قيم الصداقة في مواجهة الكراهية والتطرف

إبراهيم غرايبة

 

لا تتشكل المواجهة الثقافية والاجتماعية مع الكراهية والتطرف على نحو معزول عن حالة المجتمعات والثقافة بعامة، بمعنى أن المجتمعات لا يمكن أن تكون قادرة على المواجهة، إذا لم تكن على مستوى متقدم من الاستقلال والتماسك، وبالطبع فإن المجتمعات المتقدمة يمكن أن تنزلق إلى التطرف والكراهية، ولكن يظل التقدم الاجتماعي شرطا أساسيا، وإن لم يكن كافيا للمواجهة.

وتمثل الصداقة مؤشرا اجتماعيا وأخلاقيا جمعيا وفرديا يستدل به على حالة التقدم الاجتماعي أو الهشاشة والقابلية للكراهية، .. ويبدو واضحا أن قيم الصداقة ومعناها تتناقض مع الكراهية، فهي مستمدة من قيم قبول الآخرين والسعي لاكتساب ثقتهم وتعاونهم، وهي بطبيعة الحال تعني محبة الناس ومساعدتهم وتمني الخير لهم والتخلص من الكراهية والعداء.

وفي اللغة، فإن الصداقة من الصدق والمودة، ويرتبط بها القرب والمناجاة والوفاء، وفي لسان العرب هو صديق لأنه صادق في النصح والمودة[1] وفي القرآن الكريم جاء الصديق في منزلة الأقارب المقربين "لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ . لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا . فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً. كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"[2] وينكر على أولئك الكارهين الذين يفرحون بالمصيبة وينسون الصداقة "كأن لم تكن بينكم وبينه مودة"[3]

والواقع أن الهدي الإسلامي والتراث العربي والإسلامي يضع للصداقة اعتباراً كبيراً وأهمية تجعل الصداقة في مرتبة القرابة والنسب، وفي كتب التراث مساحات واسعة عن الصداقة، مثل أبي حامد الغزالي في إحياء علوم الدين وبداية الهداية، وابن المقفع في "الأدب الكبير" وابن مسكويه في "تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق" والسهروردي في "آداب المريدين" وأبي حيان التوحيدي في "الصداقة والصديق" والماوردي في "أدب الدنيا والدين".

يقول الشاعر الجاهلي لبيد بن ربيعة:

وقولا هو المرء الذي ليس جاره مضاعا ولا خان الصديق ولا غدر[4]

ويقول المتنبي:

شر البلاد مكان لا صديق به     وشر ما يكسب الإنسان ما يصم[5]

والصداقة من ضرورات الحياة وبخاصة في المدينة، سواء في بعدها الفضيل المستقل عن المصالح، أو في فضاء الزمالة والعمل والمهن والجيرة، أو في فضاء الحب بين الرجال النساء أو في الأخوة والأمومة والأبوة والقرابة، ثم هي مصدر الإنسان للقدرة على العيش في المجتمع واكتساب الدعم والانتماء والمشاركة.

تحتاج الصداقة إلى مهارات وشروط فردية وجماعية، وهي وإن كانت ليست صعبة، فإنها تحتاج إلى تدريب واستحضار؛ إذ يخلط الناس بين الصداقة والزمالة، وتحمّل الصداقة بقيم ومصالح ليست جزءا منها؛ فالمصالح المتبادلة بين الناس، وإن كانت ضرورية أو مفيدة فلا علاقة لها بالصداقة سواء وجودها أو نفيها، وتربط أيضا باحتياجات يومية أو عابرة مثل الرفقة، ويحسبها البعض صداقة، فهي أيضا وإن كانت جيدة لكنها ليست جزءا من الصداقة، وإن كانت الزمالة والجيرة والرفقة والمصالح يمكن أن تتطور إلى صداقة.

والحال أن الناس وبخاصة في المدن في حاجة إلى منظومة علاقات يجب تمييزها عن الصداقة؛ الزمالة في العمل والمهن والمصالح والجماعات والنقابات والأحزاب، والقرابة، والجيرة، والعلاقات اليومية المنتظمة أو العابرة في السوق والمصالح والهوايات، مثل العلاقة بين الزبون والبائع، أو رفقة السفر أو الحياة اليومية، وهي بالطبع علاقات ضرورية أو مفيدة، ولكنها ليست "صداقة".

الصداقة مستمدة من تطلعات الإنسان للارتقاء بنفسه روحيا، أو البحث عن المعنى والجدوى في الحياة، أو تلبية الاحتياجات الجمالية في الحياة والتمدن، ولذلك فإن الأصدقاء يجمع بينهم اتجاهات وأفكار وأعمال مرتبطة بسعيهم المشترك للارتقاء بأنفسهم أو أعمال تطوعية لا مصلحة مباشرة فيها سوى خدمة الأفراد والمجتمعات بلا مقابل، أو برامج وأفكار ومشاركات ثقافية وفنية وجمالية، سواء كانت عفوية ويومية مثل تبادل المعرفة في الشأن العام والثقافي والحياتي، أو المشاركة المنظمة في الثقافة والفنون والموسيقى والكتابة والإبداع، أو رفاق مجالس المدن التي تعقد في البيوت أو المقاهي للتلاقي والحوار وتبادل المعرفة والأحاديث المفيدة، أو التسلية ... وربما يكون إضافة الرياضة كمصدر روحي للمشاركة والصداقة، ولكني متردد بسبب ما أصاب الرياضة من تحولات خارجة عن فكرتها المنشئة.

والصداقة وإن كانت تدور أو تنشأ حول قيمة تبدو مثالية أو غير مادية، فإنها ليست بالضرورة مثالية، ستكون الصداقة أجمل وأوثق بالطبع كلما اقتربت من الكمال ولكن ذلك ليس شرطا إلا بالقدر الذي يخلّ بجوهرها، الشرط الأساسي للصداقة أنها تدور حول قيم واحتياجات معنوية غير مادية، وهي قيم وإن كانت ضرورية للمدن والتمدن، فإنها ليست مرتبطة بالضرورة بالاحتياجات الأساسية واليومية.

ويمكن في المساحة المتاحة الإشارة إلى مجموعة من الشروط التي تجعل الصداقة حقيقية وفاعلة، مثل الوفاء والديمومة، والعفوية بلا تكلف، والكرم العملي، والتسامح، والصدق، والاستماع والتفاعل، والإمتاع والمؤانسة، والمشاركة مع الاحتفاظ بالفردية والخصوصية.

وتمثل الصداقة أحد مؤشرات التمدن وقدرة أهلها على الارتقاء بحياتهم، وحماية أنفسهم من الخواء والعزلة، ولكن الصداقة تمثل جزءا قليلا من حياة الناس وأوقاتهم، والجزء الأكبر منها تستهلكه العلاقات الاجتماعية والمهنية في العمل والجيرة والمناسبات واللقاءات، وتتطور هذه العلاقات في أحيان كثيرة إلى صداقات شخصية وعائلية تتجاوز الزمالة والرفقة، ولكنها في حدها العام المتوسط تحقق للناس قدرة على العمل المشترك وبناء علاقات اجتماعية ومهنية ضرورية للحياة والعمل، وفي ذلك فإنه لا يمكن اختيارها أو تجنبها، فهي تتشكل في فضاءات لا يختارها الشخص بنفسه، ويظل في حاجتها اجتماعيا وعمليا، ويؤدي التفريط بها إلى خسائر وتضحيات شخصية ومهنية.

وهنا يكون ثمة ضرورة وحاجة لملاحظة التمدن العام في العلاقات الاجتماعية والسلوك، وأن تساهم المدن والمدارس ووسائل الإعلام والتواصل في بناء قيم التمدن التي تساعد أهل المدينة على العمل والعيش معا، ويمكن في اللقاءات اليومية وفي اجتماعات العمل ملاحظة أنماط عدة من السلوك التي تلحق ضررا بالعمل والعلاقات، وتغمر الناس بمشاعر وطاقات سلبية تجعله يشعر بالضيق والرغبة في عدم المشاركة العامة والاجتماعية، .. وهي أيضا مؤشرات على الأزمة النفسية والاجتماعية المستدل بها على احتمالات وفرص الكراهية.

وهي صفات مقابلة لشروط الصداقة، فعلاقات العمل والحياة اليومية في المدن ومجالسها والمجتمعات الحديث لا يصلح فيها البخيل أو الشره أو الثرثار الذي يقاطع ولا يصغي أو النرجسي أو المنفصل عن الواقع أو الكاذب أو الكاره أو المتعصب أو الدعيّ أو المهووس، فهؤلاء يحولون المدن ومؤسساتها ومجالسها للعمل ضد نفسها، وتخلو بسببهم من التماسك والتضامن.

وأهل المدن بخاصة ينشئون بالصداقة علاقات ترقى بحياتهم وتمنح المدن الدفء والجمال، وتخفف من قسوة الحياة والعمل، وتعوض غياب علاقات القرابة أو ضعفها، وفي ذلك يكرسون أخلاقا وقيما تعزز رسالة المدينة والإصلاح، مثل الوفاء والكرم العملي والعطاء والتطوع والتسامح والصدق والاستماع والتفاعل والحوار والمشاركة والثقة والفردية .. والإمتاع والمؤانسة.

يربط التراث العربي والإنساني بين العلاقات والعيش المشترك والقيم الناشئة عنها ومنها الصداقة والوفاء والالتزام وحفظ الأسرار، ويرمز لها عادة بالزاد او الخبز والملح، ويوصف من يخون الصداقة والعشرة والحقوق بالواجبات بأنه "يخون الزاد" ويصفون الصداقة والعلاقات الطيبة بأن بيننا "عيش وملح" وفي مجالس العرب يقسمون بالقهوة، باعتبارها رمزا للسلام والمشاركة بين الناس.

وفي التقاليد الإنسانية أن يتناول الشخص من الطعام لقمة واحدة إن كان لا يريد الأكل تعبيرا عن المشاركة والسلام، لأن الامتناع عن تناول الطعام إذا قدم للناس يعني السوء والشر والقتال، وفي القرآن الكريم عندما قدم النبي إبراهيم الطعام "عجل حنيذ"[6] للضيوف وامتنعوا عن تناوله "فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة"[7]، فقد كان الناس عندما ينوون قتال شخص أو قوم يرفضون تناول طعامهم حتى لا يقعوا في الخيانة، أو يضطروا للامتناع عن القتال.

يمثل كتاب "الصداقة من منظور علم النفس"[8] تأليف أسامة أبو سريع، والصادر عن سلسلة عالم المعرفة في الكويت، محاولة عربية مهمة لإدخال الصداقة في محال البحث العلمي المنظم، ويتناول أبو سريع موضوع الصداقة من منظور علم النفس الاجتماعي الذي يحاول اكتشاف قوانين التفاعل بين الشخص وبين الآخر، ومنظور ارتقائي يحاول اكتشاف قوانين السلوك الإنساني عبر مراحل العمر.

إن الشواهد تبين أثر العلاقات الاجتماعية الناجحة في دعم الصحة الجسمية والنفسية للأفراد، مما يجعل قضايا الصداقة مدخلاً مهماً في التنشئة والعمل الاجتماعي، ولذلك فإن أسئلة مثل كيف تبدأ الصداقة الناجحة بين الأفراد؟ وكيف تستمر؟ وما المهارات الاجتماعية اللازمة لاكتساب الأصدقاء؟ وما مظاهر الخلافات التي تقع بين الأصدقاء؟ وما الأساليب الملائمة لفض هذه الخلافات، والحفاظ على الصداقة؟ تبدو قضايا تهم الأسر والمدارس والمربين والمؤسسات وحتى الشركات التجارية، فالإنسان يجد سعادته وتتزايد إنتاجيته في جو الصداقة والألفة والقدرة على التفاهم مع الآخرين.

وتسهم الصداقة في خفض مشاعر الوحدة ودعم المشاعر والانفعالات الإيجابية، مثل المقارنة الاجتماعية، والإفصاح عن الذات، والمساندة الاجتماعية، والمشاركة في الميول والاهتمامات، وتسهم أيضاً في عمليات التنشئة الاجتماعية، مثل العمل الجماعي بروح الفريق الواحد، والاقتداء والتعلم.

والصداقة سلوك يرتقي مع الإنسان ويتطور، فهي في مرحلة الطفولة لعب جماعي، وتعلم وشعور بالأمن، وفي مرحلة المراهقة سلوك اجتماعي ومحاولة للبحث عن دور في الحياة والمجتمع، وفي مرحلة الشباب الباكر ربما تتكون أهم صداقة العمر التي تمتد عادة طوال حياة الإنسان، وتكون أساساً للعمل المشترك والمصاهرة والنشاط الاجتماعي والتطوعي.

ويعزف المرء بعد سن الرشد عن تكوين صداقات جديدة ويظل يحن لصداقته القديمة، وبخاصة أن دوره الاجتماعي يقل كثيراً بعد الزواج والإنجاب وتزايد المسؤوليات والالتزامات في العمل والحياة.

لا تأتي الصداقة بطرق غامضة، أو بالمصادفة ولكنها مهارات وتجارب يستطيع الإنسان صقلها وتنميتها، ليختار أفضل الأصدقاء ويحافظ على صداقته.. وربما تكون الصداقة أهم مورد يمتلكه الإنسان في حياته، وقد تكون ندماً دائماً "يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً"[9] "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين".[10]

الشاعر الأمريكي شارلز هانسون تون له قصيدة جميلة ومؤثرة سأحاول أن أعبر عنها بالعربية، فهو يقول: "لدي صديق أعيش وإياه قريبين في منطقة في هذه المدينة الهائلة بلا حدود، وتمر الأيام والأسابيع قبل أن ألاحظ أن سنة انقضت دون أن أرى وجه صديقي القديم. بسبب هذه الحياة السريعة والمنطلقة بفظاعة. ويعلم صديقي أني أحبه وأعلم أنه يحبني. عندما كان يزورني وأزوره حين كنا فتية، ولكنا اليوم مشغولون، مرهقون. ترهقنا دوامة لعبة سخيفة، ترهقنا لعبة "صناعة الاسم".

قلت لنفسي: غداً سأتصل بجيم. وأؤكد له أني لم أنسه، ولكن غداً جاء ومضى، والمسافات بيننا تزيد وتزيد.

واليوم جاءتني برقية أن جيم قد مات. وهذا ما جنيناه وما نستحقه في النهاية، صديق غائب إلى الأبد"[11]

يكشف "فيسبوك" عن مخزون هائل من العنف وغياب الصداقة الكامن في العقول الباطنة وفي اللاشعور؛ غياب مفزع للتسامح، عجز عن الحوار، ضعف الاستماع، ظنون سيئة، تأويلات لا تخطر على بال، استفزاز وكراهية وزهد في الصداقة وتهافت على الاستعداء..

والحال أن ذلك يجعل المتابع يشعر وكأن نسبة كبيرة من الناس مثل قنابل موقوتة، يمكن أن تنفجر في أية لحظة، من دون توقع، ولا قدرة على تمييز من سينفجر ومن لن ينفجر، ومتى وكيف ينفجر! وأعتقد أن الحقد الذي يكشف عنه الحديث الظاهر أو العقل الباطن، على درجة من الخطورة تحتاج إلى تركيز جماعي، وانتباه لأجل العلاج منه. يقول الروائي (الأفريقي) الأميركي جيمس بولدوين: أدركت أن حياتي مهددة ليس بسبب الظلم الذي يمارسه البيض، ولكن بسبب الحقد الدفين الذي أحمله في قلبي[12]؛ ذلك أن أسوأ ما نصاب به هو الحقد الذي لا يبقي ولا يذر... وأسوأ من ذلك تحول الغضب إلى حقد أو عدم التمييز بين الغضب والحسد؛ فالغضب مورد ثمين لا يجوز أبدا إهداره في مشاعر مرَضية أو أعمال لا تفيد، وبخاصة أولئك الذين اختلط عليهم العمل العام بالحقد والحسد، بدلا من الغضب والمعارضة!

يبدو -وهذه مغامرة اقتراحية- أن اضطراب قيم الصداقة والعمل والعلاقات الاجتماعية وفشلها في مجتمعاتنا أنها تنشأ بعيدا عن أساسها وجذورها المكينة التي تحميها وتخلدها، وهي حب الحياة ..

وعندما تقام معزولة عن ذلك، مجردة من أساس أو على أساس قرابي أو ديني فإنها تكون عرضة للتناقض والاضطراب لأن الدين والقرابة مورد اضافي للحياة والارتقاء بها وليسا أساسيين، الصداقة والثقة والعلاقات تقوم على الحياة، باعتبارها حياة يجب أن تكون جميلة وجديرة أن تعاش، الدين يمكن أن يساعدنا في ذلك ولكن ذلك لا يحدث تلقائيا، والقرابة تساعدنا أيضا ولكنها في المدن تتراجع وتنحسر في أهميتها وقيمتها..

نبدأ بتنظيم وتحسين مواردنا وعلاقاتنا ومؤسساتنا واعمالنا والتشريعات الناظمة لها وثقافتنا وقيمنا على أساس فن الحياة، كيف نعيش حياتنا، كيف تكون أفضل؟ كيف نحسنها باستمرار؟ فننشئ المنظومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمؤسسية في الدولة والمجتمع وفرديا على أساس ما يجعل حياتنا أفضل!

ونحن نتجنب المخاطر والأذى، ونؤدي الاعمال والواجبات الخاصة والعامة والتطوعية ونعيش حياتنا ونمارس هواياتنا وعلاقاتنا من عمل ومصالح وزمالة وصداقة ونلتزم نحو أسرنا وذوينا والمصالح العامة والسلوك الاجتماعي القويم وأسلوب الحياة الجميل ونشارك في الحياة العامة واليومية ونبذل وندخر، بدافع الحب، حب الحياة والذات والناس والأبناء والجمال والخير، الحب المنشئ للمسؤولية والالتزام والاحترام والمعرفة.

حب الحياة قيمة أساسية عليا وحاكمة على الأفكار والسلوك والمنظومة العامة للأفراد والدولة والمجتمع وفي غياب هذه القيمة لا يعود للحياة قيمة، ومن ثم لا يكون إبداع وتقدم، بل وتنشأ العيوب والجرائم والمشكلات والأزمات.

وأخيرا، ففي التراث الشعبي الأردني الصديق هو المستعد لبذل حياته لأجل صديقه إذا احتاج إلى ذلك، ونصف الصديق هو الذي يبذل ماله كله لأجل صديقه، وربع الصديق هو المستعد لبذل نصف ماله.

--------------------------------

[1] مادة صديق في لسان العرب http://www.baheth.info/all.jsp?term=%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82

[2] سورة النور 61

[3] سورة النساء 73

[4] معلقة لبيد http://shamela.ws/browse.php/book-5402/page-38

[5] ديوان المتنبي http://islamport.com/w/adb/Web/754/244.htm

[6] سورة هود 69

[7] سورة هود 70

[8] الصداقة من منظور علم النفس، أسامة أبو سريع، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون، 179

[9] سورة الفرقان 28

[10] سورة الزخرف 67

[11] https://mezirme.wordpress.com/2012/11/23/around-the-corner

[12] جيمس بالدوين/ أعلنوا مولده فوق الجبل، ترجمة هاني حلمي.

المصدر: http://www.mominoun.com/articles/%D9%82%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D...

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك