صراع بخطاب الكراهية

فهد الطياش
 

ساهمت تقنية الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي الحديثة بتوسيع مساحة حرية التعبير وتلويثها في آن واحد. وهو توسع بات يدفع الى مزيد من التطرف ونشر الكراهية أكثر من فتح قنوات للحوار.

والمشكلة الكبرى في خطاب الكراهية عالميا أن المسلمين هم في قلب الصراع أو أحد موضوعات خطاب الكراهية، أو ابرز ضحاياه. ومع هذا لا يزال البعض يصر على صب الزيت على النار فتزيد من إشعال الكراهية ضد المسلمين. والأخطر من هذا أن هناك خطابا يتزايد يوما بعد يوم ويسعى لربط كل تطرف اسلامي بنا وبـ”الوهابية”.

وإشعال الصراع ليس بالأمر الصعب، وإنما هو استثمار لمصائب قوم وتحويله الى حطب في الصراع.

ولو نظرنا مثلاً في خطاب المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب عندما قال خلال تجمع انتخابي في دايمونديل بولاية ميشيغن: “لم تعانِ مجموعة في أميركا من سياسات هيلاري كلينـتون مثل السود الذين يعيشون في الفقر، وتعتبر مدارسهم سيئة، ولا تملك نسبة 58 في المئة من شبابهم عملاً”.

ولكي يجر السود الى دائرة صراع بخطاب كراهية جديد بسبب وضعهم الاقتصادي ليقدم لهم السبب وهم من المهاجرين أو المهجّرين؛ ولذا قال ترامب عن خصمه في الصراع الرئاسي للسود: “تريد هيلاري كلينتون فتح الحدود للمهاجرين من أميركا اللاتينية الذين يسلبون وظائفكم، كما تفضل منح وظيفة للاجئ أجنبي بدلاً من منحها لشبان سود عاطلين من العمل في مدن مثل ديترويت، حيث أصبحوا لاجئين داخل بلادهم”.

نعم قد يكسب الاصوات مؤقتا ولكنه أجج خطاب الكراهية بين السود واللاتينيين في مجتمع اميركي لم يتعاف مطلقا من امراضه العنصرية.

وفي بريطانيا نجد أن رئيسة الوزراء تريزا ماي لم تحقق النجاح المأمول من خلال التنصت على شخصيات عرفت بتاريخها في دفع خطاب الكراهية. بل وكل الاعمال التي تقوم بها اجهزة المخابرات لم تنعكس على وسائل التواصل الاجتماعي وساحات الإعلام الرقمي التي لا تزال تعج بالمزيد من خطابات الكراهية.

ما الذي نريد أن نصل اليه في معركة صناعة خطابات الكراهية؟

أعتقد أننا بحاجة الى وقفات تأمل جادة امام مؤسسات وأفراد يصنعون خطاب كراهية ضد بلادنا ويجب التصدي لهم بالحكمة وخطاب كشف الزيف وليس بخطاب مناهض ومؤجج لنا ليستثير فينا الكراهية. فنحن امام خطاب يخرج من مراكز دولية في اوروبا واميركا، والآن في بعض دول آسيا لكراهية جديدة نلمس آثارها في تقارير الأخبار فيما يتعلق بالعمال الأجانب في المملكة والحج والسياحة والتعليم والحرب على الإرهاب. إذاً هي قضايا واضحة المعالم ونعرف تفاصيل نقاط الضعف والفجوات التي نهاجم من خلالها. ولكن الجانب الآخر في الصراع عندما يخرج من بيننا من لا يعرف تبعات اللعب في الساحة الرقمية. فظهر عندنا دعاة يمكن بسهولة إلحاق تهمة “الفتنة والكراهية” بالكثير من خطابهم إذا ما تم بتره من سياقاته.

وهنا نحن بحاجة الى ما هو ابعد من قوانين النشر الإلكتروني لإخراج هذه الفئة من ساحة الإعلام كما تسعى رئيسة الوزراء البريطانية. نحن احوج الى تحويل نشاطهم الرقمي الى دفاع وطني. وهي ساحة تحتاج الى متابعة للتعرف على تبدلات مناخها. فمناخ خطاب الكراهية الذي سعى ترامب الى تصعيده ضد المسلمين لم يفلح بل ارتد في نحره، وعاد الى شيء من رشده الانتخابي ليدعي بأنه سيكون صديقا وحليفا معنا ضد التطرف والارهاب الذي يدعمه نظام الملالي في ايران. وهذا خطاب مغاير لما تعودنا سماعه من ترامب.

ومع هذا فهناك خطابات كراهية تنمو وتموت بسرعة رقمية ولكن خطابنا العقدي المتسامح والوطني المدافع لا يتبدل وانما يزيد وينقص بحجم خطاب الكراهية ضدنا. وهو ما يخلق خط دفاع لا ينجذب لساحات صراع في معارك غيرنا الانتخابية او الاقتصادية او حتى ذات اهداف الفتنة الطائفية. ولدينا ولله الحمد جيل رقمي مميز يحتاج فقط الى ضمه تحت سقف مظلة وطنية تعرف قدراته وتنتفع بها للعب في ماراثون معاداة الكراهية والتطرف ضدنا.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=2270

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك