"مرض" الشهرة والوجاهة الاجتماعية

"مرض" الشهرة والوجاهة الاجتماعية يدفع بكثيرين نحو شراء حرف "الدال" بأي طريقة وثمن!

«النزاهة العلمية».. تزوير الشهادات وسرقة الأبحاث «فساد بلا عقاب»!

المشاركون أكدوا ضرورة تعزيز قيم النزاهة في المؤسسات التعليمية وسنّ أنظمة تجرّم الفساد العلمي بكل أشكاله

أدار الندوة- محمد الغني

    أفرزت ظاهرة التدافع الكبير من أفراد المجتمع نحو الدراسات العليا لمجرد الترف والوجاهة الاجتماعية ونحو ذلك دون مراعاة حاجة سوق العمل لتخصصات محددة أو مدى قدرة السوق على استيعاب هذا الكم الهائل من حملة الدراسات العليا إلى نشوء العديد من الإفرازات الخطيرة في مجال التعليم لعل أبرزها "الفساد العلمي"، هذا الفساد الذي لم يترك مجالا إلا وأطل فيه بوجهه القبيح، إذ إنه لم يعد مقتصراً فقط على المشاريع الخدمية والمجالات التي فيها ضخ أموال وحسب بل دخل وبقوة لمجال التعليم مشكلاً خلايا سرطانية تستوجب التحرك العاجل لاستئصالها عبر سن أنظمة وتشريعات صارمة تتصدى للصوص والأبحاث والشهادات والسرقات العلمية والأدبية قبل استفحالها، لأن تفاقم المشكلة في مؤسسات التعليم يمس سلوك جيل كامل قد ينشأ على ممارسات خاطئة انعكاساتها لاحصر لها.

"هوس" الحصول على شهادة الدكتوراه بأي شكل وبأي طريقة مرض لا يمكن تجاهله داخل مجتمعنا ويتصدر القائمة شخصيات معروفة اجتماعيا ولدى جهات الاختصاص قوائم بالآلاف من هؤلاء، وحتى يصلوا إلى مبتغاهم وهو حرف"الدال" قبل أسمائهم سلكوا أسهل الطرق ضاربين بالنزاهة العلمية والأدبية والفكرية والأخلاقية عرض الحائط فظهرت لنا الشهادات المزورة والوهمية ودكاكين بيع الشهادات ورسائل الدكتوراه من الألف إلى الياء والمؤتمرات غير المعترف بها بل أصبح هنالك خدمات توصيل الرسالة إلى المنزل، والقائمة تمتد إلى السرقات الأدبية وممارسات مراكز الأبحاث ومراكز خدمات الطلاب غير الأخلاقية وغير ذلك.

الظاهرة تتطلب تشريعات صارمة لتجريم ممارسات ضعاف النفوس وتعزيز «القيم» داخل مؤسسات التعليم

"ندوة الثلاثاء" تناقش لهذا الأسبوع قضية وطنية كبرى هي "النزاهة العلمية والأدبية" في مجال الأبحاث والشهادات والمؤلفات التي يفترض فيمن يمارسها أن يكون أكثر "نزاهة" والتزاماً بالقيم الأخلاقية من غيره، والانعكاسات الخطيرة لمثل الممارسات على المؤسسات العلمية وعلى المجتمع ككل..

ممارسات مختلفة

في البداية تحدث "د. عبدالله العبدالقادر" عن واقع الممارسة العلمية في مؤسسات التعليم العالي، وكذلك البحث العلمي والأدبي قائلاً: إن النزاهة العلمية تُعد سلوكاً قبل أن يكون مبدأ يحتذى، أو يُطلب تطبيقه في التعليم العام أو العالي، وكلمة نزاهة هي عكس للفساد، وعكس لكل ما هو جيد ومرغوب في المجتمع، مضيفاً أن الفساد له أشكال وألوان، وممارسات مختلفة مثل الفساد المالي والاقتصادي والسياسي، والاجتماعي، وغيرها من الممارسات الخاطئة، مبيناً أنه عندما نتحدث عن الجامعة والتعليم الجامعي فإننا نتحدث عن موضوع مهم جداً وهو بناء رأس المال البشري في المجتمع، وكذلك بناء العقول والمستقبل، مبيناً أنه إذا أُسس هذا البناء على الفساد في التعليم أو البيئة التعليمية فنحن نصنع قواعد غير صالحة للمنافسة، وكذلك نصنع قواعد من الشباب أو من الجيل القادم لديه فكرة خاطئة عن التعليم وعن الممارسة الجيدة في البحث والتقصي، بل وفي الحصول على المعلومة، وكذلك في إبراز الجهد، مشيراً إلى أنه تاريخياً نجد أن الفساد موجود قبل أن يخلق الإنسان، وان أول تهمة وجهت للإنسان حتى قبل خلقه هو أن يكون فاسداً، والدليل الآية الكريمة في سورة البقرة، عندما أراد ربك أن يجعل خليفة في الأرض: "إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسك الدماء"، لذلك هذا السلوك البشري المنحرف هو متأصل في طبيعة الإنسان، لكن التعليم والسلوك الحسن والحضارة عكس هذا السلوك.

تنقية المجتمع

د. العبدالقادر: ثقافة «أبوريالين» وصلت للبحث العلمي.. ويجب أن نقرّ بوجود «فساد» في التعليم!

وأوضح "د. عبدالله العبدالقادر" أنه عندما نأتي للنزاهة العلمية بمعناها الدقيق، فهي سلوك يجب أن يكون نابعاً من داخل الإنسان، وأن ما يفعله من تجربة لا يمكن أن يغش فيها، وكذلك الاحالة على بحث خارجي لا يزور فيه، والنقل غير الأمين والمبتور وغير ذي صلة بالموضوع لا يعتد به، متسائلاً: كيف نؤصل هذا السلوك؟ وكيف تصل إلى مرحلة من النضج في المجتمع بحيث يصبح هذا السلوك متأصلاً لدى الباحثين ولدى الشباب؟ مضيفاً أن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بحكم اهتمامها بهذا المجال وبالشراكة مع المجتمع طرحت هذه الفكرة، وهناك ممارسات خاطئة، ولا بد أن نكون واضحين وصرحاء مع أنفسنا، وأن نطرحها بكل وضوح وشفافية وعدالة، نعم هناك فساد في التعليم على جميع الأصعدة "إلاّ من رحم ربي"، على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمعات داخلها وخارجها، مشيرا إلى أن جامعة الإمام استشعرت هذه المسألة، وهو داء يقوّض بنيان التعليم في المملكة، وأرادت أن تطرح هذا الموضوع، مع دعوة المختصين والمهتمين للحديث عنه.

وأشار إلى أن "نزاهة" - الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد - مطالبة بالعمل مع المؤسسات جميعاً، مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الخاصة مثل التعليم لتنقية المجتمع عن كل مظاهر الفساد، لذلك التقت هذه الإرادة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مكافحة هذا الداء العضال، وكذلك رغبة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في التنوير والتوعية ووجدوا أن مجال التعاون سيؤتي ثماره، مطالباً بطرح هذه المواضيع بكل وضوح وشفافية، وأن يدعى لها مختصون، متمنياً الوصول في يوم من الأيام إلى ميثاق شرف مع الجامعة، وقد عمل أعضاء مجلس الشورى بنظام يسمح للكل أن يتحدث عن الشهادات المزورة والشهادات الفاسدة، وكذلك ألاّ تكون هذه المشكلة ظاهرة وأن تكون سلوكاً محدوداً، إلاّ أن الصمت عليها هو الذي يجعلها مشكلة خطيرة.

شهادات مزورة

د. الرويلي: المجتمع مصاب ب«مرض الشهادات».. والسوق لا تستوعب المزيد من حملة الشهادات العليا

وأكد "د. موافق الرويلي" على أنه تحدثت كثيراً عن هذا الموضوع، ولا يُريد تكرار نفسه كثيراً، مضيفاً: "أول ما دخلت مجلس الشورى كان معنا "د. عبدالله العبدالقادر" وبعض الزملاء، ومن خلال تجربتنا الأولى استغربت أن بعض الأعضاء في الشورى طرحوا لوزارة التعليم قضية الشهادات الوهمية، وقد أثارني هذا الموضوع، خاصةً أنني أتيت وفي ذهني بعض المؤشرات عن هذه المشكلة، حيث كنت أعمل في بداية حياتي في البنك، وكنت أرى بعض الشهادات الغريبة من بعض المتقدمين للعمل وبعض هؤلاء المتقدمين موظفون داخل البنك أو خارج البنك، وبعضهم مستجد، ولم أعط هذا الأمر كثير الاهتمام، لكن عندما تحدث "د. القرشي" ومعه بعض الأعضاء وهم لديهم تجربة سابقة، هنا غيّرت رأيي في قضية الشهادات، وبدأت أجمع المعلومات لمدة ثمانية أشهر ووجدت أموراً كبيرة ما يزيد على سبعة آلاف اسم لديهم شهادات محلية، وشهادات من الخارج"، مبيناً أن ما أثار انتباهه من هذا الموضوع ليست الأرقام وأعداد الشهادات ولكن كيف تسللت إلينا؟ وما هي دواعي ذلك؟، ذاكراً أن سبب ذلك هو وجود أرض خصبة لدينا من حيث سهولة الحصول على العمل، والحرص على المكانة الاجتماعية بأن يصبح الشخص صحفياً ماهراً أو كاتباً مبدعاً أو محامياً قوياً، خاصةً أن هناك شهادات فيها مشكلات مهولة وبالذات المحامين - حسب قوله -، مشيراً إلى أن هناك من دخل إلى التعليم خاصةً الأهلي وهو يضم شهادات مزورة، متأسفاً أن هناك مدير مجمع تعليم (ابتدائي، متوسط، ثانوي) يعمل بشهادة مزورة، ونحن الآباء ندفع لتعليم أبنائنا في هذه المدارس مبالغ كبيرة ربما تصل إلى (25) ألف ريال!

مواجهة المشكلة

وأوضح "د. موافق الرويلي" أنهم بحثوا مع الزملاء في مجلس الشورى قضية تزوير الشهادات، لكن بعض الأعضاء اعترضوا على أن بعض الشهادات المحررة لا تنطبق عليها معايير التزوير، إلاّ أنهم خرجوا بعد ذلك بمشروع نظام أُطلق عليه الشهادات الوهمية، ووافق عليها المجلس بموافقة مبدئية من لجنة البحث العلمي الذي درس المشكلة، وبالتالي خرجت اللجنة بقرار إنشاء المركز الوطني لمعادلة الشهادات، مضيفاً أنه تمت إعادة الموضوع لمجلس الشورى، وقد وجد تأييداً كبيراً بل ضرب رقماً قياسياً في الموافقة، ولم يمتنع عن التصويت سوى ثلاثة أعضاء، مؤكداً أن الملاحظ في العالم الغربي ان ليس لديه أي مانع بأخذ الشهادات لكن لديه نظام قاس، فإذا اتضح أنك محام ولديك شهادة وهمية أو طبيب ومهندس ولديك شهادة وهمية تعمل بها فإن ذلك قد يكلفك حياتك كلها، لافتاً إلى أن الموضوع خرج من مجلس الشورى بعد عامين ونصف، وبعد جلستين في الدورة الحالية.

مكاتب الخدمات

وعن دور الجامعات في هذا الجانب، وكذلك تعاونها مع الناشرين مباشرة، ومع الإدارة العامة لحقوق المؤلف في وزارة الثقافة والإعلام قال "د. فهد العسكر": أود أن أبدأ من حيث انتهى "د. موافق الرويلي"، إذ أن الجامعات في الغالب محمية من الشهادات الوهمية تحديداً، لكنها ليست محمية من آثار الفساد العلمي، مع التأكيد أنه ثمة تداخل بين الفساد والأخطاء المهنية، فهناك أخطاء في الجامعات في الممارسة المهنية؛ لأن كل منظمة تمارس أعمالاً مهنية سواء الجامعات أو غيرها، ولهذه الأعمال سماتها وأطرها وأنظمتها، وبالتالي هناك خيط رفيع بين الفساد والخطأ المهني؛ لأن الخطأ المهني إذا تم دون تمعن في تبعاته يمكن أن يُعد فساداً، مضيفاً أن الأخطاء المهنية التي قد لا يكون عضو هيئة التدريس مسؤولاً عنها مسؤولية مباشرة، وفي ذات الوقت قد يكون مسؤولاً عنها لكن قد يكون معذوراً في ظل ظروف معينة، خاصةً إذا نظرنا استغلال مكاتب الخدمات بانتاج البحوث للطلاب، مبيناً أن المصيبة اليوم ليست في البحوث الطلابية وإنما في رسائل الماجستير والدكتوراه، والكوارث الأكبر منها هي المؤلفات بأسماء أعلام، وحدثت فيها إشكالات كبرى وقد اطلع البعض عليها وبعضها تم إيجاد حلول لها دون أن يصل إليها الإعلام، وكذلك مشاكل عديدة تتعلق بالتنازع على حقوق ملكية فكرية بين عدد من الأعلام، موضحاً أنه لو اطلع عليها الإعلام لصارت كارثة بين مشايخ وباحثين كنا نحسبهم أسماء علمية كبيرة وهم يتنازعون الآن على حقوق الملكية الفكرية في مؤلف من المؤلفات، متسائلاً: هل يعد ذلك فساداً أم خطأ مهنيا؟ فالمعروف أن كثيراً من هؤلاء المشايخ والباحثين لديهم مكاتب تعمل تحت إمرتهم دون أن يمارسوا فيها عملهم بشكل مباشر، فمن يضمن نزاهة مثل هؤلاء الباحثين؟ ومن يضمن كذلك عدالتهم؟ لأنه قد تقع في يد أحد الباحثين معلومات بحكم وظيفتهم، لكن من يضمن مراجعته لهذه المعلومات، وربما يكون هؤلاء الباحثون قد عملوا مع العديد من العلماء، لذلك أصبح اليوم لدينا عدد من النماذج البحثية المطروحة التي وصلت إلى الإعلام وأمام لجنة الفصل في وزارة الثقافة والإعلام وبعضها للأسف لم تصل إلى لجنة الفصل ولكنها تثار في المجالس، خاصةً الرسائل والبحوث التي تتم كتابتها عن طريق مكاتب الخدمات.

د. العسكر: البحث عن الثراء والشهرة هاجس الكثيرين وجامعاتنا ليست محميّة من آثار الفساد العلمي

هدر الحقوق

وفيما يتعلق بالإجراء الذي يتم عند اكتشاف شبهة سواء في رسالة الماجستير أو رسالة الدكتوراه، أكد "د. فهد العسكر" على أنه في حال الاكتشاف أو الادعاء بوجود فساد أو انتهاك لحقوق الملكية الفكرية، فهناك لجان يتم تشكيلها وقرارات تصدر لكنها لا تعلن؛ لأن النظام لا يسمح بذلك، مضيفاً أن التشهير عقوبة في حد ذاتها إلاّ أنهم لا يلجؤون إليها؛ لأن النظام لا ينص على ذلك، مبيناً أنهم أمام أنظمة ولوائح، وصحيح أنها بحاجة إلى مراجعة وتطوير إلاّ أن المشكلة في كيفية القضاء على هذه الحالة، حيث اكتشفوا عدة حالات لانتهاك حقوق الملكية الفكرية سواء على صعيد إنتاج بحوث وتقديمها بأسماء أُناس، أو على صعيد هدر حقوق المؤلفين الذين يتعبون في تأليف هذه الكتب ثم تباع في المكتبات على شكل مذكرات مصورة وهكذا، ذاكراً أنه على سبيل المثال هناك كتاب له كان يدرس في الجامعات السعودية وخارج المملكة، حصل من خلاله على مبلغ خمسة آلاف ريال، وقد صدر منذ عام 1419ه، وإلى عام 1426ه لم يتقاض سوى ذلك المبلغ؛ لأنه مهدور وتم تصويره في شكل مذكرات وموجود على شبكة الانترنت، متسائلاً: من يشتريه بعد ذلك؟

معادلة الشهادات

وعن دور وزارة التعليم في مكافحة الشهادات الوهمية، وكذلك معادلة الشهادات التي تأتي من خارج المملكة، أوضح "د. عبدالله القحطاني" أن وزارة التعليم تعي وتدرك أن هنالك اشكالات تطال كثيراً من الشهادات سواء المحلية او الخارجية، وذلك منذ عام 1397ه، حيث صدر قرار مجلس الوزراء بتكليف الوزارة بمعادلة الشهادات التي تصدر خارج المملكة، ومنذ ذلك التاريخ شكلت لجنة تسمى لجنة معادلة الشهادات، التي تُعد لجنة وطنية عليا تتولى هذا الدور منذ ذلك الوقت إلى هذا اليوم، مضيفاً أن هذه اللجنة ليست نمطية، وإنما كانت فعلاً تواكب الحدث، لذلك عند انطلاق برنامج الابتعاث وتزايد أعداد الطلاب كماً وكيفاً كانوا يبعثون الطلاب إلى دول محددة مثل امريكا وكندا وبريطانيا، ثم جاء برنامج الابتعاث الذي انتقل إلى أقصى الحدود الشرقية للكرة الأرضية في نيوزيلاندا واستراليا وكندا مروراً بأوروبا وآسيا وحتى القارة الهندية، وبالتالي ألقى عبئاً كبيراً على لجنة معادلة الشهادات بأن تدرس هذه الأنظمة التعليمية، وأن تختار أفضل الجامعات في كل بلد من تلك البلدان، وأن تضع ما يسمى بقائمة الجامعات الموصى بها وهي قائمة موجودة على الموقع الالكتروني للوزارة، وهي مرجعية لجميع الطلاب ولأولياء أمورهم ولبعض قطاعات الابتعاث سواء الحكومية أو الخاصة، مبيناً أن اللجنة تطورت من واحدة حتى أصبحت اليوم عشر لجان متخصصة، طبية، صحية، علوم هندسية، حاسب، معلوماتية، علوم قانونية وادارية، علوم مالية، علوم إنسانية، وآداب، علوم أساسية وتطبيقية، مشيراً إلى أن هذه اللجان تجتمع وبشكل أسبوعي وبلا توقف، وحتى خلال الاجازة الصيفية، نظراً لوجود توسع هائل لأعداد المبتعثين، ففي عام 1429ه، عندما تشرف بالتكليف مديراً لهذه الإدارة كان عدد المعادلات التي تصدر حوالي (2500) معادلة، أما العام الماضي 1435ه فقد أصدروا أكثر من (15) ألف قرار معادلة، وهذا يعكس الانفتاح الكبير في برنامج الابتعاث للخارج.

د. القحطاني: نتعاون مع أجهزة الدولة ضد حملة الشهادات المزوّرة ولكن معظم من نضبطهم لم يعاقبوا!

جامعات وهمية

وأكد "د. عبدالله القحطاني" أن وزارة التعليم تتابع من يروّج لجامعات وهمية أو جامعات رديئة المستوى، مضيفاً أنه خلال خمسة أعوام الماضية تم إغلاق أكثر من (400) مكتب ومؤسسة ومركز تدريب كانت جميعها تروج إمّا لجامعات وهمية أو جامعات ضعيفة المستوى غير موصى بها، مبيناً أن وزارة التعليم لا تستطيع إغلاق تلك المكاتب لكنهم يتواصلون مع وزارة الداخلية والتجارة والإعلام لمنع إعلاناتها في الصحف، مؤكداً أنه اليوم من النادر جداً أن نرى إعلاناً عن هذا الموضوع، ذاكراً أنه بعد استخدام تويتر تجاوزوا القدرة على المنع، مشيراً إلى أنهم حالياً يعملون على جانبين الأول: من خلال التوعية وطرح قوائم الجامعات الموصى بها على الموقع الالكتروني، وكذلك وضع نظام آلي للمعادلة وتسهيل طريقتها، والجانب الآخر هو المكافحة عن طريق المتابعة والاغلاق، موضحاً أنهم سعوا حالياً وبجهود من الإخوة في مجلس الشورى لوضع نظام لمعاقبة من يروج للشهادات الوهمية ومن يحملها، لكن في الحقيقة نجد أن الطريق "بيروقراطي" وطويل ويصطدم بكثير من العقبات النظامية والقانونية.

وأضاف: نود طمأنة الجميع أن المركز الذي سعى إليه الإخوة في مجلس الشورى سعت كذلك الوزارة على إنشائه، على أن يكون تحت مسمى هيئة توثيق الشهادات ومعادلتها، حيث صدرت فيه توصية من مجلس التعليم العالي السابق ورفعت الى المقام السامي، ثم رفعت إلى هيئة الخبراء، ثم أحيلت إلى اللجنة العليا للتنظيم الاداري، وقد أخذت طريقها إلى الجهات العليا قبل أسابيع لاعتماده، ذاكراً أنه خوّل المركز باقتراح الأنظمة التي تعالج المشكلة، موضحاً أنهم يعملون مع جهات استشارية قانونية لوضع اللوائح التي يمكن أن تحد من هذه الظاهرة، وينتظرون هذا المركز الذي سيكون قناة لمعالجة الموضوع من جذوره.

توعية المجتمع

د. النافع: المشكلة عالمية.. وتأخرنا كثيراً في علاجها والإنترنت كشفت أبعادها

وقال "د. عبداللطيف النافع": ان المقصود بالنزاهة العلمية هو غياب التلفيق والتزوير والانتحال، متأسفاً أن كثيراً من أساتذة الجامعات والطلاب لا يعلمون أنهم يخلون بالنزاهة العلمية، مشيراً إلى أنه كان في بلد عربي وألقى محاضرة عن النزاهة العلمية بحضور عدد من الطلاب وأساتذة الجامعات، وبعد المحاضرة قال له بعض الأساتذة والطلاب انك تتحدث عن أشياء لا ندري عنها! ذاكراً مثالاً على ذلك فلو حرفتم حديثه فإن ذلك يُعد اقتباساً غير متعمد لكنه إخلال بالأمانة العلمية.

وأضاف: الانتحال لا أقصد به أن الدكتور الفلاني كتب شيئاً وأنا أنقله دون الإشارة إليه، لكن الاقتباس غير المتعمد هو أن أذكر أن الدكتور الفلاني قال ذلك لكنني شوّهت وحرّفت الكلام الذي ذكره لي، مبيناً أن "الفرزدق" كان يخل بالأمانة العلمية، وكذلك الشاعر "المتنبي" أُتهم و"شكسبير"، مُشدداً على أهمية توعية المجتمع بالنزاهة العلمية ولا يقتصر الأمر فقط على أساتذة الجامعات والطلاب.

سبقتنا الدول

وأوضح "د. عبداللطيف النافع" أنه بعد ظهور الانترنت بدأنا نكتشف عدم النزاهة العلمية، والآن عندما يكتب أحدكم مقالة فأنا أستطيع أخذ جملة منها وأضعها في موقع مجاني، وسأكتشف من أين تم اقتباس المقال؟ بل إن كثيراً من التغريدات التي تقرأونها معظمها مسروقة، مضيفاً أن الأستاذ والطالب وكثيراً من أفراد المجتمع لا يعرفون ما هي النزاهة العلمية؟ وأنه بعد ظهور "الانترنت" استطعنا اكتشاف ذلك، وهذا دليل على أننا تأخرنا كثيراً في معالجة هذا الموضوع، وحينما نتابع هذا الامر دوليا نجد أن سنغافورة وصلت إلى المؤتمر الرابع في هذا الجانب، وكذلك بريطانيا وصلت الى المؤتمر السادس عن النزاهة العلمية؛ لأنهم يعقدون المؤتمر في كل عام، لافتاً إلى أن الجامعات البريطانية بعد أن استشعرت المشكلة عقدت مؤتمراً أسموه: "الحرب على غوغل"، وتوصلوا إلى أن الذي ينقل ثلاث جمل متوالية يُعد مخلاً بالنزاهة العلمية.

دور التقنية

وحول تأثير التقنية الحديثة على النزاهة العلمية سواء بالإيجاب أو السلب، أكد "د. عبداللطيف النافع" على أن التقنية ساهمت في تعزيز الحالتين، وعلى سبيل المثال هناك طالب في مجال "الدكتوراه" قدم له بحثاً، وعندما جاء في المحاضرة التالية قلت لهم: "إن هناك بعض الطلاب يكتبون أبحاثهم في أحد مراكز خدمات الطالب"، فقالوا: "كيف عرفت؟"؛ لأنه لو ذهب إلى خصائص الملف لعرف من هو صاحب "الكمبيوتر"، مضيفاً: "في مرة ثانية جاءني أحد طلاب الدكتوراه وقدم لي بحثاً، وقلت له يا فلان إنك ناقل البحث من المهندس الكوم، قال لي كيف عرفت ذلك؟"، لذا فوسائل التقنية تُعد سلاحاً ذا حدين، فهي تساعد الطالب أن ينقل، لكنها في ذات الوقت تساعدنا أن نكتشفه بسهولة، لافتاً إلى أنه باستطاعتك أخذ مقال لأحد الكتاب ووضعه في "الانترنت" وعندها ستكتشف أنه مقتبس من مقال آخر؛ لأن هناك برنامج يجعلك أن تكتب مقالة ومن ثم ترسلها عن طريق "الإيميل" يظل محفوظاً لسنوات، وإذا جاء شخص لينقل منها يتضح من خلال هذا البرنامج أن فلاناً نقل من هذا المقالة، بل ويتم تحديد اسم الناقل، ذاكراً أنه في بريطانيا اكتشفوا أن بعض الرسائل التي كتبت في الشمال كتبت في الجنوب، فما الذي ساعدهم على ذلك؟ بلا شك ساعدتهم تلك البرامج، مؤكداً أن التقنية ساعدت كثيرا في الاخلال بالأمانة العلمية، بل وساعدت أكثر في حماية الأمانة العلمية.

الشهرة والثراء!

وتداخل "د. فهد العسكر" قائلاً: هناك سؤال يطرح نفسه لماذا قبلتوهم في "الدكتوراه"؟ مضيفاً أن من أهم الأسباب التي أدت إلى شيوع المخالفات المتعلقة بالنزاهة العلمية هي كثرة هذه الأعداد في المراحل الدراسية المختلفة، خاصةً في الدراسات العليا؛ لأننا دائماً نقول ان الطالب في المراحل الجامعية يتلقى المعرفة، وفي مرحلة "الماجستير" ينقدها، وفي مرحلة "الدكتوراه" يعيد انتاجها، ونحن لم نستطع أن نوجد البيئة التعليمية التي تمكن الطالب من أن يصل إلى ذلك؛ أي لم نستطع إعادة إنتاج المعرفة في مرحلة "الدكتوراه" بمعرفة أصيلة مبتكرة، مبيناً أن ضعف تأهيل بعض أساتذنا من ناحية، ولزيادة أعداد الطلاب، ولضعف آليات الرقابة والتأكد والتحقق، ساهمت في ذلك مع الأسف، ذاكراً أننا نجد اليوم الجميع يحلم بالشهرة والثراء، حيث أصبح هاجساً كبيراً للناس، مما أدى إلى دخول الآلاف في مجال التعليم الموازي الجامعي، ففي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعلى الرغم أن الدولة لم تعد تدفع إلاّ في ستة تخصصات إلاّ أنه تقدم إلى رسالة الماجستير حوالي (13) ألف طالب، كل ذلك يعود الى التفكير في الشهرة والثراء، مشيرا إلى أن كثيراً من الناس يقعون في الإخلال بالأمانة العلمية لكنهم لا يعلمون ذلك، وينتظرون حتى يقع الفأس في الرأس.

تنشئة وتعليم

وأكد "د. عبدالله عبدالقادر" ان الهدف من المنتدى الذي يُعقد هذا اليوم حول هذا الموضوع هو تسليط الضوء على الظاهرة السلبية في المجتمع، مُشدداً على ضرورة رفع مستوى الفهم لأهمية النزاهة العلمية والوعي بها لدى الطلبة، متسائلاً: كيف أخلق مجتمعاً وبيئة علمية نزيهة والطالب يرى أستاذه يمارس الغش؟ أو أستاذ يشجع طلابه على الحصول على بحث منتحل؟ وقد يسمع الطالب أن جاره أو ابن عمه وغيرهما حصلوا على "ماجستير" و"دكتوراه" وهو يعلم أن هذه الشهادات غير صحيحة، مبيناً أنه لا بد من إيجاد بيئة فيها نزاهة التعليم، حيث هناك فرق بين نزاهة بيئة التعليم وفي تعليم النزاهة، وقد حرصنا في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد على إدخال مفردات في مناهج التعليم تحث على النزاهة والسلوك القويم والتعامل الجيد، ذاكراً أن أول الحلول في هذا الشأن هي التنشئة والتعليم والتثقيف والتوعية والإعلام، ومن ثم ننتقل الى تطبيق العقوبات الرادعة، حتى يستطيع المجتمع أخذ زمام المبادرة من أجل الحد من السرقات العلمية في البحوث، حيث نجد أن هناك فرقا بين شخص يحصل على شهادة ويعلقها في بيئته، وبين شخص يحصل على شهادة يستخدمها للحصول على مركز اجتماعي، وهذا يكون قد تعدى على الحق العام، كذلك لا بد من العمل على محاربة النسخ من "الانترنت"، إلاّ أن هناك أدوات علمية وبرامج تقنية سهّلت من عملية الكشف.

وأشار إلى أن الجامعات التي تحترم ذاتها خارج المملكة نجد فيها الأستاذ لا يقبل البحث إلاّ بعد اخضاع البحث إلى برنامج محدد من أجل التأكد من البحث، هل هو منتحل؟ أم فيه بعض العبارات الملفقة؟ أم فيه تزوير معين؟ لذلك فإن الدول المتقدمة تستخدم "التكنولوجيا" للكشف على السلوك غير القويم، مؤكداً أن الجهات العلمية مثل الجامعات ومراكز الأبحاث نجد فيها خطرا كبيرا جداً إذا خرج منها بحث أو دراسة نتج عنه قرار استثماري أو قرار بناء مشروع اقتصادي أو اجتماعي، لكنه مبني على معلومات مزورة ومنتحلة، فهنا يكمن الخلل الكبير، لذلك لا بد من حماية المجتمع من هذه الظاهرة.

ثقافة أبو ريالين!

وأوضح "د. عبدالله عبدالقادر" أنهم في هيئة مكافحة الفساد إذا تعدى الفساد من الفردي إلى المؤسسي أي أصبح الأمر متعلقاً بالشأن العام، هنا تتدخل الهيئة لتثقف من يمارس هذا السلوك الخاطئ، مضيفاً أنه يجب علينا وعلى جميع القطاعات إثارة هذه المشكلة، وقد أشار أحد الزملاء الى أن هناك دولاً عقدت أكثر من ستة مؤتمرات لهذه القضية، نسبةً لاهميته، مبيناً أن هذا أول منتدى يعقد لهذا الموضوع في المملكة، حتى يرتدع من يفكر استغلال هذه الفقرة، متأسفاً أننا أصبحنا مجتمعا ساد فيه ثقافة "أبو ريالين"، رخيص سريع يمكن استخدامه، مما يؤكد على أن لدينا غشا في المواد الكهربائية وفي الملابس وبعض الأدوات المنزلية وكذلك في البحث العلمي.

تجريم المخالف

وعن وجود تشريعات وأنظمة تعزز النزاهة العلمية، قال "د. عبدالله العبدالقادر": إذا كان هناك تزوير وتم استخدام المحرر المزور هنا يكون الشخص دخل تحت مظلة الاستخدام الخاطئ، مضيفاً أن عملية التجريم تتم عن طريق هيئة التحقيق والادعاء العام؛ لأن هناك استخداما لمحرر مزور بطريقة خاطئة يستحق أن يُجرّم، وإذا لم يتم استخدام المحرر المزور هنا يأتي دور الصحافة ودور التوعية، مبيناً أن هناك ما يُعرف بالفساد المؤسسي كبحث قُدّم إلى جهة معينة بموجب عقد وبمبالغ معينة، ثم تم الاكتشاف أن هذا البحث غير صحيح، مضروب مزور، وهنا تتدخل الهيئة؛ لأن الفساد أصبح مؤسسياً إدارياً ومالياً نتج عن سوء عمله، ذاكراً أن الهيئة لديها اهتمام بالجانب التوعوي والتثقيفي؛ لأن حماية النزاهة هي الجناح المكمل لمكافحة الفساد؛ ولأنه إذا وقعت الظاهرة فهناك فساد، لذلك نريد أن نمنعها قبل وقوعها، ومن هنا تحرص الهيئة على أهمية التثقيف، شاكراً جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ووزارة التعليم وكل الجهات المشاركة في المنتدى؛ لأن هذا الموضوع يجب أن يشبع بحثاً، مؤكداً على أن لديهم الاستعداد للعمل مع الجهات الأخرى في هذا الموضوع.

وأشار إلى أن لديهم الآن برنامج بسيط، يتعلق بإيجاد "أندية نزاهة"، حيث تم إنشاء (30) ناديا في جميع جامعات المملكة، بحيث يتم تنشئة شباب الجامعة على شيء اسمه نزاهة، سواء في البحث أو العمل أو السلوك أو التعامل مع الآخرين، ذاكراً أن نزاهة تمنعني من الذهاب إلى مراكز خدمة الطالب لشراء بحث وأضع عليه اسمي ومن ثم تقديمه إلى الأستاذ، فهذا عمل غير نزيه، مُشدداً على أن المطلوب المنع ثم التثقيف ثم التجريم إذا تعدى الفعل وأصبح له ضرر على المجتمع.

ذكاء وفهلوة!

وفيما يتعلق بالتجارب الدولية من حيث تعاملها مع هذه الاشكالية سواء في معادلة الشهادات أو الشهادات الوهمية، أكد "د. عبدالله القحطاني" على أنه تم الاطلاع على كثير من التجارب الدولية، وبكل صراحة أن تلك التجارب قد تكون أقل بكثير مما هو لدينا، سواء من حيث الأنظمة أو من حيث الآليات التي تستخدمها في المملكة، وأضرب لكم مثالاً بلجنة معادلة الشهادات، فقد استضفنا "النالك" وهي هيئة متخصصة في معادلة الشهادات في أوروبا بشكل عام، وتسمى في بريطانيا "الويكي نالك"، وفي فرنسا تسمى ب"الفنش نالك"، وقد سبق أن زرنا هذه الهيئة ثم استضفناها ووجدوا أننا نزيد في المعايير مما زاد استغرابهم، مضيفاً: "نحن في معادلة الشهادات نتأكد أولاً من الجامعات التي صدرت منها؛ لأنهم لا يفعلون ذلك مُطلقاً، بل يطلعون على الأصل فقط، ونحن نسعى إلى التأكد أن الطالب ذهب إلى بلد الدراسة أم لا، وهم لا يفعلون ذلك، بل كانوا يستغربون من هذا الإجراء ويقولون لنا ما هي علاقتكم بذلك؟"، مبيناً أن لكل بيئة أنظمتها التي تتلاءم معها، متسائلاً: لماذا نجد أنظمتهم متراخية قليلاً؟ أعتقد أن ذلك يعود إلى أسباب عديدة منها التنشئة، وما يحيط بها من البيئة المدرسية والأسرة في المنزل والحي، وأنه بكل صراحة وصدق بيئة تعتبر التحايل نوعاً من الذكاء والفهلوة، وكذلك القدرة على تجاوز الآخرين، وهذه ثقافة مجتمعية موجودة لدينا وأهمها الوصول إلى الهدف عبر الطريق المختصر، كذلك نجد صفة الكذب وعدم الالتزام بالموعد والتأخر، مبيناً أن هيئة نزاهة بالرغم من هذه الأندية التي أقامتها، وجهودها المشكورة، إلاّ أنه يجب أن نركز على التعليم العام وليس على التعليم العالي فقط، لذا يجب أن يكون هناك دور كبير للنزاهة في وضع مناهج التعليم العام، وكذلك غرس مبادئ النجاح والمصداقية والشفافية في مراحل التنشئة، وتوظيف الخطاب الديني في المساجد، إضافةً إلى الخطاب الإعلامي، مشيراً إلى أن التنشئة لها دور كبير.

هيئات مهنية

وأوضح "د. عبدالله القحطاني" أن الأنظمة لديهم كذلك مختلفة عن أنظمتنا حيث لديهم ما يسمى بالهيئات المهنية المتخصصة، والتي بدأت دولتنا الرشيدة في إنشائها حيث هناك هيئة متخصصة للمحامين، وقد سبق أن بدأت الدول بإنشاء هيئة التخصصات الصحية وهيئة المهندسين، وليس دورنا مقتصراً على أن يكون الطالب حصل على شهادة ضعيفة، وإنما المهم الممارسة، إذ لا يجوز للشخص أن يمارس مهنته وهو غير مؤهل، مضيفاً أن دورنا في إدارة المعادلات السعي إلى التأكد من الشهادة ومصدرها، لكننا لا نقرب حامل الشهادة إطلاقاً، لهذا كان دورنا في الماضي ناقصاً، والآن بوجود الهيئات المهنية سنتأكد أن الشهادة صحيحة وليست فيها مشكلة، وأنها تعادل المماثل لها في المملكة، مضيفاً أن الهيئة المهنية تخضع أصحاب هذه الشهادات إلى اختبارات مهنية حتى ترخّص لهم بممارسة المهنة، مبيناً أنه فيما يتعلق بالتجارب الدولية فقد اطلعنا على التجارب الدولية، لكن كثيراً منها تبدو أقل في الضبط عدا في القضايا الخاصة بالتزوير، ذاكراً أن الاجراءات التي تتخذ في الدوائر القضائية مازالت أقل بكثير من طموحاتنا، حيث ان معظم من كشفنا تزويرهم لم يعاقب أحد منهم، لافتاً إلى أن معظم المزورين هم طلاب خريجون جدد، وأحياناً يعود إلينا الشخص ويقول لقد تمت تبرئتي وأطلب منكم معادلة شهادتي، وهي في الأساس شهادة مزورة.

لا تجلدوا أنفسكم

وتداخل "د. عبداللطيف النافع" قائلاً: يجب ألاّ نجلد أنفسنا لأن مثل هذه المشكلة موجودة في أمريكا وبريطانيا، وأن جامعاتها تمنح شهادات لأشخاص من عندها، وإليكم احصائيات حتى تكون أكثر علمية، في دراسة لأكاديمية النزاهة الأميركية اعترف (80%) من طلاب وطالبات أنهم قاموا بالغش لمرة واحدة على الأقل، وفي دراسة مسحية اعترف (36%) من الطلاب والطالبات الجامعيين بالانتحال في المواد المكتوبة، وفي دراسة أخرى مسحية على مستوى أميركا نشرت في مجلة اعترف (54%) من الطلاب بالانتحال من "الانترنت"، واعترف (74%) من الطلاب أنهم قاموا بالغش لمرة واحدة على الأقل خلال العام الماضي، مضيفاً أنه يعتقد (47%) من الطلاب أن المعلمين يتجاهلون من يقومون بالغش من الطلاب، وواحد من كل ثمانية من العلماء في بريطانيا يعني (13%) لاحظ وجود غش في البحوث، ذاكراً أن هناك عالما كوريا وهو عالم الاستنساخ قضى عامين وهو المرجع العالمي وكان يسير في موكب كأنه رئيس دولة، ولكن أنّبه ضميره واعترف، وجاء في مجلة التايمز عنوان "سقوط القدوة"، لذا يجب ألاّ نقلق لأن هذه المشكلة موجودة لديهم.

معاقبة المحال

وتداخل الزميل "عماد العباد" قائلا: في اعتقادي أن المسؤولية تقع على الجميع، والمطلوب أن يتم معاقبة هذه المحال باتباع أسلوب الضرب من حديد، وإغلاقها، وهذا لا يكفي، لكن لا بد منه؛ لأنه لو تم إغلاق محل أو محلين بسبب المخالفات والتزوير في البحوث ستجعل الأخرى تأخذ حذرها، مضيفاً أن هذه العقوبة غير كافية؛ لأن الجامعات تتحمل الدور الأكبر، وإن كان العذر بأنه ليس هناك عدد كاف من أعضاء هيئة التدريس الذين يستطيعون متابعة هذا العدد الهائل من الطلاب، فيمكن التدقيق بشكل عشوائي على هذه البحوث، وإذا ثبت أن الطالب اشترى هذا البحث وأنه لم يكمل جهده يخضع بالتالي إلى عقوبات صارمة جداً، مبيناً أنه في بدايات الدراسات العليا في الجامعات الغربية كانوا يمنحون مدة ثلاثة أسابيع فقط للتدرب على طريقة البحث وكيفية النقل بدقة وعدم أخذ جهد غيرك، وكانوا كذلك يهددون بعقوبات صارمة في حال تم الاكتشاف أن الطالب أخذ جهد غيره، وقد يترتب على ذلك سحب الشهادة تماماً حتى لو بقي لك يوم واحد على التخرج.

بلاغات التزوير

وطرح الزميل "صالح الحماد" سؤالا: هل تلقت نزاهة بلاغات عن وجود أشخاص يحملون شهادات مزورة وهم يعملون في مواقع حكومية مؤثرة؟

وأجاب "د. عبدالله العبدالقادر": نعم، بلاشك جاءتنا بلاغات عن عدة أشخاص سواء يعملون داخل السلك الحكومي أو داخل قطاعات وجمعيات معينة وأمثالها، حيث تتعامل معها الهيئة كأي بلاغ عن فساد معين إذا نتج عنها فساد مالي وإداري، وبالتالي تحال القضية إلى جهات التحقيق، أمّا عن السلوك الفردي فنحن لا نستطيع أن نتدخل، وإذا تبوأ الشخص منصباً أو حصل على عقد نتيجة لهذا السلوك الخاطئ فهنا يحق لنا التدخل.

مؤتمرات وهمية

وحول المؤتمرات الوهمية أكد "د. عبداللطيف النافع" أن بعض مواقع الانترنت تُعلن عن مؤتمر ويأتي إليه العديد من بلدان العالم الثالث، ويحددون جامعة وهمية، ويخصصون بعض الأحيان شقة وتعقد، ثم يمنح للحاضرين شهادات، وهم لا يعلمون أن هذه الجامعات المنظمة للمؤتمرات وهمية، ولا تنشر لهم محاضراتهم.

وعلّق "د. موافق الرويلي": أنا من الأشخاص الذين تتبعوا قضية النزاهة العلمية في نظام وزارة التعليم العالي سابقاً، حيث وجدت أن نظام التعليم العالي سابقاً يخلو من ذلك، مُشدداً على أهمية التأسيس جيداً لمثل هذ المؤتمرات بوضع نصوص وقوانين وأنظمة تدعو إلى النزاهة العلمية، مبيناً أن لدينا في مجتمعاتنا عدة وجوه وأقنعة، وليس هذا فحسب بل نسعى إلى غرسها في أطفالنا في المدارس حيث يتعلمون عدة وجوه!

مدونة الأخلاقيات

وقال "د. فهد العسكر": إن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مهمومة بهذه القضية، ولعل تخصيصها للمنتدى الرابع الشراكة المجتمعية في دورتها الرابعة بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لموضوع النزاهة العلمية لدليل على اهتمام الجامعة بهذا الجانب، وقد أقامت الجامعة قبل ثمانية أعوام أول ندوة على مستوى العالم العربي عن التحكيم العلمي من حيث أسسه ومعاييره وأخلاقياته، وصدر عنها مدونة عن الأخلاقيات، مضيفاً أنه كانت تلك الندوة هي الأولى على مستوى العالم العربي، والثالثة على مستوى العالم كله، مبيناً أنه أنشأت الجامعة كذلك مركزاً اسمه مركز الأخلاقيات العلمية، سيدشن جزء منه - إن شاء الله - من خلال منتدى الشراكة، ومن أهدافه وضع الأنظمة في ضوء أنظمة التعليم، إضافةً إلى وجود قواعد تنفيذية لعدم الإخلال بالنزاهة العلمية، ولضمان عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية فإن الفرد المخالف سيعاقب، لكن قبل أن يعاقب، سيوعى ويثقف، ويدرب، مشيراً إلى أنه سيكون هناك "كورسات" كاملة لطلاب الدراسات العليا ولأعضاء هيئة التدريس عن مفاهيم النزاهة، وعن الشكل الجديد للاختراقات الخاصة بالملكية الفكرية، وسنوجد بيئة تتوفر فيها قدر عال من الضبط.

د. سحر الخشرمي: القضية ستتفاقم ما لم نتصد لها.. ومطالبون بتأسيس النشء على قيم النزاهة

الظاهرة في تفاقم..!

أكدت "د. سحر أحمد الخشرمي"- عضو هيئة تدريس بقسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود وصاحبة "هاشتاق سرقوني" ان قضية السرقات العلمية والتحايلات ستستمر وربما تتفاقم في اوساطنا التعليمية ما لم يتم التحرك الرسمي باتجاه سن انظمة واجراءات صارمة تتعامل معها وبأسرع وقت ممكن، والعمل على تأسيس النشء القادم من طلبة المدارس والجامعات على أسس وقيم النزاهة العلمية.

وقالت في مداخلتها حول الموضوع: "تفشت مع الأسف مؤخرا التحايلات العلمية في الأبحاث العلمية والكتب في العديد من دول العالم، وقد يعود السبب في ذاك الانتشار كما يبدو لسهولة وصول الباحثين وطلبة العلم لاعمال الغير بيسر وسهولة عبر مواقع الانترنت، ولنفس السبب أيضا أصبح من السهل كشف تلك التحايلات وحصرها من خلال برامج الكشف الاليكترونية والتي تحدد نسب الاستلال او الاقتباس الغير مشروعة، وقد اظهرت مؤخرا دراسة أجراها مركز الارشفة الرقمية arXiv pre-print server على الآلاف من الدراسات العلمية التي وردته، تخطي العديد من الدراسات لنسب الاقتباس المتاحة الى حد الاستلال والسرقة لجهود الغير، حيث ينزع البعض للنقل الحرفي لما جاء في ابحاث الغير دون الاشارة حتى لاصحابها، ومن ضمن الدول العربية التي برزت في تقدمها بتلك التحايلات مع الاسف كانت السعودية ومصر والأردن.

وأضافت أن العديد من مواقع البحث والنزاهة العلمية العالمية والمتخصصة بكشف التحايلات العلمية كموقع ريتراكشن واتش Retraction Watch اظهرت العديد من الابحاث العلمية ايضا التي سحبت من النشر واعلنت بذاك الموقع مفصلة بالاسماء وجهات العمل لباحثين سعوديين وعرب واجانب ممن يعملون بجامعات المملكة او مراكزها الصحية، وفي غياب توافر الانظمة والتشريعات التي تجرّم لصوص العلم بالمملكة وتحاسب المقصرين من الباحثين ممن أساءووا لسمعة العلم والتعليم العالي، فقد بادر البعض ايضا من الغيورين على نزاهة العلم بالتصدي لتلك التحايلات والتثقيف بالنزاهة العلمية، ومن بينها "هاشتاق سرقوني" الذي تأسس في موقع التواصل تويتر قبل ٣ سنوات بمبادرة مني، ومؤخرا قام موقع اثكس اند انتغرتي Ethics and Integrity الاوروبي والذي يعمل على التثقيف بالنزاهة العلمية بافتتاح صفحته العربية والتي تم اختياري لاكون احد اعضاء المشرفين عليها.

الوصف: http://s.alriyadh.com/2015/05/05/img/907446777912.jpg

مراكز خدمات الطلاب بلا رقابة..!

حول ضرر مكاتب خدمات الطلاب أكد "د.فهد العسكر" على أن اللوم يقع على الجامعات، إلاّ أن اللوم الأكبر يقع على الجهات الرقابية التي رخصت لهذه المكاتب، وتحديداً وزارة الثقافة والإعلام التي هي معنية بشكل مباشر بالرقابة على هذه الجهات.

وقال: أنا واثق تمام الثقة أنه يصل للجامعات ما يُشير إلى وقوع مخالفات في مكاتب معينة ومعروفة، واللوم هنا على الجامعات من زاوية عدم التدقيق في هذه الأعمال التي تقدم، وقد يرد علينا أساتذة الجامعات بهذه الأعداد الكبيرة التي يتولون تدريسها حيث توجد في القاعة الواحدة حوالي (100- 200) طالب، ويطلب منهم بحوث كجزء من متطلبات أعمال السنة، متسائلاً: كيف يطلب من عضو هيئة التدريس أن يراجع ويدقق في هذه الأبحاث، وهذا الأمر قد لا يلام فيه عضو هيئة التدريس بل يلام فيه الجامعات التي فتحت الباب.

وأضاف: قد تكون هذه الجامعات مضطرة مرة أخرى لفتح هذه الأبواب لاستيعاب أبناء المجتمع لتخليصهم من الضغوط المجتمعية، حيث نجد بعض القاعات الجامعية يجلس فيها من (200- 300) طالب، وبعض المستويات نجد أن لها أكثر من (15) قاعة خاصةً في المستوى الأول الذي قد يضم أكثر من (500) طالب، متسائلاً: من الذي يستطيع أن يصحح ويدقق ويتأكد من أن هذه الأعمال أعدها الطلاب بأنفسهم، سواء كانت بحوثاً أو مشروعات تخرج؟.

وأشار إلى أن هناك سلسلة متكاملة أدت بنا إلى الأخطاء المهنية أو الفساد الذي لا يُقبل، مُشدداً على ضرورة التعاون ووضع الأيدي على مكمن الخلل، مؤكداً على أن فكرة النزاهة تبدأ من الأساس، فإذا كان الأستاذ الجامعي يطلب من الطالب أن يأخذ المقرر من مراكز خدمات الطلاب على شكل مذكرات، فكيف سيكون مستقبل هذا الطالب البحثي، وهل سيكون على مستوى النزاهة وأستاذه يربيه على عكس ذلك؟، ذاكراً أن هذا فساد (100%) لأن في ذلك هدراً لحقوق المؤلفين.

الدراسات العليا حاجة أم ترف..؟

شدّد "د.موافق الرويلي" على أهمية الحد من برامج الدراسات العليا، كذلك يجب أن يكون لدينا شيء من التخطيط؛ لأننا أصبحنا مصابين بمرض الشهادات، بمعنى أنك توظف شخصاً يحمل شهادة "الماجستير" في إدارة الأعمال في مجال "الكاشير" وهذه مصيبة، حيث سيتحطم هذا الموظف ذاتياً، بل إنه سيكون بدون تطلعات.

وقال: السوق لا يستوعب هذا الكم الهائل من حاملي "الماجستير"؛ لأن أي شخص يحمل الشهادة من المفروض أن يكون باحثاً، متسائلاً: أين مختبراتنا، وأين مراكز الأبحاث؟، وقد تحدثت كثيرا عن برنامج الابتعاث الخارجي، واقترحت أن يقتصر الدراسات الجامعية فقط؛ لأن معظم طلاب الدراسات العليا المبتعثين يواجهون العديد من المشكلات بعد تخرجهم؛ لعدم وجود وظائف لهم، وعدم قدرة سوق العمل على استيعابهم.

وأضاف: يبدو أننا الآن نعمل على رغبات الناس التي من الصعب تحقيقها دون النظر إلى الحاجة، ذاكراً أنه من المهم ألاّ نستجيب لرغبات الناس، بل نحرص على أن نلبي حاجات المجتمع وطموحاته؛ لأننا نسعى إلى بنائه.

وتداخل "د.فهد العسكر" قائلاً: أنا أؤيد "د.موافق الرويلي" (100%) في ترشيد برامج الدراسات العليا؛ لأنها تمثل حاجة وليست ترفاً، مبيناً أن البلد ليس بحاجة إلى هذا الكم الكبير من المخرجات التعليمية، لا في برامج الدراسات الجامعية، ولا في مجال برامج الدراسات العليا، مُشدداً على ضرورة وجود تخصصات معينة كالذين يمارسون تخصصات مهنية يحتاجها الوطن، أمّا هذه التدافعات الكبيرة نحو الدراسات العليا فلسنا بحاجته.

وأضاف: هناك تخصصات ستة تدفع رسومها الدولة مثل التخصصات الصحية كالطب والصيدلة والحاسب والقانون وغيرها، متأسفاً أن بعض الطلاب يدفعون مبلغ (200) ألف ريال للجامعات الأهلية للحصول على شهادة الماجستير، ولا بأس أن يكون في مجال القانون والمحاماة على سبيل المثال حيث المملكة في حاجة إليهما، أمّا التخصصات الأخرى فلسنا بحاجتها.

وأشار إلى أن المملكة ستواجه في المستقبل القريب مشكلة كبرى تتعلق بالبطالة على مستوى عال من هؤلاء الطلاب الذين جاءوا من الخارج بشهادات "الماجستير" و"الدكتوراة"، إذ كنا في الماضي نتحدث عن البطالة لحاملي شهادة "البكالوريوس"، وقد كان القطاع الخاص يتحجج بضعف اللغة الانجليزية والحاسب، حتى أصبحت "كليشة"، واليوم حينما يأتي أشخاص متخرجون من الخارج يحملون شهادات عليا ومن أرقى الجامعات الأمريكية أو أوروبا من الذي يستوعبهم، وقد لا يجدون فرصة عمل.

ما المطلوب

د. عبدالله العبدالقادر

- التنشئة والتثقف، والعمل على إدخال أسس "النزاهة" في مناهج التعليم العام والعالي، وأن تكون سلوكاً في حياة الطالب، ليتحول إلى عمل حقيقي داخل المدرسة، بحيث تكون النزاهة مؤثرة على سلوك المعلم والأستاذ والطالب، وبالتالي على سلوك المجتمع ككل.

- ونحتاج لنظام ينص على "تجريم" غياب النزاهة في البحث العلمي وغيره.

- تفعيل دور الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني، لبث الوعي داخل المجتمع.

* د. موافق الرويلي

- لابد من وجود قوانين وأنظمة، لأننا مللنا من ممارسة الوعظ والنصيحة في هذا المجال.

- قيام كل جهة بدورها في مجال النزاهة، فكثير من المكتبات توجد فيها العديد من الرسائل الوهمية، وحتى في الجامعات، حتى لا تصبح جزءاً من الفساد العلمي العام.

* د. فهد العسكر

- لابد من إقرار النظام والحرص على تطبيقه.

- للتقنية دور في ضمان حقوق الملكية الفكرية، ومن أهم مخرجات منتدى الشراكة أربعة أبحاث كلها تستعرض البرمجيات العربية والأجنبية وكيفية الاستفادة منها.

* د. عبدالله القحطاني

- التربية لأنها الأساس عندما تريد أن تركز على النزاهة والأمانة، وكذلك الحرص على تجريم الفساد في التعليم العام، كما يجب الأخذ بالمبدأ الإلهي وهو الثواب والعقاب، وأن نكافئ الأشخاص المبدعين والمتميزين، وأن نطبق الأنظمة، وهي موجودة لكنها للأسف ضعيفة، إضافة إلى تغيير المفاهيم كمفهوم الواسطة، التي يسميها البعض بالشفاعة.

* د. عبداللطيف النافع

- إنشاء مركز الأخلاقيات العلمية.

- ضبط مراكز خدمة الطالب التي أصبحت تشرعن الشهادات وتضر الطالب، حيث نجد أنه منذ أن يدخل الابتدائية يصممون له اللوحة وعندما يكبر ويدخل المتوسط يستمرعلى ذات المنوال.

- اهتمام المشرفين بالإشراف على رسائل الطلاب ومتابعتهم في مرحلتي "الماجستير" و"الدكتوراه" كما يجب؛ حتى لا تخل مراكز خدمة الطلاب بالأمانة العلمية.

كيف تعرف الشهادات الوهميّة والمزوّرة وغير المعادلة؟

أوضح "د. عبدالله القحطاني" أن الشهادة المزورة هي التي يدعي فيها الشخص أنه حاصل عليها من جامعة معترف بها في بلد المنشأ، مبيناً أنهم في وزارة التعليم يخاطبون في هذه الحالة وزارة الداخلية وهيئة الرقابة والتحقيق، ووزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية للتحذير من هذا الشخص الذي يحمل شهادة مزورة.

موضحا أنه يتم استدعاء الشخص وسؤاله: كيف تحصلت على هذه الشهادة ومن أين؟، وإذا ثبت أنه حصل عليها عن طريق مركز تدريب أو مكتب، تتم مخاطبة وزارة الداخلية ووزارة التجارة لإغلاق المؤسسة أو المركز، ذاكراً أن هناك من يحمل شهادة معترفا بها من بلد المنشأ لكنها لم تف بمعايير المعادلة، وهنا يُكتفى بعدم معادلة شهادته.

وأضاف: وزارة التعليم منذ ما يزيد على عام ونصف العام أطلقت بوابة للاستعلام، حيث إنه ومن موقع الوزارة تستطيع أي جهة توظيف بدون أن تتواصل مع إدارة معادلة الشهادات أن تعرف أن المتقدم شهادته معادلة أم غير ذلك، أو مزورة، أو وهمية من خلال الدخول الى الموقع الالكتروني للوزارة برقم الطالب أو النموذج الذي يحمله من قبل الإدارة.

وأشار إلى أن هذه هي الاجراءات التي نتبعها، حيث يعملون على مخاطبة جميع القطاعات في الدولة كل عامين أو ثلاثة للتأكيد على أهمية عدم التوظيف بدون التأكد من صحة الشهادة ومعادلتها.

شهادات للوجاهة الاجتماعية..!

أكد "د. عبدالله العبدالقادر" على أن هناك تفرقة ما بين البحث النظري الذي يعتمد على النقل، والبحث التطبيقي الذي يتطلب منك أن تنزل على أرض الواقع لاجراء أبحاث ودراسات، متمنياً تشجيع مثل هذه البحوث التطبيقية داخل مجتمعنا، والابتعاد عن الأبحاث التي لا يكون لها ذلك المردود القوي.

وقال: هذا منطلق من دعوة "د. فهد العسكر" بترشيد البحث العلمي في الدراسات العليا، متسائلاً: هل في يوم من الأيام سنصبح جميعنا دكاترة؟، كم نسبة الطلاب الذين يتخرجون من الثانوية وينضمون إلى التعليم العالي؟، أعتقد هي نسبة كبيرة جداً، وبالتالي هذه سياسة وطنية، وقد نظر فيها أعضاء مجلس الشورى واقترحوا فيها بعض الاقتراحات، مبيناً أنهم في "نزاهة" إذا وجدوا أن هناك سلوكاً نتج عنه فساد مالي أو إداري تصدوا له. وتداخل "د. موافق الرويلي" قائلاً: نحن نقر أن الوعظ والنصيحة والإرشاد أمر جميل، لكن هذا المبدأ أصبح غير مجد في هذا الأمر، وبالتالي لا بد من النزول إلى المستوى العملي، حتى يصبح الشخص نموذجاً لأبنائه وتلاميذه وطلابه ومجتمعه، ذاكراً أن المجتمع لا يقبل إلاّ بالقوانين؛ لأنها هي التي تضبط السلوك الإنساني.

وعلّق "د. عبدالله القحطاني": صحيح أننا نعيش في مجتمع وعظي إلاّ أن التوعية لها دور، لأن التوعية هي التي فعلها "د. موافق الرويلي" ومن يعمل معه في أحد "الهاشتاقات"، وهذا نسميه الشراك الاجتماعي، مبيناً أنهم يعملون في الوزارة بعمل رسمي، بينما عمل "د. موافق" ومجموعته يعتبر تعليق جرس بأن المجتمع بدأ يمل ويضجر ممن يستخدمون هذه الشهادات من أجل الوجاهة الاجتماعية، مؤكداً على أن هذه المنظومة إذا اكتملت فإننا سنسير في الاتجاه الصحيح.

http://www.alriyadh.com/1045417

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك