نحو قراءة جديدة لإشكاليّة النهضة في الفكر العربي

عادل الطاهري

 

من الناحية الاصطلاحية لا ينتمي مفهوم النهضة إلى الحقل الدلالي العربي الأصيل، فنحن قد لا نجد في القواميس العربية المعاني التي يتمّ إضفاؤها عليه في التاريخ المعاصر، إنّه تعريب للكلمة الفرنسية Renaissance الذي يحيل على التجربة الأوروبية، حيث انطلقت من إيطاليا حركة إحياء زاخرة، شملت ميادين الفكر والفلسفة والفن... إلخ، إنّ المفهوم يحمل معنى ولادة ثانية، بعد ركود ورقود طويل في أنفاق القرون الوسطى؛ وقد تحقّق ذلك بالفعل، ومهّد هذا البزوغ الجديد لشمس النهضة لإصلاحات جديدة، كالإصلاح الديني، وتغيير مناهج دراسة العلوم الحقّة، من المنهج الكتبي القائم على مدارسة الكتب وتأويلها إلى الاحتكاك المباشر مع الطبيعة اعتمادا على المنهج التجريبي[1]، وإحداث طفرات ضخمة في مفاهيم السيادة السياسية، وكسر التراتبيّة الاجتماعية القديمة وإحداث أخرى جديدة، وبكلمة حينما يطرق آذاننا في الفكر الغربي مفهوم عصر النهضة؛ فنحن نتمثّل فعلا عصرا بمعالم جديدة كلّ الجدّة [2]، ولكن ماذا يعني هذا المفهوم في السياق العربي؟

لنستهلّ مقالنا بهذه الكلمة للأستاذ الجابري، وهي تختصر حقيقة هذه النهضة بصدق وشفافيّة، وبعيدا عن الإطراء المبالغ فيه للذات أو الاستسلام لزيف الغوايات التي تغازل التخلّف أو تتحاشاه وتتغاضى عنه، يقول بعد ما يزيد عن القرن من رفع شعارات النهضة "إنّ الواقع اليومي الذي يفرض نفسه علينا في الظروف الراهنة تجعلنا نشعر فعلا، وكل يوم، بأنّ شيئا لم يتحقق أو لم ينجز في هذه النهضة العربية، وبالتالي نشعر بأننا لم ننجز بعد النهضة"[3].

وتعقيبا على ما ذكر الأستاذ الجابري؛ يمكن أن نضيف معطى آخر، فالتأمّل في شهادات الأنتلجنسيا العربية يحيلنا على أنّ الوعي بالنهضة هو في صميمه وعي بالهزيمة، وحين يشير مصلح ما أو سياسي عاصر أو كان قريبا من الفترة التي يطلق عليها "النهضة" في التاريخ العربي، فإنّه يلمّح إلى إدراك هوّة واسعة تزداد اتساعا تفصل العرب عن المجتمعات الغربية، وإذا انطلقنا من حالة المغرب الأقصى؛ فإنّ الأنتلجنسيا الغربية تؤرخ لنهضة مغربية مفترضة ابتداءً من معركة إيسلي التي انهزم فيها المغرب مع فرنسا سنة 1844، وهذا ما يشير إليه علاّل الفاسي حين يعتبر معركة إيسلي "الفجر الأوّل للنهضة المراكشية الحديثة"[4].

لكن مع أنّ هذه النهضة مجرّد عنوان غير مجسّد على أرض الواقع، ومفهوم يحيل على الوجدان والحلم أكثر مما ينضح عن حركة تدبّ في كياننا الفكري والسياسي، فنحن غير معفيّين من تتبّع جينيالوجيا هذا المفهوم؛ فلا بدّ أن نتساءل متى بدأ العربي يتحدّث عن نهضته؛ وفي أيّ سياق تاريخي؟

لعل سياق البدايات يجيب عن كلّ الإشكالات المرتبطة بإشكالية النهضة، فهي بدءًا ارتبطت بالحملة الاستعمارية[5]، والتي ترجع إلى حملة نابليون بونابارت على مصر سنة 1798، وعبر احتلال الجزائر سنة 1830، وتوقيع المغرب على الحماية سنة 1912، وكان احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين سنة 1948 هي النكسة التي عمّقت الجرح. أمّا انتكاسة 1967، حسب بعض الباحثين، فكانت لها تداعيات أخرى تتعدّى في مفعولها ما أحدثته الصدمات السالفة [6].

ونحن عندما نقول إنّ السياق يلقي أضواء على تفاعل العرب والمسلمين مع قضية النهضة وحقيقة التفاوت الحضاري، فلأننا نعي جيّدا الفروق بين نهضة تحرّكها من الداخل عوامل ذاتية، وبين انفعال وردّ فعل. إنّ الأوّل يكون عادة مبدعاً متحرّرا، بينما يكون الثاني متوتّرا ومرتبكا مشحونا بمشاعر متناقضة، بل يمكن القول إنّ الثاني على عكس الأوّل يتّسم بالطابع العاطفي.

لم يكن في الحقيقة الاستعمار وحده من فجّر سؤال النهضة، بل إنّ رحلات ووفود المسلمين إلى البلاد الأوروبية، قد أدخلت هؤلاء بشكل لاشعوري في مقارنات بين البلاد الأم وبين البلاد الأوروبية، وهنا اختلفت ردود الفعل كذلك بين من حاول الاقتباس من هذه الحضارة، على نحو ما نجده عند رفاعة الطهطاوي [7]، الذي حاول، هو وتلاميذه، التوفيق بين المفاهيم الأوروبية والمصطلحات الإسلامية [8]، وردود فعل النخب التقليدية المتشبّعة بثقافة فقهية دينية تجنّدها من أجل فهم التاريخ وتغيراته وتقحمها لتفسير ظواهر اجتماعية معاصرة، وهي التي صدرت عنها مواقف متشنّجة، تنمّ عن نفور كبير من الحضارة الحديثة وتأويلها تأويلات غير مستساغة للحساسية المعاصرة، مثل قول سفراء المغاربة الأوائل بأنّ "الدنيا جنّة الكافر وسجن المؤمن"[9]، في إشارة إلى رفاه الغرب وانحطاط بلاد المسلمين، ومثل "الدنيا لا قيمة لها عند الله، وإلاّ لما استغلّها الكافر أكثر"، وغيرها من الردود التي أوردها العروي عن هذه النخب ذات الثقافة الفقهية إبّان زيارتها أوروبا، والتي تكشف عقلية رافضة للتمدن والتحديث من البدء، حاملةً، بل متشبعة، ببذور التخلف التي زرعتها عصور انحطاط متطاولة.

لكن ونحن نتحدث عن هذا التباين في ردود الفعل، لا يجب أن نغفل سببا آخر تاريخيا بالأساس، ولا يتفرّع عن الموقف الإيديولوجي للنخب، يتعلّق الأمر أساسا بأوروبا نفسها التي يتحدّد بها وعي الإنسان العربي بذاته [10]، فأوروبا لم تتقدم للوعي العربي بصورة واحدة، وإنما تمثلت له في نموذج حضاري تطلعت بطبيعة الحال إلى محاكاته من أجل الخروج من عنق زجاجة التأخر، لكن كذلك في صورة الغازي الإمبريالي المستعمر الذي اجتاح وطنها على ظهر دبابة، وهي ازدواجية غير متساوقة، وإنما تقدمت في شكل تعاقبي؛ أي أنّ أحدهما أعقب الآخر، يقول أحدهم: "أوروبا القرن التاسع عشر في وعي الأنتلجنسيا الإصلاحية الإسلامية غير أوروبا نهاية القرن ذاته، الأولى كانت أوروبا الثورة الفرنسية وبونابارت والليبرالية وفتوحات العلم. أما الثانية، فقد صارت أوروبا الثورة الصناعية والبورجوازية الغازية وأوروبا الصناعة الموظّفة في خدمة الإمبريالية"[11].

كان لابد إذا لهذه الازدواجية من أن تؤثّر في نظرة الإنسان العربي إلى الغرب، وبالتالي من خلالها؛ إلى نفسه. فالغرب، كما أشرنا، لم يكن مجرّد تحدٍّ خارجي، ولكنه كذلك صار جزءا لا يتجزّأ من كيانه الذاتي، فالموقف الذاتي يتحدّد بواسطة الآخر، ولم يعد بالإمكان في عصر تغزو فيه الحضارة الغربية الأنساق التقليدية وتمزّقها، إشاحة الوجه عنه؛ فالرفض أو قبول نمط الحياة الأوروبية باجتماعها وتقنياتها هو دائما مرتبط بالغرب[12].

على أنّ الإصلاحيين الذين رأوا أنّ المجتمعات الإسلامية تحتاج لعملية ترميم من أجل تجاوز حالة التأخر، تشتّتت بهم السبل، بين ثلاث شخصيّات كما يسميهم العروي: الشيخ والسياسي وداعية التقنية، وكلّ منهم ينظر إلى جانب من الواقع الإسلامي؛ فالشيخ الإصلاحي يقيم صرح النهضة على فكرة تجديد الفكر الديني؛ وذلك بالقطع مع البدع والمحدثات التي أحدثت في المجتمع والعودة إلى "الدين الصحيح" وسنّة الأوائل. أمّا السياسي "فقد شخّص داء المجتمعات العربية، القديمة والعربية، فاستبان بذلك الدواء. كان الحكم العثماني استبداديا، وجب إذاً انتخاب مجلس نيابي. كان النظام العثماني يقنّن كل الحرف، وجب إذا فتح المجال لكل فرد نشيط. كان النظام العثماني لا يتضايق من تفشي الجهل، وجب إذا نشر التعليم بكل الطرق والوسائل".[13] أمّا داعية التقنية، فلا يهتم بشيء مما يهتم به رجل الدين أو السياسي، ويعتبر كل ذلك ثرثرة سخيفة وشقشقة دون طائل للكلام، فأوروبا هي في أساسها قوة مادية وتقنية متطورة، واليابان التي تمكنت من أن تصير واحدة من القوى العالمية في فترة وجيزة احتفظت بأديانها "الشركية" كما هي، مع أنّ "الشرك" حسب مبحث الأديان المقارنة دين متأخّر عن التوحيد الصافي، ولم تتنكّر لتقاليدها ذات الجذور الضاربة في القدم، وإنما ببساطة أخذت بالعلم ونهلت منه بقسط وافر، يكتب العروي عن اقتناع داعية التقنية "ليس الغرب دينا بدون خرافة ولا دولة بدون استبداد، الغرب بكل بساطة قوة مادية أصلها العمل الموجّه المفيد والعلم التطبيقي"[14].

تلك كانت مجمل الآراء الإصلاحية كما لخّصها العروي في كتابه الأساسي "الإيديولوجيا العربية المعاصرة". لنعد الآن ونقول؛ إنّ مشروع الناقد المغربي عابد الجابري يتنفّس داخل هذا الحقل الثقافي، وسؤال النهضة وإشكالاته المتنوّعة تحتل مكانة مركزية في اهتماماته الفكرية، رغم أنّ مقاربته تختلف طولا وعرضا عن السابقين، على مستوى الطرح الإشكالي والعدة المنهجية، وإن اتفق مع هذا النهضوي أو ذاك على صعيد المضمون، يقول أحد تلاميذ الأستاذ الجابري: "يظهر أنّ إشكالية النهضة تقف وراء أعمال الجابري المختلفة، ومن المؤكد أنّ مقاربته لها ترتبط بالطموح الفكري الذي حركه لإنجاز مشروع نقد العقل العربي الذي دشنه بكتابه نحن والتراث"[15].

وقبل أن نحلل القراءة الجابرية للمشاريع النهضوية، وجملة آرائه في القضية، وهي في الحقيقة التي ستشكّل جسرا إلى مشروعه، فعلى ضوء هذه الملاحظات التي أدلى بها في نقده لمشاريع الإصلاح ستتبلور رؤيته المستقبلية، وكأننا أمام تجسّد كامل للمثل القائل "كل الصيد في جوف الفرا"، لنتعرّف إلى أي جيل نهضوي ينتمي الجابري، فتاريخ النهضة المأمولة يضمّ أجيالا متعاقبة.

يقسّم أحد الباحثين الذين أرّخوا لحركة النهضة الأجيالَ التي خاضت سؤال النهضة إلى ثلاثة، ويضع الجابري في اللحظة الثقافية النهضوية الثالثة، يقول بلقزيز في كتابه "من النهضة إلى الحداثة"، وهو الجزء الثاني المخصّص للجيل الثالث، بعد أن خصّص الكتاب الأول "العرب والحداثة: دراسة في مقالات الحداثيين" للجيلين الأول والثاني: "إذا أمكن ردّ اللحظة الثقافية النهضوية الأولى إلى أعمال مفكّرين ومثقفين عرب في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مثل الطهطاوي والتونسي وعبده والكواكبي والشدياق... إلخ، وإذا أمكن رد الثانية إلى علي عبد الرزاق ولطفي السيد وطه حسين وأحمد أمين.. فإنّ في قلب اللحظة النهضوية الثالثة أمثال عبد الله العروي وهشام جعيط ومحمد أركون ومحمد عابد الجابري وإلياس مرقص"[16].

أمّا عن خصائص الجيل النهضوي الثالث بالمقارنة مع الجيلين السابقين، فهي أربع سمات؛ فمن جهة تقل النزعة التبشيرية في كتاباتهم، فلا يتقدم الواحد منهم في مؤلفاته كداعية إيديولوجي، وإنما يطغى على خطابهم الحس الأكاديمي الذي ينزع في الغالب إلى الحياد، مع تغليب المعرفة على الإيديولوجيا. السمة الثانية، وهي تتصل بهذه الأولى اتصالا وثيقا، أو لنقل أنها تتفرع عنها؛ وهي فسح مساحة شاسعة للنقد، فالنبرة النقدية في مؤلفاتهم تتميز بإعادة النظر في الموروثين العربي والغربي بأدوات منهجية نقدية. أما السمة الثالثة، فهي تحصيل حاصل للسمة الثانية، وهي أنّ الجيل الثالث كان أكثر اطلاعا على مصادر المعرفة العربية والغربية، وأكثر استئناسا بالفلسفة الغربية في أقصى تمظهراتها من الجيلين السابقين اللذين كانت تعوزهم اللغة وتقف حائلا دون الانفتاح على المصادر الغربية. والسمة الرابعة، وهي متحددة بهذه السمات الثلاث وتجميع لها، أنّ خطاب اللحظة النهضوية الثالثة اتسم بالتركيبة، إنه يحاول أن يشدّ إلى فكرها خيوط المنظومتين معا: العربية والغربية، كتب بلقزيز يقول: "بسبب العلاقة المفتوحة والمتوازنة بالمنظومتين، وما تخلّلها وحكمهما من نظرة نقدية مزدوجة غير أحادية، نمت نزعة تركيبية في خطاب الحداثة لدى مفكّري هذه الجيل الثالث"[17].

والحال أنّ تركيبية هذا الجيل يمكن أن نلمسها فيما يسمّيه محمد عابد الجابري "تبيئة"[18]، وفحواها ضرورة ملاءمة المفاهيم الحداثية بالتربة الإسلامية، وذلك بالبحث لها عن أشباه لتمريرها من الداخل دون أن يبدو الأمر كما لو كان نوعا من الاستيراد لفكر وافد. ونجد تطبيقا لهذه الخطة المنهجية في كتابات العديد من المفكرين، ولنأخذ واحدا من الحداثيين الذين عُرفوا بمجافاتهم للتراث وثقافته، أعني المؤرّخ التونسي هشام جعيط. ولنأخذ مثال الديمقراطية؛ إنّ جعيط يرى أنّ الديمقراطية صارت مفهوما ذا شحنة كونية إنسانية، ولابد من استعارة آلياته إلى العالم العربي، لكن لا يغفل أن يشير إلى أنّ الحداثة السياسية ممثلة في الديمقراطية كانت إفرازا لنتاج غربي بحت، ولتاريخه الخصوصي، إنّه مزج لحقيقتين غربيتين تجسّدتا في التاريخ الأوربي: التمثيلية اليونانية من جهة، وفصل الدين عن الدولة كما تنسب بعض الأناجيل للمسيح حينما قال: "اعط ما لله لله وما لقيصر لقيصر" من جهة أخرى. فحسب جعيط "نشأت الديمقراطية في اليونان: أي الجدل السياسي والتمثيل، وحرية التعبير، والمعارضة... إلخ، وفي الدولة الرومانية نشأت دولة القانون وفكرة الفصل بين الديني والزمني"[19].

وإجمالا، ورغم أنّ جعيط يرى الحداثة من المتاح للبشرية جمعاء، وأرقى ما توصل إليه الإنسان في مغامرته الوجودية، إلا أنّه لا ينفي كون الحداثة تشكلت داخل تجربة معينة، وهي ملابسات تاريخية لم تكن موحّدة في جميع التجارب التاريخية، ولهذا فلا يمكن أن تُفرض الحداثة من الخارج، وإلاّ اتخذت شكلا عنيفا وستتلقّاها الشعوب بالرفض والفشل، إنّه لا بدّ كما يقول جعيط من "إيديولوجيا للعقلنة وإصلاحا للبنى الحضارية"[20].

وهنا يتقاطع الأستاذ جعيط مع الناقد عابد الجابري، ذلك أنّ هذا الأخير لا يرى أنّ ميكانيزمات النهوض موحّدة عند جميع الأمم بالضرورة[21] فلننتقل الآن إلى إلقاء الأضواء على نقد الجابري للمشاريع الإصلاحية النهضوية.

من الناحية التاريخية، يحلّل الجابري في كتابه "الخطاب العربي المعاصر" تحليلا نقديا المشاريع الإصلاحية التي أنجزت من نهاية القرن التاسع عشر إلى لحظة تأليف الكتاب؛ أي بداية الثمانينيات من القرن العشرين، والسبب في عدم تشطير الجابري لهذه المشاريع أنها تصدر، حسب قراءته، من نموذج ذهني واحد، وهو بالضبط ما يبرّر لمّها إلى بعضها البعض، رغم أنّ بين بعض المشاريع من البون الزمني ما قد يبلغ القرن أو ينيف على ذلك، يقول: "إنّ الخطاب العربي الإيديولوجي الصادر في هذه الفترة مازال يشكّل وحدة لا تقبل التصنيف، بكيفية جدية وحاسمة، إلى ما قبل وما بعد"[22]، وما يبرّر هذه الوحدة حسب الجابري أنّ هذه التيارات على أطيافها المختلفة تحوم حول إشكالية واحدة هي سؤال النهضة، ومسألة التجديد الثقافي والفكري على وجه الخصوص.

كيف يقرأ الجابري هذه المشاريع؟ وكيف يعرض مشروعه كواحد من المشاريع النهضوية على المستوى المنهجي؟

يميّز الناقد بين ثلاث قراءات؛ القراءة الأولى يسمّيها القراءة الاستنساخيّة، وهي قراءة تحاول فهم المقروء بأكبر قدر ممكن من الأمانة والتجرّد، من غير أيّ تصرف في المادة المعرفية. أمّا القراءة الثانية، فهي القراءة التأويلية، وهي قراءة تعي منذ البدء أنها تحاول بناء فهم آخر للنص المقروء. أمّا قراءة الجابري، فهي ليست من جنس القراءتين، إنها بالأحرى "تتعرض وتبرز ما تهمله أو تسكت عنه أو تتستّر عليه أو تحاول إذابته القراءتان السابقتان، إنها كشف وتشخيص المتناقضات التي يحملها الخطاب، سواء على سطحه أو داخل هيكله العام"[23].

إنّ أول ما يصدره الجابري من أحكام على المشاريع النهضوية أنها جميعا تصدر عن وعي شقيّ، لأنها تنطلق من الشعور بالفارق والهوة العميقة، التي تزداد تعمقا كل يوم بين الشرق والغرب، يقول أفاية عن هذه الفكرة: "هكذا تشكّل الوعي النهضوي منذ البدء على قاعدة وعي شقي بالفارق بين الانحطاط الذي يعيشونه وواقع النهضة الذي يقدّمه إليهم أحد الأنموذجين: العربي الإسلامي في الماضي والأوروبي في الحاضر"[24].

وأصالة الجابري وإضافته الفكرية المعتبرة تتضح فيما يبنيه على هذه الحقيقة التاريخية الواضحة التي قد لا يماري فيها أحد، إنّ هذا الإحساس بالفارق بين ماض ممجّد في المخيال الإسلامي، وحاضر يبتعد عنا باستمرار، أي الحاضر الأوروبي، تكون نتيجته أننا لا نحاول فهم واقعنا الذي نعيش فيه، نشخّص عيوبه وتناقضاته، من أجل تجاوزها، بل يكون مشروعا حالما يحاول أن يسقط واقعا آخر، أحده مضى وانقضى، والآخر لا تتوفر شروطه المعرفية وقاعدته المادية. إنّ القراءتين معاً تؤديان إلى إهمال الواقع، وهي إذ تجهل هذا الواقع ومعطياته، تحاول مواراة هذا الجهل بخطاب إيديولوجي متضخّم، وهذا ما يعنيه الناقد حين يتحدّث عن غياب المعقولية؛ أي "عدم قدرة الخطاب على رؤية حلمه النهضوي من خلال الشروط التي تسمح منطقيا وواقعيا بتحقيقه"[25]، من هنا يقر الجابري بحقيقة أن ليست النهضة في الواقع هي التي لم تتحقق، بل ثمة غياب منذ البداية لتصوّر واضح المعالم لهذا النهوض.

وما جعل الأمر يمضي على هذا النحو هو وجود محدّدين اثنين؛ أولهما ما أشرنا إليه من قيام المشروع على أعقاب الاستعمار، وهو ما أدى إلى طفو ميكانيزم الدفاع، وهي مسألة يرى الأستاذ أنها قانون ينطبق على الأفراد والجماعات، فكل من تعرض لتهديد ما يتحصن بالهوية في وجه هذا الخطر المحدق، لأنه كل ما يبقى له منه خصوصا عندما تكون الهوية إرثا تشكل في ماض مجيد. لكن تلك القراءات تتجاهل حقيقة قيادة العرب في الماضي، وأوروبا في الحاضر، للبشرية، إنّ ذلك كان نتيجة لغياب المنافس والتهديد الخارجي، فالعرب أقاموا حضارتهم حينما كانت حضارة "الفرس" و"الروم" تلفظ أنفاسها الأخيرة، وكذلك النهضة الأوربية جاءت في العصر السكولائي العربي المنحط. أما الآن، فلا يمكن اعتماد تلك المقاربة لوجود الإمبريالية كظاهرة تهدد الكيان الوجودي للعرب المسلمين.

أمّا السبب الثاني، فهو مرتبط بالعقليات، إنّ هذا العقل الذي يوظّفه النهضوي يحمل علامات التخلّف الموروثة عن الماضي، كل من الليبرالي والسلفي يشيح بوجهه عن الواقع، ويبحث له عن أصل يقع بعيدا عنه، إنها آلية قياس الغائب على الشاهد [26]، وهذه الآلية ليست وليدة اللحظة، بل هي من أوائل الآليات العقلية التي وظّفها العلماء المسلمون في إنتاج المعرفة وورثها النهضوي عن أسلافه بشكل لاشعوري. إنّ هذا العقل كما يقول الجابري "يحمل علامات العقل الذي أنتجه"[27].

أمّا السبيل الذي يقترحه الجابري من أجل فكّ الذات من هذا الأسر المزدوج، فهو الوقوف على حقيقة هذه الذات نفسها، فالوعي بالذات خطوة أولى سابقة على أي اندماج في مشروع نهضوي ما، والذي يجهل ذاته، ولم يشخص عيوبها يصعب عليه أن يجد دواء لها، وهذا ما يعبر عنه الجابري عندما يتحدث عن "معرفة الذات، لفك إسارها من قبضة النموذج -السلف، حتى تستطيع التعامل مع كل النماذج تعاملا نقديا"[28].

ومعرفة الذات تمرّ عبر الانتظام في التراث، وخاصة الموروث الثقافي الذي شكّل العقل العربي الإسلامي. إنّه حسب الجابري، كلّ حركة نهضوية إلاّ وابتدأت في بادئ أمرها بالعودة إلى الماضي، لكن لا لتحييه كما هو، وإنّما لتجعل منه دعامة للمستقبل، إنّها تستعيد منه ما تريده فقط؛ أي تلك الأفكار التي تطمح هذه المشاريع التحررية أن تنشر أريجها في المجتمع الجديد، وهذه الاستراتيجية تسهم كذلك في تطويق الحركات النكوصية التي تدعو إلى العودة إلى الماضي وتقليد الآباء، إذ الحركة التحررية بالإضافة إلى أنّه يمّمت وجهها إلى المستقبل، تنافس أصحاب مشروع إحياء الماضي في هذا الماضي نفسه، وهكذا تضيّق الخناق عليها، يقول عابد الجابري مكثّفا هذه الأفكار في إحدى الفقرات: "السؤال النهضوي، وهو السؤال الحالم المتجه إلى المستقبل بطبيعته، لا يتنكر للماضي ككلّ، بل العكس: إنه إذ ينطلق من نقد الحاضر والماضي القريب يحتمي بالماضي البعيد الأصيل ليوظّفه لمصلحة النهضة؛ أي لمصلحة مشروعه المستقبلي. إنّ قوى التجديد تضيق الخناق على قوى التقليد وتحاصرها من كل الجهات. إنّها إذ تحاربها بما يفرزه الصراع من عوامل التطور والتقدم تعمل جاهدة على عزلها عن الماضي وسحب بساطه من تحتها"[29].

قد تبدو هذه الاستراتيجية وجيهة، لكنها أثارت حفيظة بعض المفكّرين المشارقة "الحداثيين". إنّ العودة إلى التراث، وبالتالي إلى الماضي، تقلل من حظوظ الاهتمام بالحداثة ونشر أفكارها الحديثة، والاتجاه بالتالي إلى المستقبل، إنها دعوة ناكصة، بل تشبه ما يسمى في علم التحليل النفسي "العصاب الجماعي"[30]، حيث لا يستطيع الإنسان المأسور إلى ماض طوباوي من التخلّص من قبضته الصارمة[31].

يردّ الجابري على هذا الاعتراض من عدّة وجوه؛ فمن جهة يستند على تجارب تاريخية سابقة، إذ إنّ كل عصر نهضة هو عصر مراجعات قبل أي شيء آخر، وعودة إلى موروث قديم، ينطبق هذا على النهضة الأوروبية التي طوت المسافة بين تاريخها القديم ولحظة النهضة، حين تجاوزت القرون الوسطى المظلمة واتصلت بمنابع الفكر اليوناني وأحيته، كما ينطبق على التجربة الإسلامية في زمن الدعوة المحمدية حين استحضرت مرجعية الدين الإبراهيمي في التأسيس لعقيدة التوحيد [32] أمام ملأ مشرك يزعم أنه يتبع دين الآباء.

ومن جهة أخرى، فالحداثة ليست موقفا فرديا، إنّه مشروع طامح يسعى إلى نشر قيمه على أوسع نطاق، وإذا كان المفكّر الحداثي متشبعا بالمبادئ والأسس الحداثية، فإنّ السواد الأعظم من المجتمعات الإسلامية تطغى عليه النظرة التقليدية إلى الحياة، وهي نظرة تنهل من الموروث الثقافي الإسلامي القديم. ومن هنا، فإنّ اللحظة الراهنة حسب الجابري تستدعي إعادة النظر في التراث، لكن لا من أجل الوقوع فيما يسميه "القراءة التراثية للتراث"، وهي قراءة قوامها الاجترار والتكرار بشكل رديء، بل لتدشين نظرة جديدة تشكّل جسرا من أجل الحداثة، وتصفية ترسّبات الموروث التقليدي القديم في الكيان الفكري للمسلم.

ومن تحصيل حاصل، أن يقرّر الناقد أنّ قضية التراث هي في آخر المطاف قضية منهج، وتجديد رؤيتنا للتراث تتطلب رؤية مبدعة، شفافة للمنهج كذلك. إنه لابد في البداية من التخلص من الآراء المسبقة، تلك التي نجرّها معنا حيثما ارتحلنا في مغامراتنا المعرفية، ونحاول إثبات جدارتها وقدرتها على فتح كل الأبواب، إنّ هذه القراءات الموجّهة تسيء إلى المقروء، لأنها تفرض عليه أن يطاوع ما يقرّره المنهج سلفا، وهذه هي آفة القراءة الإسقاطية التي تتخذ شكل وثوقيّات لا تقبل النقاش، يشير إلى هذا فيقول "إننا نرفض المنهج الإسقاطي؛ إسقاط المفاهيم التي استخلصت من تحليل واقع معين على معطيات واقع آخر لم يسبق تشريحه وتحليله، والتأكد بالتالي من تطابق معطياته الأساسية مع مضمون تلك المفاهيم"[33].

بالإضافة إلى قراءة التراث قراءة جديدة، يلحّ الجابري على عدم الانسياق مع الإشكالات الزائفة من أجل تحرير الفكر النهضوي من العوائق، والتي يعود بعضها إلى سوء توظيف المنهج، كالحديث المكرر عن الصراع الطبقي ومحاولة قراءة كل الأسئلة على ضوئه، وأحيانا إلى التقليد المحض، ثم إلى عدم البوح الصادق بالأهداف المنشودة والاستعاضة عنها بمفاهيم ملتوية.

لنضرب باقتضاب مثالا على هذه الإشكالات الزائفة، ولنبدأ بالتقليد. إنّه من غير شك أنّ التاريخ الأوروبي له سياقه الخاص، فإذا كانت، على سبيل المثال، الحرب العالمية الثانية قد أدّت إلى الانقلاب على العقلانية، باعتبار أنّ تلك العقلانية الصارمة المتنكرة لأية قيمة أو روحانيات هي التي تسببت في تلك الويلات، وأدّت إلى انسداد خانق، فإنّه ليس على العربي أن يقلّد مفكري ما بعد الحداثة هؤلاء في أوروبا، ويقتبس لاعقلانيتهم، لأنّ هذا الاقتباس سيكون محض تقليد ساذج، ذلك أنّ الوضع هنا غير الوضع هناك، والعالم العربي له لاعقلانيته التي تحتاج إلى تصفية، أما استعارة لاعقلانية جديدة، فهي آفة أخرى تنضاف إلى قائمة الآفات والعاهات التي يزخر بها المجتمع الإسلامي، هذا ما يقصده الجابري حين يقول عن دعاة ما بعد الحداثة: "يتبنّى بعض أدعياء الحداثة موقفا لاعقلانيا مقلّدين بذلك مواقف ليس في الواقع العربي ما يبررها. إنّ الواقع العربي الراهن يعاني من هيمنة نوع آخر من اللاعقلانية يختلف تماما عن ذلك النوع الذي قام في أوروبا المعاصرة كتتويج لعقلانيتها"[34].

أمّا ما يصدر عن دواع إيديولوجية، بأن يكون المفهوم "أدلوجة"[35] يخفي الأغراض الحقيقية والنوايا الدفينة، فيمكن أن نضرب مثالا بالعلمانية؛ إنّ هذا المفهوم غامض في السياق العربي، لأنّ جذره اللغوي ملتبس، فلا علاقة بين فصل الدين عن الدولة والجذر (ع/ل/م)، ثم لأنّ التجربة التاريخية الإسلامية لم تعرف مؤسسة، توازي الكنيسة في التجربة الأوربية، زاحمت السلطة الزمنية على الحكم، ومن هنا فحينما نتحدث عن فصل، فإننا لا نكون في الحقيقة أمام كيانين اثنين يتنافسان على السياسة حتى نفصل أحدهما عن الآخر. مفهوم العلمانية إذاً كما يُطرح في الفكر العربي المعاصر زائف.

أما لِمَ هو زائف، فلأنه لا يعبّر عن حقيقة النوايا. إنّ هذا المفهوم رفعته أقلية مسيحية في بلاد الشام؛ رفعته في وجه الخلافة العثمانية[36] التي كانت تحكم باسم الدين "والمسيحيون العرب الذين نادوا بالعلمانية يومئذ، إنما أرادوا التعبير بكيفية متواضعة خجولة، عما عبر عنه بقوة وصراحة مفكرون عرب آخرون حينما حملوا شعار الاستقلال عن الترك"[37]، وسيتم رفع نفس الشعار من طرف نفس الأقليات بعد أن "تتحرر" الدول العربية من الخلافة العثمانية وقيام دول قطرية مجزّأة، كتوجس منها من الخضوع لهيمنة حاملي الدين المسيطر، والرضوخ لوضعية المحكومية دائما بدل أن تأخذ هي الأخرى بزمام الحكم، وإذاً "فالدلالة الحقيقية لشعار العلمانية في هذا الإطار الجديد، إطار التنظير لدولة الوحدة، كانت مرتبطة ارتباطا عضويا بمشكلة حقوق الأقليات الدينية، وبكيفية خاصة حقها في أن لا تكون محكومة بدين الأغلبية، وبالتالي فالعلمانية على هذا الاعتبار كانت تعني بناء الدولة على أساس ديمقراطي عقلاني وليس على أساس الهيمنة الدينية"[38]، ولهذا يدعو الجابري لإزاحة مفهوم العلمانية من التداول والتوظيف وتعويضها بمفهومي الديمقراطية كشكل عقلاني لحل مشكلة السلطة وتصريف صراعاتها على نحو سلمي.

كانت هذه مناقشة حاولت أن تستوعب بنوع من الاختصار جملة الإشكالات التي انسدلت عن سؤال النهضة، وقادت المفكّر عابد الجابري إلى إعادة النظر في الموروث الثقافي بما هو مادة العقل الإسلامي. فتعثر النهضة من المنظور الذي ينطلق منه الجابري لا يرجع إلى ضبابية المشاريع الإصلاحية فحسب، أو تيه الفكر العربي بين الشيخ الإصلاحي وداعية التقنية والزعيم السياسي، بل قبل ذلك إلى الآليات الذهنية التي يوظّفها المسلم في تفكيره، وهي آليات ليست وليدة اللحظة، وإنما تشكلت عبر سيرورة تاريخية طويلة.


[1] فرانسيس بيكون، الأورغانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة. ترجمة عادل مصطفى. (القاهرة: رؤية للتوزيع والنشر. 2013).

[2] حول مظاهر عصر النهضة، يُنظر فصل بذات الاسم في:

محمد حبيدة، تاريخ أوروبا: من الفيودالية إلى الأنوار. (الرباط: دار أبي رقراق للطباعة والنشر. 2010). ص 79 وما بعدها

[3] عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية. ط5. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.1994). ص 8

[4] علال الفاسي، الحركات الاستقلالية في المغرب العربي. (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة. 2003). ص 98

[5] يقول محمد سبيلا: "ارتبطت تجربة الحداثة عند العرب بتجربة الصدمة الاستعمارية. فهما متقارنتان متلازمتان. ومن ثم يمكن أن نقول إن الحداثة العربية ارتبطت بالعنف وبالغزو الاستعماري. وبالاحتلال وبكسر شوكة المقاومة ابتداء من غزو مصر في العامين الأخيرين للقرن الثامن عشر"

محمد سبيلا، حداثتنا مرتبطة بالصدمة وانكسار الوعي واحتلال الأرض. ص 38

[6] جورج طرابيشي، المرض بالغرب: التحليل النفسي لعصاب جماعي عربي. (دمشق: رابطة العقلانيين العرب. 2005)

يقول المفكر الجزائري محمد أركون:

 =« Premier manuel du réformisme, la relation de voyage à Paris de Rifâ’â Tahtâwî (tâkhlis al-ibrîz) esquisse déjà les thèmes essentiels de la Nahda et justifie la notion de renaissance du dynamisme culturel arabe »

Mohammed Arkoun, La pensée arabe. (Paris: puf. 2012). p 101

[7] يقول المفكر الجزائري محمد أركون:

 =« Premier manuel du réformisme, la relation de voyageà Paris de Rifâ’â Tahtâwî (tâkhlis al-ibrîz) esquisse déjà les thèmes essentiels de la Nahda et justifie la notion de renaissance du dynamisme culturel arabe »

Mohammed Arkoun, La pensée arabe. (Paris: puf. 2012). p 101

يقول أركون عن محمد عبده الذي ينتمي إلى ذات مدرسة الطهطاوي:

« Il trace un programme de réforme de la justice, de l’enseignement, des institutions politiques en réappropriant aux notions modernes de parlement, d’opinion publique, d’utilité, de séparation de pouvoirs des concepts islamiques comme chûrâ, ra’y, maslaha, ijmâ’.. » Ibid.,p 103

[8] يقول أركون عن محمد عبده الذي ينتمي إلى ذات مدرسة الطهطاوي:

« Il trace un programme de réforme de la justice, de l’enseignement, des institutions politiques en réappropriant aux notions modernes de parlement, d’opinion publique, d’utilité, de séparation de pouvoirs des concepts islamiques comme chûrâ, ra’y, maslaha, ijmâ’.. » Ibid.,p 103

Abdellah Laroui, Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain.

(Beytouth: Centre culturel arabe. 2009). p 227

[9] Abdellah Laroui, Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain.

 (Beytouth: Centre culturel arabe. 2009). p 227

[10] إلى هذا يشير برهان غليون عندما يقول: "إن وعي الأمة العربية بذاتها هو أولا وعي بغيرها ولا يقوم إلا به" برهان غليون، اغتيال العقل: محنة العقل بين السلفية والتبعية. ط6. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 2012). ص 115

وقد دافع عن هذا التصور عبد الله العروي في الإيديولوجيا العربية المعاصرة، حينما تحدث عن الأمة العربية التي حاولت "محاولات متكررة إدراك نفسها عن طريق إدراك الغير".

عبد الله العروي، الإيديولوجيا العربية المعاصرة. ط3. (بيروت: المركز الثقافي العربي. 2006). ص 63

[11] ولعل هذا ينطبق على الموقف الرافض للحضارة الغربية أكثر، إن هذا التقوقع ليس توحدا تاما من البداية، وإنما هو تحصين للنفس من خطر خارجي، يقول أركون في بيان العلاقة بين العودة إلى التراث وضغط الحضارة:

« On voit ainsi s’affirmer une relation étroite entre le succès de l’idéologie réformiste traditionaliste –les salafiyya, partisans d’un retour à la norme ancestrale des pieux anciens- et la pression croissante de l’occident » Arkoun, La pensée arabe. p 104

[12] عبد الله العروي، الإيديولوجيا العربية المعاصرة. ص 44

[13] نفسه، ص 47

[14] نور الدين أفاية، الجابري وسؤال النهضة. ص 48. في:

مجموعة مؤلفين، محمد عابد الجابري: المواءمة بين التراث والحداثة. (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. 2016).

[15] عبد الإله بلقزيز، من النهضة إلى الحداثة. ص 236

[16] عبد الإله بلقزيز، من النهضة إلى الحداثة. ص 15

[17] محمد عابد الجابري، المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد. ط2. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 2000). ص 14

[18] هشام جعيط، أزمة الثقافة الإسلامية. (بيروت: دار الطليعة. 2000). ص 129

[19] Hicham Djait, La personnalité et le devenir arabo-islamiques. (Paris: Edition du seuil. 1974). p 257.

[20] Ibid., p 77.

[21] "الجابري يقر بعدم وجود قانون عام يعبر عن ميكانيزمات النهضة في كل العصور والأزمان" أفاية، الجابري وخطاب النهضة. ص 58

[22] محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر: دراسات تحليلية نقدية. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 1982). ص 13

[23] محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر. ص 10

[24] نور الدين أفاية، الجابري وسؤال النهضة. ص 53

[25] الجابري، الخطاب العربي المعاصر. ص 18

[26] يقول أفاية "يلاحظ الجابري أن الآلية المتحكمة بأنماط التفكير العربي في النهضة هي آلية قياس الغائب على الشاهد، وينطبق ذلك على السلفي والليبرالي واليساري والقومي" الجابري وسؤال النهضة. ص 53

[27] محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر. ص 10

[28] الجابري، الخطاب العربي المعاصر، ص 57

[29] الجابري، إشكاليات الفكر العربي المعاصر. ص 21

[30] هذا "التحليل النفسي" أدلى به الأستاذ جورج طرابيشي، انظر: جورج طرابيشي، المرض بالغرب: التحليل النفسي لعصاب جماعي عربي. (دمشق: رابطة العقلانيين العرب. 2005)

[31] شير إلى هذا الاعتراض الجابري فيقول:

« Deux voix s’élévent çà et là pour remettre en question, d’une manière ou d’une autre le souci qu’ont les chercheurs arabes de travailler sur la tradition: pourquoi c cet intérêt pour la tradition ? N’est ce pas là une régression intellectuelle ? certains vont même jusqu’à parler de phénomène pathologique ; de nérvose collective qui aurait frappé les intellectuels arabes au lendemain de la débâcle de 1967 »

Mohammed Abed Al-jabri, Introduction à la critique de la raison arabe. (Paris: éditions la découverte. 1994). p 23

[32] محمد عابد الجابري، إشكاليات الفكر العربي المعاصر. ص23

[33] محمد عابد الجابري، إشكاليات الفكر العربي المعاصر. ص 31

[34] محمد عابد الجابري، التراث والحداثة.. دراسات ومناقشات. ط 3. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 2006). ص 18

[35] في كتابه "مفهوم الإيديولوجيا"، يقول العروي: "يقابل مفهوم الأدلوجة مفهوم الحق: الحق هو ما يطابق ذات الكون والأدلوجة ما يطابق ذات الإنسان في الكون"

عبد الله العروي، مفهوم الإيديولوجيا. (بيروت: المركز الثقافي العربي. 1993). ص 10

[36] يشير أركون إلى هذا فيقول:

« Les Syro-Libanais –notamment les chrétiens- s’engagent avec plus de détermination encore que les égyptiens, dans la voie occidentale pour lutter contre le despotisme Ottoman »

Mohammed Arkoun, La pensée arabe. op-cit. p 105

[37] محمد عابد الجابري، وجهة نظر: نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر. (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية. 1992)، ص 103

[38] نفسه، ص 104

المصدر: http://www.mominoun.com/articles/%D9%86%D8%AD%D9%88-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D...

 

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك