ثقافة الحوار وإيجابياته

علي الجحلي
 

عندما قرأت حديث أحد الزملاء عن قراره التوقف عن النقاش في أي قضية حفاظا على صحته, تذكرت قرارا مشابها اتخذه زميل آخر، كما تذكرت كم الغضب الذي ينتشر عندنا عندما يختلف الناس في وجهات النظر. أضع نفسي في وسط هذه العاصفة التي أدت إلى حالة من رفض الاختلاف بناء على تربية هشة ترفض الآخر وما اختلف حتى إن كان صحيحا.

القرار الأهم الذي يجب أن نتخذه عندما نختلف هو أنه يمكن أن نكون على حق نحن ومن يخالفنا كذلك لسبب بسيط هو أنه للحقيقة أكثر من وجه, حتى عندما نتحدث عن التاريخ وهو مجموعة من الأحداث التي وقعت فعلا ولا تقبل التأويل.

التاريخ يكتبه الناس, ويكتبونه بناء على خلفيات وقناعات ورؤى بنيت في مكونهم الذهني على مدى عقود. إضافة إلى إمكانية أن يفسر التاريخ والأحداث حسب ما يريده الأشخاص خلال الفترات المختلفة التي لم يكن فيها توثيق بالصورة أو الصوت اللذين يتعرضان للتشويه والتعديل.

الدخول في النقاش بناء على هذه المعطيات يعطينا فرصة التعرف على الرأي الآخر وتقبل اختلافه أو اختلاف رؤيته للحقيقة. من هنا تظهر الحاجة للتوقف عن الغضب والرفض الذي يمكن أن ينكت في القلب ما يمكن أن يعطل قدرته على تقبل الرأي المخالف حتى إن اقتنعنا داخليا بصحته.

ثم إن مجتمعاتنا بنيت على أساس أن الصحيح واحد فقط, وهو أنا. هذه القناعة هي أهم ما يعوق قدرتنا على التفاعل مع المختلف لأنه على خطأ, لمجرد اختلافه عنا. قناعة يشربها أطفالنا مع الحليب منذ نعومة أظافرهم, لا يغيرها الوقوع تحت تأثيرات الحياة اليومية والاختلاط بالآخرين, بل إن التعليم في الخارج لا يستطيع أن يغير هذه القناعة – في الغالب والتجارب التي تثبت ذلك كثيرة.

ثم تأتي قاعدة التعميم التي ننشرها على كل أفراد المنظومة المخالفة, فمهما حاول من ينتمي لتلك المنظومة أن يؤكد عدم موافقته للفئة التي ينتمي إليها في رؤية معينة أو رأي أو اعتقاد, فلا يمكن أن يقتنع باختلافه أغلب من يعيشون تحت مظلة التعميم. للإنصاف أقول إن الحوادث التاريخية التي نقلت لنا قد تدفع بهذا الاتجاه لكن كيف نتحقق من دقة رؤيتنا؟.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=332

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك