حوارات الحضارات منى المؤذن: تفاهم وتعاون بعيداً عن الصراعات!!

حوارات الحضارات منى المؤذن: تفاهم وتعاون بعيداً عن الصراعات!!

معرض حوار الحضارات المقام حالياً في المتحف الوطني في دمشق.. يأتي ضمن خطة عام 2010، إذ أعلن عاماً عالمياً لمقاربة الثقافات والتقارب بين الشعوب، ويعد هذا المعرض من أهم
المعارض التي أُقيمت في سورية ليس لقيمته الفنية فقط، وإنما لأن اللقى الأثرية المعروضة تدل على مكانة سورية التاريخية الكبيرة والدور السياسي الذي لعبته بين الممالك الكبرى آنذاك، وقد صرح د. بسام جاموس" بأن معرض حوار الحضارات عمل على تقديم مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة على الأرض السورية التي شهدت على مر العصور نهوض العديد من المدن القديمة، ذلكم بفضل موقعها الجغرافي المتميز بين قارتي آسيا وأفريقيا وإطلالتها على منطقة البحر الأبيض المتوسط وتحكمها بطرق التجارة القديمة مما جعلها نقطة تواصل وجسراً يربط اقتصاد وثقافات شعوب عديدة".
وقد حفل المعرض بلقى أثرية متنوعة تعود إلى عهود غابرة ومن يتجول بأرجاء المعرض يفاجأ بهذه القطع النادرة منها على سبيل الذكر رقيم مسماري ممهور بطبعة ختم سطح دائري مصدره من موقع أوغاريت من النصف الثاني من الألف الثاني ق.م لوح نحت فاخر جنائزي مصدره تدمر يعود إلى الألف الثاني ق.م، قطعة نقد سوري من الفضة، قطعة نسيج صيني مصدرها مدفن ايلابل من تدمر تعود إلى القرن الثاني والثالث ق.م، حرز للحجاج مصدره قلعة سمعان يعود إلى الألف 5-6 ق.م مصنوع من الفخار، وقد التقت البعث ميديا السيدة منى المؤذن المنسق العلمي للمعرض، وتحدثت بداية عن أهمية المعرض لمكانته التاريخية والفنية، وتم التنسيق له بالتعاون ما بين اليونسكو والمفوضية الإسبانية، وقد بيّن مكانة سورية التي كانت صلة الوصل بين سورية والعالم، ثم تطرقت إلى كيفية اختيار اللقى والتي بلغت 62 قطعة تعود إلى ثلاث حقب:
- عصور الشرق القديم
- العصور الكلاسيكية
- العصور الإسلامية
وأكدت أن اللقى العائدة إلى عصور الشرق القديم تدل على صلات سورية التجارية القوية، إذ تم آنذاك استيراد حجر اللازورد الأزرق من أواسط آسيا، أي من أفغانستان تحديداً في الألف الثالث ق.م عن طريق أول طريق استيراد لأنواع الحجر وهو طريق اللازورد، وقد وُجدت عدة طرق (طريق الحرير- طريق التوابل- طريق الملح- طريق الذهب.. الخ) لكن أقدمها طريق اللازورد وقد تم إحضار قطع الحجر وصنع في سورية بأشكال من الحلي المختلفة وكانت وسيلة النقل آنذاك ظهور الحيوانات ومن الكتابة الأبجدية التي وجدت في أوغاريت، رقيم من أوغاريت وهو قاموس بثلاث لغات وتدور فكرة القاموس على ترجمة المفردات وبيان ما يقابلها باللغات الأخرى، وهذا القاموس أكبر دليل على اهتمام سورية بالثقافة والتواصل مع الآخرين كما عرضنا قطعاً أثرية من الشرق القديم كُتب عليها أسماء فراعنة مصريين وتدل على العلاقات العميقة بين الفينيقيين وبلاد ما بين النهرين، إضافة إلى قطع أثرية من الكتابة الهيروغليفية للحثيين الذين عاشوا في شمال سورية وهناك قطع أثرية ميسينية تعود إلى حوض قبرص، وكل هذه القطع تدل على أن مملكة أوغاريت كانت مملكة من بين ممالك كبرى وهي متقدمة ثقافياً وحضارياً.. وعلى هامش حديثها تحدثت عن أهمية موقع أوغاريت فهو موقع دولي متميز ارتبط بصلات قوية مع مختلف الممالك الكبرى حوله، أما العصور الكلاسيكية فعرضنا منها تماثيل للآلهة الرومانية والآلهة اليونانية آلهة الحب والجمال وفينوس وقبلها افروديت وعشتار.
ويوجد سرج وأوانٍ أفريقية تعود إلى العصر الروماني وتماثيل للامبراطور سبتوميسو فيسر إفريقي الأصل، والذي أصبح امبراطوراً وتزوج من جوليا دومينا وأنجب كركلا الذي أصبح امبراطوراًأيضاً، وتحدثت السيدة مؤذن أيضاً عن الدور السياسي الكبير الذي لعبه في العصر الروماني وكان لرب لنور دور سياسي وديني كبير في المنطقة السورية.
وتوجد أيضاً قطع نقدية لفيليب العربي وكان له دور فعال في المملكة الرومانية.. وهناك آثار من تدمر وهي منطقة حدودية بين الفارسية والرومانية ومن المعروف أن تدمر لعبت دور توازن عالمي.
كما عرضنا لوحة الجمل والحصان وكانا أداة الوصول إلى العالم من خلال القوافل التجارية وقد وجد مدفن تدمري في انكلترا دلالة على المكانة التي حققتها مملكة تدمر.
وفي نهاية حديثنا تكلمت عن اللقى الأثرية المعروضة والمأخوذة من العصور الإسلامية وقد عنيت بالدرجة الأولى بتطور النقد أي النقد الساساني وقد كُتب عليه عبارات عربية وإسلامية مثل بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله، كما عرض قطع نقود لأول أمير يضع اسمه وهو الحجاج بن يوسف الثقفي وهذا يدل على قوة الدولة الإسلامية، كما توجد قطع تعكس الشعارات الخاصة بكل أمير أو كل رجل له مكانة خاصة وقد أخذت هذه الفكرة عن الأسر النبيلة في أوروبا فلكل أسرة نبيلة شعار خاص ونقلت هذه العادة إلى العصر المملوكي.
ومن الأشياء الملفتة للنظر أيضاً قطع الصيني والتي تدل على استيراد هذه القطع غالية الثمن وتدل أيضاً على اهتمام أجدادنا بتحف الصيني و(الشيني) وقد درجت هذه العادة فأصبحت هذه القطع شيئاً أساسياً ضمن جهاز العروس تعود إلى القرن الرابع عشر أي اقدم القطع.
أما على صعيد المخطوطات فتطرقت السيدة المؤذن إلى المخطوطات التي اهتمت بشكل خاص بالحرف العربي فعرضت مخطوطات من تركيا وإيران وباكستان والهند تهتم بكيفية تعلم الحرف العربي وتدل في الوقت ذاته على المكانة الفنية والمدارس الفنية الموجودة مثل مخطوطة تركية للقرآن الكريم مذهبة ومزخرفة ومخطوطة فارسية للشاعر الحافظ الشيرازي.
ورأت السيدة المؤذن أن هذا المعرض يتمتع بمكانة خاصة ولاقى صدىً واسعاً لدى الأوساط الثقافية والمهتمين والمتخصصين بعالم الآثار لا سيما المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو، الذي كان سعيداً جداً بهذه اللقى التي تدل على عمق العلاقات بين الحضارات والتماسك الاجتماعي وتدل في الوقت نفسه على مكانة سورية كنقطة تواصل بين مختلف الحضارات فهذا المعرض تأكيد على التقارب بين الحضارات وليس صراع الحضارات.
مِلده شويكاني - البعث ميديا
المصدر: http://www.albaathmedia.sy/index.php?option=com_content&view=article&id=...

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك