البُعد الدّيني في مسار المصالحة الوطنيّة اللّيبيّة

طارق تاحي

 

مقدّمة

ركّز البحث على دراسة أثر العامل الديني في إنجاح مسار المصالحة الوطنية في ليبيا، حيث وبالرغم من التجاذبات القبلية في ليبيا، إلاّ أنّ الجميع يجمع بأنّ الدّين الإسلامي يمثل المرجعية الجامعة لأغلبية القبائل الليبية. وقد تمّت صياغة إشكالية الدراسة كالآتي: كيف يمكن للمرجعية الدينية في ليبيا أن تُفَعّلَ مسار المصالحة الوطنية القائم على بناء نسيج اجتماعي قويّ ومتماسك؟. ولمناقشة الإشكاليّة تمّ وضع الفرضيّة التالية: يُمثّل الانتماء الطُّرقي (الطرق الصوفية) أنجع وسيلة لتفعيل البعد الإسلامي لإنجاح المصالحة الوطنيّة في ليبيا. فمن خلال التحليل، اتضح أنّ جميع المساعي السياسية لمختلف الحركات الإسلامية في ليبيا باءت بالفشل في حلّ الأزمة الليبية والخروج بمعالم مصالحة وطنية حقيقية وفعّالة. بالمقابل وبالرغم من نجاح المشروع الإسلامي الأشعري الطرقي (الصوفي) في ليبيا في فترة حكم "السنوسية" حتى سنة 1969، إلّا أنّ هذا النموذج لم يُفَعَّل بعد. وعلى هذا الأساس، كان لزاماً على القوى القبلية في ليبيا بناء عقد اجتماعي جديد قائم على الدور المحوري للزوايا والطرق الصوفية.

يُعدّ العامل الديني من بين أهم الروافد التي يمكن تفعيلها لتحقيق المصالحة الوطنية، اذ يُعتبر دور الإسلام كديانة محفّزاً كبقية الديانات السماوية الأخرى لإخراج المجتمعات من حالة العنف، حيث تركّز تعاليم الإسلام على مبادئ عديدة تجسّد معاني المصالحة كالتسامح والعفو عند المقدرة والتعايش مع الغير. كما يمثّل الدين الإسلامي المرجعية العقائدية التي يمكن أن يتجسّد من خلالها إجماع مختلف أطياف المجتمع في الدول العربية والإسلامية التي لم ينضج عندها بَعدُ مفهوم المواطنة والشعور بالانتماء إلى الدولة، وهذه الأخيرة مرتبطة بما كتبه ابن خلدون الذي يرى "بأنّ العرب لا يحصل لهم الملك إلاّ بصبغة دينية من نبوّة أو ولاية أو أثر عظيم"[1].

وتُعدّ ليبيا من بين هذه الدول، بالنظر إلى الدور الريادي والمؤثر الذي تلعبه القبيلة كفاعل تحت قومي في الحياة السياسية والاجتماعية. وبالرغم من أنّ أغلب القبائل الليبية تدين بالإسلام، إلاّ أنّ العنف والصراع القبلي ما زال يُمثل أهم سمة للوضع في ليبيا، حيث فشلت ليبيا في فترة حكم القذافي في بلورة مشروع مجتمع قائم على الدور المحوري للدين الإسلامي وتقليص الدور السياسي والاقتصادي والأمني للقبيلة؛ فقد تحوّلت القبيلة في ليبيا من مجرّد بناء اجتماعي إلى فاعل مؤثّر في مختلف المجالات الحيوية في ليبيا، والتي من المفترض أن تضطلع بها المؤسسات الشرعية للدولة الليبية.

تنطلق الورقة البحثيّة من الإشكاليّة التالية:

كيف يمكن للمرجعية الدينية في ليبيا أن تفعّل مسار المصالحة الوطنية القائم على بناء نسيج اجتماعي قويّ ومتماسك؟

ولمناقشة هذه الإشكالية نضع الفرضية التالية:

يمثل الانتماء الطرقي (الطرق الصوفية) أنجع وسيلة لتفعيل البعد الإسلامي لإنجاح المصالحة الوطنية في ليبيا.

الإطار المفاهيمي: مفهوم المصالحة الوطنيّة

يعتبر دور المصالحة محوريا في بناء الاستقرار في ليبيا؛ لأنّها تمثل "عملية بناء أو إعادة بناء العلاقات الاجتماعية التي تضرّرت في وقت سابق جراء استعمال العنف. ولا تقتصر هذه المصالحة على المصالحة بين الأفراد والجماعات الاجتماعية فحسب، بل تتجاوزها إلى المصالحة بين المواطنين ودولتهم"[2]، كما تهدف المصالحة إلى ترسيخ الأمن وكسر الحلقة المغلقة للعنف إضافة إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية[3] وهذا في إطار ديناميكية السلطة الممارسة قصد تنظيم المجتمعات.

ويتوقف نجاح مساعي المصالحة الوطنية على احترام مختلف المراحل التي تسبق التجسيد النهائي لها. وتتمثل هذه في المرحلة الأولى في تكريس التحوّل من حالة الخوف إلى حالة غياب العنف. وتتميز هذه المرحلة بتراجع العنف وحالات القتل، حيث يرى مارتن لوثر كينغ أنّ أولئك الذين يقتتلون فيما بينهم ولم يتعلموا كيف يتعايشون كمجتمع واحد كالإخوة فهم أغبياء[4]. أمّا المرحلة الثانية، فتتمثل في بناء الثقة بين مختلف الأطياف المتصارعة في المجتمع، وتتميز هذه المرحلة بظهور مؤشرات إيجابية حول قدرة مختلف الأطراف على التعايش فيما بينها. أمّا المرحلة الثالثة، فتتمثل في توجّه المجتمع نحو "التعاطف" Empathy خاصّة مع ضحايا العنف.

الإطار المنهجي

لقد تمّ من خلال البحث تفعيل مجموعة من المناهج. وهذا قصد إعطاء صبغة أكثر علمية للدراسة؛ فقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي، وهذا من خلال تحليل دور الجماعات الإسلامية منذ استيلاء القذافي على الحكم وصولاً إلى دورها في التغيير الذي عرفه البلد مع "الربيع العربي". كما تمّ تفعيل المنهج المقارن وهذا قصد استخراج المتغيّرات المتدخّلة في تحوّل دور الجماعات الإسلامية في فترتي ما قبل وما بعد الربيع العربي. بالإضافة إلى استعمال المقاربة النظميّة لتفسير أهمية النظام القبلي، وهو بمثابة أهمّ الأنظمة الفرعية في النظام الاجتماعي الليبي على الإطلاق وإبراز دوره في تغيّر طبيعة النظام الاجتماعي الليبي مستقبلاً من خلال التطلع إلى بناء عقد اجتماعي جديد في النسق القبلي لضمان استقرار أكبر في الأنساق الاقتصادية والسياسية والأمنية.

الخريطة القبلية والدينية للمجتمع الليبي ومحدودية ريادة القبيلة لمسار المصالحة

يختص المجتمع الليبي بطابع خاصّ والمتمثّل في دور القبيلة ومكانتها المحورية كبناء اجتماعي يؤسّس لكيان المجتمع، حيث تشير الإحصائيات إلى أنّ المجتمع الليبي يتكوّن من 140 قبيلة غير أنّه ثمة ما بين 30 و50 قبيلة كبيرة فقط تلعب دوراً محورياً في الحياة الاجتماعية والسياسية في ليبيا[5]. وبالرغم من التعدّد القبلي للنسيج الاجتماعي الليبي، إلاّ أنّ أغلب الليبيّين يدينون بالإسلام وهم أشاعرة ينتمون إلى المذهب المالكي وهذا باستثناء أقلية تنتمي إلى المذهب الإباضي. كما نجد أنّ 90 %من الشعب الليبي هم من العرب. أمّا الأقليّات غير العربية المتكوّنة من البربر والطوارق والأمازيغ والتبو فيمثلون 10% [6].

وبالرغم من انتماء أغلب الشعب الليبي إلى الدين الإسلامي وتبنّي نظام القذّافي للإسلام كدين للدولة، إلاّ أنّ هذا لم يحجب الدور القيادي للقبيلة على حساب الدين والمؤسسات الدينية، حيث تعرف ليبيا حالة من تغليب منطق العادات والعرف في ممارسة السلطة[7]، إذ تمثل القبيلة أساس التشريع وممارسة السلطة وكذا أداة لممارسة العنف والعقاب، والذي كان من المفترض أن يكون من صلاحيات مؤسسات الدولة.

لقد شهد مفهوم القبيلة تغييراً وتمييعاً في ليبيا وهذا تماشيا مع الرهانات السلطوية في فترة حكم القذافي أو حتى بعد سقوط هذا النظام، حيث ارتبطت القبيلة بظاهرة الاستبعاد الاقتصادي والاجتماعي أكثر من ارتباطها بتوجه استيعابي وجامع لكل الطاقات والقوى الوطنية. فقد ارتبط تحقيق المواطن الليبي لمختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بانتمائه القبائلي، وهذا ما يطرح إشكالية فريدة من نوعها حول طبيعة مفهوم المواطنة في ليبيا والشرخ الموجود بين معالم الشخصية الوطنية في ظل سيطرة منطق القبيلة في هذا البلد، فعلى سبيل المثال عانت قبائل منطقة "برقة" الواقعة شرق ليبيا لعقود كثيرة من تهميش اقتصادي واجتماعي ممنهجين وهذا لكونها مثلت مصدراً للمعارضة[8] في فترة حكم القذافي، حيث مثلت هذه المنطقة قلعة "السنوسيين" الذين حكموا البلاد قبل أن يقوم معمر القذافي بالانقلاب عليهم عام 1969 وهذا بالرغم من امتلاك المنطقة لما يعادل 80% من احتياطي النفط في ليبيا[9]. فالمجتمعات القبلية لا تنظر إلى العلاقات الاجتماعية نظرة تكافؤ للفرص، وإنّما تنظر إلى الأوضاع بنظرة الغلبة ووضعية السيطرة على بقية القبائل خاصة فيما تعلق بالثروة والسلطة.

ولقد تجلّى الشرخ بين مختلف القبائل جلياً مع بداية حراك "الربيع العربي" من خلال توجه نظام القذافي إلى التحالف مع قبائل بعينها وتسليحها والتحريض بينها، بالمقابل كانت قبائل أخرى عرضة لأعمال العنف الممنهج من قبل النظام. وعلى هذا الأساس، فقد عمد القذافي في فترة الاحتجاجات التي شهدتها ليبيا عام 2011 إلى تحويل هذا الحراك من مجرّد "احتجاجات شعبية" إلى "حرب أهلية"[10].

وبالرغم من الدور السلبي الذي لعبته القبيلة في ليبيا في تفكك المجتمع الليبي، إلاّ أنّه كان يمكن أن تكون جزءا من الحلّ في إطار المصالحة الوطنية، حيث إنّ القبائل التي قاتلت لصالح نظام القذافي وهي قبائل الورفلة والمقارحة والقدادفة وترهونة تمثل تركيبة جدّ مهمة من المجتمع الليبي، حيث يقدّر عدد الليبيين المنتمين لهذه القبائل الأربع مجتمعة 2 مليون ليبي؛ أي ثلث الشعب الليبي[11]، وعلى هذا الأساس فإنّ مساعي المصالحة لن تنجح إلاّ إذا ما أدمجَت هذه القبائل في هذا المسار.

لقد تشكّل شبه إجماع في ليبيا على أنّ فترة ما بعد القذافي ستعرف تبنّي الدين الإسلامي كمرجعية أولى في الحكم في البلد عوضاً عن منطق القبيلة[12]. ففي أكتوبر 2011 أعلن رئيس المجلس الانتقاليّ سابقاً مصطفى عبد الجليل عن تبنّي ليبيا للشريعة الإسلاميّة كمصدر للتشريع في الدستور الجديد في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي[13]، وقد حَمَل هذا التوجّه مغزى سياسيّا يصب في استمالة الجماعات الإسلامية الجهادية والإكبَار لدورها الريادي في إسقاط نظام القذافي. كما دافع كبار علماء ليبيا (كالشيخ الصادق الغرياني) على هذا التوجّه، بل وطالبوا المجلس الانتقالي بجعل الإسلام المصدر الأوحد للقانون والتشريع في ليبيا. وفي شهر فبراير 2012، تمّ تعيين المفتي الشيخ الصادق الغرياني على رأس دار الإفتاء وهذا قصد تفسير واستنباط القوانين من مصادر التشريع الإسلامي خاصة القرآن والسنّة[14]. كما كانت له مواقف واضحة في غضون الشهر الأوّل من تولي هذا المنصب من خلال إدانة جميع أشكال العنف كالاعتداء على المزارات التي تمثل مقصدا للصوفيين، وكذا إدانته لاغتيال الشخصيات التي كانت محسوبة على القذافي[15].

الحركات الإسلاميّة في فترة ما بعد انهيار نظام القذافي ومحدوديّة استيعاب المجتمع الليبي

لقد أفرز حراك "الربيع العربي" في ليبيا تحوّلات جذرية في الحياة السياسية أثّرت على نشاط الحركات الإسلامية وتوجّهات "الإسلام السياسي" بصفة عامة، حيث عرفت هذه المرحلة عودة الجماعات الإسلامية للنشاط في الحياة الاجتماعية والسياسية. وهذا بعدما عانت استبعاداً وقمعاً لعقود من طرف نظام القذافي. ويُعَد ظهور أحزاب سياسية إسلامية جديدة في المعترك السياسي الليبي من بين دلالات تنامي التيار الإسلامي لفترة ما بعد القذافي، والتي ما فتئت تتموقع في الحياة السياسية من خلال تحالفها مع مختلف القوى السياسية الأخرى. فقد تميّزت الحركات الإسلاميّة في هذه المرحلة بتوجّهها الإقصائي البراغماتي البعيد كل البعد عن محاولة طرح بديل "اسلامي" قائم على أساس خلق إجماع في المجتمع الليبي، حيث تمثل موضوع التحالف بين التيار الإسلامي والقوى المدنية في العمل على إقصاء وتهميش جميع القوى السياسية التي كانت تؤيد النظام السابق[16]. فعلى سبيل المثال، توجّه كلّ من "حزب العدالة والبناء" و"كتلة الشهداء" للتحالف مع جماعات مسلحة قصد الدفع لتبني "قانون العزل"، والذي كان يهدف إلى عزل الشخصيات المحسوبة على نظام القذافي من أي منصب رسمي[17].

أمّا على الصعيد العسكري والميداني، فقد ساهم الانتشار الفوضوي للأسلحة في ليبيا (والذي كان نتيجة مباشرة للفراغ السياسي والأمني الذي شهدته ليبيا غداة سقوط النظام ومازالت تشهده إلى الآن) بقدر كبير في تسليح الجماعات الإسلامية المتشددة، والتي تحسب على تيار السلفية الجهادية، حيث تشير إحصائيات "Crises Group" إلى أنّ عدد الليبيين الذين يحملون السلاح فاق 125 ألف، كما وصل عدد الجماعات المسلّحة التي تنشط بعد سقوط النظام إلى ما يقارب 1600 جماعة. [18] وقد استغلّت حركات السلفية الجهادية الوضع الجديد في ليبيا من خلال دمج نشاطاتها العسكرية تحت غطاء "الثوّار". وهذا قصد إعطاء شرعية لممارساتها.

حركة الإخوان المسلمين

ركّزت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا على مجموعة من المبادئ التربوية والإصلاحية والتعليمية، والتي من شأنها أن تتحقق من خلالها مبادئ الشريعة الاسلامية. وتمثلت أهدافها في القضاء على التيار العلماني، والذي يكرّس فصل الدين عن السلطة[19]. وبالرغم من تبنّي هذه الحركة لمبادئ تلقى قبولا لدى أغلبية الشعوب العربية بصفة عامة والشعب الليبي بصفة خاصة، إلاّ أنها فشلت منذ تأسيسها سنة 1963-1964 إلى حد الآن في تجسيد هذه المبادئ والأهداف، كما أنّها لم تستطع تجسيد تطلعات المجتمع الليبي في بناء هوية وطنية موحدة قائمة على الشخصية الإسلامية.

إنّ فشل هذه الحركة في بناء مشروعها الاجتماعي والسياسي القائم على أساس تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية يرجع إلى مجموعة من الأسباب؛ ولعل من أبرزها تلك المرتبطة بظروف نشأة الحركة في ليبيا. فقد جاءت نشأة حركة الإخوان المسلمين في ليبيا كنتيجة مباشر لتصدير "التجربة الإخوانية" في مصر، حيث تعود الجذور الأولى لنشأة حركة الإخوان في ليبيا إلى سنة 1948، وقد تزامنت مع استقبال الملك إدريس لأولئك الذين فروا إليه بعدما اتُّهمُوا بمقتل رئيس وزراء مصر[20]، حيث قام هؤلاء ببناء اللبنات الأولى للإخوان في ليبيا. كما تأثر الطلبة الليبيون الذين زاولوا دراستهم بمصر بهذا التوجه وحاولوا بلورة "تجربة إخوانية" تنطلق من أفكار روّادها في مصر. إنَ تصدير هذه التجربة نحو ليبيا مثّل انقلاباً على خصوصيّة المجتمع الليبي من حيث إنها نموذج مستورد للإصلاحية الإسلامية لا يراعي بعين الاعتبار خصوصية المجتمع القبلي الليبي ولا للمرجعية الإسلامية الأصيلة في ليبيا، والتي تؤصل للحراك الاجتماعي والثقافي لهذا البلد.

كما يُفَسَر فشل الطرح الإخواني إلى الانفصام الذي يُميّز محتواها مقارنة بأهم الإشكاليات المطروحة في المجال السياسي والاجتماعي في ليبيا من حيث إن أفكارها كانت عامة وتفتقد للتجسيد. فعلى سبيل المثال يفتقد الفكر الإخواني إلى طرح واضح ودقيق لكيفية الحكم وممارسة السلطة بما يتماشى وتعاليم الدين الإسلامي. ولعل التضييق والقمع الممارس ضد الحركات الإسلامية في فترة القذافي ساهم بقدر كبير في فشل الإخوان المسلمين في ليبيا في بناء تصوّر واضح لمشروع مجتمع. فمنذ تولّي القذّافي الحكم سنة 1969 واجهت هذه الحركة وبقية الحركات السياسية قمعاً وتضييقاً على نشاطاتها تجسّد من خلال إصدار قانون 1972، والذي نص صراحة على تجريم التحزب، حيث يعاقب القانون أيّ فرد ثبت عليه الانخراط في أيّ حزب أو جماعة بعقوبة الإعدام[21].

وقد تزامن انهيار نظام القذافي ودخول ليبيا مرحلة جديدة مع تحرير المجال للعمل السياسي لجميع التيارات السياسية الليبية، وبالرغم من عودة حركة الإخوان إلى الواجهة السياسية عن طريق تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم "حزب العدالة والبناء"، إلاّ أنّها أخفقت في إقناع الشعب الليبي بمشروعها "الإسلامويّ" في ممارسة السلطة، حيث تحصّل هذا الحزب على 17 مقعدا فقط من إجمالي 80 مقعدا في أول انتخابات نيابية بعد سقوط نظام القذافي في سنة 2012[22]. كما كان لهذا التيار الإسلامي دور كبير في تكريس عدم الاستقرار السياسي في ليبيا ما بعد القذافي عبر الضغط لإصدار قانون العزل السياسي، والذي كان في ديسمبر 2012. وهذا الوضع حد من سيطرة القوى المدنية الفائزة في انتخابات 2012، حيث نجح هذا التيار في إزاحة علي زيدان من رئاسة الوزراء وتمديد ولاية المؤتمر الوطني حتى ديسمبر 2014[23].

الحركات السلفيّة الجهاديّة:

ظهرت الحركات السلفية الجهادية في الثمانينيات من القرن الماضي، وقد تزامن ميلادها مع عودة الليبيين من أفغانستان، حيث شارك أغلبهم في الحرب في أفغانستان ضدّ الاتحاد السوفياتي وقد أعادتهم الأجهزة الاستخباراتية الغربية إلى دولهم وحاولت هيكلتهم ضمن أحزاب سياسية[24]؛ إلاّ أنّ هذا المسعى لم يتحقق بسبب القمع الذي كان يفرضه نظام القذافي على أي نشاط حزبي أو جمعياتي. وقد انصبت جهود هذه الحركات على تحريض الشعب الليبي على الانقلاب على نظام القذافي والمناداة بتطبيق تعاليم الإسلام عن طريق استعمال القوة والعمل المسلح مستلهمين من التجربة الجزائرية للسلفية الجهادية التي شهدتها سنوات التسعينيات[25]. وقد قام هؤلاء بتأسيس "الجماعة الإسلامية المقاتلة" في أكتوبر 1995 وكانت تضم ما يقارب 2500 فردا في صفوفها[26]، وبعد أقل من عام من تأسيسها قامت هذه الجماعة بمحاولة اغتيال الرئيس القذافي، ثم تلتها عمليات متعددة ضد أجهزة الدولة.

لقد لعبت الحركات الجهادية دوراً أساسياً في إسقاط نظام القذافي، وخاصة في تحرير طرابلس وهذا لتمتع أفرادها بخبرة قتالية عالية، إلاّ أنّها ساهمت في نفس الوقت في إجهاض مختلف جهود بناء الدولة الوطنية في فترة ما بعد القذافي. وتعد حركة "أنصار الشريعة"، والتي ظهرت في 2011 من بين أهم الجماعات المسلحة الممثلة للجيل الثالث للحركات الجهادية، حيث استطاعت أن تنتشر على نطاق واسع في ليبيا وبالخصوص في بنغازي من خلال عملها الدؤوب على احتواء المقاتلين الذين قاموا بالثورة على العقيد القذافي من خلال العمل على ضمهم في صفوف هذه الجماعة. وقد عمدت جماعة "أنصار الشريعة" إلى تبني برنامج اجتماعي تماشياً مع عملها ونشاطها العسكري عن طريق "قبولها التعامل مع الآليات الديمقراطية والعمل المدني والانتخابات والتشريع عبر البرلمان"[27]، وهذا التحول يمثل طفرة وانقلاباً على الأفكار الكلاسيكية للجماعات الجهادية التي كانت تنادي بتطبيق الشريعة بحد السيف.

وبالرغم من محاولة الحركات الجهاديّة التأقلم مع المجتمع الليبي من خلال تبنيها للعمل السياسي موازاة مع العمل العسكري في فترة ما بعد نظام القذافي، إلاّ أنّ تاريخها يبرز دورها السلبي الذي لعبته في مسار بناء الدولة الوطنية الليبية، حيث إنّها مثلت مصدراً للتغلغل العسكري الخارجي. ففي نهاية التسعينيات التحق قادة الجماعة الإسلامية المقاتلة بتنظيم القاعدة، ومنهم أبو يحيى الليبي الذي أصبح من بين أهمّ المنظرين للفكر الجهادي لتنظيم القاعدة[28]. كما كان لهذه الجماعة دور كبير في بروز تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي عام 2007

تجربة الإسلام الطرقي في الحكم: نموذج حكم "الطريقة السنوسيّة"

اقترن دور الإسلام بالتنظيم السياسي في ليبيا بداية من فترة حكم "السنوسيين"، حيث تعتبر "السنوسية" طريقة صوفية تأسست عام 1837 بمكة المكرمة على يد محمد بن علي السنوسي، وقد انتقلت بعدها إلى ليبيا تحديداً الى "برقة"، حيث تم هناك تأسيس أول زاوية للسنوسية عام 1843. وقد انصب اهتمام الزاوية في التوجّه نحو الصحراء للدعوة والوعظ، "حيث إن سكان الصحراء بحاجة إليها، ومن جهة أخرى، فإنّ مؤسّس الطريقة توجه بالدعوة إليهم، لأنهم كانوا أقل فساداً من سكان المدن"[29]. كان الهدف من تأسيس الطريقة السنوسية القيام بوظيفتي التعليم والصلاة[30]، حيث إنّ الطريقة السنوسية كتوجّه صوفي لم تكن لها مآرب سياسية أو سلطويّة، بل هي حركة دينية هدفها الأساسي تمثّل في "إعادة الشعب الليبي إلى تعاليم الشريعة السمحة وتصحيح ما كان قد وقع من انحراف في الفهم الشعبي لتعاليم الدين، كما ركزت اهتمامها في العمل على نشر الدين الإسلامي الحنيف في مجاهل إفريقيا"[31]. ولم تمارس هذه الحركة السياسة إلاّ بعدما لاقت إجماعا بين القبائل خاصة في "برقة" كما أنّها لم تصل إلى الحكم من خلال المنافسة السياسية بين مختلف القوى.

وقد التفت كبار قبائل المنطقة على الزاوية السنوسية، كما استطاعت أن تجعل أصنافا عديدة من الرحل والقبائل يؤمنون بتوجهاتها المتمثلة أساسا في النضال في سبيل المحافظة على نقاء الإسلام الأول والتخلي عن البذخ والإسراف، بالإضافة إلى النداء إلى الجهاد ضد أعداء الإسلام، وهي دعوة للقتال ضد التواجد التركي ورفض دفع الضرائب إلى الحكومة التركية[32].

تتميّز الطرق الصوفية ببعض من الخصوصية في بسط سلطتها على مواليها مقارنة بالتنظيمات الاجتماعية الأخرى، حيث يعتبر شيخ الزاوية حجر الأساس في البناء الجماعي للزاوية، وهو بذلك يعتلي هرم السلطة الدينية والسياسية والعسكرية وكذا الاجتماعية لدى المجتمع. كما أنّ قراراته ملزمة لا رجعة فيها. وقد تميّزت الطريقة السنوسيّة وكغيرها من الطرق الصوفية بتركيز مركز السلطة والقرار بمختلف أشكالها الدينية والاجتماعيّة وحتى السياسية العسكرية في يد شيخ الطريقة، إلاّ أنّ هذا الأخير كان يلجأ إلى مشاورة كبار أتباعه وهذا تبعاً لمبدأ "الشورى" الذي أقرته الشريعة الإسلامية. وقد ساعد هذا النوع من القرار في التكتل في تنظيم ديني موحد[33]. كما يعتبر الشيخ "القاضي التحكيمي" في النزاعات التي تنشب بين القبائل[34].

وقد كان للطريقة السنوسية دور كبير في محاربة الاستعمار الإيطالي في ليبيا ابتداء من مقاومة محمد بن علي السنوسي ووصولا إلى مقاومات حفيده الشريف أحمد السنوسي، والذي قاد الجهاد الوطني في وجه الاجتياح الإيطالي للسواحل الليبية سنة 1911 وانتهاء إلى مقاومة عمر المختار، والذي ينتمي بدوره إلى الطريقة السنوسية؛ اذ تعتبر مقاومته من بين أشهر المقاومات التي شهدتها منطقة المغرب العربي على الإطلاق[35]. وقد مثّل الدور الجهادي للطريقة السنوسية ضدّ المستعمر من بين أهم مصادر الشرعية السياسية في تاريخ ليبيا المعاصر، حيث بايعت القبائل الليبية في برقة ثم طرابلس السيد محمد إدريس السنوسي شيخ الطريقة السنوسية أميراً عليهم قصد توحيد جهود المقاومة، وبعد استقلال ليبيا عام1951 تمت إعادة مبايعة إدريس السنوسي ملكاً على البلاد[36]. وفي هذا الإطار، فإنّ شيوخ الطريقة السنوسية والذين عاصروا الاستعمار حوّلوا الزاوية من مجرد مؤسسة دينية إلى مراكز تجارية إدارية وقضائية خاصة في فترة حكم أحمد الشريف السنوسي (1902-1918).

وقد عَمد الملك إدريس إلى إقامة نظام حكم "الفرد العادل الصالح"[37] من خلال اهتمامه ببناء مجتمع عادل قائم على احترام القانون وعدم تعرض أي مواطن ليبي للظلم. وعلى هذا الأساس، فإن حقوق الإنسان كانت مصونة في تلك الفترة، وهذا من خلال احترام الحريات الشخصية في ممارسة حقوقهم المدنية دون استبعاد لأيّة قبيلة أو تشكيلة اجتماعية بعينها. كما عرفت مرحلة حكمه غياب حالات التعذيب والاعتقال والممارسات القمعية دون سند قانوني. أمّا عن علاقة القبائل بالزوايا، فالجدير بالذكر أنّ القبائل تبنّت الخيار الطرقي السنوسي واندمجت في الزوايا اندماجا عضويا ووظيفيا.

كما قام الملك إدريس بضمان الممارسة الديمقراطية الفعلية البعيدة كل البعد عن أي إقصاء سياسي عن طريق تفعيل العمل النيابي لممثلي الشعب، وكذا من خلال المساءلة والمحاسبة المتواصلة لسياسات الحكومة. وقد تجسّدت هذه التدابير من خلال المناقشات العنيفة التي كان مجلس النواب مسرحاً لها بين الحكومة والمعارضة. وقد ذهب الملك إدريس في 1961 (أزمة طريق فزان)إلى الخروج عن الأعراف السياسيّة في حماية جهازه التنفيذي، وهذا عندما اصطفّ مع المعارضة ورفض طلب رئيس وزرائه حل مجلس النوّاب. وهذا بعد اعتزام المعارضة سحب الثقة من الحكومة، حيث كان للملك إدريس دور كبير في الضغط على رئيس حكومته للاستقالة.[38]

وعلى هذا الأساس، فقد ساهمت الطرق الصوفية في ليبيا -وقد اخترنا الطريقة السنوسية أنموذجاً وهذا لانتشارها الواسع في هذا البلد- في توحيد القبائل خاصة في شرق ليبيا من حيث توجهها السياسي والاقتصادي. وقد نجحت السنوسية في الخروج من حالة النزاعات الموجودة بين مختلف القبائل، ولاسيما في الجنوب وهذا من خلال إيجاد إجماع بين مختلف القبائل في تبني ولاءات جديدة فوق قبلية والمتمثلة في المرجعية الإسلامية السنية الأشعرية والدور المحوري الذي لعبته زوايا وشيوخ السنوسية في القضاء على مختلف التناقضات القبلية. بالإضافة إلى دورها الريادي في المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الإيطالي، ناهيك عن جهود السنوسية ومحاولتهم بناء مفهوم الدولة الوطنية والمواطنة القائمة على أساس تجاوز الولاء القبلي لصالح الولاء للدولة.

الخاتمة: ضرورة بناء عقد اجتماعي جديد على أساس الانتماء الطرقي

لقد خرجت الدراسة بنتيجة أساسية مفادها أنّ مرجعيات الإسلام السياسي في ليبيا قد فشلت في إخراج هذا البلد من حالة العنف المزمن الذي بدأ منذ 2011، وهذا بسبب أن أغلب الحركات الإسلامية لم تستطع أن تتماشى والطبيعة القبلية للمجتمع الليبي، كما أنّ أغلبها مثلت تصديراً لنماذج الإسلام السياسي في بقية الدول العربية بالإضافة إلى توجهها البرغماتي المحض في تحقيق مصالح سياسية وسلطوية. بالإضافة إلى أنّ هذه الجماعات ساهمت بشكل أو بآخر في تغلغل بعض القوى الإقليميّة والدولية في الشأن السياسي والأمني في ليبيا.

بالمقابل، يَفرضُ الطرح الطرقي الصوفي نفسه كبديل اجتماعي وسياسي واقعي وعقلاني للخروج من حالة الاحتقان الذي تعيشه البلد. ولعّل فترة حكم السنوسيين التي تميزت بنوع من العقلانية والنضج في الممارسة السياسية أثبتت قدرة الطرح الطرقي الصوفي في بلورة تصور حول "مشروع المجتمع الليبي"، حيث يمكن للطرق الصوفية أنّ تؤصل بشكل واقعي "لهوية وطنية" في ليبيا تقوم على أساس الانتماء إلى الإسلام السني الأشعري الصوفي بدلاً من هوية الانتماء إلى القبيلة. ويتوقف نجاح هذا المسعى على المصالحة بين مختلف القبائل وتبني خيار الائتلاف والحوار الفعال في سبيل إيجاد "عقد اجتماعي" أولي بين القبائل تمنح من خلاله الزوايا ومشايخ الطرق الصوفية المجال الواسع للتأثير على المجتمع الليبي. ولن يتسنى هذا الهدف إلا من خلال تفعيل دور القبائل وإيمانهم بضرورة تخليهم عن وضعهم القيادي لصالح الطرق الصوفية.

كما أنّه من الضروريّ تفعيل دور الطرق الصوفية من خلال إدماج بُنَاها في مؤسسات المجتمع المدني وهذا قصد هيكلة المجتمع الليبي بطريقة أحسن. وعليه، فإنه ينبغي على المؤسسات الطرقية في ليبيا أن تطور من طرقها الدعوية والتعليمية بما يتماشى ودورها الجديد في بناء هوية وطنية جامعة في ليبيا قوامها الشخصية الوطنية الليبية التي تتميز بشعورها بالانتماء إلى الدين والطريقة عوض القبيلة.

إنّ نجاح دور الطرق الصوفية في هذا الإطار، يُعد مرحلة انتقالية في مسار المصالحة الوطنية في ليبيا. وهذا قصد تحقيق هدف أسمى والمتمثل في بناء مبدأ المواطنة الحقيقية القائمة على تكريس العقد الاجتماعي الحقيقي بين مواطنين أحرار وسلطة سياسية قادرة على حمايتهم والاستجابة لتطلّعاتهم.


[1] مصطفى أحمد بن حليم، صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي، الطبعة الأولى (ب.د.ن، 1992)، ص 104

[2] Enrique Sánchez, Sylvia Rognvik, Building Just Societies: Reconciliation in Transitional Setting, (Accra: United Nation Workshop Report, June 2012), P.06

[3] David Bloomfield (Ed), Reconciliation After Violent Conflict: A Handbook, (Stockholm: The International Institute for Democracy and Electoral Assistance, 2003), P.19

[4] Ibid., P.20

[5] Office of the Commissioner General for Refugees and Stateless Persons, Libya: Militias, Tribes and Islamists Report, December 2014, P.21

[6] يوسف محمد الصواني وآخرون، الربيع العربي: الانتفاضة والاصلاح والثورة، ترجمة: لطفي زكراوي(بيروت: منتدى المعارف، 2013)، ص 142

[7] Arturo Varvelli, The Role of Tribal Dynamics in the Libyan Future, Analysis,) ISPI: No. 172, May 2013(, P.08.

[8] مثلت منطقة "برقة" معقلاً لمعارضة الاسلاميين في ليبيا بما فيهم حركة "الاخوان المسلمين" وكذا الحركات المقاتلة.

[9] فواز جرجس وآخرون، الشرق الأوسط الجديد: الاحتجاج والثورة والفوضى في الوطن العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2016)، ص 277-278.

[10] Ibrahim Sharqieh, Reconstructing Libya: Stability Through National Reconciliation, Brookings Doha Center: Analysis Paper, N°9)December 2013(, P.35

[11] Sharqieh, P.36

[12] Wolfram Lacher, Fault Lines of the Revolution: Political Actors, Camps and Conflict in the New Libya, Berlin: SWP Research Paper) May 2013(, P.14

[13] Arturo Varvelli, The Role of Tribal Dynamics in the Libyan Future, Analysis, Milano: Italian Institute for International Political Studies(ISPI): No. 172 (May 2013), P. 8

[14] Lacher, P.14

[15] Ibid., P.15

[16] Office of the Commissioner General for Refugees and Stateless Persons, Libya: Militias, Tribes and Islamists Report, (December 2014), P. 9

[17] Ibid., P. 9

[18] Ibid., P. 7

[19] منظمة فريدريش ايبرت Friedrich Ebert Foundation، الجماعات الإسلامية في ليبيا: حظوظ الهيمنة السياسية وتحدياتها، (2015)، ص 5

[20] نزار كريكش، الحركات الإسلامية في ليبيا بعد الثورات العربية: التحولات والمستقبل (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، سبتمبر 2016)، ص 4

[21] منظمة فريدريش ايبرت Friedrich Ebert Foundation، ص 5.

[22] نفس المرجع، ص 10

[23] عبد المنعم سعيد، مسارات متشابكة: ادارة الصراعات الداخلية المعقدة في الشرق الاوسط (القاهرة: المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية ديسمبر 2015)، ص 65

[24] عبد المنعم سعيد، ص 69

[25] Djallil Lounnas, Islam et Pouvoir dans la Libye Post-Kadhafi, Confluences Méditerranée, 2013/03 (N°86), P.216

[26] Ibid.,P.216

[27] كريكش، ص 6

[28] Lounnas, P.216

[29] نيكولاي ايريتش بروشين، تاريخ ليبيا: من نهاية القرن التاسع عشر الى غاية عام 1969، ترجمة: عماد حاتم (بيروت: دار الكتاب الجديد المتحدة، 2001)، ص 72

[30] Eileen Ryan, Italy and the Sanusiyya, Negotiating Authority in Colonial Libya 1911-1931 , Columbia University, Submitted in Partial Fulfillment of the Requirement for the Degree of Doctor of Philosophy in the Graduate School of Art and Sciences, (2012), P.02.

[31] ابن حليم، ص 103

[32] بروشين، ص 70

[33] نفس المرجع، ص 71

[34] يوهانس بريتشارد، مأخوذ من: بروشين، ص 76

[35] جامعة إفريقيا العالمية، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية في ليبيا، وزارة الإرشاد والأوقاف الليبية، أوراق المؤتمر الدولي حولالإسلام في إفريقيا، الكتاب الخامس (نوفمبر 2006)، ص 127

[36] بن حليم، ص 103

[37] نفس المرجع، ص 105

[38] نفس المرجع، ص 105.

المصدر: http://www.mominoun.com/articles/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D...

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك