تعليم العبرة بالنهايات

فهد الطياش

 

تتسارع الثقافة الرقمية في حياتنا اليومية، وهي في حياة الطلاب اسرع. فكل طالب يشارك الآخرين ما يعرف عن التقنية وبرامجها الجديدة في ممارسة اسرع وابلغ من الدروس النظامية. وهذا يجعلنا أمام ظاهرة جديدة ومهمة في منظومة التعليم تتعلق بالابداع الرقمي للشباب. فلغة العصر تقوم على تزاوج تقنية الاتصال مع الابداع الاعلامي لكل مستخدم لم تكن له فرصة الابداع عبر وسائل الإعلام التقليدية.

ولعل مجال المدارس والتعليم يعطي مساحات كبرى للمنافسة بين شبابنا مع التعزيز بمكافأة المتميز منهم. فتقنية التواصل الاجتاماعي التي هي الأخرى وليدة الثقافة الرقمية لهذا العصر خلقت لنا نجوما لم نكن نعلم عنهم من قبل.

بل وخلقت وستستمر في خلق وظائف جديدة وجاذبة من حيث المتعة والمردود المادي والمعنوي.

ولقد لفت نظري هذا الاسبوع خبر قيام طالبتين سعوديتين بتصميم فكرة برنامج المقصف المدرسي. وهي بالاضافة لبساطة الفكرة مهمة في بعدها الإنساني لتسهيل حصول الطلاب والطالبات من أهل الاحتياج دون حرج من زملائهم. وهي تحدد طبيعة الطلبات سلفا لتعد بوقت كاف وبأسماء او ارقام يسهل متابعتها.

المهم في الموضوع هو لماذا نجد ان إبداع الطلاب يحوم حول الخدمات وليس جوهر العملية التعليمية؟ ولذا اطرح سؤال بناء المحتوى المعرفي على نفسي وطلابي وكيف يمكنا بناء هذا المحتوى من زاوية طلابية؟

فواقع الثقافة الرقمية يكشف لنا يوما بعد الآخر عن ان مشاركة الطلاب في صناعة المحتوى ترسخ المعلومة في الأذهان. فمنذ ايام المشاركة في الصحف الحائطية الى زمن المشاركة في الصحف المدرسية الرقمية والفكرة لم تتغير. من يصنع المحتوى يصنع الاهتمام به وربما الاستمرار فيه.

ولنا في النماذج العالمية حكمة قد تكون هي جزءا من ضالتنا الرقمية وتتلخص في " التعليم بالنهايات".

وتتلخص الفكرة في ان تكون مفردات ما يراد تحقيقه واضحة منذ البداية مع دور واضح للطالب في إثبات تلك المعطيات المطلوبة. وهنا تتغير ملامح المدارس لنجد ان طلابنا يتنافسون في تقنيات اعلى من المقاصف المدرسية الى فتح آفاق استشرافية قد لا تخطر لنا على البال. فالتقنية الحديثة وما يرتبط معها من سبل انتاج قد يكون ابسطها الطابعات ثلاثية الابعاد ستفتح لنا الافاق في مجال العلوم. وهناك مثلا من يفتخر "بهاكر سعودي" اخترق موقعا لمحطة تلفزيونية معادية ونحن نحتاج عقليته في فعل ايجابي نحو إنتاج محتوى وطني مميز لا التفاخر بحجب موقع معاد لنا فقط. فرسالتنا ومواقفنا تجعلنا نفتخر بما نفعل ولا نخشى من فحوى تلك الحملات المضللة التي تمارسها وسائل إعلام أفلست أو يملأ قلوب من يعمل فيها ويديرها الحقد على التميز السعودي في زمن فوضى ما يسمى بالخريف العربي!

بعض النماذج العالمية وضعت منظومة مشاركات طلابية جماعية يتم تطويرها على المستوى المدرسي وتتنافس على المستوى الوطني في التميز وتمثل البلاد. ولكن الاصل هو في العمل الجماعي. فلو افترضنا أن يكون لدينا في العام الدراسي ما لايقل عن 26 مشروع تميز رقمي ما بين الطلاب والطالبات ويتم تحقيق جوائز من القطاع الخاص لكل مجال لرأينا المنافسة المحلية.

فلو ضربنا المثل بعدد الأفكار التي يمكن أن تطرح بشكل مدرسي للمناطق ويتم التنافس على تسويق وتمويل الافكار في ملتقى لتسويق الافكار الإبداعية السعودية لوجدنا أن الساحة ستكبر وتنضج بشكل اسرع، بل وستجعل القطاع الخاص امام مسرح جاذب على المنافسة والتمويل، فالشباب قدرة شرائية لا يستهان بها. فلو تنافس طلابنا في مسابقات لأفكار أمنية مثل مواجهة التطرف وكشف العقول المغرر بها أو وطنية مثل "عيش السعودية" كبداية لأنجزنا الكثير وبشكل تراكمي.

المهم هو أن يكون تعليمنا قائما على العبرة بالنهايات التي يحققها الطالب وليس يمتحن ليفشل فيها، فنظام التعليم الطارد قد ولى وتعليم الفرص هو المستقبل ويترك عملية التصفية والغربلة لسوق العمل؛ ولأن الأصل في عالمنا الرقمي أن نكتشف ونؤسس لوظائف جديدة فلتكن هي من عبر نهايات التعليم ايضاً.

المصدر: http://www.alriyadh.com/1526318

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك