رونالد دوركين وإمبراطوريّة الحقّ والقانون

سلمى بالحاج مبروك

 

تمهيد:

لقد انتقل مركز الاهتمام في الفلسفة العمليّة - خاصّة في العشرينيّات الأخيرة من القرن الحاليّ - من موضوع السّياسة والأخلاق إلى موضوع الحقوق؛ بل إن داخل حقل فلسفة الحقوق ذاته يوجد جزء مهمّ لا يكتف ولا يتوقّف عند دراسة المفاهيم الكبرى المجرّدة من قبيل؛ العدالة والحقّ الطّبيعيّ والإنصاف، ويهتمّ بالعقل القانونيّ المتموضع في المحاكم وإجرائيّات الحكم القضائيّ، وهو ما اهتمّ به دوركين في أعماله الدّائرة حول نظريّة الحقّ، الّتي اهتمّت بالجدل القانونيّ والمناهج والتّقنيّات الّتي يستند إليها القضاة في حلّ المشكلات المعروضة عليهم في المحاكم، من أجل اتخاذ الحلول والإجراءات المناسبة بشأنها، وما إذا كانت هذه الحلول مؤسّسة على العقل أو على قاعدة طبيعيّة أخرى؟

يعدّ رونالد دوركين من بين أهمّ مفكّري التّاريخ المعاصر وفلاسفته في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ولد سنة 1931م، وتوفَّى يوم 14 شباط سنة 2013م، عن سن تناهز 81 سنة في لندن، بسبب مرض سرطان الدّم، بعد حياة مليئة بالنّشاط والعطاء في مجال الفلسفة السّياسيّة وفلسفة القانون، وكان أستاذًا في جامعات لندن ونيويورك؛ حيث اشتهر كأحد أكبر المتخصّصين في فلسفة القانون، وقد ساهمت خبرته بمجال الدّساتير البريطانيّة والأمريكيّة في أن تمتدّ نظريّته الفلسفيّة القانونيّة خارج المجال القانونيّ البحت، لتبلغ معالجة الجوانب السّياسيّة والأخلاقيّة، بهذا المعنى؛ يتعارض دوركين - تعارضًا كليًّا - مع كلّ تقليد فلسفة القانون الوضعيّة الّتي تهتمّ بدراسة القانون كواقع في كلّيّته، كما مثّلت نظريّته في المساواة مساهمته الأبرز في النّظريّة السّياسيّة الّتي لا تزال - إلى اليوم - واحدة من المواقف الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين.

دافع دوركين - على يسار الطّيف السّياسيّ الأمريكيّ - عن العمل الإيجابيّ الّذي يسمح بتجاوز التّصوّر المجرّد، وذلك بالسّماح للأقليّات بمنح فرص الحصول على تكوين أو وظائف لا يستطيعون الوصول إليها؛ فحسب رأيه، الأفراد يمتلكون - بصفة أساسيّة - عددًا من الحقوق أكثر من تلك الّتي ابتدعها تشريع قانون صريح، لذلك؛ يترجم هذا في الممارسة القضائيّة، أولويّة حجج المبادئ على الحجج السّياسيّة، وقد اجتذب عمل دوركين العديد من الانتقادات الّتي تقدّر أهميّة الأسئلة التي يثيرها، من بينها: السّلطة التّقديريّة للقضاة، ووجود الحقوق الفرديّة، لذلك يستحقّ الاعتراف بها بعدّه واحد من أهمّ المختصّين بالفكر القانونيّ المعاصر، علاوة على أنّه كان عضوًا في الأكاديميّة الأمريكيّة للآداب والعلوم، وهي؛ منظّمة مكرّسة لتعليم المعارف الّتي تلعب دور المؤسّسة الفخريّة في الولايات المتّحدة وتطويرها، ففيما تتمثّل نظريّة دوركين السّياسيّة والأخلاقيّة؟ ما هي الأطروحات الّتي تتضمّنها؟ وبأيّ معنى يمكن تصنيفها ضمن النّظريّات المعارضة للوضعيّة؟ وما تأثير نظريّته في القانون والحقوق على الفاعلين في المجال القانونيّ والقضائيّ والحقوقيّ، ومجال فلسفة القانون وفلسفة حقوق الإنسان؟ وما هي النّسخة اللّيبراليّة الّتي ينتمي إليها ويدافع عنها؟ وهل يمكن أن "نعدّ دوركين يدافع - على صعيد الفلسفة السّياسيّة والإيتيقيّة - عن تصوّر ليبراليّ يثوّر التّقاليد"[1] كما قال عنه الفيلسوف الكندي ويل كيمليشكا؟*

1) مسار غير نمطيّ لإشكالات نمطيّة:

يعود نجاح دوركين في البلدان الأنجلوسكسونيّة إلى الوظيفة الّتي لعبتها نظريّته الحقوقيّة، كنظريّة مضادّة للواقعيّة والوضعيّة القانونيّة، غير أن تفكير دوركين لم يقتصر على مجال الحقوق؛ بل مثّلت الحقوق مجالًا وإطارًا لتكوين فلسفة الحكومة العادلة، حيث يحافظ على التّوتر بين وصف الممارسات ومبرّراتها لمساءلة معنى الحقّ ذاته، باحثًا في الأشكال الّتي يجب أن يتّخذها ليكون عادلًا وعلى حقّ؛ فهو لا يفصل - كما هو الشّأن عند الفلاسفة - المشكلات النّظريّة عن المشكلات التّطبيقيّة؛ بل - على العكس من ذلك - فإنّ المظالم الواقعيّة واليوميّة هي الّتي تستدعي تفكيره الفلسفيّ، وهو ما تثبته تدخّلاته في السّياسة الأمريكيّة الدّاخلية والدّوليّة، نذكر - على سبيل المثال - رفضه للحرب الأمريكيّة ضدّ الفيتنام الّتي دارت في السّتينيّات من القرن الماضي.

لقد جدّدت أعماله - بداية - مسائل فلسفة الحقّ والقانون، معيدة نقاش مسألة الحقوق والقوانين الطّبيعيّة والوضعيّة، أما على مستوى الفلسفة السّياسيّة؛ فهو يدافع عن ليبراليّة أخلاقيّة مطوّرًا نظرية في العدالة التّوزيعيّة الّتي يقدّمها "كتفسير موحّد للمساواة والمسؤوليّة"[2]، محاولًا السّعي إلى التّغلّب على أوجه القصور "في مبدأ الاختلاف" عند رولز؛ حيث تبدو أطروحات دوركين تمسّ الفلسفة الأخلاقيّة كما الفلسفة السّياسيّة، ونظريّة الحقوق والخطابة القضائيّة، وقد ساهمت هذه الأطروحات - دون شكّ - في استقطاب المشهد القانونيّ والحقوقيّ المعاصر، جاعلة من دوركين أحد ركائزه وعناصره الأساسيّة، لذلك؛ كثيرًا ما يُصنَّف ويُوضَع بجانب كلّ من كولسون وروس أو هارت حين يتعلّق الأمر بنظريّته في الحقوق، أو بجانب هابرماس ورولز حين يتعلّق الأمر بالفلسفة السّياسيّة، غير أنّه - بعيدًا عن هذه المقارنات - تمكّن دوركين من فرض نفسه كفيلسوف رئيس في القانون وفي حقوق الإنسان،

وبما أنّنا نتحدث عن توجّه - لا نمطيّ - في فلسفة الفيلسوف الأمريكيّ المعاصر رونالد دوركين، يمكننا القول: إنّ المسار الشّخصيّ للمفكّر يمكن أن يعكس تفكيره، وهذا حال دوركين؛ الّذي شكّل في رحلته الفكريّة رؤيته الحقوقيّة وتصوّره القانونيّ، الّذي يستند - في أساسه - إلى تجاوز الانقسامات الحقوقيّة النّاتجة عن التّأويلات المختلفة للدّستور، والجدل القانونيّ الدّائر حول مبادئه، وطرائق تطبيقها في الواقع عبر تبنّي مواقف مختلفة ووظائف وأدوار متنوّعة.

لكن، قبل الخوض في فلسفة دوركين السّياسيّة والأخلاقيّة، لا بدّ من أن نتعرّف - بداية - لسيرته ومسار حياته الفكريّة، حتّى نفهم هذا الاهتمام الّذي يوليه دوركين لفلسفة الحقّ والقانون والعدالة والمساواة، وكلّ ما يتّصل بها من أبعاد أخلاقيّة وسياسيّة؛ حيث يعترض دوركين على التّفسير التّقليديّ للحقوق، ويعدّ الحرّيّة والمساواة لا تنفصلان، كما لا يجب الفصل بين الأخلاق والسّياسة.

ولد رونالد دوركين سنة (1931م) في ولاية ماساشوستس، ودرس الآداب في كلّيّة هارفارد وأكسفورد، قبل مواصلة دراسته في كلّيّة الحقوق في جامعة هارفارد، حيث حصل على دبلوم الحقوق، وبدأ حياته المهنيّة بمساعدة القاضي (لرند هاند)، وفي عام (1958م) انضمّ إلى محامي نيويورك وإلى مكتب سوليفان وكرومويل، ومنذ (1962م) بدأ ممارسة العمل الأكاديميّ في جامعة يال، وتحصّل - في سنة (1969م) - على كرسي نظريّة الحقوق بأكسفورد، الّذي مثّل مكافأة استثنائيّة لأمريكيّ، وأمّن - بعد ذلك - الدّروس في كلّ من؛ جامعة نيويورك، هارفارد، كورنيل، وستانفورد، وبرينستون، وكلّيّة معهد لندن.

وحين نتأمّل هذا التّمشّي الّذي اختاره دوركين؛ نكتشف أن حياته شهدت مسارًا مهنيًّا ثريًّا وغير نمطيّ؛ فقد ترك للفاعلين الحقوقيّين - سواء القضاة أو المحامين - ذكرى فيلسوف صارم ومنهجيّ، ولمراقبيه والمدرّسين ترك ذاكرة شخصيّة فكريّة قويّة، لها قدرة على كيفيّة التّحكّم والتّعامل - بوضوح بديهيّ ويقينيّ - مع المفاهيم الأكثر صعوبة، حتّى في حالة عرضها بيداغوجيًّا، لوضعها في متناول الجميع؛ فهو لا يتوقّف عن استخراج الأطروحات النّظريّة الجديدة والأساسيّة، وهذا التّنوّع في الوضعيّات والمواقف يتضاعف بسبب الحراك الجغرافيّ الّذي يعيشه دوركين متنقّلًا، للتّدريس بين الولايات المتّحدة الأمريكيّة والمملكة المتّحدة، الّذي مكّنه من فتح عينيه الفلسفيّتَين على مختلف أنساق القوانين العامّة والمشتركة؛ فأصالة المسار الّذي اتّبعه دوركين ضمن له بعض الخبرات الفريدة والمتنوعة، الّتي ساهمت في بناء تصوّره للحقوق، ودفعته إلى اقتراح نظريّة في القانون تناسب جميع أشكال القانون العامّ النّابع من الحاجة العمليّة لتقديم نظريّة متناسقة، استنادا إلى خبرته التّعليميّة على جانبي المحيط الأطلسيّ.

لقد ساهمت أسفار دوركين في تحويله إلى شخصيّة مشهورة ومعروفة في الأوساط القانونيّة من المختصين والجامعيّين، كما اشتهرت كتاباته - خاصّة - في المجتمع الحقوقيّ، وساهمت في التّعريف به كأحد أركان الفلسفة الحقوقيّة المعاصرة، وكفيلسوف اللّيبراليّة الأخلاقيّة، فبأيّ معنى يعدّ دوركين فيلسوف الأخلاق اللّيبراليّة؟

2) دوركين فيلسوف اللّيبراليّة الأخلاقيّة:

أ) قضيّة المساواة: معاملة المواطنين كمتساوين:

حدّد دوركين مشروعيّة حكومة ما بعملها على تحقيق الشّروط الآتية: التزامها بإعطاء جميع المواطنين نفس القدر من الاحترام والاهتمام على قدم المساواة؛ إذ يقول دوركين في هذا السّياق: "يجب على أيّة حكومة شرعيّة أن تعامل مواطنيها ليس فقط بقدر من الاهتمام؛ بل باهتمام متساوٍ، أعني: أنّها يجب أن تتصرّف بحيث تولي نفس القدر من الاهتمام لتأثير برامجها السّياسيّة على حياة أيّ مواطن، والشّرعيّة السّياسيّة ليست مسألة أبيض أو أسود؛ بل مسألة درجة (a matter of degree)؛ فالحكومة الّتي تُنتخب بموجب إجراءات تسمح للأغلبيّة باستبدالها في الوقت المناسب، وتراعي - إلى حدّ كبير - الاهتمام المتساوي بالمواطنين، والمسؤولية الفرديّة لكلّ واحد منهم عن إدارة حياته الخاصّة، قد تكون شرعيّة بالقدر الكافي، بحيث لا يكون العصيان المدنيّ الشّامل مبَرَرًّا، حتّى لو كانت بعض سياسات هذه الحكومة - كسياساتها الضريبيّة على سبيل المثال - تُظهر قدرًا من اللّامبالاة بالكرامة الإنسانيّة، تلك اللّامبالاة الّتي - إذا زادت عن حدّها - تقضي على الشّرعيّة تمامًا"[3].

ففيما يتعلّق بالاحترام المتساوي للمواطنين، يعني دوركين؛ أنّ الجميع ينبغي أن يكونوا أحرارًا في اختيار نموذج الحياة الّذي يناسب كلّ واحد، كما أنّه ليس من حقّ الدّولة أن تفرض أو تقول لمواطنيها كيف ينبغي عليهم أن يعيشوا.

في حين أن الاهتمام المتساوي يقصد به؛ أنّ على الدّولة أن تكفل تكافؤ فرص الحصول على الموارد اللّازمة لمواطنيها، لمواصلة نموذج العيش الذي قاموا باختياره، فماذا يعني هذا عمليًّا؟ وكيف توزّع الموارد؟

يشير ويل كيمليشكا في كتابه "مدخل للفلسفة السّياسيّة المعاصرة" إلى أن دوركين يقبل بفكرتَي "الاهتمام بالتّطلّعات الفرديّة"، و"الاستقلال عن التّخصيصات البدئيّة"، بعدّهما غاية ومثلًا أعلى، وهو نفس ما يريد تحقيقه مبدأ التّباين عند رولز، غير أنّه يقدّر أنّ هذا المثال يمكن أن ينجز على نحو أنجع بآليّة توزيع مغايرة، فنظريّة شديدة التّعقيد - تتضمّن اللّجوء في نفس الوقت إلى نظام المزاد العموميّ وآليّة ائتمان والسّوق والجباية"[4].

فوفقًا لدوركين؛ يجب تصوّر - أوّلًا - توزيع مثاليّ للموارد، لنتخيّل أنّ كلّ الأفراد نزلوا على جزيرة مهجورة، غنيّة بالموارد المتنوّعة الّتي لا تعود لأي واحد، لتوزيع هذه الموارد على نحو عادل دون المساس بالاحتياجات الفرديّة؛ الأفضل وضعها - كلّها - في المزاد - أي المزاد العموميّ - حيث يشارك فيه كلّ الأفراد، وفيه يدفعون أثمان اختياراتهم.

فيبدو دوركين - هنا - أنّه مهتمّ بنموذج توزيع يأخذ باعتباره تباين التّطلّعات الفرديّة؛ حيث "يطلب منّا دوركين تخيّل حالة تكون فيها كلّ موارد المجتمع موضوع مزاد علنيّ، يشارك فيه كلّ أفراده، وينطلق الجميع بنفس المقدرة الشّرائيّة - في المثال المعتمد من قبل دوركين يحدّدها بمائة صدفة - يستخدمونها لاقتناء الموارد الّتي تبدو لهم موافقة أكثر لخططهم في الحياة، وإذا أنجز هذا المزاد كما ينبغي سيرضى كلّ فرد بالنّتيجة الّتي حصل عليها، أي أنّه لن يفضل أيّ أحد من الأفراد سلّة خيرات غيره عن تلك الّتي فاز بها هو لنفسه، وفي حال عدم الرّضا؛ يمكن للشّخص أن يتقدّم بعرض للحصول على الأشياء الّتي يتطلّع إليها بدلًا عن تلك الّتي حصل عليها، وإذا سار المزاد في الاتّجاه الصّحيح؛ سيجد كلّ النّاس أنفسهم في نفس الوضع، أي أنّ كلّ واحد منهم سيفضل سلّة خياراته عن تلك التي لغيره، وذلك هو ما يسمّيه دوركين "اختبار الحسد"[5].

إنّ قبول الأفراد بنتائج المزاد وتعبيرهم عن حالة الرّضا، يعكس معاملة الدّولة لهم بطريقة متساوية، ذلك أنّه - حسب دوركين - فالتّباينات بين الأفراد لا تعبّر سوى عن اختلاف تطلّعاتهم، وعن تنوّع في التّصوّرات يضفي زخمًا على معنى الحياة، كما يحمل الأفراد مسؤوليّة اختياراتهم، وحتّى إن ظهرت التّباينات فيما بعد؛ فهي تعود - بالأساس - إلى مسؤوليّة الفرد، ورغبته في أن يعيش طريقة معيّنة في الحياة، مختلفة عن تلك التي اختارها آخرون، لذلك؛ يجب علينا أن نميّز اللّامساواة النّاشئة عن عدم المساواة في الهبات الممنوحة في الموارد منذ البداية، عن تلك النّاجمة عن الخيارات الطّوعيّة أو المخاطرة الّتي يتّخذها شخص ما، فمن الطّبيعيّ - في نظر دوركين - أنّ أولئك الّذين يختارون العمل أقلّ - على سبيل المثال - يجب أن يتكيّفوا مع عدد أقلّ من الموارد؛ فالشّيء المهمّ - بالنّسبة إلى دوركين - أنّه لا أحد يعاقب كونه غير محظوظ، وراثيًّا أو اجتماعيًّا، بما أنّه ولد في وسط محروم مثلًا، لكنّه - مع ذلك - يجب لفت الانتباه إلى المسؤوليّة الفرديّة، من هنا؛ نفهم أمل دوركين في التّوفيق بين موقف الاشتراكيّين والمحافظين، بين أنصار المساواة وأنصار الحرّية والمسؤوليّة، مع ليبراليّته المساوتيّة؛ حيث يورد ويل كيمليشكا في كتابه "مدخل للفلسفة السّياسيّة المعاصرة": أنّ منوال نظريّته يشهد على تفوّق "الطّريق الثّالث" بين الاشتراكيّة التّقليديّة وليبرتارينيّة السّوق الحرّة، ويبيّن - مثلًا - كيف أنّ نظريّته تفسّر لنا لماذا نكون في حاجة - في نفس الوقت - إلى نظام عموميّ للعناية الصّحّيّة، وللحصول على عقد تأمين ضدّ المرض نتولّى دفع ثمنه بأنفسنا، وتوضح لنا فكرة نظام ائتمانيّ فرضيّ؛ أننا في حاجة إلى الأوّل لتحقيق المساواة على صعيد الظّروف والملابسات الفرديّة، ويبيّن لنا نظام المزاد العموميّ؛ أنّنا في حاجة - أيضًا - إلى الثّاني، كي تؤخذ في الحساب الاختيارات الفرديّة (دوركين 1993 - 2000م/ الفصل8)[6]، بهذا المعنى؛ نتبيّن أنّ فلسفة دوركين السّياسيّة تضع الملامح الرّئيسة لاتّجاه ليبراليّ معاصر، صار يعرف الآن "اللّيبراليّة الاجتماعيّة"، وهو يسعى إلى تقديم تصوّر جديد للعدل الاجتماعيّ، يعارض به أهمّ فيلسوفَين في الفلسفة السّياسيّة المعاصرة، هما (جون رولز) الّذي انحاز في تصوّره للعدل الاجتماعيّ للمساواة على حساب الحرّيّة، و(روبرت نوزيك) الّذي ذهب في تصوّره للعدل الاجتماعيّ إلى أنّ الحرّيّة الاقتصاديّة تتعارض - تمامًا - مع المساواة.

فإذا كانت هذه نظريّته في سياسة المساواة اللّيبراليّة الّتي تسعى إلى تحقيق العدالة والمساواة في "المزاد العموميّ" و"التّعويض من خلال نظام التّأمين"، وتطبيق ذلك على أرض الواقع من خلال "الضّرائب وإعادة التّوزيع"، فكيف هي نظريّته في فلسفة الحقّ والقانون؟

ب) فلسفة القانون وأنطولوجيا الحقّ:

في أعماله المبكّرة؛ "أخذ الحقوق على محمل الجدّ" و"سؤال المبدأ" يحافظ دوركين على نظريّة ليبراليّة في الحقوق، توفّر بديلًا للنّظريّة اللّيبراليّة المهيمنة في الحق "المتكوّنة من مزيج من الوضعيّة القانونيّة والنّفعيّة"، ووفقًا لدوركين؛ فإنّ الوضعيّة القانونيّة لفيلسوف القانون البريطانيّ هربت هارت لا تكفي لوصف الممارسة القانونيّة القائمة؛ لأنّها تقدّم نظريّة نفعيّة تجيب - بطريقة غير شرعيّة - عن مشكلة العبثيّة القراريّة للقضاة.

إنّ ممارسة السّلطة التّقديريّة يعني؛ أنّ القضاة لا يمكنهم أن يأخذوا قرارات اللّجوء إلى حجج المبدأ، بمعنى مقتضيات إيتيقيّة أخلاقيّة، لنضع في بداهتنا وجود مبادئ قانونيّة، يقول دوركين: "إنّ القانون لا يمكن أن يختزل إلى مجرّد نسق من القواعد"[7]؛ فهو يشمل - أيضًا - مبادئ تحدّد التزامات المشرّع والقاضي، وتستند إلى تصوّر سياسيّ للأخلاق، هذه المبادئ تعود إلى حقّ طبيعيّ أكثر جوهريّة وبداهة؛ الحقّ المجرّد في الاهتمام المتساوي والاحترام المتساوي، هذا الواجب الأخلاقيّ: هو "مصدر السّلطة العامّة للأهداف الجماعيّة والقيود الخاصّة المفروضة عليه في نفس الوقت"[8]، فالقضاة "مضطرون لإظهار أنّ قراراتهم السّياسيّة ترتبط بالحقوق الفرديّة، وليس بالمصلحة العامّة"[9]، وحسب دوركين: "الحقوق الفرديّة: هي أصول سياسيّة محتجزة من قبل الأفراد، والأفراد لهم حقوق عندما يكون - لسبب أو لآخر - هدفًا مشتركًا ليس كافٍ لحرمانهم ممّا يرغبون في الحصول عليه كأفراد، أو حين لا يشكّل مبررًا كافيًا لفرض خسارة أو ضرر عليهم"[10].

لذا؛ يقدّم دوركين الحقّ بعدّه تحليل تفسيريّ، ويقارن التّفسير القانونيّ بالتّفسير الأدبيّ؛ حيث تسمح له هذه المماثلة بعرض المنهج الّذي يتّبعه القضاة، ويجب عليهم اتّباعه لحل القضايا القانونيّة الصّعبة، ينبغي النّظر إلى القضاة كما الرّوائيّون في كتابة سلسة من الرّوايات، مثل روابط في سلسلة كبيرة من القانون، وهو ما يفسّر عودة دوركين إلى مبدأ "وحدة القانون" كمعيار للحكم في القضايا الصعبة، في سبيل استخلاص مبادئ قانونيّة على ضوء نظرة شموليّة إلى القانون وتسلسل العمل القضائيّ، وكأن القضاة هم كتّاب رواية واحدة، متمكّنين من بناء تنظيم قضائيّ متراتب ومتجانس"[11].

لذلك؛ يعتقد دوركين أنّه ثمّة شرطان محدّدان لقبول تفسيرات صادرة عن ممارسات قضائيّة بعينها دون غيرها، هما:

الشّرط الأوّل: يجب ألّا يكون وفيًّا للممارسات الموجودة.

الشّرط الثّاني: يجب أن يكشف - أيضًا - عن المعنى أو القيمة.

يصبح القضاة بتبنّي مثل هذا المنهج – كما هرقل - قضاة مثاليّون يمتلكون موهبة المهارة والمعرفة، وصبرًا ما فوق بشريّ لإيجاد تفسير جيّد يقودهم إلى الاعتراف بأنّ أحد الطّرفين له حقّ يقينيّ في كسب الدّعوى، حتّى في الحالات القانونيّة الصّعبة، لهذا؛ يؤسّس دوركين نظريّته القانونيّة على تصوّر ليبراليّ للمساواة، متّبعًا في ذلك رولز، لكنّه يقبل - بخلاف رولز - بأنّ معاملة مساوتيّة يمكن أن تقتضي الأخذ بعين الاعتبار قيم الأخلاق السّياسيّة القائمة على حجج براغماتيّة وواقعيّة، وهذا ما يميّز تبريراته المتعلّقة بشأن المواقف السّياسيّة.

3) إمبراطوريّة القانون:

بتحليل نظريّته القانونيّة "إمبراطوريّة القانون" يدافع دوركين عن نزاهة القانون الّذي يتّفق - حسب رأيه - مع أفضل وصف وتبرير للمبادئ القانونيّة"[12]، فحين يسلّط الضوء على فضيلة النّزاهة السياسيّة؛ فهو يطمح للقطع - بطريقتين - مع الفلاسفة التّعاقديّين، متجاهلًا في ذلك المنظّرين الكبار للعقد، وتتطلّب النزاهة أن يكون الفعل السّياسيّ منسجمًا، ومستندًا - من حيث المبدأ - على ضمان الحقوق الفرديّة ووحدة القانون.

"فمبدأ نزاهة المداولات يوصي القضاة بتحديد الحقوق والواجبات القانونيّة - قدر الإمكان - مع افتراض أنّهم - جميعًا - أثر خالق واحد، وأنّهم يمثّلون المجتمع في شخصه، وأنّهم تعبير عن تصوّر متماسك للعدالة والإنصاف (...)".

حسب قانون النزاهة؛ فإنّ الأطروحات القانونيّة صحيحة، إذا كانت تظهر في مبادئ العدالة

والإنصاف، أو في إجراء ضمان محاكمة عادلة تحمل التّفسير الأكثر بنائية للممارسة القانونيّة الجماعيّة، أو ما إذا كانت مستمدّة من هذه المبادئ"[13].

إنّ النّزاهة لا تعني - فقط - توحيد القواعد القانونيّة في نسق حقيقيّ من القانون؛ إنّما تتطلّب - أيضًا - دمج الأفراد في مجتمع سياسيّ حقيقيّ، بهذا المعنى، يدافع دوركين عن تصوّر أخويّ للمجتمع، يدعو إلى إعادة تعريف الالتزامات السّياسيّة، فالاندماج لا يعني فضيلة ميتافيزيقيّة، لكنّ المثل الأعلى للأخوّة الّتي من خلالها تعدّ المسؤوليّة الجماعيّة ككلّ، تسبق مسؤوليّة القادة المعتبرة بشكل فرديّ، وإذا كانت المؤسّسة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة تميل - صراحة - إلى الوضعيّة التي أسسها هارت في مفهومه للقانون، موجّهًا جهده نحو تقديم وصف عامّ للظّاهرة القانونيّة؛ فإنّ الأمر بالنّسبة إلى دوركين يبدو على خلاف ذلك؛ إذ يعدّ خطأ الوضعيّة متأتّ من نزوعها إلى التّمييز الجذريّ للأخلاق عن القانون، وممّا يعزّز هذا التّأكيد في الوضعيّة: التّمييز الصارم بين خطاب وصفيّ يتعلّق بالوقائع، وخطاب توجيهيّ يحمل القيم الأخلاقيّة.

هذا الاختلاف في الطّبيعة يدين الهوس الوضعيّ للتّجريب والاختبار التّحقيقيّ؛ فهذا يُفحَص على حساب إعادة تشكيل المسألة القانونيّة، بالتّالي، لا يسعنا أن نميّز الأسئلة حول القانون، كما هو عن الأسئلة حول القانون كما يجب أن يكون؛ فالاعتبارات الوصفيّة والتّوجيهيّة ضرورة مرتبطة بطبيعة التّفسير لمفهوم الحقّ والقانون.

هذه البنية تخصّ المسار الجديد المفتوح من قبل دوركين في كتابه الشّهير الّذي صنع شهرته: "أخذ الحقوق على محمل الجدّ"، ويمدد دوركين هذه الفرضيّة النّظريّة بمنح الفرق بين القواعد والمبادئ الأساسية دورًا مهمًّا، وقد بنى حوله جهازًا إثباتيًّا يسمح بالعودة إلى الظّاهرة القانونيّة في مجملها، هذه هي المهمّة الّتي يقوم بها دوركين في كتابين من أعماله الرّئيسة؛ "مسألة مبدأ"، و"إمبراطوريّة القانون"، تكمل - هذه المهمّة - عمله النّظريّ، ثم يسعى إلى عرض الاعتراضات الّتي أثارها الوضعيّون ضدّ نظريّته وتطويرها، وتفريع الآثار الأوليّة لنظريته في تفسير القانون، فانطلاقًا من مختلف المفاهيم الّتي أبدعها؛ يبحث دوركين في نموذج الإكراهات الّتي تفرض على القضاة ومفسّري القانون.

يبدو دوركين - انطلاقًا من "إمبراطوريّة القانون" - ملزمًا بتطبيق نظريّته في القانون، ومقارنة المبادئ المنصوص عليها من قبل القضاة، لتسليط الضوء على تلك الّتي - في الواقع - هي أساس النّظم القانونيّة.

لقد قاده هذا الطّريق إلى الحوار مع الفلسفة السياسيّة، خاصّة، مع نظريّات العدالة، مؤكّدًا وموسّعًا تصوّرًا محدّدًا لحقوق الإنسان.

4) فينومينولوجيا القانون بين الصّدّ والجذب:

لقد أظهر دوركين - منذ بدايته الفلسفيّة - قلقًا سياسيًّا إزاء واقع سياسيّ مأزوم نتيجة افتقاده للشّرعيّة الأخلاقيّة؛ فنظريّته في القانون مؤسّسة على عدم الفصل بين الأحكام الوصفيّة والتّوجيهيّة، ملتمسًا ضمنيّات أخلاقيّة ملموسة من نظريّته في القانون، والتّأكيد على مبادئ في صميم النّظم القانونيّة انطلاقًا من أمثلة الأنجلوسكسونيّة، متماثلة مع فلسفة سياسيّة أصليّة يسمّيها اللّيبراليّة المساوتيّة، مبديًا التزامه السّياسيّ بالدّفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها؛ حيث نتذكّر نقده الحادّ للمحاكم العسكريّة، والطّبيعة الاستثنائيّة لسجن غوانتنامو، لتناقضه مع القواعد الأساسيّة للمحاكمة العادلة، أو - أيضًا - إثارة الحقوق الاجتماعيّة كمسكّن ضروريّ لعدم المساواة العرضيّة في الحياة، مقدّمًا برنامجًا في الضّمان الاجتماعيّ، هذه البرامج النّظريّة والسّياسيّة لدوركين أثارت ردود أفعال سواء بين العقيدة الأنجلوسكسونيّة أو خارجها، مثل أيّ فكر يسعى إلى تنظيم مجاله والبحث عن التّموقع في الحياة العامّة.

لقد اعترضت دوركين ردود فعل مختلفة بعضها سلبيّة والبعض الآخر إيجابيّة؛ حيث تمثّلت ردود الفعل الإيجابيّة في تشجيع دوركين على استخدام منهج العقلانيّة العمليّة، والدّفاع عن الخبرة القانونيّة وحماية القانون، أمّا ردود الفعل السّلبيّة؛ فهي تعترض وتدحض هذه الحجج وهذا التّمشّي، وأول خصومه كانوا من الوضعيين، من هنا؛ نفهم مهاجمة دوركين لكتاب هارت، وسعيه إلى إبطال الفرضيّة الأساسيّة للوضعيّة القائمة على ضرورة التّمييز الجذريّ للمعرفة القيميّة عن معرفة الوقائع، كما يثير دوركين معارضة قويّة داخل تيّارات واقعيّة أو ذات نفس سوسيولوجيّ، تنطلق من تحليل للحقوق من حيث علاقات القوّة.

وفي السّياق نفسه؛ يلقي عليه بعض الفلاسفة السّياسيّين اللّوم، بسبب دفاعه عن ليبراليّة مساواتيّة على أساس حماية قضائية واسعة للحقوق، غير أنّه، مهما تكن الانتقادات الموجّهة ضدّ النّظريّة الحقوقيّة والقانونيّة الدّوركينيّة؛ فإنّه لا يمكن نكران فضله في تأسيس نظريّة فلسفيّة في الحقوق والسّياسة العمليّة؛ حيث إنّه كثيرًا ما يستشهد بها من قبل المدافعين عن أشكال العقلانيّة التّطبيقيّة، ويرى فيها هؤلاء منهجًا وطريقة في التّفسير يمكن أن تمثّل شكلًا من أشكال العقلانيّة القصديّة المتميّزة عن العقلانية المعرفيّة الخالصة، الّتي كثيرًا ما وقع تبنّيها من قبل الفاعلين القانونيّين والجهات القانونيّة، خاصّة، القضاة الّذين يبحثون عن توصيف لممارساتهم الخاصّة في عرض الحقّ في أفضل حالاته.

خاتمة:

خلاصة الأمر: سواء كانت نظريّة دوركين في الحقوق والقانون رائعة أو مزعجة، وسواء تميّزت بممارسة الجذب إليها أو الصّدّ عنها؛ فإنّ نظريّة دوركين لم تترك الأوساط القانونيّة غير مبالية؛ بل - على العكس - ساهمت في تحريك الفضاء الحقوقيّ، وجعله متفاعلًا معها، "وهو ما جعل البعض يعتقد أنّ كتاب الفيلسوف الكندي الراحل جيرالد كوهين "إذا كنت مع المساواة فلماذا أنت غني جدًّا؟[14]" موجّه إلى دوركين"[15]، غير أنّ هذا يؤكّد - في الأساس - على حقيقة يتجاهلها الكثيرون، هي؛ أنّه لا يمكن الاعتماد على خيريّة فرد واحد لصناعة ربيع المساواة، وأنّنا في حاجة إلى دولة إعادة التوزيع لصناعة مجد المساواة، وهو ما أفنى من أجله دوركين حياته، وهكذا تمكّن دوركين من تأسيس نظريّة ناجعة في السّياسة والحقوق، لذلك؛ فإنّه يمكن القول: إنّه إذا كانت المساواة الاقتصاديّة الّتي تظهر في فعل المساواة في الموارد الاقتصاديّة، تمثّل - عند دوركين - جوهر تصوّره للعدل الاجتماعيّ؛ فإنّ المساواة السّياسيّة تمثّل - عنده - جوهر تصوّره للدّيمقراطيّة، لذلك؛ يمكن القول: إنّ دوركين ساهم بشكل كبير في تطوير فلسفة القانون وفلسفة حقوق الإنسان، الّتي تبقى حجر الزّاوية في مشهدنا الحقوقيّ والقانونيّ المعاصر، خاصّة، أنّ الحقوق الفرديّة الطّبيعيّة - على حدّ عبارة دوركين - بطاقات رابحة تفوق - من حيث الأهميّة - اعتبارات المنفعة العامّة التي تلجأ إليها الحكومة عادة لتبرير سياساتها، لهذا؛ يعترف دوركين - على شاكلة أنصار نظريّة القانون الطّبيعيّ - بامتلاك الإنسان حقوقًا طبيعيّة يسبق وجودها وجود المجتمع السّياسيّ بجميع هيئاته؛ التّشريعيّة والقضائيّة والتّنفيذيّة، وعليه؛ فإنّ الحقوق الفرديّة الطّبيعيّة تمثّل حقوقًا قانونيّة، حتى في حالة عدم وجود تشريعات تتعلق بشأنها أو بحمايتها، من هنا؛ نفهم سبب منح دوركين الأولويّة المطلقة للحقوق الفرديّة الطّبيعيّة على القواعد القانونيّة الوضعيّة، في حال حدوث تعارض بينهما، ويبرز ذلك في قوله: "ما نعنيه - بالضّبط - عندما نقول: إنّ لدى هذا الشّخص حقًّا؛ هو أنّ هذا القول مُبرّر، بغضّ النّظر عمّا إذا كان يزيد من المنفعة العامّة؛ فعلى الحقوق أن تبقى ثابتة مقابل زيادات حسابيّة كهذه، على سبيل المثال: واحد من العناصر الأساسيّة في النّظريّة الدّيمقراطيّة؛ هو الرّأي الّذي يقول: "يجب احترام الحقوق الفرديّة، حتّى ولو أن هذه الحقوق لا تزيد رضى الأغلبيّة"[16]؛ فهل يمكن لهذه النّظريّة الحقوقيّة والسّياسيّة أن تنقذ ما تبقى من الحقوق الإنسانيّة، الّتي داستها آلة الحروب المدمّرة النّاتجة عن السّياسات العالميّة اللّاشرعيّة؟

 

قائمة المصادر والمراجع:

باللّغة الأجنبيّة:

 - Ronald Dworkin, “Is Law a System of Rules ?”, The Philosophy of Law, Oxford, Oxford University Press, 1977.

 - Ronald Dworkin, L’Empire du droit (1986), trad. Elisabeth Soubrenie, Paris, PUF, 1994.

 - Ronald Dworkin, « La chaîne du droit » dans « Droit et Société », 1985, n.1, p 51.

 - Ronald Dworkin, Une Question de principe (1[1]Ronald Dworkin, Sovereign Virtue. The Theory and Practice of Equality; Combridge ,Haverd Univrsity Press; 2000), trad. Aurélie Guillain, Paris, PUF, 1995.

 - Ronald Dworkin, Is Democracy Possible Here?: principles for a new political debate, Princeton University Press, 2006, p 97.

 - Will kymlica: Les théories de la justice; une introduction; trad. Marc Saint - Upéry; Paris La Découverte Poche/Sciences humaines et sociales/ 2003.

 - G.A. Cohen, Si tu es pour l’égalité, pourquoi es - tu si riche ? trad. F. Tarrit, Paris, Hermann, 2010.

 - Pierre - Etienne Vandamme Ronald Dworkin est mort. C’était qui? https://www.academia.edu/4782063/Ronald_Dworkin_est_mort._Cetait_qui_Rue...

المراجع باللّسان العربيّ:

 - ويل كيمليشكا، مدخل إلى الفلسفة السّياسيّة المعاصرة، ترجمة: منير الكشو عن المركز الوطنيّ للتّرجمة، تونس، 2010م، ص ص 108 - 109.

 - فيرجينيا هيلد، أخلاق العناية، ترجمة: ميشيل حنا متياس، عالم المعرفة، الكويت، 2008، ص 149.


[1] Will kymlica: Les théories de la justice; une introduction; trad. Marc Saint-Upéry; Paris; La Découverte 2003 La Découverte Poche/Sciences humaines et sociales. 363p.

*- ويل كيمليشكا: أستاذ الفلسفة السّياسيّة في جامعة كوين بكندا، وأستاذ زائر في جامعة أوروبا الوسطى في بودابست، من أهم مؤلّفاته: "مدخل للفلسفة السّياسيّة المعاصرة".

[2] Ronald Dworkin, Sovereign Virtue. The Theory and Practice of Equality; Combridge, Haverd Univrsity Press; 2000; chapitre 2, p 65 -119.

[3]- Ronald Dworkin, Is Democracy Possible Here?: principles for a new political debate, Princeton University Press, 2006, p 97.

[4]- ويل كيملشكا، مدخل للفلسفة السّياسيّة المعاصرة، ترجمة: منير الكشو عن المركز الوطنيّ للتّرجمة، تونس، 2010م، ط 1، ص 108.

[5]- ويل كيمليشكا، مدخل إلى الفلسفة السّياسيّة المعاصرة، ترجمة: منير الكشو عن المركز الوطنيّ للتّرجمة، تونس، 2010م، ط 1، ص ص 108- 109.

[6]- ويل كيمليشكا، نفس المرجع.

[7]- Ronald Dworkin, “Is Law a System of Rules ?”, The Philosophy of Law, Oxford, Oxford University Press, 1977, p. 38-65.

[8]- نفس المصدر، ص 48.

[9] Ronald Dworkin, Une Question de principe (1985), trad. Aurélie Guillain, Paris, PUF, 1995, p 37.

[10]- نفس المصدر، مسألة مبدأ، ص 44.

[11] Ronald Dworkin, « La chaîne du droit » dans « Droit et Société », 1985, n.1, p 51.

[12]- Ronald Dworkin, L’Empire du droit (1986), trad. Elisabeth Soubrenie, Paris, PUF, 1994.

[13]- Ibid., p 247- 248.

[14]- G.A. Cohen, Si tu es pour l’égalité, pourquoi es-tu si riche?, trad. F. Tarrit, Paris, Hermann, 2010,

[15]- Pierre-Etienne Vandamme Ronald Dworkin est mort. C’était qui? https://www.academia.edu/4782063/Ronald_Dworkin_est_mort._Cetait_qui_Rue...

[16]- فيرجينيا هيلد، أخلاق العناية، ترجمة: ميشيل حنّا متياس، عالم المعرفة، الكويت، 2008م، ص 149.

المصدر: http://www.mominoun.com/articles/%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D...

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك