من يحاكم من؟

 

يوسف القبلان

    قضايا وجرائم دولية بعضها منظور في المحاكم، وبعضها في ملف النسيان أو مقيد ضد مجهول. بعض القضايا يكون القاضي فيها هو الخصم والحكم.

بعضها واضح، وبعضها يتحول الى لغز بفعل فاعل. بعضها يبت فيها بسرعة، وبعضها تدخل متاهات المماطلة. بعضها يوجد فيها متهم، وأخرى تتلف الأدلة التي تقود للمتهم. بعضها يقال فيها (المتهم بريء حتى تثبت ادانته) وأخرى تعلن فيها الادانة على الأبرياء!

قابل ما سبق بالعناوين التالية: غزو العراق، اغتيال الحريري، تسمم ياسر عرفات، جرائم اسرائيل في فلسطين - وقد انضمت فلسطين في عام 2015 الى عضوية محكمة الجنايات الدولية -، المأساة الإنسانية في سورية وما نتج عنها من قتل وتشريد على يد النظام السوري. أما الإرهابي (داعش) فهو المجرم الهارب الذي تلاحقه كل الدول العظمى ولم تستطع القضاء عليه أو إحضاره الى المحكمة!

تطرح حول محكمة الجنايات الدولية أسئلة حول المصداقية، والمعايير التي بموجبها يتم احالة القضايا الى المحكمة، ومدى سيطرة الدول الكبرى في مجلس الأمن في التوجه الى المحكمة عندما يتفق ذلك مع مصالحها السياسية. أميركا التي تحاكم الاتحاد الدولي لكرة القدم بتهم الفساد المالي، تعرب عن (قلقها) فقط إزاء تسليح إيران لحزب الله الذي يختطف لبنان لمصلحة نظام إيران الإرهابي.

روسيا التي تساند بطش النظام السوري تملك حق الفيتو في مجلس الأمن، فمن يحاكمها؟ بريطانيا تعترف بخطأ غزو العراق، أسلحة الدمار الشامل تلك الكذبة الكبرى التي فرشت الطريق لغزو العراق وتسليمه الى ايران التي أشعلت فيه الحرب الطائفية من أجل فرض سيطرتها.

من يحاكم من؟ أميركا التي تدافع عن جرائم اسرائيل بسلاح الفيتو في مجلس الأمن! ثم ترفع الصوت تطالب العالم باحترام حقوق الإنسان.

إيران الحاضنة للإرهاب، التي تنشر الكراهية، وتغذي الطائفية، وتشعل الحروب داخل الدول العربية، من يحاكمها؟

إن ما يشهده العالم هو ضياع الحقوق أمام سطوة القوة. تغيب العدالة في حضرة المصالح السياسية.. تطول محاكمة قتلة الحريري حتى تقيد ضد مجهول! يوضع ملف غزو العراق في أرشيف التاريخ! ويصبح الحديث عن حقوق فلسطين خروجاً عن النص!

بعد ما تقدم من أمثلة محدودة جدا، اليكم اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية: متابعة الأفراد المتهمين ب:

- جرائم الإبادة الجماعية، وتعني حسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية إهلاكا كليا أو جزئيا.

- الجرائم ضد الإنسانية، وهي أي فعل من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في نظام روما، إذا ارتكب بشكل منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد والنقل القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق.

- جرائم الحرب، وتعني كل الخروقات المرتكبة بحق اتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي.

ويمكن للمحكمة أن تنظر بقضايا أشخاص متهمين بارتكاب هذه الجرائم مباشرة، أو آخرين لديهم مسؤولية غير مباشرة فيها، كالمسؤولية عن الإعداد أو التخطيط، أو مسؤولية التغطية عنها، أو مسؤولية التشجيع عليها.

هل أصبحت الدول العظمى عاجزة عن محاكمة المجرمين، أم أصبحت المحكمة الجنائية الدولية عاجزة عن محاكمة الدول العظمى؟

من يحاكم من؟

http://www.alriyadh.com/1123753

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك