الشيطان والسفاهة

 

د. حسناء عبد العزيز القنيعير

    الشعوبية المعاصرة تشكل امتداداً لحركة الشعوبية التي ظهرت في عصر الدولة الأموية، وبعثت الأحقاد المجوسية على العرب ورسّختها، يقول عنها القرطبي: "إنها حركة تبغض العرب وتفضل العجم"، كما قال عنها الزمخشري: "إنها حركة من يصغرون شأن العرب"، وتعرف الموسوعة البريطانية الشعوبية بأنها: "كل اتجاه مناوئ للعروبة".

فجّر القصاص من العميل الإيراني نمر النمر غضب المعسكر الفاشي الإيراني، الذي حشد قدراته الإعلامية، وفتح قنواته المشبوهة، وحرك أصابعه القذرة من خلال عملائه؛ لحملة إرهاب إعلامية شرسة ضد بلادنا، ويأتي على رأس هؤلاء الخائن الأكبر، نصر الشيطان..

هاهي الشعوبية المعاصرة تطل برأسها على نحو أكثر فحشاً وتزويراً وخيانة لأمة العرب عامة وبلادنا خاصة، بعد أن طبقت بلادنا عقوبة القصاص على أحد عملاء إيران الإرهابيين، الذي حرّض على قتل رجال الأمن، وتآمر ضد نطام الحكم، ودعا إلى تطبيق ولاية الفقيه، وانفصال المنطقة الشرقية عن بلادنا.. ذلك المسخ صنعه المجوس ليكون صورة أخرى للعميل والسفيه حسن نصر الشيطان، الذي فاق في أفعاله ضد أمة العرب -التي يزعم كذباً وزوراً انتماءه لنبيها- كل الخونة والعملاء عبر التاريخ العربي.

تعرف المعاجم العربية السَفاهة بأنها: طَيْشٌ، وخِفّةٌ، وجَهْل، وَرَدَاءة خُلُق. ويكونُ السفهُ: تارةً للصِّغَرِ وتارةً للجنونِ وتارةً للحُمْقِ ونقصِ العقلِ والدينِ، وتارةً للإفلاسِ.

ويكون السفه -حسب الكفوي- سفهاً أخروياً أو دنيوياً، ويصفه بأنه: (ظاهرُ الجهلِ، عديمُ العقلِ، خفيفُ اللُّب، ضعيفُ الرأْي، رديءُ الفهمِ، مُسْتَخَفُّ القَدْرِ، حقيرُ النَّفْسِ ، أسيرُ الطغيانِ، دائمُ العِصْيانِ، ملازمُ الكفرانِ، لا يبالي بما كانَ ، ولا بما هو كائنٌ أو سوفَ يكونُ)! ويضاف إلى ذلك حسب موسوعة الأخلاق: (سرعةُ الغضبِ، الطيشُ مِن يسيرِ الأمورِ، المبادرةُ في البطشِ، إظهارُ الجزَعِ من أدنى ضررْ، السَّبُّ الفاحشُ). ولا ريب أن كل تلك الصفات تجسدت في ذلك البوق المجوسي النتن.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ).. أيْ لِتُجَادِلُوا بِه ضِعَافَ العقولِ.

وقد قيل: لا تجادل السفيه فيخلط الناس بينكما.

ويقول الإمام الشافعي:

إذا نطقَ السفيهُ فلا تجبْهُ

فخيرٌ من إجابتهِ السكوتُ

فإنْ أجبتهُ فرّجتَ عنهُ

وإنْ تركتهُ كَمَدًا يموتُ

وهذا ما فعلته بلادنا وتفعله إزاء سفاهة حسن حزب الشيطان، لكن من حقنا نحن المواطنين أن نرد على ذلك العميل الذي لا يستحي من أكاذيبه وبذاءة لسانه، فهو ينضح بما داخله من سفاهة تكشف عن تأصل الخلق القبيح فيه، وهذا طبع الخونة والعملاء الذي لا يحسنون غيره، فمن يتآمر على وطنه لحساب الأجنبي، من الطبيعي أن يتآمر على الآخرين.

فجّر القصاص من العميل الإيراني نمر النمر غضب المعسكر الفاشي الإيراني، الذي حشد قدراته الإعلامية، وفتح قنواته المشبوهة، وحرك أصابعه القذرة من خلال عملائه؛ لحملة إرهاب إعلامية شرسة ضد بلادنا، ويأتي على رأس هؤلاء الخائن الأكبر، نصر الشيطان الذي دأب منذ أن أسقطت عاصفة الحزم حسابات أسياده المجوس في اليمن، على الهجوم على بلادنا مستخدمًا مخزونه البذيء من الألفاظ والعبارات التي لا تخرج إلا من أمثاله. إذ يتشدق ذلك البوق المنتفخ بحقوق الإنسان ولم يجرؤ على إخبارنا بعدد من ماتوا تحت التعذيب في أقبية الحزب وسراديبه؟ وهل نسي أعداد المشنوقين على الرافعات في إيران في عام 2015 وحده؟ إيران التي تتّهمها منظمات حقوق الإنسان بالإفراط في تنفيذ عقوبة الإعدام، ومنذ تسلّم حسن روحاني الذي يدّعي الاعتدال، سدّة الحكم، جرى إعدام ألفي سجين بلا محاكمة بينهم (سبع مئة سني)، كثير منهم أُعدِموا شنقاً عبر ربط أعناقهم بواسطة الرافعات وسحبها عالياً، فتتدلّى جثثهم كي يراها الجميع، وتتحدّث تقارير عن أن بعضهم استغرق عشرين دقيقة قبل أن يلفظ أنفاسه. في مارس 2015، أُعدِم 33 سنياً، كما أُعدِم ستة أشخاص بتهمة «معاداة الله» وصفتها منظمة العفو الدولية بالمقلقة.

لقد اقتنص الفرصة في اليوم التالي لتنفيذ القصاص ليتهجم على بلادنا، ويحرض على إشعال فتيل العنف والفوضى وبثّ روح الكراهية والعداء. فزعم أن بلادنا تسعى لخلق صراع مذهبي، وفتنة سنية شيعية في كل مكان في العالم! ويتجاهل ذلك السفيه أن أسياده المعممين هم من خلق الفتنة المذهبية في منطقة الخليج العربي خاصة، منذ أن اندلعت ثورة المقبور الخميني بمباركة دول الغرب وأميركا وإسرائيل التي يهاجمهما آناء الليل وأطراف النهار، فيما هو عميل مأجور، وجميعهم متآمرون التقت مصالحهم، فعملوا على تفتيت المنطقة، وزعزعة أمنها. كما أن المنطقة لم تشهد حالة الانقسام والاصطفاف الطائفي على هذا النحو المريع، إلا بعد أن بدأ المجوس وأذنابهم كحزب الشيطان، التدخل في شؤونها، ودعم ميليشيات ومجموعات شيعية متمردة في دول الخليج العربي.

ثم رفع نبرة خطابه السياسي المعادي لنا إلى حدوده القصوى، فتوعد بأن إعدام النمر "لا يمكن أن يمر على الإطلاق"، وأن "قتال السعودية يجب أن يسبق قتال إسرائيل"، بل تجاوز حدوده كثيراً عندما شكك في شرعية بلادنا! فهل يعني هذا إعلان حرب بالوكالة عن المجوس كما اعتاد أن يفعل؟

لكن الإشارة الأخطر كانت حديثه عن النفط في المنطقة الشرقية، والزعم أن الأميركيين عرضوا على بعض الشيعة في السعودية التقسيم. وهذه دعوة صريحة وتحريض على الانفصال -كما كان يفعل نمر النمر- تناغماً مع صحيفة "كيهان" الفارسية التي دعت الشيعة بوضوح إلى الانتقال من الاحتجاجات السلمية إلى المواجهة المسلحة مع دولتنا!

نصر الشيطان مهد الطريق في خطابه أيضاً لردود فعل انتقامية ضد السنّة، مُعتبرًا أنه "غير مسؤول عنها؛ لأن ثمة اختراقات في صفوفنا وستعمل على خدمة آل سعود". يعني أنه في حال حدث اعتداء على السنة فهو ليس مسؤولاً عنه، وهذا ليس بمستغرب فأسياده الملالي بعد أن حرضوا، بل أمروا أفراداً من الحرس الثوري، للاعتداء على سفارتنا وقنصليتنا، تبرؤوا من ذلك وزعموا أنهم فئة خارجة على القانون. يريدون في غاية الصفاقة أن نصدق مزاعمهم، وأن هناك من يعمل دون إشارة منهم، وهم يعلمون بدبيب النمل على أرضهم.

ومن أكثر ما يدعو إلى العجب في خطابه، خطاب الإفك، هو زعمه أن بلادنا اختارت هذا التوقيت لإعدام عميلهم نمر النمر، لخلط الأوراق في المنطقة، فذلك في رأيه ذو دلالة سياسية "لإحباط كل الحوارات الممكنة في سورية والعراق واليمن وغيرها، وتسعى بالدم إلى تكريس سياستها ونفوذها وسطوتها.. ولأنها لا تأبه للعالم الإسلامي ولا للعرب ولا للأصدقاء ولا للمجتمع الدولي"! وهو هنا رمانا بدائه وانسلّ، فمن الذي يخلط الأوراق ويتلاعب بها، بل يحرقها واحدة تلو الأخرى؟ ومن الذي لا يأبه لدول العالم قاطبة ويشيع إرهابه بين جنباتها؟ فمن هم أهل الدم والقتل والترويع؟ أليسوا الملالي الذين عمّ إرهابهم أقصى أصقاع العالم؟ فلم يسلم من أذاهم أحد، حتى مواطنوهم الذين يشنق الآلاف منهم بلا محاكمات ويعلقون على الرافعات في الميادين، لدرجة امتناع اليابان عن تصدير رافعات الموت لهم؛ حتى لا تكون شريكة في إرهابهم.

أما هولاكو العصر الحديث، نصر الشيطان، فتاريخه الأسود الذي يحكي إرهابه ودمويته في سورية ولبنان واليمن والبحرين والعراق، فسيكتبه التاريخ بأحرف من خزي وعار، وسوف تلعنه الأجيال جيلاً بعد جيل، وليس أدل على إجرامه حصاره 400 ألف شخص في بلدة "مضايا" السورية مع جيش بشار، منذ حوالي سبعة أشهر، منع خلالها أي شخص من الخروج لإحضار مواد غذائية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حالات الوفاة خاصة بين الأطفال!

وأما قوله: إن بلادنا تخير "الناس بين أن يعيشوا في المملكة كالغنم وإما أن يقتلوا"! فما أشد انطباقه على لبنان قبل غيره، فكل الوقائع تشير إلى أن حزب الشيطان يقبض على أنفاس الناس كلهم بلا استثناء في لبنان، فلا فرق بين كبير أو صغير، حيث يعيشون في رعب لا مثيل له في التاريخ كله، فلم يعرف التاريخ حزبًا عميلًا لدولة أخرى يسيطر على بلد حدّ منعه من اختيار رئيس له لأكثر من عام، وهو المثال الذي لم يحدث حتى في جمهوريات الموز. أما من يعترض على ترهيبه، فمآله القتل في أبشع صور القتل التي شهدها العصر الحديث.

وتستمر جوقة العملاء في التحريض على بلادنا، فيأتي نعيم قاسم الذي ليس له من اسمه نصيب، محرضاً في لغة سمجة، لأنه يمتح من البئر نفسها التي يستقي منها العملاء والخونة مفرداتهم القبيحة، وصولًا إلى رئيس الهيئة الشرعية للحزب محمد يزبك الذي أطلق يوم الاثنين سلسلة من التصريحات النارية، من ضمنها قوله: "سنواجههم، والسلاح بيننا وبينهم". فهل هذا تهديد بإشعال الإرهاب ضدنا من ذلك العميل المجوسي؟ وما موقف الحكومة اللبنانية إن كان ثمة حكومة من هذا التهديد؟

أين خطاب الحكومة اللبنانية الذي يتبرأ من هذه الحماقات والتهديدات الجوفاء من أولئك الغوغاء، تماهياً مع الولي الفقيه، ودفاعاً عن مواطن صور له حمقه أنه سيكون حسن نصر الشيطان آخر في بلادنا؟

غير أن ما أزعج لبنان واللبنانيين ليس تطاول تلك الفئة المارقة على بلادنا وتهديد أمننا على نحو سافر، بل ما أزعجهم هو خوفهم من أن تثير الحرب الكلامية التي تشنها قيادات حزب الشيطان، تداعيات خطيرة على استقرار البلاد الهش (يا للموقف)! فتساءل بعضهم: "ما الذي يدفع البعض إلى تعريض الأمن القومي اللبناني للخطر من خلال مهاجمة دول عربية صديقة وشقيقة بهذه الحدّة من دون مبرر له علاقة بالمصلحة اللبنانية؟"! وقال آخر متمنياً على بلادنا: "الركون إلى ما اعتادت عليه من رحابة صدر، ولكنني أعتقد أنه في ظل التصعيد غير المسبوق فإنه لا شيء مضمون، ولا أستطيع التكهن بردة فعل المملكة".

http://www.alriyadh.com/1117945

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك