الهجرة والفتوحات ودار الإسلام والمتغيرات قراءةٌ في الاعتقاد والفقه والجغرافية السياسية

رضوان السيد

 

أ‌-          الجماعة والهجرة:

قال قتادة بن دعامة السَدوسي (-117هـ): إنّ المسلمين لبثوا زماناً "يتوارثون بالهجرة، والأعرابي المسلمُ لا يرثُ من الْمُهاجر شيئاً، فنسخ ذلك بعد ذلك قولُ الله: ﴿وأولو الأرحام..﴾(1)". لقد أراد النبي بعد كتاب المدينة تأسيس جماعته الجديدة أو تأسيس الترابُط فيما بينها على دعامتين، الأُولى: الهجرة، والثانية: المؤاخاة. لكنّ العدولَ عن نتائج المؤاخاة (إلى الأمة) لم يؤدّ بدايةً إلى العدول عن مبدأ الهجرة أساساً لتكوين الجماعة الإسلامية الجديدة. فقد جاء في القرآن الكريم: ﴿ومن يهاجِرْ في سبيل الله يجدْ في الأرض مُراغَماً كثيراً وسَعَة...﴾(النساء: 100). وجاء: ﴿فلا تتخذوا منهم أولياء حتَّى يُهاجروا في سبيل الله﴾(النساء:89). وجاء: ﴿والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتَّى يُهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر﴾(الأنفال: 72). فالآيةُ الأولى ترى الهجرة مخرجاً من الضيق ومن الضغوط والحصار والإكراه الكائن في الدار الأصلية التي ما يزال الكفر مسيطراً فيها. ومع أنها لا تحدّد الهجرة إلى أين، لكنّ المفهومَ أنها إلى الموطن الذي يجد فيه المؤمنُ فَرَجاً ومخرجاً، وهو في ذلك الوقت المدينة المنوَّرة, ولا مكان غيرها لراحة المؤمن ونجاته من المكاره وأسباب العسْف وإرغام الإرادة. بيد أنّ الآيتين الأُخريين تضيفان معنىً جديداً بل معنيين؛ إنهما تُضيفان معنى "الولاية" من جهة، و"النصرة" من جهةٍ أُخرى. فالولايةُ تعني الانتماء إلى جماعةٍ أو العُضوية فيها بما يقتضيه هذا الولاء من حقوقٍ وواجبات. وقد كان من حقوق الهجرة -كما ذكر قتادة بن دِعامة السِدوسي- التوارُث أو أن يرث المُهاجر زميله في عقد المؤاخاة بمقتضى ذلك الفعل؛ أي الهجرة. ثم إنّ تجاوُزَ ذلك الحقّ والعودة إلى علاقات الأرحام ما عنى أنّ المؤمنَ المُريد للهجرة -لكنه غير قادر عليها- ما عادت له حقوقٌ على إخوانه في الإيمان. فالذي يستنصر بالمسلمين من أجل تمكينه من الهجرة إلى المدينة يكونُ على المسلمين نُصرته أو القتال عنه: ﴿ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعَفين من الرجال والنساء والولدان..﴾(النساء:75). ويُفسِّرُ ابن إسحاق الآية هذه بالقول: "إني إنما أحللْتُ لهم القتالَ لأنهم ظُلموا، ولم يكنْ لهم ذنبٌ فيما بينهم وبين الناس إلاّ أن يعبدوا الله.".(2). وهكذا فإنّ الانتماء إلى جماعة المسلمين ما كان يكفي في تحقُّقه الإيمان بالله ورسوله؛ بل لا بد أن تتبعه حركةٌ باتّجاه المدينة أو دار الهجرة. وقد كانت لذلك عدة أسبابٍ، من بينها السببُ السياسي. ففي ذلك الوقت (حوالي العام 624م) غيَّر النبي صلواتُ الله وسلامُهُ عليه اسم يثرب إلى المدينة. وقد احتار المفسّرون واللغويون في فهم هذا الأمر، وصاروا إلى أصل الاشتقاق، هل هو من الفعل: دانَ؛ أي حكم وسيطر، أو من الفعل مَدَن، بمعنى أقام واستقرّ. والمعروف أنّ الفعل هَجَر نفسه معناه الأصلي في اللغة السبئية: الإقامة، وليس الترحُّل، لكنّ المفهوم أنّ العرب الشماليين فهموا منه الترحُّل من أجل الاستقرار. وهكذا يجتمع في معنى المدينة، المستقرّ الحَضَري، ودار الحكم والسُلْطان. وهذا يعني أنّ القرآن إنما أراد أن يتجمع المسلمون في الحاضرة التي لهم فيها سُلْطانٌ وسيطرة. لكنّ أبا عُبيد القاسم بن سلاّم (-224هـ) يرى أنّ فرض الهجرة قبل وقعة بدر له علاقةٌ أيضاً بالمسلمين أنفُسهم بيثرب. فقد كانوا هم أيضاً على ضَعْفٍ واحتياجٍ للاستقواء بمن يهاجر إليهم(3). وهكذا يجتمع السببان: النجاة من الضيق في دار الكفر، وتقوية جانب المسلمين بالانضمام إليهم وتكثير سوادهم وعددهم، وبخاصةٍ أنّ نصف عرب المدينة ما كانوا قد أسلموا، كما أنّ اليهود كانت لهم سطوةٌ فيها، ولا بدَّ من إحداث التوازُن بتكثير الأعداد؛ ليخرج المسلمون بذلك من القِلّة. ويربط كُلٌّ من أحمد بن حنبل(- 241هـ)، والنُسائي(-275هـ) بين الهجرة والبَيعة والسمع والطاعة والجماعة، فالمهاجر إنما يعلنُ ارتباطه النهائي لا بدين الجماعة فقط، بل وبوحدتها الاجتماعية والسياسية(4). لقد كان المطلوبُ إذن من "المؤمنين" في أيّ أرضٍ كانوا- حتَّى لو لم يكونوا متضايقين فيها- أن يخفُّوا للمشاركة في الجماعة إنشاءً ومُدافعة. لهذا فإنّ رجلاً كسعد بن خَولة كان قد قاتل ببدر(يعني أنه هاجر)، ثم حضرتْه الوفاةُ بمكة، هو رجلٌ بائسٌ لا لشيء إلاّ لأنه" لا يدخل الجنّة إلاّ مَنْ هاجر"(5). بل يبلُغُ من اعتداد المسلمين الأوائل بفضيلة الهجرة أنهم تصوَّروا إمكانَ وجود "مهاجرين" بين الأنصار(سكّان يثرب الأصليين)؛ لأنّ يثرب كانت في البداية دار شِرْك(6)!

لكنّ الهجرة إلى المدينة لا تعني بالضرورة أن تكونَ آتياً من مكّة؛ فبعد وقعة بدرٍ أقبل أعرابٌ من البادية بجوار المدينة على الإسلام. والبدويُّ لا يُحبُّ حياة المستقرّات الحَضَرية، ولا يريد الابتعاد عن مواشيه ومراعيها، ولا الخضوع لحياة المدينة الصعبة. لكنّ الأمر بالهجرة شمله أيضاً؛ بل إنّ الآثار التي بين أيدينا تتناولُ هذه المرحلة أكثر مِمَّا تتناولُ مرحلة الهجرة من مكة. وهكذا صار مصطلح المدينة يُواجِهُ مصطلح التبدّي أو التعرُّب، ومصطلح دار الإيمان يواجه مصطلح دار الشِرْك. ففي الحديث أنّ بُريدة بين الحُصيب قال لزميله الصحابي الذي رجع إلى البادية سَلَمة ابن الأكوع(7): ارتددْتَ على عَقِبيك! تعرَّبتَ! فأجابه سلمة: معاذ الله، إني والله في إذنٍ من رسول الله. وفي الحديث أيضاً أنّ من الكبائر: التعرُّب بعد الهجرة(8). وقد أنشد الحجّاج على منبر الكوفة أول مجيئه إلى العراق والياً عام 75هـ رَجَزَاً جاء فيه(9): "مهاجر ليس بأعرابي"، والشعر ليس للحجّاج، وما هاجر هو ولا أبوه إلى المدينة. ويعني هذا أنّ الهجرة كانت تعني قصْدَ المستقرّ الحضَري وهجران البادية. ولهذا فإنّ تسمية يثرب بالمدينة تُعبّر عن هذا التقابُل بين المدينة (المستقرّ الحَضَري ذي الشِرعة والسلطان) والبادية. فالنصوص تحثُّ على الاستقرار، وتربطُ الإيمانَ به, كما أنّ المفهوم من النصوص أيضاً أنّ الأعراب كانوا في أول الإسلام محلَّ إدانةٍ شديدة، كما هو واضحٌ في عدة آياتٍ قرآنية(10), وقد كانت للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- تجاربُ سيئةٌ وسلبيةً مع الأعراب؛ لجهة قلّة إقبالهم على الإسلام، وتحالفاتهم مع قريش ويهود، وتعرُّض مؤمنين كثيرين للغَدْر والقتل من جانبهم، رغم أنهم كانوا يتظاهرون أحياناً بالإسلام(11). وعندما انتهت المشكلات مع قريش ويهود ضعُفت قدرة الأعراب على نسج التحالفات ضدّ المسلمين، ولَطُف موقف القرآن منهم: ﴿ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخِر﴾(التوبة: 99). وفي أثرٍ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه تودَّد إليهم، وسمّاهم "بادية الحاضرة"(12). إنما عندما توفّي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عادوا إلى التمرد والخروج فيما صار يُعرف بأحداث الرِدّة والتي قَمعها أبو بكرٍ بقوة.

إنّ جداليات علاقة الجماعة الناشئة بالواقع -والتي أَرغمت قيادتَها على التخلّي عن مبدأ المؤاخاة الكاملة أساساً لها- هذه الجدليات نفسها قادت إلى تلطيف الموقف من الأعراب، وإلى التخلِّي عن مبدأ الهجرة بعد فتح مكة. فقد جاء في الحديث: لا هجرة بعد الفتح -أو بعد فتح مكة- ولكنْ جهادٌ ونية. وجاء: لا هجرة بعد رسول الله. وجاء: لا هجرة اليوم(13)؛ أي في الحاضر والمستقبل. لقد كانت الهجرة مقوِّماً أساسياً من مقوِّمات الجماعة عندما كانت دار الإيمان محصورةً بالمدينة, وهي لم تَعُدْ كذلك عندما انكمشت دار الكفر على أرض الجزيرة، بحيث أوشكت أن تتحول كلها إلى دار إسلام، ولذلك ما عادت للهجرة ضرورةٌ كما ذكر الفقهاء، كما صار من الضروري أن تتحول الهجرة إلى الداخل لتمتين العلائق داخل الأمة، وإلى الخارج في صورة جهادٍ من أجل تحقيق الأمة الجامعة.

ب- الجماعة ودار الإسلام:

ربطت الأحاديثُ النبويةُ إذن بين فتح مكة وإلغاء فرضية الهجرة دون سقوط فضيلتها, إنما مَنْ هاجر بعد الفتح ليس كمن هاجر قبله. ولذلك -ورغم التحاق كثيرٍ من المكّيين الذين أسلموا يومَ الفتح بالمدينة برفقة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-عندما رجع إليها بعد حُنين- فإنّ أحداً من هؤلاء لا يُسمَّى مُهاجراً. والمعروف أنّ الحروب التي نشبت بين الإسلام وخصومه بعد فتح مكة ما كانت أقلّ عدداً ولا خسائر على المسلمين مِمَّا كان بينهم وبين "المشركين" قبل الفتح. وقد هُزموا خلالها مرتـين، وارتدُّوا على أعقابهم مراراً, ومع ذلك فإنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم -في أصحّ الروايات- إنما أرسل رُسُلَه ورسائله إلى الملوك خارج الجزيرة، وإلى الأُمراء بداخلها بعد فتح مكة(14). وهكذا فقد كانت "يثرب" المتحوِّلة إلى "المدينة" قبل الفتح ملاذاً وحصناً للمؤمنين، فصارت بعد فتح مكة عاصمةً للأمة الجديدة وللإسلام والمسلمين. وليس من الضروري أن يكونَ جميع المؤمنين قد أدركوا بوضوح أنّ رسولَ الله عدّ الفتح تأسيساً لدولةٍ جديدةٍ بالمدينة؛ إذ لا شكَّ أنّ كثيراً منهم اعتقدوا وعياً وواقعاً أنّ لحظة التأسيس كانت" كتابَ المدينة" أو عهدَ المدينة بين مهاجري مكة والخزرج والأَوس بالمدينة ويهود. فالجانب السياسيُّ واضحٌ في الكتاب أو العهد عندما تقول فقرتُهُ الأولى: إنّ تلك الفئات المختلفة قَبَلياً ودينياً " أمةٌ واحدةٌ من دون الناس"(15), ويرى المؤرّخ فرد دونّر أنّ الأمة في كتاب المدينة هي جماعةُ المؤمنين، وليس الجماعة السياسية. وأنا أرى أنّ الجانب السياسيَّ ظاهرٌ أيضاً في الكتاب؛ لكنه ساد وسيطر بعد الفتح, لقد رأى "الأنصارُ" كيف أكرم رسول الله بني قومه وعفا عن كبارهم بعد الفتح، فظنُّوا أنه يريد الاستقرار في مكة ما دامت قد خضعت لسيطرته؛ لكنه نفى ذلك بشدةٍ وقال: "بل الدمَ الدمَ والهدْمَ الهدْمَ، أنا منكم وأنتم مني(16)"، فالمدينةُ كما يدلُّ عليه اسمُها الجديد هي التي ستكونُ عاصمة الدولة الجديدة، أو عاصمة دار الإسلام، بغضّ النظر عن مُلاءمة الموقع الجغرافي، ورُجحان مكّة من حيث المقامُ الديني، لوجود كعبة إبراهيم وإسماعيل فيها. لقد انكسرت بداوةُ الشِرْك، وتوسّعت حضارةُ التبادُل والتجارة، وقامت " دارُ الإسلام" التي قال بها العربُ جميعاً في "عام الوفود"، عندما جاء كبارُ القبائل حتَّى من أقاصي جنوب الجزيرة؛ ليبايعوا رأسَ الدولة الجديدة، ليس على الإسلام فقط؛ بل وعلى السمْع والطاعة أيضاً. وقد أقبل رسولُ الله على تعيين الوُلاة أو تثبيتهم في سائر أنحاء الجزيرة، أمّا محيط الجزيرة -الخاضع لسيطرة الروم والفرس- فإنّ رسول الله أرسل إليه الحملات العسكرية ليس بقصد الفتح أولاً، بل بقصد إعلاء معنى الأمة، ووضع الحدود المبدئية للدولة الجديدة. لقد ظهرت في مقابل دار الإسلام دُورُ الكفر والحرب والمهادنة والعهد والمُوادعة، وهي فيما يتجاوز المصطلح الأول كلُّها مصطلحاتٌ سياسية. وبذلك فقد صار المُرادُ الانفتاح والامتداد من طريق الجهاد أو الدعوة أو العهد أو الموادعة، وليس الهجرة إلى يثرب للاعتصام بها أو تقوية جانب المؤمنين المتحصّنين فيها. لقد كنتُ أرى إلى وقتٍ قريبٍ أنَّ أحاديث "وقْف الهجرة" إنما انتشرت بعد وفاة رسول الله، عندما بدأت الفتوحات. والطريف أنّ أبا بكرٍ وعُمر ما كانا يعمدان بعد السنتين الأُوليين على وفاة رسول الله إلى جمع الجيوش من أقطار الجزيرة بالمدينة ليرسلوها بعد ذلك إلى العراق والشام؛ بل كانت تتجمع في أنسَب مكانٍ من ديار الإقامة بناءً على أمر الخليفة، ثم تُرسَلُ رأساً إلى الجبهات، وما سمعْنا أحداً احتجَّ لأنّ فضيلة "الهجرة" لم تتحقق له بالذهاب إلى المدينة أولاً. فأنا أرى الآن -استناداً إلى هذه الآثار بالذات، وإلى خطبة الوداع التي ألقاها رسول الله في العام العاشر للهجرة- أنّ تغييراً استراتيجياً كبيراً حصل في العام الثامن للهجرة، وقد ظهرت بمقتضاه "دارُ الإسلام" التي تقوم فيها الأمة لتُقابلَ الدُورَ الأُخرى الموجودة منذ أزمنةٍ سبقت. والجانبُ العَقَديُّ في الأمر هو جانبُ الدعوة: ﴿ليُظهرَهُ على الدين كُلِّه﴾، و﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾، ومقالة زهرة بن حوية بالقادسية لرستَم: "اللهُ ابتعثنا واللهُ جاء بِنا لنُخرجَ العبادَ من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سَعَتِها، ومن جَور الأديان إلى عدْل الإسلام"(17). أمّا الجانبُ الجيوسياسي أو الاستراتيجي فهو واقعة ظهور دولةٍ جديدةٍ واحدةٍ في الجزيرة العربية في الرُبع الأول من القرن السابع الميلادي. وليس معنى ذلك أنّ الرومَ والفرسَ وقبلهم أباطرة ما بين النهرين ما عرفوا هجماتٍ سابقة لبداوة الجزيرة على عوالم الحضارة المجاورة فيما يشبه الفيضانَ, الذي لا يلبث أن ينكفئ تحت وطأة الصدّ والمقاومة والمُلاحقة حتَّى إلى دواخل الجزيرة بالشمال والجنوب. ولذا فقد كانت ردة الفعل الأولى للمحيط المتعرِّب وغير المتعرّب أنّ أصحاب اللغة والقوة الجديدة هؤلاء هم موجةُ غضبٍ إلهيٍّ نتيجة معاصي الروم والفرس، والخلافات الدينية والفِرَقية، ونتيجةَ الصراعات الهائلة بين الدولتين الكبيرتين على أطراف الجزيرة، والتي أضعفت قوى الطرفين، فأطلقت البداوة المتوحِّشة من عقالها؛ بيد أنّ ما شهدوه خلال العقدين الأولين على بدء الفتوحات أنّ هناك قوةً ذات اندفاعٍ كبيرٍ، وذات منطق رساليٍّ ما شهدوهُ من قبل فيما عرفوه عن العرب. وقد كان علاجُ تلك الفوضى الضاربة لديهم منذ القرن الرابع الميلادي إقامة "دويلات حاجزة" بين البادية والسواد والشام من القبائل العربية والمتعرّبين. وقد ذابت تلك السلطات كما يذوب فَصٌّ من المَلْح لأول ظهورٍ للعرب- وليس الأعراب- الجدد هؤلاء. فقد كان أبو بكرٍ لا يُرسلُ الأعراب - وبخاصةٍ الذين دخلوا في الردّة منهم- في الغزوات, وتغيرت الخطةُ أيام عمر؛ إنما الذي لم يتغير أنّ القادة ظلوا في الأغلب الأعمّ من المُهاجرين والأنصار؛ أي أنهم من أولئك الذين تربَّوا على الرسالة الجديدة التي تحملُها الدولة الجديدة، والتي سمّتْ نفسها "خلافة" تمييزاً عن نوع السُلًطات والأفهام لدى القياصرة والأكاسرة.

جـ- علائق الفقه بالجيوسياسي:

ما ظهرت المنظومات الفقهية إلاّ بعد القرن الثالث الهجري؛ بيد أنّ الفقهاء والزُهّاد أقبلواعلى الكتابة في الجهاد والسِيَر والخراج والأموال في القرن الثاني الهجري, وهذا زمنٌ متأخِّرٌ نِسْبياً؛ لأنّ ظهور الدولة الإسلامية واتجاهها إلى الاكتمال كان في النصف الثاني من القرن الأول الهجري. والواقع أنّ الأخباريين والمؤرِّخين هم الذين سجَّلوا هذا الفعل أو المتغير الجيواستراتيجي؛ إذ عندما بدأ الفقهاء بالكتابة في السِيَر(= قضايا الحرب والسِلْم) كانت الإمبراطورية الفارسية قد زالت، كما كانت إمبراطورية الروم قد انحسرت عن الشام ومصر وشمال إفريقية وصقلية وأسبانيا, وكلُّ ذلك لصالح الدولة الجديدة. وهكذا فإنّ الفقهاء كتبوا حتَّى في "السِيَر" عن تنظيم وإدارة الأراضي المفتوحة، وأحكام إدارة الحرب، والعلاقات بالدور الأخرى في أوقات الحرب والسلم؛ بيد أنّ المعاني العقدية والرمزية والدعَوية تظهر في مقدمات الكتب إلى جانب فضائل الجهاد. وقد اشتهر من كُتُب السِيَر كتاب محمد بن الحسن الشيباني (-189هـ) تلميذ أبي حنيفة، في حين كتب زميله الأكبر أبو يوسف (-182هـ) في الخراج. ثم عرفنا أنّ الشيبانيَّ كان ذروة تقليدٍ في كتابة السِيَر، وليس بدايةً له. فقد كتب قبله الأَوزاعي (-157هـ) فقيه أهل الشام، وأخذ عنه كُلٌّ من عبد الله بن المبارك وأبي إسحاق الفزاري. وقد اكتشفتُ قبل عقدين أنّ أقدم الكتب (المعروفة) في السِيَر كتـابُ محمد بن الحسن بن الحسن (-145 هـ) الملقَّب بالنفس الزكية، والثائر على المنصور. وأنا أتتبع هنا تاريخ التأليف في "السير"؛ لأنه ظهرت فيها بوضوح مسألة الدارَين، أو دار الإسلام ودار الحرب, وهذا يعني أنه نوعٌ من الإدراك لمعنى قيام الدولة في عالَم الإسلام. ولذا يريد دارسون مُحْدَثون -مثل مجيد خدّوري- عَدَّ تلك الكتب المؤلّفات الأقدم المعروفة في القانون الدولي(18). ولسوء الحظّ؛ فإنّ كتاب النفس الزكية الذي جمعْتُ شذراتٍ كثيرةً منه من كتب الفقه الزيدي ما استطعتُ أن أجد مقدّمته إن كانت له مقدّمة في الأصل. لكنّ أُطروحة الدارين ظاهرةٌ في كلّ النقول التي وجدْتُها عنه. وكما سبق القول؛ فإنّ الإدراك الفقهيَّ للأُطروحة المذكورة هو إدراكٌ قانونيٌّ وليس سياسياً أو دعوياً, باستثناء مقدمات بعض الكتب، والرسائل المبكّرة في فضائل الجهاد.

يُعرّف أبو حنيفة (-150هـ) دار الإسلام بأنها الدار التي تسودُ فيها أحكامُ الإسلام، وتكونُ متاخمةً لدار للمسلمين، ويكون المسلم والذميُّ فيها آمناً بأمان المسلمين الأول أو الذي كان يتمتّعُ به(19). وبذلك تجتمعُ في تعريف دار الإسلام لدى أبي حنيفة ثلاثة عناصر: سواد أحكام الإسلام، ووجود كثرةٍ شعبيةٍ مُسلمةٍ فيها، ووجود حالة شرعية يأمن في ظلّها المسلم والذمي. ويرى الشافعيةُ أنّ المهمَّ في بقاء الدار دارَ إسلام خضوعُها للإمام المسلم حتَّى لو لم يكن فيها مسلمون بين السكّان! ويوافق المالكيةُ الشافعيةَ في ذلك؛ أي يقدّمون الاعتداد بالسلطة السياسية في الدار على الاعتداد بالكثرة الاجتماعية(20). وقد تعرضت هذه التعريفات النظرية للاختبار عندما بدأت مناطق إسلامية مفتوحة تقع في أيدي الأعداء بعد القرن الخامس الهجري، مثل صقلية وبعض الأقطار الأندلسية، ثم بلاد الشام. فرأى الأحناف أنّ الدار تبقى دار إسلامٍ ما دامت العباداتُ والأحكام القضائيةُ جاريةً فيها؛ أي ما دامت فيها جماعة اجتماعية وازنة. وفائدةُ هذا الخلاف أنّ الشافعية والمالكية يقولون بوجوب الهجرة من الدُور التي خرجت عن سلطان المسلمين السياسي؛ بينما يرى الأحناف أنّ الهجرة لا تجب إلاّ إذا استحال على المسلمين أداء العبادات. فالحنفيُّ يرى الأوَلوية في الاعتداد لجماعة المسلمين أو للأمة؛ لأنها الأصل، والسيطرةُ السياسية قد تنحسِرُ، لكنّ الجماعة ما دامت قائمة؛ فإنّ الأمر سيتصحَّح. وقد ظهرت آثار ذلك كُلِّه وبالتدريج في صقلية والأندلس والهند... والجزائر. إنما هذه الاختلافات في وجوب الهجرة أو جوازها تبعاً لتغير هوية الدار أو سلطانها لا تصمد أمام النقد, فعندما زال السلطان المغولي عن الهند أفتى فقهاء أحنافٌ بوجوب الهجرة رغم عدم اعتدادهم بهوية السلطة إسلامية أو غير إسلامية؛ لأنّه بحسب ما قالوا فإنّ المسلمين ما عادوا يستطيعون أداء عباداتهم بحرّية وأمن، فضلاً عن إمكان ضمان الأمن والحريات الدينية للذميين أو غير المسلمين(21).

وهناك -ونتيجةً لانحسار دار الإسلام في القرون الأخيرة- ما استند مسلمو المالكية إلى رسالة "أسنى المتاجر فيمن غلب على وطنه النصارى ولم يُهاجر" للونشريشي(من القرن التاسع الهجري)، والذي يقول بوجوب الهجرة من الديار التي صارت دُور كفر(22)؛ بل استندوا إلى الأُصول التي نقل عنها، وفي طليعتها كتاب أحكام القرآن لأبي بكر ابن العربي (-543هـ). وابن العربي له رأْيٌ طريفٌ يذكره على النحو التالي(23): تنقسم الهجرة إلى ستة أقسام: الأول: الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضاً في أيام النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-.. وهذه الهجرة باقيةٌ مفروضةٌ إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث كان. والثاني: الخروج من أرض البدعة, وقد قال بذلك ابن القاسم، وخالفه أبو بكر الفهري. والثالث: الخروج من أرضٍ غلب عليها الحرام... إلخ. والرابع: الفرار من الإيذاء في البدَن. والخامس: خوف المرض في البلاد الموخمة. والسادس: الفرار خوف الإيذاء في المال؛ فإنّ حرمة مال المسلم كحرمة دَمِه. إنما الذي يكون علينا أن نتحقق منه بعد تفصيل ابن العربي ثلاثة أمور: متى تجبُ الهجرة، ومتى تُباحُ أو تكون مندوبة؟ وماذا يترتب على عدم الهجرة من دُور الاشتباه مثل الدار التي يغلب عليها الحرام والدار التي يؤذى فيها المرء ويُظْلَم؟ وماذا لو كان المسلم مستطيعاً التعبد بحرية في دارٍ لا يسيطر عليها المسلمون؟! ونحن نعلمُ أنّ المالكية والأحناف اختلفوا في حالة الجزائر، فأوجب المالكية على الجزائريين الهجرة من ديارهم؛ لأنّ السلطان لم يعدْ إليهم، وطلب الأحناف منهم البقاء لحين انفراج الكرْب بالجهاد أو بغيره؛ لأنّ الدار ما صارت دار كفرٍ ما دام المسلمون يستطيعون أداء عباداتهم فيها، كما أنّ أحكامهم القضائية ما تزال سارية المفعول(24), ثم إنّ بقاءهم هناك أساسي في بقاء الدار دار إسلام. ونحن نعلم أنّ سكان الهند من المسلمين هم جميعاً من الأحناف، وما تعرض البريطانيون لعباداتهم, ومع ذلك فإنّ بعض علمائهم- كما سبق القول- أفتوهم بالهجرة، وحدثت آخِر الفتاوى في العام 1920, وحاول ألوفٌ من المسلمين بمقتضاها الخروج إلى دار الإسلام في أفغانستان فتخطفهم اللصوص وقُطّاع الطرق، وما وصل منهم أحدٌ إلى تلك الديار البعيدة عنهم(25)! ثم إننا نعلمُ أنّ أهل سواحل الشام- وهم من الشافعية- خرجوا في الأكثر من ديارهم عندما احتلّها الصليبيون، ليس بسبب الطرْد أو عَدّ الدار دار كفر؛ بل هرباً من الذُلّ والعبودية(26). بيد أنّ أبلغ الأمثلة على ذلك الأندلس. فقد دأب فقهاء المالكية على مطالبة الأندلسيين بالهجرة من ديارهم كلما احتلّت إحدى المُدُن أو الدساكر. لكنّ الوطن عزيزٌ، وإن ظلَّ التمكُّنُ من الهجرة مُتاحاً أحياناً. إنما في النهاية اختفى الإسلام من تلك الديار؛ لأنّ المسلمين انقسموا أثلاثاً: ثلْثٌ أُبيد في الجهاد والثورة، وثلُثٌ ارتدّ عن الإسلام، والثُلثُ الثالثُ طُرِد بالقوة(27). لقد كان هذا الخيار أو الإجبار بين الهجرة والجهاد في أواخر العصور الوسطى دليلاً على التأزُّم الشديد الذي خالطَ معنى الأمة وعزّتها وامتدادها. ووصل التأزُّمُ إلى ذروته عندما أُلغيت الخلافة (1924), فانفصل الرمز عن الجغرافيا والدار إشارةً إلى المتغيرات الجذرية التي ظهرت بمقتضاها الدولة الوطنية، وصار النظام الدولي تجمعاً للدول القومية.

*****

لقد كان ظهورُ دار الإسلام زلزالاً جيواستراتيجياً قلب الأوضاع فيما صار يُعرف حديثاً بمنطقة الشرق الأوسط، ومناطق شاسعة من آسيا وإفريقيا وأوروبا, فقد زالت الإمبراطورية الفارسية، وانحسرت سيطرة الإمبراطورية البيزنطية, واستمر الكفاح المتبادل على مدى ألف عامٍ إلى أن أزال العثمانيون بيزنطة أيضاً باحتلال عاصمتها عام 1453م. وفي القرن العشرين جرى احتلال ليبيا عام 1911م من جانب الطليان، إنما لأنّ الظروف تغيرت جذرياً؛ فإنّ أحداً ما أفتى الليبيين- وهم من المالكية- بالهجرة، فانصرفوا إلى الجهاد وخسِروا مئات آلاف الشهداء (28), ومع أنهم ما تحرروا بالهجرة ولا بالجهاد؛ بل تحرروا بهزيمة إيطاليا في الحرب الثانية؛ فإنّ أيديولوجيات مصارعة الاستعمار هي التي سادت بعد ذلك. وما يزال الفلسطينيون- الذين خاضوا كفاحاً مسلَّحاً طويل الأمد- يأملون أن يتحرروا، وينشئوا الدولة على أرض فلسطين بالنضال المدني, وقد هاجر نصفهم أو هُجِّر قَسْراً. وعندما حلَّ زمن الكفاح، بدأ المهاجرون والمهجَّرون النضال، ثم تجاوب معهم الذين تحت الاحتلال, وها هو ذا الرئيس الفلسطيني يطالب الشرعية الدولية بإرغام الاحتلال على الانكفاء للتمكن من إقامة الدولة المستقلة. ورغم أنّ النظام الدوليَّ ومنذ قرنين ما عاد يقومُ على الوحدات أو الجماعات الدينية؛ فإنّ الإسرائيليين أقاموا دولةً أو كياناً دينياً على أرض فلسطين, وهجَّروا - كما سبق القول- أكثر من نصف سكّانها عامي 1948 و1967, فهل يكون النظام الدوليُّ في هذه المنطقة من العالم قد قام على أنقاض دار الإسلام؟ ما عاد من الممكن فهم الأمر بهذه الطريقة، لكنّ فلسطين أرضٌ محتلّةٌ ولا شكّ، ولا بد من تحريرها؛ فقد خرج العالم كلُّه من زمن الاستعمار الجديد بمقتضى ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية، باستثناء فلسطين.

لقد كانت تأملاتٍ في نصوصٍ تستبطن وجوه وعيٍ وإدراك، كما تستبطنُ وقائع جيوسياسية, تاريخية وحاضرة. وقد عادت القوة والشرعية إلى الجيوسياسي، فكان في المقام الأول في القرن العشرين، وسيكون له المقام ذاتُه بتلاوين دينية في القرن الحادي والعشرين؛ أَوَ ليست القدس بيئةً لمقدسات الديانات الثلاث، وفي الوقت ذاته هي العاصمةُ السياسيةُ للدولة الفلسطينية بعد الاستقلال؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1)         تفسير الطبري، 6/36.

2)         السهيلي: الروض الأُنُف، 4/ 147.

3)         كتاب الأموال، ص296-297.

4)         مسند أحمد، 4/130، وسنن النسائي، 7/137-154.

5)         ابن عبد البر: الاستيعاب، 2/587-588.

6)         سنن النسائي، 7/1401:"..وكان من الأنصار مهاجرون؛ لأنّ المدينة كانت دار شِرْك فجاءوا إلى رسول الله ليلة العقبة.".. وقارن برضوان السيد: من الشعوب والقبائل إلى الأمة؛ في: الأمة والجماعة والسلطة، الطبعة الخامسة، 2010، ص67-73.

7)         صحيح البخاري (فِتَن، 10)، وصحيح مسلم (إمارة، 82).

8)         ابن سلاّم: طبقات فحول الشعراء 1/127.

9)         قارن بخطبة الحجّاج في الموفقيات، ص94-98، والبيان والتبيين، 2/307-308.

10)       سورة التوبة: 90، 98، 120.

11)       قارن بسيرة ابن هشام، 2/317- 219، والمغازي للواقدي، 1/347.

12)       مسند أحمد، 6/133.

13)       صحيح البخاري، 6/28-29، وسُنن النسائي، 7/144.

14)       سيرة ابن هشام، 3/111-114، وتاريخ الطبري، 1/2421-2422. وقارن بطبقات ابن سعد، 1/1/208.

15)       سيرة ابن هشام، 2/501-504، وكتاب الأموال لأبي عُبيد، ص290-297، وطبقات ابن سعد، 1/198.

16)       سيرة ابن هشام، 3/128-130.

17)       تاريخ الطبري، 1/2116-2117.

18)       مجيد خدوري: الحرب والسلام في شرعة الإسلام، ص228-232.

19)       الشيباني: شرح السِيَر الكبير3/81-82. وقارن بآثار الحرب في الفقه الإسلامي لوهبة الزحيلي، ص153 وما بعدها، وأحكام الذميين والمستأمنين لعبد الكريم زيدان، ص18 وما بعدها.

20)       زيدان: أحكام الذميين والمستأمنين، ص19. وانظر المسألة عند الزيدية في البحر الزخّار، 3/301، وعند الإباضية في شرح النيل، 10/405. وقارن برضوان السيد: الدار والهجرة وأحكامهما عند ابن المرتضى؛ في مجلة الاجتهاد، عدد12، 1991، ص213-240.

21)       قارن برضوان السيد: دار الإسلام والنظام الدولي؛ في: سياسيات الإسلام المعاصر، 1997، ص84-89.

22)       انظر عن ذلك، محمد بن عبد الكريم: حكم الهجرة من خلال ثلاث رسائل جزائرية، الجزائر 1981. والرسائل هي: حسام الدين في قطع شُبَه المرتدّين للأمير عبد القادرـ وأسنى المتاجر للونشريسي (وهناك نشرتان أُخريان لها)، ورسالة ابن الشاهد مفتي الجزائر أثناء الغزو الفرنسي. والأولان قالا بفرضية الهجرة، أمّا ابن الشاهد فكتب في وجوب معذرة المقيمين ونفى فرضية الهجرة, وهو حنفيُّ المذهب.

23)       ابن العربي: أحكام القرآن، نشرة علي محمد البجاوي، عيسى الحلبي بمصر، 1967، 1/484-486. وقارن بتفسير القرطبي، 5/349-350 نقلاً عن ابن العربي، ومقدمات ابن رشد الجد، 2/285.

24)       قارن برسالة ابن الشاهـد في: ثلاث رسائل جزائرية، مرجع سابق، ص105-124.

25)       قارن برضوان السيد: دار الإسلام والنظام الدولي؛ في: سياسيات الإسلام المعاصر، مرجع سابق، ص84-89.

26)       وهبة الزحيلي: آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص216-219.

27)       يقول الونشريسي في أسنى المتاجر (نشرة حسين مؤنس، 1957)، ص152: "ولا يُسقط هذه الهجرة الواجبة على هؤلاء الذين استولى الطاغية على معاقلهم وبلادهم إلاّ تصوُّر العجز عنها بكلّ حالٍ لا الوطن ولا المال فإنّ ذلك كلَه مُلْغىً بنظر الشرع."..

28)       قارن برضوان السيد: دار الإسلام والنظام الدولي؛ في سياسيات الإسلام المعاصر، مرجع سابق، ص95.

المصدر: http://tafahom.om/index.php/nums/view/3/52

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك