هل أصبحت قنوات التواصل الاجتماعي خطرا على العقول؟

حمد سالم المري

لا أحد ينكر قوة تأثير قنوات التواصل الاجتماعي على الرأي العام، المحلي والعالمي، مما جعلها مرتعا خصبا للمتردية والمتنطحة، فبسبب قوة هذه القنوات وسهولة فتح حسابات فيها اختلط الحابل بالنابل، فأصبحت كجدران الحمامات العمومية في الدول العربية، الملطخة بالكتابات والذكريات والرسومات وأبيات الشعر، التي تشوه المكان ولا تزيد في معلومات الفرد ولا ثقافته أي شيء.

نتج عن هذه القنوات خروج أشخاص تافهين خاوين فكريا يؤثرون في الرأي العام خصوصا في أوساط الشباب يطلقون عليهم لقب”فاشينيستا”، أو مشاهير قنوات التواصل الاجتماعي، ويتابعهم مئات الآلاف من البشر، وتتلقفهم الشركات التجارية والمطاعم لكي ينشروا لها إعلانات تجارية مقابل أموال طائلة، وللأسف تؤثر هذه الإعلانات في متابعي هؤلاء المشاهير، فيتسابقون على شراء السلعة التي أعلنوا عنها، أو تناول وجبة طعام في المطعم، حتى ولو كانت هذه السلعة أو الطعام غالي الثمن، وجودته رديئة.

حقق هؤلاء المشاهير ثروة مالية طائلة من دون أن يضيفوا أي قيمة أخلاقية، أو معلومة ثقافية للمجتمع، بل على العكس فان بعض هؤلاء المشاهير، ومن كثرة اغتراره بنفسه وخلو فكره، وضعف إيمانه، وموت ضميره، بدأ يطلق السباب والشتائم للشعب الكويتي، ويطعن في أعراض بنات الكويت، من دون حياء أو خوف، والبعض منهم يروج لفكرة الرقص والاختلاط بين الجنسين، والاستهزاء بالغير، ومنهم من يبث أفكارا منحلة أخلاقيا، من خلال حركاته وأقواله وملبسه.

أما على الصعيدين، الخليجي والعربي، فقد أصبحت قنوات التواصل الاجتماعي مرتعا للمعارك الإعلامية، واطلاق الإشاعات، والتطاول على الحكومات والشعوب، بل التطاول على ذات الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الأطهار، فأدى ذلك إلى زيادة الشحناء والبغضاء والكراهية بين الشعوب، وأصبحت هذه القنوات مرايا تعكس أخلاق الناس ومعادنهم، فأنطبق عليها المثل الشعبي” اللي في القدر يطلعه الملاس”، والمثل العربي”لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك”، كما ينطبق عليها حديث عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قال:” قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال (صلى الله عليه وسلم): أمسـك عليكَ لسانكَ وليَســعْـكَ بَـيـتـُـك وابـكِ على خطــيـئـتـكَ”(رواه أبو عيسى الترمذي (279 هـ) في سننه وقال هذا حديث حسن). وحديث عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) أنه وقف عند الصفا في مكة وأمسك بلسانه وقال:” يا لسان، قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم فإني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وسلم) يقول:”أكثر خطايا ابن آدم من لسانه”، رواه الطبراني (360هـ).

فهذه القنوات وبسبب دفع جهات معينة لهؤلاء الخاوين، فكريا وأخلاقيا، ليصبحوا مشاهير نشروا في المجتمع ثقافة التفاهة والإسفاف، لأن الكثير من متابعي هؤلاء المشاهير يريدون أن يصبحوا مثلهم بسبب ما يرونه من ثرائهم المالي من دون تعب، فأصبحوا خاويين فكريا مثلهم، مما يجعلنا نطلق هذا السؤال: هل أصبحت قنوات التواصل الاجتماعي خطرا على العقول؟

المصدر: http://al-seyassah.com/%D9%87%D9%84-%D8%A3%D8%B5%D8%A8%D8%AD%D8%AA-%D9%8...

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك