الذهنية المغلقة وصعوبة التعامل معها!

سهام الشارخ
 

التعامل مع الأشخاص الذين يتصفون بسعة الأفق وانفتاح الذهن من الأشياء المبهجة في الحياة، فالحديث معهم يجلب المتعة والفائدة معاً بسبب غنى تجاربهم، وتنوع خبراتهم، وقابليتهم لتعلم الجديد، كما أن قدرتهم على الإصغاء، والمرونة التي يبدونها في النقاش حتى ولو لم يتفقوا مع الأفكار والمواضيع التي تطرح تجعل العلاقة معهم طبيعية بعيدة عن التكلف بعكس التعامل مع الأشخاص ذوي الذهنية الضيقة أو المغلقة حيث يجد الإنسان صعوبة في التعامل معهم، ويشعر بالتوتر والإحباط من ردود أفعالهم تجاه أي فكرة مختلفة، أو خارجة عن النسق الفكري المعتاد، وتتحول المناقشات معهم إلى تحد ومهاترات لا يخرج كلا الطرفين منها بفائدة، فهم يرفضون الأخذ بأي فكرة جديدة بل يتعالون عليها، ويقاومونها بكل السبل، ويستحيل التوافق معهم على شيء، ومن يدخل على مواقع التواصل الاجتماعي ويطلع على آراء المشاركين حول موضوع ما أو حدث أو قضية يلاحظ تمسك البعض برأيه الضعيف ورفضه إعطاء أي اعتبار لرأي الآخر مهما كان هذا الرأي جديراً بالاهتمام، أو مدعوماً بالحجة أو الدليل، وفي بعض الحالات تكون الردود متشنجة وعدائية ومحرضة وكأن الآخر يشكل مصدر خطر له.

التمسك بالرأي صفة مشتركة بين معظم الناس، فكلنا نتمسك ببعض المفاهيم والآراء ولا نتخلى عنها بسهولة، ولكن المشكلة هي مع الأشخاص الذين يواجهون كل فكرة أو وجهة نظر مختلفة بالاعتراض من دون تفكير، أو استيضاح، حتى المعلومات الصحيحة يتشككون بها، ويصدرون الأحكام الجائرة على أصحابها، والحديث أو النقاش معهم ينتهي إلى عبث وإلى خواء ، والسؤال هنا حول السبب الذي يمنع هؤلاء من النظر بموضوعية إلى ما يقال أو يكتب؟ وكيف يمكن إقناعهم بوجاهة الرأي أو صواب الفكرة ومنطقيتها؟ وإذا لم يكن من الضروري اقتناعهم فلماذا على الأقل لا يقرون بمشروعية الاختلاف أو التضاد في الحياة؟

من خلال التجارب ثبت أن الذهنية المحدودة أو المغلقة لا تتجاوب مع المناقشات مهما كانت عقلانية، وغالباً ما يأخذ النقاش طابعاً شخصياً متعنتاً، إنه نوع من الاستبداد والقمع يمارسه الأشخاص على الآخرين، وهذا ما أدى إلى بطء التطور الفكري والثقافي في مجتمعاتنا وقاد أحيانا إلى التطرف، وهذا الانغلاق والضيق الذهني لا علاقة له بالتعليم فهو موجود بين المتعلمين وغير المتعلمين، إنه مسألة لها علاقة بسمات الشخصية، وأسلوب التربية التي تربى عليها الإنسان، ونوع الثقافة والمؤثرات الاجتماعية التي تلقاها في البيت والمدرسة، وإن كان نقص الاطلاع يلعب دوراً فيها.

من المهم أن نعمل على تنمية الاستعداد لتقبل الجديد من الأفكار دون النظر إلى أصحابها لأنها من الوسائل الأساسية لنمونا وتفاعلنا كبشر.

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك