التّكامل بين التّاريخ والعلوم الاجتماعيّة لدى ميشله

ياسين زينون

 

وطّد ميشله - من خلال مشروع البعث الشّامل للماضي - علاقة التّاريخ بالعديد من العلوم الاجتماعيّة؛ إذ استعان في سعيه إلى بعث وإحياء كلّ ما يتعلّق بالنّشاط الإنسانيّ بالعلوم المساعدة لعلم التّاريخ - كالفلسفة والجغرافيا والإنتروبولوجيا - وهي مقاربة لم يسبقه إليها أي مؤرّخ، فكيف أرسى هذا المؤرّخ علاقة تكامليّة للتّاريخ بهذه الفروع المعرفيّة الثّلاثة؟

I - علاقة التّاريخ بالفلسفة[2]:

كانت الفلسفة أحد الحقول المعرفيّة الّتي وطّد هذا المؤرّخ علاقة التّاريخ بها، فقد درّس التّاريخ والفلسفة في المدرسة العليا للأساتذة، في إطار العلاقة التّكامليّة لهذين العلمين، وليس كحقلين معرفيّين مستقلّين عن بعضهما البعض، ولقّن طلّابه - في دروس التّاريخ - بعض النّظريّات الميتافيزيقيّة، ومَهَّدَ لدروس الفلسفة بدروس التّاريخ، عبر إعطائه مثلًا: نبذة عن التّاريخ الإغريقيّ قبل حديثه عن الفلسفة الإغريقيّة.

يقول بول ﭬيالنكس (Paul Viallaneix)[3] في هذا الصّدد: "جاءت دروس سنتَي (1828 - 1829م) لتشهد بأنّ ميشله وضع فلسفة شخصيّة للتّاريخ، قادرة على جعل التّاريخ التّقليديّ علمًا جديدًا"[4]، ويفصح ميشله عن توجّهه الّذي يعدّ التاريخ والفلسفة كلًّا لا يتجزّأ بقوله: "تُشَكِّلُ الفلسفة والتّاريخ - إلى غاية أيامنا هاته - موضوعَين لدراستَين مختلفتَين تمامًا، رغم أنّ كلًّا منهما يُثَبِّتُ الآخر؛ فكلاهما لا يمكنه الوصول بمفرده إلى أعلى درجات اليقين، لذلك؛ سنخصّص دراسة موحّدة للتّاريخ والفلسفة؛ اللّذين إن تحقّق ارتباط قويّ بينهما، فسيتمكن كلّ منهما من نجدة الآخر"[5].

من هذا المنطلق؛ وظّف ميشله الفلسفة في دراسة ماهيّة الإنسان، واستعان بالتّاريخ لمناقشة تمظهرات الوجود الإنسانيّ وتحليل العلاقــات الإنسانيّة، "يشكّل تاريخ الإنسان وفلسفة الإنسان الهدف المشترك المتوخّى من أبحاثنا؛ فالإنسان يتمظهر لنا بشكلين مختلفين: الإنسان كفرد، وككائن اجتماعيّ، لذلك؛ سنهتم بدراسة الإنسان بمفرده وفق مقاربة فلسفيّة، وبدراسة الإنسان ككائن اجتماعيّ وفق مقاربة تاريخيّة"[6].

ويَعْدّ هذا المؤرّخ الحرّيّة المحرّك الأساس لتطوّر البشريّة، ويشير إلى أنّ محطّات الفشل الّتي عرفتها الإنسانيّة على مرّ تاريخها لم تُعِقْ مسيرتها نحو التقدّم، "تَخْرُجُ كلّ حقبة حضاريةّ من حقبة من الهمجيّة، لتبدأ الأشياء - دائمًا - من نقطة انطلاقها..."[7]، ويرى أنّ الفلسفة تهتمّ بدراسة ثلاثة مجالات رئيسة، هي: نظام الكائنات، وطبيعة الإنسان، وفنّ الرّقيّ بالجنس البشريّ برمّته[8]، ويوضّح عدم إمكانيّة مقاربة الحقائق التّاريخية في شموليتها، إذا لم تُوظَّف الفلسفة في ذلك، قائلًا: "لا يمكن الوصول إلى المعرفة الكاملة إلّا بمقاربة الفرد والكائن والفلسفة والتّاريخ"[9].

II - علاقة التّاريخ بالجغرافيا[10]:

يرى هذا المؤرّخ أنّه لا يمكن إعطاء صورة شاملة عن الحقائق التّاريخيّة، إذا لم تُقارب في بعدها الجغرافيّ، "يبقى الشعب في حاجة إلى قاعدة صلبة وجيدة، تتمثّل في الأرض الّتي تحمله وتغذّيه؛ إذ سيبدو هذا الفاعل التّاريخيّ (أي الشعب) بدون قاعدة جغرافيّة، وكأنه يمشي في الفضاء، كما هو حال اللوحات الصّينيّة الّتي تغيب فيها الأرض، وتجب الإشارة إلى أن الأرض لا تُشكّل مسرح الأحداث فقط، لكنّها تؤثّر - بمائة طريقة - من خلال التّغذية والمناخ، وغير ذلك؛ فكما يكـــــون العشّ يكــون الطّائر، وكما يكــون الوطن يكـــــــــون الإنسان"[11]، ويضيف ميشله مؤكّدًا على العلاقة التّكامليّة القائمة بين التّاريخ والجغرافيا، قائلا: "التّاريخ هو جغرافيا أوّلًا وقبل كلّ شيء؛ فلا يتعيّن علينا الحديث عن الحقبة الفيوداليّة أو المدنيّة؛ بل يتوجب علينا أن نحدّد الشّكل الجغرافيّ لهذه المدن المختلفة، التي نتمكّن بثمارها من شرحها، أقصد؛ عن طريق رجالها وأحداثها"[12].

لذلك؛ كانت لهذا المؤرخ اهتمامات جغرافيّة، ويتّضح لنا ذلك من خلال الإشارات الواردة في الرّسالة الّتي وجهها بتاريخ (25 شباط 1834م) إلى نِزار (Nisard)[13]؛ إذ ذكر فيها أنّه قد راودته قبل كتابة مؤلّفه "تاريخ فرنسا (Histoire de France)" فكرة إجراء بحث حول الخصائص الجغرافيّة لمختلف المناطق الفرنسيّة، بَيْدَ أنّه سرعان ما تخلّى عن مشروعه هذا مؤقّتًا، عملًا بنصيحة إيدواردز (Edwards) [14]وأصدقاء آخرين له، لا سيّما بالنّظر إلى الأسفار العديدة الّتي يتطلّبها إنجاز هذه الدّراسة، "لقد تأجّل هذا المشروع لمدّة سنتين، لكنّني سأنفّذه لاحقًا"[15]، وهو الاهتمام ذاته الذي لمسناه لديه من خلال الأولويّة الّتي أعطاها للجغرافيا بمحاضراته في جامعة السّوربون وكوليج دوفرانس، وحاول فيها تفسير التّاريخ بالجغرافيا، سواء تعلّق الأمر بدروسه حول تاريخ اليونان أو ألمانيا، ممّا يوضح وعيه بارتباط التّاريخ بالجغرافيا[16].

لم يكن هذا المؤرّخ أوّل من أدرك العلاقة التّكامليّة القائمة بين التّاريخ والجغرافيا؛ بل سبقه إلى ذلك مؤرّخون آخرون، أمثال: بييـر دونو(Pierre Daunau)[17]؛ الّذي قال في هذا السّياق: "إنّ الجغرافيا والكرونولوجيا هما عينا التّاريخ"[18]، مستدلًّا على ذلك بمقولة كانط (kant)[19]: "لفهم أيّ حدث؛ لا بدّ من طرح السّؤال الآتي: أين ومتى؟"[20]، لكنّ الطّريقة الّتي وظّف بها ميشله الجغرافيا في دراسة التّاريخ، حملت نوعًا من التّجديد[21]، وهو ما يعكسه مؤلَّفه: تـاريخ الجمهوريّة الرّومانيّة (Histoire de la République Romaine)؛ الصّادر سنة 1831م[22]، الّذي استهلّه بوصف جغرافيّة إيطاليا، واستعان فيه بمؤلّفات الجيولوجيّين وعلماء الأحياء، وضَمَّنَهُ انطباعاته بخصوص هذا الموضوع[23]، لكن أكثر إصدارات هذا المؤرّخ تبيانًا لحرصه على دراسة التّاريخ بالجغرافيا، وهو الجزء الثّاني من مؤلّفه: "تاريخ فرنسا" الّذي أصدره سنة 1833م[24] واستهلّه بكتيّب أعطاه عنوان "جــــــدول فرنسا (Tableau de France)"، أوضح فيه الخصائص الجغرافيّة لمختلف المناطق الفرنسيّة، ممّا جعل مؤلَّفه هذا، أوّل كتاب حول تاريخ فرنسا يستهلّه بكتيّب جغرافيّ[25].

استعان ميشله - في تأليف كتيّبه "جدول فرنسا" - بتقارير الرّحلات الّتي قام بها كلّ من: أرثير يوﻨﯖ (Arthur Young)[26] إلى فرنسا، وجونـود (Genoude)[27]إلى منطقة لانجـو (L’Anjou)[28]، وميلين (Millin)[29] إلى الوسط الفرنسيّ[30]، وبعث لنفس الغرض - في 21 كانون الثّاني 1832 م - رسالة إلى إيلي دو بومونت (Elie de Beaumont)[31]؛ تضمّنت أسئلة حول الخصائص الجيولوجيّة لبعض المناطق الفرنسيّة، وقد زوّده بمجموعة من المعطيات، اعتمادًا على خريطته الجيولوجيّة[32].

لقد أثّر هذا الكتيّب في أعمال المؤرّخين الفرنسيّين الّذين قاربوا الحقائق التّاريخيّة في بعدها الجغرافيّ، وهو تأثير نلمسه في مؤلَّف ﭬيكتور ديريي (Victor Duruy)[33] "مدخـل عـــامّ إلى تاريــــخ فرنســــا/ (Introduction générale à l’histoire de France)" الصّادر سنة 1865[34]؛ الّذي تضمّن بعض عبارات ميشله الواردة في كتيّب: "جدول فرنسا"، وعلى سبيل المثال؛ ذكر ميشله في مؤلّفه هذا: "لا يجب أن نأخذ مركز الوسط، لِنَجِدَ نواة فرنسا الّتي يتعيّن أن ينضمّ إليها الجميع، إنّها بورج (Bourges)[35] ..."[36]، أمّا لدى دوريي؛ فنقرأ قوله: "ليس للمنطقة الغالية مركز جغرافيّ يتم قياسه بواسطة بركار، إنّه بورج"[37].

III - علاقة التّاريخ بالإنتروبولوجيا[38]:

يرى ميشله أنّ المصادر الأدبيّة والفنّيّة توفّر للمؤرّخ معطيات تاريخيّة تعادل ما توفّره له المصـادر والوثـــائق، وهو توجّه لم يسبقه إليه أيّ مؤرّخ، ما شكّل أحد مظاهر التّجديد في مقارباته التّاريخيّة"، لكنّ المؤرّخ - وهو مفتقد لهذه الأدوات الخاصّة المتمثّلة في العقود والوثائق - تأتيه نجدات متعدّدة - من كلّ مكان - ترتبط بالأدب والفنّ، فهنا - أيضًا - أنا مضطّر لأن أقول: (إنّني كنت وحدي)، لقد كتب المؤرّخون تاريخًا سياسيًّا فقط، ركّز على أفعال الحكومات والمؤسّسات، دون أن يأخذوا بعين الاعتبار ما يرافق ويشرح ويؤسّس هذا التاريخ السّياسيّ؛ من ظروف اجتماعيّة واقتصاديّة وصناعيّة، وتلك المتعلّقة بالأدب والفكر"[39].

لقد أولى هذا المؤرّخ - في إطار مقاربته الإنتربولوجيّة للتّاريخ - أهميّة قصوى لدراسة الواقع المعاش لمختلف فئات المجتمع الفرنسيّ؛ فميزانيّة الأسر وتغذيتها ولباسها بإيحاءاته الاجتماعيّة، كلّها عناصر شدّت انتباهه الّذي تركّز - بشكل كبير - على ما كان منبوذًا في التّحليل التّاريخيّ، من قبيل؛ غير المنطقيّ، والهرطقات، والسّحر، والمقصّيّين، والثّقافة الشّعبيّة[40]، وهو أمر تعكسه دراسته لتأثير شرب القهوة - كعادة استهلاكيّة - على حساسيّة النّخب وسلوكها في المجتمع الفرنسيّ للقرن الثّامن عشر، ويوضّحه - أيضًا - وصفه للمناخ التّراجيديّ لقرن لويس الرّابع عشر، الّذي سيطرت عليه الأزمات الغذائيّة والبؤس الشّعبيّ، معتمدًا البحث الإثنولوجيّ ليتناول الواقع التّاريخيّ بالدّرس[41].

كان ميشله سبّاقًا إلى إدراك أنّ المصادر الفنّيّة توفّر للمؤرّخ معطيات تاريخيّة مهمّة، وهو وعي رصدناه لديه من خلال اطّلاعنا على ما دَوَّنَهُ في مذكراته المتعلّقة بتاريخ فرنسا في القرن السّادس عشر الميلاديّ، حول بعض المصادر الفنيّة، من قبيل: اللّوحات والميداليّات والعملات والمآثر والتّصاميم الهندسيّة، الّتي يمكن اعتمادها في صياغة تاريخ فرنسا في هذه الفترة؛ ففي مذكّراته ليوم (12 شباط 1826م) نقرأ قوله: "...سيكون الجـــزء التّصــويريّ جدّ مثير للفضول، ويمكننا أن نعتمد فيه على الميداليّات والعملات، وعلى مآثر مدينة باريس في هذه الحقبة وهندستها وتصميمها"[42].

إنّ اهتمام هذا المؤرّخ بالفنّ وحرصه على اعتماده كمصدر تاريخيّ، تفسّره المكانة الّتي خصّصها له في مذكّراته اليوميّة؛ الّتي شرع في صياغتها بانتظام ابتداء من سنة 1830م، تحديدًا، في سفره الأوّل إلى إيطاليا بين آذار ونيسان من نفس العام[43]، وواصل كتابتها حتى نهاية حياته، ودَوَّنَ فيها ملاحظاته بخصوص الكنائس والقصور والأضرحة واللّوحات والتّماثيل التي اطّلع عليها في زيارته لهذا البلد، وهو أمر لم يسبقه إليه أي مؤرّخ[44].

ويبدو أنّ ميشله اعتمد نوعين من المصادر الفنّيّة كمصادر تاريخيّة، هما׃ الآثار من جهة، واللّوحات التّشكيليّة والصّور والأختام من جهة أخرى.

1 - الآثار:

اعتمد ميشله المآثر العمرانيّة كمصادر تاريخيّة؛ لاقتناعه بأنّها تمكّن المؤرّخ من فهم بنيات المجتمعات السّالفة، طالما أنّها تتضمّن معطيات مهمّة عن الخصائص الهويّاتيّة للشّعوب[45]، "تظلّ مآثر كهاته وقائع تاريخيّة كبرى، )يكتب متحدّثًا عن كاتدرائيّات: نوتردام دو باري (Cathédrale de Paris)[46]، وسان دوني (Cathédrale de Saint - Denis)[47]، وريمـــس (Reims)[48]"[49].

ويبقى هذا المـؤرّخ صاحـب السـّبق فـي اعتماد الـمـآثر كمصادر تاريخيّة، وحول هذه النّقطة - حين كان بصدد نشر الجزأين - الأوّل والثّاني - من مؤلَّفه "تاريخ فرنسا" - كتب يقول: "لم يقارب أحد - قبلي أنا - تاريخ الفنّ خلال العصر الوسيط، لا أستثني من ذلك الألمان، ولا كاتب رواية "سيدة باريس" الذي طاف حول المآثر، أمّا أنا؛ فقد بَيَّنْتُ كيف بَذَرَ ونضج هذا النّبات الحجريّ"[50].

لقد أمضى ميشله - في إطار توجّهه هذا - معظم أوقاته في سفره الأوّل إلى إيطاليا سنة 1830م في زيارة المدن الّتي سبق أن زارها أسلافه، بَيْدَ أنّه اهتمّ - على نقيضهم - بما هو متواضع وغير مألوف في المآثر الإيطاليّة، أكثر من اهتمامه بما هو رفيع وخاصّ فيها، كما لم يترك ملاحظاته الّتي دوّنها بخصوص الفنّ والعمارة الإيطاليّين - في زيارته هاته - حبيسة مذكراته؛ بل وظّفها بشكل مباشر في مؤلّفاته التّاريخيّة الأكثر أهميّة، كما هو الشّأن في كتابه׃ مدخل إلى التّاريخ العالميّ (Introduction à l’histoire universelle)، وذلك بغية رصد الحياة الفردانيّة الّتي ميّزت إيطاليا العصر الوسيط، وتبيان ريادة هذا البلد آنذاك في ميدان العمارة المدنيّة[51]، "كان الشّعب الإيطاليّ؛ الشّعب الوحيد الّذي توفّر على هندسة مدنيّة عبر العصور...؛ فكلمة بونتيفيكس (Pontifex) تعني: بناء القناطر. لقد كانت للمآثر الإتروسكيّة المختلفة منفعة عمليّة، إنّها أسوار مدن وقنوات وأضرحة؛ ففي الوقت الّذي كانت فيه كلّ من ألمانيا وإنجلترا وفرنسا لا تبني إلّا صروحًا دينيّة، كانت إيطاليا تشقّ الطّرق وتضع القنوات"[52].

كما دوّن ميشله ملاحظاته حول المآثر الإيطاليّة في مؤلَّفه "تاريخ الجمهوّرية الرّومانيّة: "أن يتأمل المرء من مبنى الكابيتول (Capitole)[53]، هذه المدينة المأساويّة (أي روما)؛ فإنّه يفهم بسهولة - من خلال مآثرها الرّئيسة - تطوّر تاريخها ووحدته؛ إذ يـُـقَدِّمُ لـَـكَ المعـرض (Le forum)[54] الجمهوريّة، أمّا البونتِـيون (le panthéon)[55]، وأوغيست (Auguste)[56]، وأﯖريبا (Agrippa)[57]، فَتُمَثِّلُ اتّحاد كلّ شعوب وآلهة العالم القديم في إمبراطوريّة واحدة، في حين يتموقع هذا الأثر - أي المعرض - (Forum Le) المنتمي إلى الحقبة الوسطى من التّاريخ الرّومانيّ، في مركز مدينة روما التي يرى المرء من طرفيها في الكـوليزي (Colisée)[58]׃ الصّراعـات الأولى للمسيحيّة، وانتصارها، وهيمنتها على كنيسة سان بيير (Saint - Pierre)[59]"[60].

لقد فنّد هذا المؤرّخ - في إطار اعتماده المآثر كمصادر تاريخيّة في كتابته لتاريخ فرنسا خلال العصر الوسيط - طرح ﭭــيكتور هيجو القائل: إنّ الهندسة الوسيطيّة كانت مزاجيّة، وأوضح - عكس ذلك - أنّها عَبَّرَتْ عن تناسق منطقيّ، قائلًا: "منطق متميّز للحجارة"[61]، وقارن - في إطار توجّهه هذا - تصاميم الكنائس الفرنسيّة الّتي كان شغوفًا بزيارتها مع تصاميم كنائس إنجلترا وألمانيا الّتي لم تكن له معرفة مباشرة بها، واستشار في ذلك تجار العاديّات المحلّيّين الّذين أوضحوا له أنّ التّغيّرات الّتي عرفتها أشكال النّوافذ (النّوافذ العريضـة، أو المــــزدوجة، أو المقسّمة، عن طريق دعامات بسيطة أو برّاقة)، يمكنها أن تساعد في تحديد تاريخ تشييد أي بناء، واطّـلع لنفس الغاية بِلِيُـون (Lyon)[62]، وبال (Bâle)[63]، وكولون (Cologne)[64]، على النّظريّات الحديثة المتعلّقة بالفنّ القوطيّ، كما دوّن في مذكّراته ملاحظاته بخصوص المآثر التي تعكس فن العمارة القوطيّة في رووان وسان أووون (Saint - Ouen)[65]، وهي الملاحظات الّتي وظّفها في كتابة الجزء الثّاني من مؤلّفه "تاريخ فرنسا"؛ الّذي ناقش فيه مدلول المعتقدات المسيحيّة في فرنسا خلال العصر الوسيط[66].

كما درس - في إطار إعداد الأجزاء اللّاحقة من مؤلّفه هذا - القبور المنتمية إلى هذه الحقبة، الّتي اعتمدها المؤرّخون كمصادر حول تاريخ هندام وأنساب وشعارات الأشراف، وللتّأريخ للأحداث الّتي لا توفّر المصادر التّاريخيّة معطيات بشأنها، لذلك؛ تمت منذ عصر باولو جيوﭬيو (Giovio Paolo)[67] الإشادة بأهميّة هذه القبور، نظرًا إلى ما توفّره من رسوم تصويريّة عن الرّجال المشهورين"[68].

غير أنّ ميشله كان أوّل من أدرك أهميّة هذه القبور في تمكين المؤرّخين من معطيات دالة على تغيّر موقف الإنسان الفرنسيّ من الموت خلال العصر الوسيط[69]؛ فقد انطلق ممّا ذكره لويس دوق أورليان (Louis duc d’Orléans)[70] سنة (1407م)، في وصيّة بناء قبره الّتي أوصى فيهــا بأنّ يُدْفَنَ وهو مستلقي على ظهره، وبأن توضع له أسفل الرّأس عوض وسادة حجرة صلبة على شكل صخرة، وعند قدميه صخرة أخرى صلبة[71]، ليستنتج أنّ الإيمان الّذي ساد لدى النّاس بالرّوح والتّقاء الأرواح بعد الموت في أوربا العصر الوسيط، أدّى إلى غياب اهتمامهم برفات الموتى، ما نتج عنه عدم بنائهم لقبور فخمة [72]، لكنّ تناقص إيمانهم - ابتداء من القرن 15 - بعالم ما بعد الموت، دفعهم إلى تزيين رفات موتاهم وتمجيدهم، ما جعل القبر معبدًا صغيرًا أو كنيسة، أمّا دفينه فأصبح إلاهًا[73].

× اللّوحات والصّور والأختام:

حرص ميشله على إعطاء صورة دقيقة للمظهر الخارجيّ للشّخصيّات الفاعلة في الأحداث التّاريخيّة، لكنّ السّبب الرّئيس المفسِّر للاهتمام الّذي أولاه لفنّ الصّورة؛ هو أنّه كان يعدّ الطّريقة الّتي يؤرَّخ بها للأحداث تبقى سطحيّة، وترتكز على الوصف دون الشّرح [74]، وهي قناعة قادته باعتماد لوحات كوريج (Corrège)[75] لمعرفة الأسباب الّتي دفعت فرانسوا الأوّل (François 1er)[76]، في شتاء عام 1524م، إلى تمديد عطلته في شمـال إيطاليا، مـــمّــــا عرّضـــــه للهـــزيمـــة والأســــــــر في مـعــــركة باﭬــــــــــــــــي (Pavie)[77] - [78]، فخلص إلى أنّ إعجاب هذا الملك بالنّساء الإيطاليّات، كان السّبب الرّئيس في ذلك [79]، وحول هذه النقطة كتب يقول: "كلّ شيء هو امرأة فـي إيطاليا"[80]؛ إذ يبدو أن هاته النّسوة اللّاتي صَوَّرَهُنَّ كوريج في لوحاته، وكنّ فظّات، وسيّئات التّغذية، وجدّ نحيفات، كنّ - مع ذلك - جميلات، "تَفَجَّرَ مظهر جديد ورفيع وجميل، تمثّل في الضّحك المَرَضِي والألم الخجول الّذي يَضْحَكُ حتّى لا يبكي؛ فمن سيرصد هذا المظهر؟ لقد رصده القرويّ اللّومبارديّ لقرية كوريجيو (Corregio)[81]؛ الّذي قبض على ما شاهده في إيطاليا الجديدة هاته، الشّابّة والمعانية والمتوترة؛ إنّها القدّيسة الصّغيرة كاتــــــرين (Catherine)[82] الّتـــــي صوّرها فــــــي لوحته "الزّواج السـّرّيّ (Mariage mystique)[83]، كشخص صغير لن يعيش أو سيبقى صغيرًا، وأكثر تعرّضًا للمرض، وأقلّ قدسيّة، وهو ما يتّضح لنا في الالتقاء غير المنتظم لليدين الّذي صوّره هذا الفنان التّشكيليّ بدقّة؛ فقد وُجِدَتْ هنا - مع ذلك - ملحمة أليمة"[84].

وقارن ميشله - في إطار توجّهه هذا - الصّورة المحفوظة في دار الصّور للإخوة الثّلاثة كولينييّ[85]، الّتي رسمت - على الأرجح - قبل اغتيال ﯕاسبار دوكولينيي، سنة 1572م، مع النّقش الّذي جسّدهم فيه مارك ديــڨال (Marc Du Val)[86] عام 1579م، وهي فترة تزايد فيها نفوذ الهيجونو (Huguenots)[87]داخل البلاط [88]، فخلص إلى أن هذا النّقش لم يعط صورة حقيقية عن ﯕاسبار دوكولينيي، بعد أن جسّده شخصيّة محبّة للحرب، "كان يحلم صاحب النّقش بمجزرة سان بارتيلمي (Saint - Barthélemy)[89]، فوضعها له على وجهه (أي ﯕاسبار دوكولينيي)! لقد اعتقد أنه كان رجل حرب، غير أنّه يظلّ أكثر الرّجال ميلًا إلى السّلم"[90].

كما اطّلع هذا المؤرّخ على الصّور المعروضة في دار الصّور لـ (ﯕاسبار دوكولينيي)، لمعرفة الأسباب الّتي دفعته إلى الاستسلام في مجزرة سان بارتيلمي، "ماذا حصل - إذن - لهذا القبطان العجوز - ذي التّجربة الذي أفنى حياته في القضايا - حتّى يستسلم لأعدائه ويُسَلِّمَ نفسه؟ فهل أصبح هذا الأميرال كولينيي - فجأة - طفلًا وفتاة صغيرة غبيّة؟ أم يتعيّن علينا القول: إنّ زواجه الثّاني قد ليّن قلبه، وجعله يتمنّى الحرب بأيّ ثمن؟ وإنّ هذا الزّوج الطّيب للغاية، كان مدفوعًا - دائمًا - من قِبَلِ زوجاته؛ من طرف إحداهما إلى الحرب، ومن لدن الأخرى إلى السِّلْم؟ إنّ تفسيرات كهاته لا تتبادر إلى الذّهن، إلاّ عندما نرى في رسومات فولون (Foulon)[91] الرّائعة وجه الرّجل ونظرته الحازمة والمتألمة، ورأس قاضي إسرائيل هذا، وهذا الوجه القاسي باندهاش"[92].

اعتمد ميشله - أيضًا - على أختام الملك شارل الخامس (V Charles)[93]؛ الّتي صَوَّرَتْهُ وهو جالس، للتّأكيد على أنه كان أول ملك حداثي لفرنسا[94]، "كنّا نتصوّر حتّى الآن أنّ رجلًا واحدًا يمكنه أن يمتطي الحصان؛ هو فيليب الجميل (Philippe - le bel)[95]، أمّا شارل الخامس، فكان يحارب من كرسيّه بشكل جيّد"[96].

لقد رفض هذا المؤرّخ أن يهتمّ التّاريخ بما هو سياسيّ فقط، ودعا إلى تاريخ شامل وعميق ومادّيّ يؤسّس لتاريخ الثّقافة المادّيّة، ويرصد المناخ والتّغذية والظّروف الطّبيعيّة، ونَظَّرَ - أيضًا - لتاريخ روحيّ يختصّ بدراسة العادات، ممّا أدّى إلى تأسيس التّاريخ الأنتروبولوجيّ[97]، غير أن اقتناعه بأنّ المصادر والوثائق توفر - فقط - أعراض حقيقة تاريخيّة يتعين على المؤرّخ إعادة بنائها، ورغبته في رصد رؤى وإحساس إنسان الزّمن الماضي، معتمدًا في ذلك مقاربة إثنولوجية بالأساس، وإعطاءه للحركات الجماعيّة اللّاواعية مكانة متميّزة في كتاباته التّاريخيّة، دون إعارة كبير اهتمام للعظماء والمشاهير، كلّها معطيات لم تُرض المدرسة الوضعيّة[98] الّتي بنت المعرفة التّاريخيّة على أساس معالجة - علميّة وموضوعيّة - لأحداث الماضي، لذلك؛ لم تُبْدِ كبير اهتمام بأسطغرافيّته[99].

لكن، إذا كان ميشله قد رُفِضَ من طرف هذه المدرسة، فقد أغرى - بالمقابل - مؤسّسي مدرسة الحوليّات[100] بروّادها، أمثال: لوسيـــــــان فيـبـﭭر (Lucien Febvre)[101]، ومارك بلوخ (Marc Bloch)[102]، وفرنــاند بروديل (Fernand Braudel)[103]، وحظي بحظوة متميّزة لدى مؤرّخي مدرسة التّاريخ الجديد[104]؛ الّذين نوّهوا بالسّبق الّذي حقّقه في مختلف مقارباته التّاريخيّة، لذلك؛ عدّه جاك لوﯕوف (Jacques Le Goff)[105] رسول التّاريخ الجديد[106].

إذن، وطّد ميشله - عبر مشروع البعث الشّامل للماضي - علاقة التّاريخ بعلوم اجتماعيّة عدّة؛ سواء تعلّق الأمر بالفلسفة الّتي اعتمدها في بعض مقارباته لتفسير المنطق المتحكّم في الأحداث التّاريخيّة وأبعادها، أو بالجغرافيا الّتي وظّفها في العديد من دراساته بغية رصد تأثير الأوساط الطّبيعيّة في الوقائع التّاريخيّة، مؤسّسًا بذلك للجغرافيا التّاريخيّة. وأخيرًا؛ بالأنتروبولوجيا، بتناوله - بالدّرس والتّحليل - الخصائص الثّقافيّة للأمم، المتمثّلة في عاداتها وتقاليدها وتغذيتها ولباسها، واضعًا - بالتّالي - الأسس الأولى للتّاريخ الأنتروبولوجيّ.

 

بيبليوغرافيا:

- زينون ياسين "منطق الكتابة التّاريخيّة عند المؤرّخ جـول ميشـله (Jules Michelet)"؛ أطروحة لنيل الدّكتوراه في التّاريخ، الموسم الجامعي (2014 - 2013م)، جامعة محمّد الخامـس، أﯖـدال، كلّيّــة الآداب والعلوم الإنسانيّة، الرّباط.

- Bourdé Guy et Martin Hervé, Les écoles historiques, Paris, Seuil, 1983.

- Comte Auguste, Discours sur l'esprit positif, Paris, Carilian - Goeury et Vor Dalmont, 1844.

- Haskell Francis, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques comme sources historiques", Annales ESC, Vol. 48, Nº 6, 1993.

- Le Goff Jacques, La Nouvelle Histoire, Editions. Complexe, Paris, 1988.

- Michelet Jules, Histoire de France, T.I, Moyen Age, Paris, Ernest Flammarion, 1893, Préface de 1869.

Histoire de France, T. II, Moyen Age, Tableau de France, Paris, Ernest Flammarion, 1893.

- Introduction à l’histoire universelle, Paris, Ernest Flammarion, 1897.

- Monod Gabriel, La Vie et la Pensée de Jules Michelet (1798 - 1852), Paris, Honoré Champion, 1923, réédition, Genève, Slatkine Reprints, 1975,T. I,

- Viallaneix Paul, Michelet, les travaux et les jours 1798 - 1874, Paris, Gallimard, 1998.


-[1] جول ميشله (1798– 1874م)، مؤرّخ فرنسيّ، ومن بين أهمّ مؤلّفاته: تاريخ فرنسـا (Histoire de France)؛ الّـذي أصدره في (19) جزءًا، في الفترة الممتدّة بين سنتَي (1833- 1869م). انظر: أطروحتنا لنيل الدّكتوراه في التّاريخ برسم الموسـم الجـامعيّ: (2013- 2014م): "منطق الكتابة التاريخية عند المؤرخ جــــول ميشـــــله (Jules Michelet)"، جامعة محمد الخامـس أﯖـدال، كلّيّــة الآداب والعلوم الإنسانيّة، الرّباط.

[2]- للمزيد حول العلاقة التّكامليّة الّتي أرساها ميشله بين التّاريخ والفلسفة، راجع:

- Gabriel Monod, La Vie et la Pensée de Jules Michelet (1798-1852), Paris, Honoré Champion, 1923, réédition, Genève, Slatkine Reprints, 1975, T. I, chapitre. X, l’école normale-le cours de philosophie, p.118-138. / Paul Viallaneix, Michelet, les travaux et les jours 1798-1874, Paris, Gallimard, 1998, Philosophe ou historien ? p.99-109.

[3]- بول ﭭيالنكس: (? - ...)، أديب فرنسي مختص في سيرة ميشله، ومـن بيــن مؤلّفاته: ميشلــه الأعـمال والأيّـام (1798- 1874- Michelet, les travaux et les jours 1798-1874)، الّذي أصدره سنة 1998.

[4]- P. Viallaneix, Michelet, les travaux et les jours …, op.cit., p.106.

[5]- G. Monod, La Vie et la Pensée ..., op.cit., t. I, p.126.

[6]- Ibid., p.127.

[7]- P. Viallaneix, Michelet, les travaux…, op.cit., p.102.

[8]- G. Monod, La Vie et la Pensée…, op.cit., T. I, p.128.

[9]- Ibid., p.127.

[10]- للمزيد حول العلاقة التكاملية التي أرساها ميشله بين التاريخ والجغرافيا، راجع:

- G. Monod, La Vie et la Pensée …op.cit., T. I, chapitre. VI, les premiers volumes de l’Histoire de France, T. II: La Géographie de la France, p.283-303.

[11]- Jules Michelet, Histoire de France, T.I, Moyen Age, Paris, Ernest Flammarion, 1893, Préface de 1869, p.VI.

[12]- Jules Michelet, Histoire de France, T. II, Moyen Age, Tableau de France, Paris, Ernest Flammarion, 1893, p.2.

[13]- جون ماري نابليون ديزيري نِزار (1806- 1888م): رجل سياسة وكاتب وناقد أدبي فرنسيّ، من بين مؤلَّفاته: تاريخ ووصف مدينة نيم (Histoire et description de la ville de Nîmes)؛ الّذي أصدره سنة 1835م.

[14]- هنري إيدواردز (1800- 1885م): كان أستاذًا للتّاريخ الطّبيعيّ في جامعة السّوربون، ومن بين مؤلَّفاته: "التّاريخ الطّبيعيّ لللّافقاريّات (Histoire naturelle des crustacés)؛ الّذي أصدره بين سنتَي (1837- 1841م).

[15]- G. Monod, La Vie et la Pensée ..., op.cit., T. I, p.283.

[16]- Ibid.

 -[17]بيير كلود فرانسوا دونو: (1761-1840)، رجل سياسة ومؤرخ فرنسي، ومن بين مؤلفاته: مقالة حول الضمانات الفــردية التي تعـلنها حالة المجـتمع الحــالية Essai sur les garanties individuelles que réclame l'état actuel de la société الذي أصدره سنة 1819.

[18]- G. Monod, La Vie et la Pensée ..., op.cit., T. I, p.289.

[19]- إيمانويل كانط׃ (1724-1804)، فيلسوف ألماني، ومن بين مؤلفاته׃ نقد ملكة الحكمCritique de la faculté de juger الذي أصدره سنة 1790.

[20]- G. Monod, La Vie et la Pensée ..., op.cit., T. I, p 289.

[21]- Ibid., p 288.

[22]- P. Viallaneix, Michelet, les travaux …, op.cit., p 560.

[23]- G. Monod, La Vie et la Pensée ..., op.cit., T. I, p p 218-219

[24]- P. Viallaneix, Michelet, les travaux …, op.cit., p 560.

[25]- Ibid., p 283.

[26]- أرثيريوﻨﯖ (1741- 1820م)، عالم زراعة بريطانيّ، ومن بين مؤلَّفاته: "أسفار إلى فرنسا خلال سنوات (1787- 1788- 1789- 1790م)/ "Voyages en France pendant les années et (1787-1788-1789-1790)"؛ الّذي أصدره سنة 1792م.

[27]- أنطوان أوجين جونود (1792- 1849م): رجل دين وناشر فرنسيّ، يُعْرَفُ باسم (رئيس دير جونود/ abbé de Genoude)، ومن بين مؤلَّفاته: "سفر في لاﭭوندي ووسط فرنسا، متبوع بسفر تصويريّ إلى سويسرا"/ " Voyage dans la Vendée et dans le midi de la France, suivi d’un voyage pittoresque en Suisse"؛ الّذي أصدره سنة 1821م.

[28]- لانجو: تقع هذه المنطقة- حاليًّا- في محافظة المين واللوار (Maine-et-Loire) في الشّمال الغربيّ لفرنسا، ومن بين أهمّ مدنها: أنجيرس (Angers)، وشولي (Cholet).

[29]- أوبان لويس ميلين دوﯖراند ميزون (1759- 1818م): عالم طبيعة ومثقّف فرنسيّ، من بين مؤلَّفاته: "عناصر التّاريخ الطّبيعيّ (Eléments d’Histoire naturelle)"؛ الّذي أصدره سنة 1797م.

[30]- G. Monod, La Vie et la Pensée …, op.cit., T. I, p.290.

[31]- جون بابتيست أرموند لويس ليونس إيلي دوبومونت (1798- 1874م): عالم جيولوجيا فرنسيّ، من بين مؤلَّفاته: "نبذة حول نظام الجبال (Notice sur le système des montagnes)"؛ الّذي أصدره سنة 1852م.

[32]- G. Monod, La Vie et la Pensée …, op.cit., T. I, p.290.

[33]- ﭬيكتور جون ديريي (1811- 1894م): رجل سياسة ومؤرّخ فرنسيّ، من بين مؤلَّفاته "دفاتر للجغرافيا التّاريخيّة (historique Cahiers de géographie)"؛ الّذي أصدره في أربعة أجزاء، بين سنتي (1839- 1841م).

[34]- G. Monod, La Vie et la Pensée …, op.cit., T. I, p.293.

[35]- بورج: مدينة فرنسيّة تقع- حاليًّا- في محافظة شير (Cher) في منطقة الوسط، وتعدّ ثالث مدينة من حيث عدد السّكان في هذه المنطقة، بعد مدينتَي تور (Tours)، وأورليان.

[36]- J. Michelet, Histoire de France, op.cit., T.II, Moyen Age, Tableau de France, p.87.

[37]- G. Monod, La Vie et la Pensée…, op.cit., T. I, p.294.

[38]- للمزيد حول الإنتروبولوجيا التّاريخيّة، راجع:

Jacques Le Goff, La Nouvelle Histoire, Editions. Complexe, Paris, 1988, André Burguière, "L’anthropologie historique", p p 137- 165.

[39]- J. Michelet, Histoire de France, op.cit., T. I, Moyen Age, Préface de 1869, p.XXIX- XXX.

[40]- Guy Bourdé et Hervé Martin, Les écoles historiques, Paris, Seuil, 1983, p. 175.

[41]- J. Le Goff, La Nouvelle histoire, op.cit., p.140.

[42]- Francis Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques comme sources historiques", Annales ESC, Vol. 48, Nº 6, 1993, p.1405-1406 in Jules Michelet, 1959, p.238-239, (Journal des Idées, 12 février 1826).

[43]- P. Viallaneix, Michelet, les travaux ……, op.cit., p.560.

[44]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p.1406.

[45]- Ibid., p 1408.

[46]- كاتدرائية نوتردام دوباري: كنيسة كاثوليكيّة يطغى عليها طابع العمارة القوطيّة، شُرِعَ في بنائها سنة (1163م)، وانتهت الأشغال فيها عام (1345م)، وتوجد- حاليًّا- في الدّائرة الرابعة لمدينة باريس.

[47]- كاتدرائية سان دوني: كنيسة كاثوليكيّة يطغى عليها طابع العمارة القوطيّة، يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة (475) ميلاديّة، وتوجد- حاليًّا- في محافظة سين سان دوني (Seine-Saint-Denis)، في مدينة سان دوني في منطقة جزيرة فرنسا.

[48]- كاتدرائية ريمس: كنيسة كاثوليكيّة يطغى عليها طابع العمارة القوطيّة، شُرِعَ في بنائها سنة (1211)، وانتهت بها الأشغال عام (1275)، تقع في مدينة ريمس (Reims) في الشّمال الشّرقيّ لفرنسا.

[49]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques …", Annales ESC, op.cit., p 1408.

[50]- Ibid., in Jules Michelet, lettre à Lenormand de décembre 1833, cité dans J.Michelet, Œuvres complètes, IV, p.7.

[51]- Ibid., p.1406.

[52]- Jules Michelet, Introduction à l’histoire universelle, Paris, Ernest Flammarion, 1897, p 434.

[53]- الكابيتول: حصن دفاعيّ ومركز دينيّ يقع في مدينة روما، يوجد بين المعرض الرّومانيّ وساحة مارس (Champs de Mars).

[54]- المعرض: يعرف - أيضًا - باسم المعرض الكبير (Forum Magnum)، ويعود تاريخ تأسيسه إلى سنة (600) قبل الميلاد، ولقد ظلّ لمدّة طويلة السّاحة الرّئيسة في مدينة روما.

[55]- البونتِيون: مبنى دينيّ قديم، يوجد في ساحة مارس في مدينة روما، بُنيَت بأمر من أﯖريبا سنة (27) قبل الميلاد، وأصبح تابعًا للكنيسة المسيحيّة في القرن السّابع الميلاديّ.

[56]- أوغيست: (63 قبل الميلاد- 14 ميلاديّة): إمبراطور رومانيّ حكم الإمبراطوريّة الرّومانيّة في الفترة الممتدّة بين سنتَي؛ (27 قبل الميلاد و14 ميلاديّة).

[57]- ماركيس ﭭيبسانيوس أﯖريبا، (حوالي 63 قبل الميلاد- 12 قبل الميلاد)؛ جنرال ورجل سياسة رومانيّ.

[58]- الكوليزي: مسرح ضخم يقع في منطقة ﭭيليا (Velia) وسط مدينة روما، كانت تقدّم فيه عروض المصارعة، وتنظّم فيه الاحتفالات الشّعبيّة، ولقد شرع في بنائه عام (70 ميلادية)، بأمر من الإمبراطور ﭭيسباسيان (Vespasien)، في 9 قبل الميلاد- 79 ميلادية)، وانتهت الأشغال به سنة 80 ميلاديّة.

[59]- كنيسة سان بيير ديكتراﭭاش: كنيسة كاثوليكيّة يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الخامس الميلاديّ، وتقع- حاليًّا- في مدينة برامونس (Bramans)، في محافظة ساﭭوا (Savoie) التّابعة لمنطقة رون ألب (Rhônes-Alpes) في الجنوب الشّرقيّ لفرنسا.

[60]-Jules Michelet, Histoire de la République Romaine, Paris, Ernest Flammarion, 1898, Introduction, p.27-28.

[61]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", op.cit., Annales ESC, p.1408.

62- ليون: مدينة فرنسيّة تقع في محافظة الرّون (Rhône)، في منطقة رون ألب (Rhône-Alpes)، في الجنوب الشّرقيّ لفرنسا.

[63]- بال: تعرف- أيضًا- باسم مدينة بازل (Basel)، وهي مدينة سويسريّة توجد في فدراليّة بال ﭭيل (Bâle-Ville)، في الشّمال الشّرقيّ لسويسرا، على مقربة من الحدود الفرنسيّة الألمانيّة.

[64]- كولون: مدينة ألمانيّة يخترقها نهر الرّاين توجد شرق ألمانيا، وتعدّ أكبر مدينة في منطقة ريناني دينور ويستڨالي (Rhénanie-du-Nord-Westphalie).

[65]- سانت أووون: مدينة فرنسيّة تقع- حاليًّا- في محافظة لاسين سان دوني (la Seine-Saint-Denis)، بين مدن باريس وسان دوني (Saint-Denis)، وكليشي (Clichy) في منطقة جزيرة فرنسا.

[66]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques… ", Annales ESC, op.cit., p.1409.

[67]- باولو جيوﭭيو (1483- 1522م)؛ طبيب ومؤرّخ ورجل دين إيطاليّ، من مؤلَّفاته: "مدح الكتّاب المشهورينElogia virorum litteris illustrium"؛ الّذي أصدره سنة 1546م.

[68]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques… ", Annales ESC, op.cit., p.1409.

[69]- Ibid.

[70]- لويس الأول دورليان (1372- 1407م)؛ أمير فرنسيّ، كان خلال الفترة الممتدة بين سنتي (1392- 1407م) دوقًا لدوقيّة (أورليان)؛ الّتي تمتد أراضيها- حاليًّا- على محافظة اللّواري (Loiret) في منطقة الوسط في فرنسا.

[71]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p.1411-1412.

[72]- Ibid., p. 1412.

[73]- Ibid., p.1408.

[74]- Ibid., p 1413.

[75]- أنطونيو أليـﯕري داكوريجيو (حوالي سنة 1489- 1534م)؛ فنّان تشكيليّ إيطاليّ، من بين لوحاته: ليكريزيا (Lucrezia): الّتي رسمها بين سنتي (1520- 1530م).

[76]- فرانسوا الأوّل (1494- 1547م)؛ كان ملكًا على فرنسا خلال الفترة الممتدّة بين سنتي (1515- 1547م).

[77]- معركة باﭭﻲ: جرت هذه المعركة في 24 شباط 1525م، في ضواحي مدينة باﭭﻲ في منطقة لامبارديا (Lombardie)، في الشّمال الغربيّ لإيطاليا، وانتهت بهزيمة القوات الفرنسيّة أمام جيوش الإمبراطوريّة الرّومانيّة الجرمانيّة المقدّسة ومملكة إسبانيا، ولقد اندرجت في إطار حرب إيطاليا السّادسة الّتي استمرّت بين سنتَي (1521- 1526م)، وكان طرفاها: مملكة فرنسا وجمهورية البندقيّة (Venise) من جهة، والإمبراطوريّة الرّومانيّة الجرمانيّة المقدّسة ومملكة إسبانيا ومملكة إنجلترا والدّول البابويّة من جهة أخرى .

[78]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p p 1415-1416.

[79]- Ibid., p.1416.

[80]- Ibid.

[81]- كوريجيو: تقع هذه القريّة- حاليًّا- في إقليم دي ريجيو ديميلي (de Reggio d’Emilie)، في منطقة إيميلي رومانيّ (Emilie-Romagne) شمال إيطاليا.

[82]- سانت كاترين داليكسندري: (حوالي 290- حوالي 307)؛ قدّيسة مسيحيّة تميّزت بذكائها الكبير وثقافتها الواسعة.

[83]- لوحة الزّواج السّرّيّ: رسم كوريجيو هذه اللّوحة سنة 1520م، ورصد فيها شخصيَّتي: سانت كاترين داليكساندري والشّهيد الرّومانيّ سان سيبستيان (saint sébastien)، في بداية القرن الرّابع الميلاديّ.

[84]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit, p. 1416.

[85]- الإخوة الثلاثة كولينيي: هم أبناء ﯕاسبار الأوّل- كونت دوكولينيي (Gaspard 1er comte de Coligny/ 1465 أو 1470- 1522م)؛ الّذي كان في عهد فرانسوا الأوّل قائدًا عسكريًّا فرنسيًّا برتبة ماريشال، وهم: ﯕاسبار دوكولينيي (Gaspard de Coligny)(1519-1572م)؛ الّذي كان قائدًا عسكريًّا فرنسيًّا برتبة أميرال، وأوديت دوكولينيي المعروف باسم كاردينال دوشـاتييـون؛ الذي أصبح- ابتداء من سنة 1535م- رئيس أساقفة مدينة بوﭬيس (Beauvais)، وفرانسوا أنــدلوت دوكولينـيي لوﭬيـو (François Andelot de Coligny-Levieux/ 1521- 1569م)؛ أحد قادة الاتّجاه البروتستانتيّ في فرنسا خلال حرب المائة سنة.

[86]- مارك ديـﭭال: (؟ - 1581)؛ فنّان تشكيليّ فرنسيّ، من بين لوحاته: كاترين دوميديسيس (Catherine de Médicis)؛ الّتي رسمها سنة 1579م.

[87]- الهيجونو: هو الاسم الذي أطلق في فرنسا بين عامي (1560 و1629) على البروتستانت، وتحديدًا، على أنصار المصلح الدّينيّ جون كالڨان (Jean Calvin / 1509- 1564م)، ولقد غادر حوالي (300 ألف) من الهيجونو فرنسا، بعد حملات الاضطهاد الّتي شنّها الكاثوليكيّون ضدّهم ابتداء من سنة 1681م.

[88]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p.1414, in Jules Michelet, Histoire de France, 1833-1867, T. IX, 1856, p.472.

[89]- مجزرة سان بارتيلمي: تندرج هذه المجزرة في إطار الحروب الدّينيّة الّتي شهدتها فرنسا بين الكاثوليك والبروتستانت، بين عامي 1562- 8159 م- وقد بدأت أحداثها في باريس ليلة 23 و24 آب 1572م، وقتل فيها الكاثوليكيّون الفرنسيّون حوالي 3000 من الهيجونو، واستمرّت هذه المجزرة بضواحي العاصمة الفرنسيّة حتى شهر أكتوبر 1572م، ويقدّر إجمالي ضحاياها من الهيجونو بـ (13000) قتيل.

[90]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p.1414, in Jules Michelet, Histoire de France, 1833-1867, T. IX, 1856, p. 472.

[91]- بنجمان فولون: (ولد بعد سنة 1551- وتوفّى عام 1612)؛ فنّان تشكيليّ فرنسيّ، أصبح الرّسام الخاصّ بالبلاط الملكيّ في فرنسا، بعد وفاة خاله فرانسوا كلـووي (François Clouet)؛ (ولد قبل سنة 1520- وتوفّى عام 1572م)، ابن الفنان التّشكيليّ المختصّ في رسم صور الأشخاص (جون كلووي) الّذي تطرّقنا إليه آنفًا.

[92]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", op.cit., Annales ESC, p.1414, in Jules Michelet, Histoire de France, 1833-1867, T. IX, 1856, p. 380.

[93] - شارل الخامس (1338- 1380 م)؛ كان ملك فرنسا في الفترة الممتدّة بين عامَي (1364- 1380م).

[94]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", op.cit., Annales ESC, p.1414, in Jules Michelet, Histoire de France, 1833-1867, T. IX, 1856, p. 380.

[95]- فيليب الرّابع (1268- 1314م): يعرف- أيضًا- باسم فيليب الجميل أو الملك الحديديّ، كان ملك فرنسا في الفترة الممتدّة بين سنتَي (1285- 1314م).

[96]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p.1414, in Jules Michelet, Histoire de France, 1833-1867, T. III (1837), p.443-444.

[97]- J. Le Goff, La Nouvelle histoire, op.cit., p.51.

[98]- للمزيد حول هذه المدرسة، راجع:

Auguste Comte, Discours sur l'esprit positif, Paris, Carilian-Goeury et Vor Dalmont, 1844.

[99]- J. Le Goff, La Nouvelle histoire, op.cit., p p140- 141.

[100]- للمزيد حول هذه المدرسة، راجع:

 G. Bourdé et H. Martin, Les écoles historiques, op.cit., p.215-243.

[101]- لوسيان بول ﭬيكتور فيبڨر (1878- 1956م)؛ مؤرّخ فرنسيّ مختصّ في التّاريخ الحديث، من بين مؤلّفاته: كلاسيكيو الحرّيّة، ميشله ولوزان وتري (Les Classiques de la liberté, Michelet, Lausanne, Traits)؛ الّذي أصدره سنة 1946م.

[102]- مارك ليوبولد بينجامين بلوخ (1886- 1944م)؛ مؤرّخ فرنسيّ، من مؤلّفاته: "المجتمع الفيودالـــيّLa Société féodale"؛ الّذي أصدره بين سنتي (1939- 1940م).

[103]- فرناند بول أشيل بروديل (1902- 1985م)؛ مؤرّخ فرنسيّ، من بين مؤلّفاته: البحر الأبيض المتوسّط والعالم المتوسّطي في عهد فيليب الثاني (La Méditerranée et le Monde méditerranéen à l’époque de PhilippeII)؛ الّذي أصدره سنة 1949م.

[104]- للمزيد حول هذه المدرسة، راجع:

 G. Bourdé et H. Martin, Les écoles historiques, op.cit., p.245-270.

[105]- جاك لوﯕوف (1924- 2014 م)؛ مؤرّخ فرنسيّ مختصّ في تاريخ العقليّات، من مؤلَّفاته: "من أجل عصر وسيط آخر؛ الزّمن والعمل والثّقافة في الغرب/ Pour un autre Moyen Age, temps, travail, et culture en Occident "؛ الّذي أصدره سنة 1978م.

[106]- F. Haskell, "Michelet et l’utilisation des arts plastiques…", Annales ESC, op.cit., p 50.

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك