الأسئلة الصعبة في المنطقة وتسارع القضايا السياسية

علي الخشيبان

 

المنطقة كلها تتساءل ماالذي يحدث هنا..؟ فلم تعد القضية مجرد جماعات إرهابية أو ثورة شعبية فقط، المنطقة تهدم بيد الإيرانين والأسد والقيادة العراقية الطائفية وبمساعدة مشروطة من الغرب ومساعدة مفتوحة من روسيا، هذا التسارع كما يبدو واضحاً تهيئة جديدة للمنطقة لتحول منتظر ومعد مسبقاً.

***

خلال الفترة الماضية حدث تحول كبير في الصورة السياسية في المنطقة، وهذا التحول يشبه إلى حد كبير النمو المفرط للأزمة في اتجاهات متعددة، فخلال فترة ماضية ظلت صور الأزمة السورية والعراقية واليمينة ذات وتيرة واحدة، ولكن فجأة حدثت الكثير من التحولات الهائلة التي أربكت المشهد السياسي في المنطقة؛ تقارب روسي تركي، تشكيل مجلس سياسي في اليمن، اعتداءات على الحدود السعودية بأسلحة إيرانية، تحضير إيراني عراقي أمريكي للهجوم على داعش المحتملة، سماح إيران لروسيا باستخدام قواعدها العسكرية للهجوم على سورية، تصعيد إيراني لتسييس الشعائر الدينية، مواجهة شرسة في حلب لاختبار توازن القوى وتقوية مفتعلة للثوار من جانب الغرب، كل هذا يطرح أسئلة منطقية حول ما الذي يحدث وماذا تعني هذه المنعطفات المهمة في المنطقة؟.

المنطقة كلها تتساءل ماالذي يحدث هنا..؟ فلم تعد القضية مجرد جماعات إرهابية أو ثورة شعبية فقط، المنطقة تهدم بيد الإيرانين والأسد والقيادة العراقية الطائفية وبمساعدة مشروطة من الغرب ومساعدة مفتوحة من روسيا، هذا التسارع كما يبدو واضحاً تهيئة جديدة للمنطقة لتحول منتظر ومعد مسبقاً، فهناك نوايا لإعادة رسم جغرافية تشمل العراق وسورية تحديدا، وكل ما يجري أو سمح له ان يجري على الأرض ماهو إلا حلقة مهمة من حلقات التغيير المتوقعة وهذا يطرح سؤالا عن الدور الإيراني في إعادة تشكيل المنطقة وفق أسس طائفية وما يمكن أن يتحقق كنتيجة طبيعية لمثل هذا التقسيم، فالتقسيم الطائفي وخلق تكوينات طائفية ذات مساحات جغرافية سكانياً أشد خطراً من التقسيم السياسي الذي ينتج دولا مستقلة.

جميع الاحتمالات مطروحة في المنطقة ومن سينجح أولا سيتم تنفيذه، هكذا تقول المؤشرات فكل مايجري على الأرض ليس صراعا تلقائيا بل هو صراع مفتعل تدار اتجاهاته بحسب النتيجة المطلوبة، والسؤال المهم يقول ما الذي يمكن عمله عربيا وشرق اوسطياً..؟ وهل يجب على القيادات العربية ان تضع شعوبها أمام الصورة بأكملها..؟.

الأزمة معقدة جدا فالطائفية حريق دائم للمنطقة كما هي عبر التاريخ، والتقسيم السياسي ضعف دائم لشعوب المنطقة، فتجربة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى تركت نزفا عربيا منذ مئة عام عندما ابرمت اتفاقية (سايكس وبيكو)، وهاهي اليوم تتوج بخروج الطفل السورى (عمران) عبر تاريخ هذه الاتفاقية، فعمران السوري الذي ولد بعد الأزمة السورية يخرج الى العالم والتاريخ في منظر دموي مخيف: فهل عمران ضحية التاريخ أم ضحية المؤامرة أم ضحية الطائفية أم ضحية الإرهاب أم ضحية السياسة والمصالح. "هل الغرب يخطط لتدمير الشرق الأوسط وهل الغرب يساعد إيران لفعل ذلك وزرع الطائفية بين شعوب المنطقة..؟، هل أمريكا وروسيا وأوربا تتناحر في المنطقة من أجل مصالحها دون تخطيط، وهل ساهم الإرهاب الذي ربط باسم الإسلام بافتعال هذه الأزمات..؟ وماهو المستقبل وماهو المطلوب من القيادات العربية"؟.

أسئلة مقلقة ولكنها واقعية فلا يمكن ان يكون مايجري في، سورية والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية، يحدث بمحض الصدفة ولا يمكن ان يكون اختيار الإرهاب والطائفية كمشروعات سياسية في المنطقة بمحض الصدفة، ولا يمكن أن تزرع إيران مليشياتها في، لبنان والعراق وسورية واليمن، وتصول وتجول بلا حسيب أو رقيب، لا يمكن أن يكون ذلك بمحض الصدفة.

كل ذلك يطرح سؤالا مهماً يقول: هل يمكن ان ينتج مشروع سياسي عربي قادر على مواجهة هذه التحولات أم أن القضية محسومة ويصعب مواجهتها؟، كل هذه الاحتمالات مطروحة وخاصة ان المؤشرات أصبحت تأخذ الكثير من دول العالم العربي الى فرضية الأمن القومي والداخلي الذي أصبح مهدداً في كثير من الدول ومناطق العالم العربي، لم يعد الحديث عن الحرب والتحليل السياسي لمجريات المعارك يفسر الأهداف العظمى لهذه الحروب والتحولات التي تحدث في المنطقة، فالأفق السياسي في المنطقة يكشف عن صورة مختلفة يتحدث عنها العالم كله ولكننا نحن في عالمنا العربي لا نفعل ذلك، ليكون السؤال التالي: هل يجب على الشعوب العربية الإيمان بأن صورة المنطقة الجديدة غير قابلة للنقاش وانها سوف تحدث قريبا او بعد حين.. وأن تقسيمات جغرافية سوف تولد من خلالها دول وتقسيمات طائفية سوف تنتج من خلالها صراعات..؟.

الحقيقة ذات العلاقة الطردية التي يجب أن ندركها في المنطقة أن الأزمة السورية، وانهيار العملية السياسية في العراق تحديداً تقول "انه كلما زادت تعقيدات الأزمة السورية والعراقية كلما كانت فكرة تقسيم هاتين الدولتين أقرب كوجهة نظر غربية مدعومة من إيران وبعض القوى في المنطقة، فهل يمكن أن يحدث ذلك..؟، وخاصة ان الكثير من المقالات السياسية التي طرحت في مراكز البحوث تحدثت ولو بشكل متقطع عن هذه الفرضية ليكون السؤال التالي: هل العالم العربي بمكوناته الحالية قادر سياسياً وعسكرياً على منع او حتى تأجيل مثل هذا السيناريو..؟.

تدفقات الحلول غير الناجحة في الأزمتين السورية والعراقية أسهمت بشكل تلقائي وتدريجي نحو مزيد من التعقيدات، ولكن المتغير الرئيس والثابت في هاتين الأزمتين هو إيران التي دفعت بالطائفية بشكل كبير منذ بداية ثورتها قبل حوالي أربعة عقود، فهل يمكن حل الأزمتين العراقية والسورية من خلال مشورع عربي تكون إيران طرفاً فيه..؟، هذه الفرضية يتم طرحها بل هي جزء من عقيدة الرئيس الأمريكي أوباما، ولكن هذه الفرضية تفتقد حقيقة الى أن أزمة إيران مع المنطقة ليست أزمة مصالح استراتيجية، أزمة ايران مع المنطقة أيديولوجية تاريخية لا يمكن إخضاعها للمبادئ التي تقوم عليها الحوارات المرتبطة بالمصالح الاستراتيجية، على الجانب الآخر الغرب وخصوصاً أمريكا وروسيا لديهم مصالح لا يمكن تحقيقها بتوافق أطراف النزاع في المنطقة وهذه هي الفرضية الأكثر إيلاماً بين ثنايا كل التحليلات السياسية الغربية والشرقية.

المصدر: http://www.alriyadh.com/1527775

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك