جائزة نوبل في الطريق؟

 

د. مَعين بن جنيد

    قبل 100 سنة تنبأت معادلات النظرية النسبية العامة لأينشتاين بوجود نوع خاص من الموجات يسمى: موجات الجاذبية. وقد ظل علماء الفيزياء وما زالوا يبحثون عن تلك الموجات دون جدوى! ولكن، خلال الأيام القادمة -حسب مصادر فيزيائية- قد يتم الإعلان عن رصد موجات الجاذبية مباشرة في الأرض ولأول مرة. وإذا تأكد الخبر وصح الادعاء، سيفوز عدد من العلماء بجائزة نوبل للفيزياء لهذا العام أو العام القادم.

مثلما تنتشر الموجات في البركة الراكدة إذا رميت فيها حصاة، فإن نظرية أينشتاين تتنبأ بأن الأجسام -كالأجرام السماوية- تطلق موجات الجاذبية إذا تحركت بطرق خاصة، كأن يدور نجمان أحدهما حول الآخر. وتنتشر موجات الجاذبية في الفراغ، فتضغط الفضاء نفسه وتمده في الأماكن التي تمر بها. فلو افترضنا أن موجات الجاذبية قوية بما فيه الكفاية فإن مرورها في مكان به كرة قدم -مثلا- سيؤدي إلى انبعاج وتفلطح الكرة، ثم تعود الكرة كما كانت بعد أن تتجاوزها تلك الموجات. إنه سحر العلوم!

غير أن موجات الجاذبية ضعيفة جدا ولا يكاد يكون لها أي تأثير. كنسمة الهواء الخفيفة، تعرف أنها مرت إذا رأيت النار تتراقص فجأة، أو ورقة المنديل تهتز. ولن تعرف أنها مرت إذا كنت تنظر في صخرة إذ لن تهز فيها شيئا.

القضية أكثر تعقيدا من ذلك بمراحل.

إن صعوبة الكشف عن موجات الجاذبية تتطلب من الفيزيائيين ابتكار أجهزة وبرامج ووسائل تكلف مليارات الريالات. وهذا ما حدث. ففي عام 1992م، بدأ التخطيط في أميركا لبناء تجربة اسمها اختزالا هو LIGO، ومهمتها هي رصد موجات الجاذبية القادمة إلى الأرض من الكون. وفي عام 2002م بدأت التجربة في العمل، وعلى الرغم من الجهد الشاق الذي بذله الباحثون والفنيون والطلاب على مدى 13 عاما، لم ترصد التجربة شيئا!

لم تؤد تلك النتائج السلبية إلى توقف الصرف على التجربة النوبلية المستوى (نسبة لجائزة نوبل)، بل رُصدت أموال إضافية لترقيتها، وهذا ما حصل عام 2015م. وبعد الترقية، بدأت الشائعات في الوسط الفيزيائي تنتشر -ابتداء من الشهر الماضي- بأنه تم أخيرا رصد موجات الجاذبية.

ويُقال إنها ناتجة عن ثقبين أسودين كانا يدوران أحدهما حول الآخر، ثم اندمجا في ثقب أسود جديد، ما أدى إلى انطلاق موجات الجاذبية في الفضاء حتى مرت بالأرض، و"ليزرات" تجربة LIGO فأحدثت فيها اضطرابا معلنا عن الاكتشاف.

لكن! سبق وأن ادعت تجربة أخرى ومختلفة قبل عامين عن اكتشاف نوع من موجات الجاذبية، وما لبثت المراجعات العلمية أن بينت خطأ الادعاء. وكنت قد كتبت عنها تدوينة بعنوان "آثار في خريطة الكون"؛ لذلك ينبغي أن ننتظر لنرى إن صدق الخبر المتعلق بتجربة LIGO أم لا. وإذا كان صحيحا، فعلينا أن ننتظر لحين أن يُعترَف بالاكتشاف في الوسط العلمي.

إذا صح الخبر وتأكد الاكتشاف، فستكون جائزة نوبل بانتظار قادة التجربة. وسينشأ عصر جديد في الفيزياء والفلك، وهو عصر رصد الكون من خلال موجات الجاذبية. وذلك يا سادة من "أنواع الحماس"! فترقبوا!

*تنبيه:

في المقال السابق المعنون "حساب سرعة الضوء في القرآن" وفيما يتعلق بالادعاء حول حساب سرعة الضوء في القرآن، فإن طريقتي الحسابية في تفنيد الادعاء ستكون في مدونتي: physlad.com.

http://www.alriyadh.com/1127322

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك