سيف الإقصاء؟!

مساعد العصيمي
 

أشد ما يلفت النظر في مجتمعنا الحالي يذهب إلى احتكار كثيرين للرأي وعدم القبول بالاختلاف معه، بل إنه تجاوز إلى أن كل ما يتفوه به متخصص في الدين أو المجتمع سواء عالما أو متعالما وكأنه الوحي المنزل، وعلى الآخرين عدم نقده وحتى مناقشته.. تقرأ الاستبداد بالرأي وتتلمس الإقصاء، وتجد رفض الآخرة جملة وفردا وفي شتى المناحي.. ليس إلا أن النظرة قاصرة والعصبية قائمة سواء مذهبا أو فكرا ورأيا وحتى قبيلة ورياضة وعائلة.

تعددت وكبرت موجات الإقصاء والرفض وما يصل منها إلى عدائية مطلقة بحيث أصبح كثيرون رافضين للفكر والقياس وقراءة الأمور وخاصة الدينية والمجتمعية بطريقة مختلفة على غير ما اعتاد المحتكرون، فمثلا أن يرى متخصص أو لنقل عالما او فقيها أن التفسير لشأن معين هو كذا وإن كان ذا أوجه عدة أو محل خلاف فقهي تاريخي قائم، وهو يخالف ما يراه أصحاب الرأي المسيطرون فبشره بحرب عظيمة ورفض يصل في بعضه إلى الإخراج من الملة والإقصاء من منظومة أصحاب الرأي أو الفكر.. والعياذ بالله.

ليس الأمر مقتصرا على من يرون أنهم يملكون المعلومة والعلم كله، بل امتد إلى الكتّاب ممن نسميهم أصحاب الرأي والفكر حينما أصبحوا في الشأن نفسه وكأنهم الذين «لا يخطئون» وهم وإن كان كثير منهم من فئة التبع وفي إطار القطيع الكبير الذي لا يلوي على إدراك أو معلومة يسير وفق ما هو مطلوب منه، إلا أنهم استملحوا الشأن وكونوا لهم قطيعهم المنافح عنهم، وعليه فلا بأس إن أشهروا أسلحة الرفض والإقصاء.

نقول إن من ميزة صاحب الرأي والفكر وحتى الكاتب المطلع أنه يعبر كتابة عن رأيه وفق الحقائق والمعلومات التي توصل إليها، والهدف أن يستفيد منه الآخرون وينعموا بمعلومته أو علمه، وهنا نشدد على أن ليس من حقه أن يجعل من رأيه لا يرد ولا ينقد بل يترك الأمر للآخرين كي يناقشوه ويبدون رأيهم بوجهة نظره دون إقصاء أو تهميش.

ما نلاحظه من خلاف أوجد في الصدر غصة ومما يؤسف له أكثر أن الصحف والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي أصبحت مكانا لمثل هؤلاء، الرفض والإقصاء قائمان وهما السلاح الأهم في الرد على كل من لا يعلق برقبته حبل لينقاد لهم.. ولعل ذلك أصبح مثالا سيئا وسبيلا للهروب من كثير من المواقع بسبب الإسقاطات والعبث الذي تعيشه.

إن ما يحدث لدينا من التنافر ورفض الرأي الآخر والاختلاف في كل شأن حتى لو كان ناقدا لمسألة خلافية دينية أو من ما نراه مجتمعيا مما كان عليه آباؤنا وأجدادنا لهو أشد الضرر على مجتمعنا المتطلع إلى حياة أفضل ومستقبل أرحب، وبما جعلنا متشائمين من أن تتحسن الأمور نحو فضاءات حوار والتقاء، خاصة وأن من نراه عالما أو كاتبا شهيرا متشنجا رافضا وكأن ما يقوله الحقيقة وما لدى الآخرين غثاء لا جدوى منه، والمصيبة إن أظهر عدائية فالويل لمخالفه لأنه من نوع خرج على الأمة وثوابتها أو المجتمع وأعرافه.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=1903

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك