ثقافة الحوار ورقي الشعوب

د. جيهان جادو

 

الحوار هو حديث يدور بين شخصين أو أكثر ويتم من خلاله تداول الكلام بينهم .فلا يستأثر احدهم بالكلام دون الأخر .فمن أهم سمات هذا الحوار الهدوء وعدم التعصب فلابد وان يحترم كلا منهم الأخر ورأيه في التعبير عما بداخله. فكلما كان الحوار هادئ يعد دليلا علي ثقة المحاور بنفسه فيبتعد تماما عن العنف والعصبية في عرض الحوار والذي يؤدي في بعض الأحيان إلي الحقد والخصومة .

 

واهم ثقافة في الحوار هو وصول المحاور إلي عقل وقلب محاوريه فلا بد أن يصل إلي تبسيط الأفكار بأسلوب هادئ وبالكلمة الطيبة ليصل إلى الحوار السليم مع الآخرين.مع مراعاة العقول وإدراك الآخرين في احقيتهم للحوار.

 

فمن أهم عوامل فشل أي حوار هو التعصب بالرأي وذلك عندما يبدأ المحاور بفرض رأيه مستعملا بذلك حق غيره وبما أن الحياة بكل متطلباتها تستلزم وتفرض على الإنسان التعايش مع الآخرين والتواصل معهم فان هذا التواصل لا يتم إلا من خلال التحاور السليم والبناء فالتحاور مراجعة كلام في موضوع ما وذلك بهدف تصحيحه أو تعزيزه أو تطويره والوصول للهدف المنشود إلا وهو التفاهم أو الاتفاق علي شيء معين أو الاختلاف علي حسب طبيعة هذا الحوار.

 

فللحوار قيمة عالية عند الإنسان فينتج تعاونا ايجابيا متفق عليه . فلابد لكل من طرفي الحوار التماس الأعذار للأخر فيما اختلفا فيه وألا يجعله سبب من أسباب الحقد والبغضاء لان الجهل بهذه الأمور تؤدي إلي حالة من الكراهية واستثارة الشر بالعنف ويصل الأمر في بعض الأحيان إلي الصراع المادي والمعنوي. واذكر في هذا الأمر قول الله عز وجل في قوله تعالي(وإنا وإياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين) فتلك الآية الكريمة تبنت فكرة احترام الإنسان ومحاورته أيا كانت عقيدته أو جنسه أو موقفه المغاير من دون عصبيه أو تشبث بالرأي فهي تعتمد علي مبدأ الندية والمساواة. إذن فالحوار القائم علي إلغاء رؤية الآخرين وإسكاتهم وفرض الرأي عليهم فهو هيمنة وسيطرة علي الآخرين بل يقتل القيم الأخلاقية والإنسانية .

 

لكن انظر عزيزي القارئ ماذا يحدث لنا في هذه الأيام فعندما تعترض علي فكره أو موضوع ما أو حتي علي شخص معتقدا بذلك بأنك تمارس حقك في التعبير بحريه فتكون بذلك قد خرقت كل النواميس وقتها تتحول إلي إنسان حاقد ناكر أو عاق أو حتي من الفلول علي حد تعبير الساسة من الناس وعنده يتحول الحب والاحترام إلي طوفان من الشتائم أو الحقد والكراهية فنحن دائما ننادي بالحوار والتفاهم ولكن للأسف لا نعلم عنه شيئا فلماذا دائما في عالمنا ألان يتحول الاختلاف في الرأي إلي صراع غير أخلاقي ينتهي بالسب وأحيانا للعنف ؟!

 

ولماذا تعلوا ثقافة ألانا علي ثقافة الحوار؟! فالغرب مثلا انتقلوا من حال إلي حال وبنوا دولة القومية علي أساس علاقات مابين الحاكم والمحكوم وقد أحدثوا تغيرات جوهريه وأساسيه تقوم علي ما لله لله وما لقيصر لقيصر فكان لديهم الفصل مابين السلطات التشريعية والتنفيذية وكان لديهم فصل الدين عن الحكم لينتقل الغرب بذلك من مرحله إلي مرحلة اعلي وارقي الفضل فيها يرجع للثقافة الحوارية واحترام أراء الآخرين .

 

هذا علي النقيض تماما بما يحدث في مجتمعاتنا العربية فهو ليس بالموروث ولا بالثقافة وبالطبع ليس بالجينات تلك العوامل التي في اعتقادنا إنها تحجب لغة الحوار وقبول الرأي الأخر ولكنها في نظري أمور أخري لعلها تكون سلوكية نشا عليها البعض أم إنها سياسيه ترجع لانعدام الإرادة السياسية في مجتمعاتنا العربية فعلينا أن نبدأ بأنفسنا إذا ما أردنا التغيير علينا أن نعمل علي تنقيه النفس من الأحقاد وعلينا تقبل الرأي والرأي الأخر فلا بد من التعاون والتكافؤ في كل شيء لاسيما في التعبير وحرية الرأي لنصبح بذلك من ارقي الأمم (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا).

 

المصدر: http://francheval.com/ar/2017/02/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D...

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك