الحوارات السياسية والقطيعة المعرفية !!

عبدالفتاح البتول
 

يمثل الحوار ركيزة من ركائز الحياة وظاهرة ترتبط بوجود الإنسان والعلاقات بين الناس، والحوار بين المؤتلفين والمتفقين هام، وهو بين المختلفين أكثر اهمية وضرورة وفي إطار العمل السياسي بالمفهوم المعاصر وفي ظل التعددية الحزبية يصبح الحوار شرطاً لازماً وامراً واجباً فالذي يربط منظومة واطراف العملية السياسية انما هو الحوار والتحاور الدائم والمستمر بلا شروط مسبقة ولا احكام جاهزة والحوار الناجح والجاد هو الذي يتم فيه تناول القضايا المطروحة بغية الخروج بحلول ناجعة ونتائج واضحة تخدم المصلحة العامة بحيث يكون لدى المتحاورون المصداقية بالرجوع عن الخطأ والانتصار للصواب بغض النظر عن مصدر هذا الخطأ والصواب فالمحاورة في المحصلة النهائية تعني المراجعة والمجاوبة والحوار اصله ومصدره من الحوار وهو الرجوع عن شيء إلى شيء ويقال حار يحور حوراً اي رجع رجوعاً والتحاور فعل متعدى يكون بين طرفين واكثر وتحاور على وزن ومعنى تفاعل فالحوار والتحاور فعل وتفاعل مع الآخر وهو بهذا المفهوم يعني تبادل الأفكار والآراء واعادة النظر فيها ونقدها وغربلتها في سبيل الوصول إلى حلول ومعالجات ولا يتم ذلك ان بعد تأسيس لغة مشتركة وارضية واضحة ولقاءات متواصلة فالحوار ليس جلسة أو جلستان وليس سجالاً وتفنيداً ونسفاً للآخر وصراعاً معه فهذا النوع من الحوار سلبي يؤدي إلى القطعية المعرفية والخصومة السياسية فالتحاور مهما كان صعباً فانه يؤدي إلى تقارب بنسب متفاوتة واما الحوار والتحاور الذي يولد الخلاف والتنافر فانه دليل على وجود خلل كبير في اطراف الحوار وعدم وجود جدية ومصداقية وموضوعية من الحوار والمتأمل في علاقات الأحزاب السياسية في بلادنا والحوارات تدور بينها يجد ظاهرة غريبة فتجد ان أطراف الحوار الذين هم قادة الأحزاب السياسية وقيادتها الوسطية يرتبطون بعلاقة طيبة وايجابية على المستوى الشخصي في المقيل والرحلات الخارجية والأحاديث الجانبية حتى في المسائل السياسية تجد وفاقاً واتفاقاً إلى درجة كبيرة فاذا اجتمع هؤلاء في إطار رسمي ونقاش سياسي وبتكليف حزبي، رأيتهم يختلفون ويلبسون اقنعة جديدة وينسون الفضل بينهم والعلاقات الشخصية التي تربطهم وهذا من الخطأ والحماقة وإلا فالأصل ان يتم توظيف العلاقات الشخصية والقواسم المشتركة في انجاح الحوار وتقريب وجهات النظر ان الوصول إلى حالات التأزم وتأزيم الأمور يعود إلى طبيعة المتحاورين واسلوب الحوار وإدارته وعدم الإلتزام بآداب الحوار وضوابطه ومن أهم وأبرز هذه الضوابط والآداب الاعتراف بالآخر فلا بد من الاعتراف بالآخر حتى لو كان الشيطان فالله عز وجل لما رفض ابليس السجود مع بقية الملائكة حاورة وخاطبة «قال ما منعك الا تسجد إذ امرتك قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» الاعراف 12 . 

علينا جميعاً الإعتراف بغياب الحوار الحقيقي والجاد على مستوى الأحزاب وفي إطار الجماعات الحوار غائب ومعطل عند احزاب المعارضة والحزب الحاكم، الجميع يريد من خلال الحوار ان يفرض رأيه ويعزز فكرته ويلغى الآخر والمراقب لما تنشره صحف الأحزاب المعارضة والحاكمة يجد فيها رسائل ترهيب للآخر وتزكية للذات، ان الصحف الحزبية تضع حواجز نفسية وقطيعة معرفية بين فرقاء العمل السياسي، انهم يزرعون الألغام ويبنون المتاريس والخنادق.. أليس فيكم رجل رشيد.

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك