المُثقف بين الأدلجة والدبلجة
من التهم المعلبة الجاهزة التي تلصق بالمثقف المسلم الذي يدافع عن ثوابته وينشر مبادئه أنه " مؤدلج " أي أنه ينطلق من منطلقات عقدية ، وقد ذكرني هذا الاتهام بقصة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها مع الحجاج بن يوسف الثقفي حينما عيرها " بذات النطاقين " مع جهله بسبب التسمية وكان يحسبها مذمة فردت عليه متمثلةً قول الشاعر :
يعيِّرني الواشون أني أحبها وتلك شكاة ظاهر عنك عارها .
فهنيئاً لكل مؤدلج بهذه التهمة الجميلة والتي هي أعز ما تفتخر به وأثمن ما تملك ، فليتنا نعير ونتهم بما نحب حتى نسلم من أذى من يعيرنا ويتهمنا ، حتى تتحول مسبة الأحمق وتعييره مدحة يخلدها التاريخ ، وشهادة من الخصوم على ثباتنا على معتقداتنا و" أيدلوجيتنا " كما يقولون .
أهي أفكار تمليها عليهم قيمهم التي تربوا عليها ، ودينهم الذي يدينون به ، وتثور ثائرتهم إذا اتهموا بالخروج منه والردة عنه ؟
أم أنها أفكار مستوردة دخيلة على أقوامهم وبني جلدتهم ، وبعيدة كل البعد عن مسلمات وثوابت دينهم ، فمنها ما هو ماركسيٌّ شرقي ، ومنها ما هو ليبرالي غربي ، ومنها ما هو شهواني إباحي ، ومنها ما هو إلحاد صريح ونبذ لكل دين ومعتقد صحيح !!
والجواب على كل هذه التساؤلات ، أنهم شابهونا في اللون واللغة ، ولكنهم خالفونا فيما عدا ذلك ، فهم كدبلجة سيئة لمسلسل يعرض تاريخ هذه الأمة وقيمها ، مسلسل يسخر منه أطفال الشارع الغربي ، ويشوه أفكار أبناء الشارع الإسلامي ، وهي محاولات يائسة لتلبيس أمتنا غير لبوسها الحق ، وترجمة خائنة لقيمنا وأخلاقنا ، سيلعنها كل من قرأ تاريخهم وأخبارهم كما لعن المنافقين والمتفلسفة والمستغربين الذين دسوا في الدين ما ليس منه وقالوا على الله بغير علم .
فإلى كل مؤدلج أقول : ارفع رأسك " لا تخف إنك أنت الأعلى " فأنت تذب عما يموت الإنسان دونه ، وتحمي المعتقدات والمبادئ وهي أشرف ما يملكه الإنسان ، ولن يكون أصحاب المذاهب المنحرفة والأديان المحرفة أكثر تضحية منا في الدفاع عن مبادئنا ، ونحن على الحق وهم على الباطل .
وإلى كل مدبلج أقول : " اخسأ فلن تعدوَ قدرك " فلا قدر للإنسان حينما يكون بلا مبدأ ولا قيم ولا دين ، فقد عرفناك أكثر تقلباً من الحرباء ، فيوماً نجدك إسلامي متطرف ، ويوماً نفاجأ أنك تحولت بقدرة قادر إلى ليبرالي متحرر ، مروراً بكثير من المذاهب والأفكار المستوردة كالشيوعية والماركسية ، وأخيراً تدندنون حول الدين "الإنساني" وكأنكم في شك في انتمائكم لبني آدم .
المصدر: http://www.denana.com/main/articles.aspx?article_no=5287&pgtyp=66