أشبهت بعض الصالات بالقصر تيموريات الهشت-بِهِشْت، حيث هناك ثماني غُرف أو إيوانات تحيط بقاعةٍ في الوسط. أما النمط الآخر فكان عبارة عن قاعة مفتوحة تقود إلى غُرَف واسعة. أما الرسوم على الجدران فتُظهر شخصيات من البلاط أو محبَّين يتحدثان بحميمية. وتأتي التزيينات في صورة زهريات ونباتيات، متأثرة جزئياً بالنمط العثماني الإزنكي. في حين تستند التزيينات في المساجد إلى تقاليد إيرانية بحتة. مثل التغطية بالموزاييك للجدران والخطوط الطويلة للزجاجيات الملوَّنة والكتابات بالأزرق والأبيض أو البُنّي / الأحمر والأصفر.

وخلال العهد الصفوي جرت متابعة فنون ترقيش الكتب وتجليدها وتزويدها بالرسوم التزيينية. وقد تابع الشاه تقليد وجود فنان للقصر؛ فاستقدم خطّاطين ورسامين من أجل إنتاج أجمل الكتب. وجاء بهزاد من هراة إلى تبريز من أجل الإشراف على صناعة الكتب الرائعة. وكانت النتيجة ظهورعجائب إبداعية مثل شاهنامة طهماسب، والخمسة لنظامي في المتحف البريطاني.

والملاحظ أنه منذ العصر التيموري فإن أسماء الفنانين صارت تُذكَرُ على رسوماتهم وصناعاتهم وإنجازاتهم. والأمر كذلك في الغرب في الفترة نفسِها. وفي الغرب صار التركيز على قلب اللوحة أو المشهد حتى آخر القرن التاسع عشر؛ بينما منذ التيموريين غلب على الفنون الطابع الهندسي والتجريدي، والذي تبناه الغرب بعد ذلك. وهكذا فإنّ الرسوم التيمورية والصفوية (والصُور الأُخرى من الشرق)، تعتمد التجريد في الأصل، وقد تأتي فيها بعض المشاهد الطبيعية أو الإنسانية.

ومع صعود إمبراطورية المُغُل بالهند؛ فإنّ المجال الهندي صار مجالاً إسلامياً. وقد تعاصر ذلك مع صعود الصفويين على وجه التقريب، وكان التأثير الكبير على الفن الإسلامي الأول بالهند إيرانياً. بيد أنّ التقاليد المحلية استمرت وازدادت قوة، وشكّلت الطابع الخاصّ. ومن النماذج على الجمع بين العنصرين الهندي/ الإيراني أو الهندي/ التيموري؛ الرسوم على كتاب (حمزة نامه) الذي أنجزه فنانون في بلاط الإمبراطور أكبر. وطرائق البناء في مدينة فتح بور التي بناها أكبر لبلاطه عام 1571م. وكان أكبر نفسه قد طلب من بنّائين ومعماريين قبل سنواتٍ قليلة بناء ضريحٍ لوالده همايون في دلهي جاء مزيجاً على النحو الذي سبق ذكره. وبعد جيلين على ذلك فإنّ بناء تاج محلّ اتخذ نفس الترتيبات والتأثرات لكنّ العمل التقني والحرَفي فيه بلغ أعلى درجات الإتقان بحيث بدا جديداً وإبداعياً كلَّه.

على أنّ التغييرات الثورية التي داخلت الفنون في المجال الإسلامي منذ القرن الثاني عشر، جرى مثلها أو أكثر في المجال الغربي. فتح العثمانيون القسطنطينية، واكتشف البرتغاليون رأس الرجاء الصالح، كما جرى اكتشاف أميركا. وهذه تطوراتٌ ثلاثةٌ غيَّرت العالم. فنتيجة الفتح للقسطنطينية هرب مئات الفنانين والمثقفين والمفكرين إلى إيطاليا، فانتجوا جواً جديداً بمزج الإغريقية باللاتينية الناهضة. وفي عام 1459 أُعيد في فلورنسا افتتاح الأكاديمية الأفلاطونية التي كانت قد أُقفلت أيام جستنيان لأسبابٍ دينية. وهكذا انتشر روحٌ فكريٌّ جديد في شتى الاتجاهات. كما أنّ اكتشاف العوالم الجديدة غيّر المنظور الجغرافي للعالم. وتكدست بالتجارة الجديدة وبالمكتشفات ثرواتٌ هائلةٌ انتجت مجتمعاتٍ أوروبية جديدة. وظهرت الفردية بقوة، وجرت التفرقةُ بين الحِرَفي والفنان بقوة، وصارت للفنون سوقٌ وقيمة تجارية كبرى. وخير دليلٍ على الموقع الجديد للفنون شخصية الفنان العظيم ليوناردو دافنشي (1452-1519م). وأدّى ذلك كلّه إلى حدوث قطيعة مع الماضي الأوروبي، ومع الفنّ الإسلامي.

إنّ فنون الرينسانس أو فنون عصر النهضة تستمرُّ في استعمال المواد وبعض التقنيات الرومانية والإغريقية؛ لكنها تبذل جهداً كبيراً في إعادة النظر والمراجعة وتغيير المنظور. ففي هذا العصر تميزت الكنائس بالقاعات الضخمة التي تشبه ما كان ببيزنطة، وقد تسودُ الكنيسةُ أجزاء من المدينة أو كل المدينة كما حدث في فلورنسا عام 1420م. والمعروف أنّ القباب الضخمة ما لبثت أن احتلّت مكانةً رفيعةً أيضاً لدى العثمانيين.

وظهرت طبقة البورجوازيين والتجار الذين تحولوا إلى رُعاة للفنون. فقبل عصر النهضة كانت الأبنية التي يجري الاعتناءُ بها هي الكنائس، والذين يعتنون بها هم رجال الدين؛ ولذلك جاءت الرسوم والمحفورات والمنحوتات دينية الموضوعات والشخصيات في الغالب. أما التجار الجدد فإنهم كلفوا الفنانين ببناء فِلل وقصور، وكلفوهم بصُوَرٍ دنيوية وتماثيل ولوحات متعددة الموضوعات والاهتمامات والأساليب. وصارت التماثيل تركز على الجمال الإنساني والجسدي، وتظهر في أوضاع متعددة مقتديةً بذلك بالتماثيل اليونانية والرومانية، ومتجاوزةً نموذج الشكل الواحد والموقف الواحد. وامتدت فنون عصر النهضة من إيطاليا إلى شمال الألب خلال النصف الثاني من القرن الخامس عشر، فوصلت إلى فرنسا أولاً، ثم خلال نصف قرن شملت أوروبا كلّها. ثم شهد النصف الثاني من القرن السادس عشر ظهور حركةٍ مُضادّةٍ لمنظورات النهضة هي (المانرية) التي تعتمد في النحت والتطوير على الالتواءات والمنحنيات والظلال والأشكال التي لا تراعي الانتظام الهندسي الدقيق، مُضياً في الطبيعية والعادية ومُراعاةً للمسائل النفسية والشعوريّة. وشكّلت المانرية Mannerism مرحلةً وسطى بين فنون النهضة وفن الباروك. وقد كان هناك من مؤرّخي الفن مَنْ فهم المانرية والباروك باعتبارهما فنين يمثّلان ردّة الفعل الكاثوليكية على الإصلاح البروتستانتي في القرنين السابع عشر والثامن عشر. وقد ظهرت آثار الباروك في الكنائس والكاتدرائيات؛ حيث تضاءلت الحدود بين الديني والدنيوي، وبين النحت والرسم والتشكيل الهندسي.

يقف هذا العرض السريع لتاريخ الفنون وعلائق الشرقي بالغربي فيما بينها عند المرحلة الحاسمة التي بدأت فيها الظروف تتغير بطريقةٍ راديكاليةٍ في العالمين العربي والإسلامي. فبعد القرن الثامن عشر سيطر الغرب الأوروبي على العالم، وفرض ثقافته وأذواقه ومشاربه وفنونه. بل وظهرت رسومُ (المستشرقين) التي تُعطي الشرق أبعاداً فانتازية وشهوانية تفتن أولئك الآتين من الغرب. وفي حين تأثر المسلمون بالكثير من ذلك وقلَّدوه؛ فإنه ظهرت بينهم أيضاً حركات أصالة تبحث عن هويةٍ جديدةٍ وناهضةٍ بعيداً عن التقليدية الكلاسيكية وعن تقليد الغرب. وفي القرن العشرين، انتشرت الصيحات الفنية الغربية الجديدة في الفنون -مثل الروكوكو، والكلاسيكية الجديدة والانطباعية والتعبيرية والتكعيبية- وهذه جميعاً حركات للفن التجريدي، الذي يذكّرنا بالتجريد الذي قوي أيام الصفويين والتيموريين.

***************

*) بروفسور من ألمانيا، جامعة توبنغن.

المصدر: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=618

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك