هايجن ورؤية ثقافية لتغيير المجتمعات النامية..

تامر البطراوي 

 

في الفترة التي ظهر فيها الإتجاه البارسونزي للحداثة (1951) كان الأمريكي "إفريت هايجن" 1906 - 1993 (Everett Hagen) يعمل مستشارًا اقتصاديا للحكومة الإتحادية لبورما (1951-1953) وعند عودته عام 1953 للولايات المتحدة لينضم لأعضاء هيئة التدريس بمعهد ماستشوستس (والذي أصبح أستاذًا للتنمية الإقتصادية بها بعد ذلك) كان يدور لديه تساؤل مُلح عند عودته يبحث عن إجابة دقيقه حوله ، مفاده أنه بالرغم من تحمس من قام بالعمل معهم من المسؤلين بالدول النامية ورغبتهم الشديدة في التغيير وتحقيق التنمية الإقتصادية لماذا لم يتمكنوا من استخدام الموارد المتاحة لديهم على وجه أكثر كفاءة وفاعلية؟ ، لقد ظلت هذه المسألة تدور في ذهنه ولمدة عامين يحاول وضع إجابة دقيقة لها ، وفي عام 1956 كرس مجهوده لوضع إجابة علمية على تساؤل محدد وهو لماذا بعض المجتمعات المتخلفة تكون أسرع في دخول مرحلة التقدم الإقتصادي والحداثة من مجتمعات أخرى؟ ، وقد حاول هايجن الإجابة على ذلك التساؤل من خلال عدة أبحاث ابتدئها ببحث بعنوان "عملية التنمية الإقتصادية" نشره عام 1957 (Everett , The Process of Economic Development, 1957) ، وبحث بعنوان "السكان والنمو الإقتصادي" نشره عام 1959 (Everett ، Population and Economic Growth، 1959) ، وفي عام 1962 أصدر كتابه المتوسع حول نفس الموضوع بعنوان "حول نظرية التغيير الإجتماعي: كيف يبدأ النمو الإقتصادي؟" (On the Theory of Social Change: How Economic Growth Begins) لقد توصل هايجن خلال أعماله البحثيه وعلى خلاف السائد آنذاك أن إشكالية النمو الإقتصادي بالدول النامية ترجع وبشكل بسيط للعقبات الإقتصادية ونقص المعلومات ، وأن العقبة الرئيسية في تحقيق النمو الإقتصادي والتقدم بتلك المجتمعات ترتبط بالبنية الفكرية والثقافية والسلوكية (Everett , 1962) فالشخصية النمطية التي توجد في المجتمعات التقليدية هي شخصية غير خلاقة وتميل للتسلط ، في حين تستدعي التنمية بروز الفرد الخلاق الذي يتميز بطاقة للإنجاز والاستقلالية والإنضباط وعدم الشغف بالتسلط (بلقاسم، التنمية والتغير في نسق القيم الاجتماعية، 2011، صفحة 98) ، لقد اعتبر هيغن أن عملية التغيير الإجتماعي الثقافي ستكون التحدي الأكبر تجاه تلك المجتمعات لأنها عملية مرهقة وشاقة جدًا ، فهي ترتبط بتنشئة الفرد منذ الطفولة داخل تركيبة مغايرة للمجتمع من حيث سلوك الأسرة والبيئة الإجتماعية لتغيير النمط الثقافي التقليدي للتركيبة الفكرية للفرد وتغيير نظرته لنفسه بأن يُصبح ذو طموح وأن يكتسب الثقة في النفس وتتغير نظرته لغيره باحترام الآخرين وألا ينظر لغيره نظرة دونية.

المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=536628

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك