أزمة اللجوء في أوروبا

مهـا محمد الشريف

    من المعروف أن الانسان يستبق الأحداث بحدسه وقراءته، ويدرك ان التطور يحدث عبر الزمان في كل نواحي الحياة، ففي كل مرحلة تتكرر المقولات والأفكار وتهدف الى معرفة الحقائق من الحجج الباطلة، وحدثني قلبي أن أوروبا سرعان ما تتضجر من هجرة اللاجئين السوريين لها ولن تطول مدة ضيافتها لهم وخاصة بعد تفجيرات باريس وبروكسل.

فكانت أزمة اللجوء بمثابة اختبار تاريخي للاتحاد الأوروبي، هذه الكلمات تصدرت الصحف اليوم كعنوان عريض، ودافعت أنجيلا ميركل، المستشارة الالمانية، عن قرارها بفتح الحدود أمام اللاجئين في سبتمبر الماضي قائلة "لم يكن الأمر أكثر ولا أقل من واجب انساني"، مؤكدا أن أزمة اللجوء بمثابة اختبار تاريخي للاتحاد الأوروبي.

وأضافت في كلمتها أمام المؤتمر العام للحزب المسيحي الديمقراطي، الاثنين 14 ديسمبر 2015م: "أن أوروبا تواجه أكبر تحدٍ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال حركة اللاجئين حاليا"، هذا بالاضافة إلى توقع رئيس المفوضية الأوروبية جان- كلود يونكر (الخميس): "أن تستمر أزمة اللاجئين في أوروبا سنوات"، وذلك عقب زيارته مركزا لاستقبال اللاجئين على الحدود بين ألمانيا والنمسا.

وكذلك الحال مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني التي حذرت في مقابلة نشرت الخميس، من أن الاتحاد يواجه خطر "التفكك" إذا لم يتصد بشكل جماعي لأزمة الهجرة، وقالت موغيريني في المقابلة التي نشرتها صحيفة (الأوروبيون): "بخطوات وطنية على هذه الظاهرة الأوروبية، فإن الأزمة ستتفاقم مع ردود فعل متتالية في أوساط الرأي العام ومن الحكومات الوطنية، إذا لم نتزود بأدوات على مستوى الأزمة، أو أن هناك خطر تفكك".

وأعلنت النمسا عن إجراءات لضمان أمن حدودها مع سلوفينيا قد تشمل بناء سياج سيكون الأول من نوعه في مجال شينغن من أجل التحكم بتدفق اللاجئين الذي يثير توتراً بين دول الاتحاد الأوروبي.

وفي اتصال هاتفي، الأربعاء، مع رئيس المفوضية الأوروبية، يونكر، اعترف المستشار الاشتراكي الديمقراطي: "أن لا مكان للحواجز في أوروبا"، بدون أن يكشف نوايا السلطة التنفيذية النمساوية.

لقد اهتزت اركان اوروبا بسبب 350 الف لاجيء وتناقلت الصحف التداعيات والمفارقات والأعباء الاقتصادية والاجتماعية وتفاوتت التصريحات والقرارات بهذا الشأن، وللتذكير، فقد تعاملت المملكة مع النازحين من سوريا بترحاب بالغ وانتهاج حل فيه من التعاطف والتعايش الشيء الكثير.

وبهذه الأقوال وهذه التصريحات لا شك أن المملكة تفوقت على الاميركتين وعلى أوروبا ولم تتأثر أو تصرح بعدد أو هجرة اللاجئين إليها، ولم تتضجر أو تصرح بأي مخاوف من استقبالهم وقد فاق عددهم المليونين، أضف إلى ذلك السماح لهم باستقدام افراد اسرهم والعيش على أراضيها آمنين مكرمين والاستفادة من الاقامة والعمل والدراسة.

فإذا أردنا أن نحدد معنى التفوق السياسي والاجتماعي وقبلهما الإنساني وإشباع الحاجات الضرورية استطاعت أن تستقل بمنهج خاص يميزها عن دول العالم الأول والثاني، وأثبتت أن الانسانية مرحلة مهمة لا ترتبط بالدوافع والاتجاهات السياسية أو الصناعية.

وليس من شأن الإنسان أن يفرض ذاته على الأشياء ويشترط عليها الشروط أو يحدد مصائر الناس ويتحكم في ظروف حياتهم، مثلما ذكرت "ميركل" و"موغيريني" ويقدم صورا تتعارض مع نداء الكينونة وخلف تلك النداءات المتراجعة انسان ممزق نجا من الغرق بأعجوبة وينتظره في أوروبا مصير مجهول تتقاذفه السياسة من كل صوب.

http://www.alriyadh.com/1111306

 

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك