الأعداد ومدلولاتها الرمزية والاعتقادية في التراث العربي والإسلامي

صلاح عبد الستار الشهاوي

 

موضوع الأعداد (الأرقام) ليس جديداً، فهي قد استهوت الآلاف من الناس في مختلف الأزمنة والأمكنة قديماً، وحديثاً، كتابةً، وتعاملاً، كل على طريقته. وحين تقترب منها تجد أن لكل عدد (رقم) حكاية وموضوعاً وموقفاً ابتداء من الصفر حتى المليون.

 

تعريف العدد

العدد أو الرقم عملية لفظية تختص بحساب الأشياء وحصرها ومعرفة مقدار كمياتها وأماكن التعبير عنها (أي الأرقام) برسوم كتابية متعددة اختلفت أشكالها عند مختلف أمم الأرض وحضاراتها، ومرت كتابة الأرقام بسلسلة من التغيرات وأعمال التطوير حتى اتخذت الأشكال والصور الكتابية التي نشاهدها في الوقت الحاضر.

ويعرّف العدد بأنه ما يعدّ، فإذا عبّر عن العدد بالرموز الكتابية سمي عدداً، وإن عبر عنه بالرموز الحسابية كان رقماً، ودونت أكثر الشعوب الأعداد بالحروف الأبجدية، ثم عدلت إلى استخدام رموز لها غير الحروف، فكان لكل حضارة سلاسل رقمية وترقيم يدل على الأعداد برموزها، ويجب أن نفرق بين اسم العدد ورموزه، فالعدد تسعة أطلق عليه اسمه أولاً قبل أن يكتب، ثم وضع رمز له (9) بعد مرحلة الكتابة، وقد اختلط مصطلح (حساب) بمصطلح (ترقيم) في مراحل نشأة العدد الأولى، وارتبط الرقم بمفهوم كل أمة للأعداد ومنطقها الرياضي.

وجاء في المعجم الفلسفي: العدد أحد المفاهيم العقلية الأساسية وعرفه البعض بنسبته إلى غيره من المعاني القريبة منه، فقالوا العدد هو: الكمية المؤتلفة من الوحدات، أو الكمية المؤلفة من نسبة الكثرة إلى الواحد. وعلم العدد: هو العلم الرياضي المحض.

أما إخوان الصفا فربطوا تعريف العدد بتعريف الشيء، وقالوا: (الألفاظ تدل على المعاني، والمعاني هي المسميات والألفاظ هي الأشياء، وأعم الألفاظ والأسماء قولنا: (الشيء) والشيء إما أن يكون واحداً أو أكثر من واحد. أما الكثرة فهي جملة الآحاد، وأول الكثرة اثنان ثم الثلاثة ثم الأربعة، ثم الخمسة، وما زاد على ذالك بالغاً ما بلغ، والحساب هو: جمع العدد وتفريقه، والواحد الذي قبل الاثنين هو أصل العدد ومبدؤه ومنه ينشأ العدد كله، فإذا أضيف إلى الواحد واحد آخر يقال عند ذلك اثنان وهكذا).

 

خواص العدد

الخاصية: هي الصفة المخصوصة للموصوف التي لا يشركه فيها غيره، وفي العدد: (ما من عدد إلا وله خاصية أو عدة خواص فخاصية الواحد أنه أصل العدد ومنشؤه، الاثنان: أول العدد مطلقاً، وأول عدد زوج، وأول الكثرة، والثلاثة: أول عدد الإفراد، وهكذا).

فقد حاول الإنسان دائماً فك الألغاز المحيطة به بحثاً عن الحقيقة، لكنه اصطدم بأخرى أشد غموضاً، منذ أن بدأ يتطلع بالعين المجردة إلى قبّة السماء، وكلما أوغل فيها ازدادت دهشته وحيرته، التي بلغت منتهاها حين جاء -أبو النظرية النسبية- ألبرت أينشتاين (1879 - 1955م)، ليخلص إلى أن الإنسان يمكن أن يسافر إلى الماضي، بعد أن يخترق سرعة الضوء البالغة (299,792,458 متراً في الثانية)، فيعود تدريجياً إلى الوراء، إلى الأزمنة الغابرة، مثبتاً ذلك علمياً، لكنه عجز عن تطبيقه عملياً!

سرعة الضوء مهما كانت خاطفة ليست سوى رقم، وعمر الإنسان مهما طال ليس سوى رقم، وعمر الكون في المحصلة ما هو إلا رقم. وفي القرآن الكريم: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (يونس: 5)، و:(لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا) (مريم: 94).

بعض الباحثين في العصر الحديث تبحّر في مسألة العدد في القرآن الكريم، انطلاقاً من أسرار العلاقات الرياضية المختزنة فيه، مثل: مغزى عدد السور (114) وعدد الآيات (6236) وعدد السور التي تبدأ بالحروف الهجائية المقطعة (29) وقد توصل الباحث الأردني -عبدالله جلغوم- إلى نتائج مذهلة عبر بحثه الطويل في (الإعجاز العددي للقرآن الكريم)، كل واحدة منها تحتاج إلى وقفة تأمل، منها ما أشارت إليه الآية الكريمة: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ)، (المدثر:30)، وما تكتنفه من أسرار بدءاً من تطابق العدد (19) مع عدد حروف البسملة: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وليس انتهاء بمضاعفات هذا العدد، وعلاقته بترتيب مجمل القرآن الكريم من سور وآيات وحروف ومعان ودلالات.

وفي اللغة العربية الجميلة والجليلة، لغة القرآن الكريم، ما لا يحصى من الأسرار العددية، أولها عدد الحروف العربية التي تبلغ 28 حرفاً، وهي من مضاعفات الرقم 7، الذي ينطوي على عجائب مذهلة، ليس في الثقافة العربية فحسب، بل في كل الثقافات والأديان، فهناك سبع سماوات وسبع أراضين وسبعة أيام، وقد وردت في القرآن الكريم سبعة مواضع للسجود وسبع سنابل وسبع بقرات، وفي الحديث الشريف: (سبعةٌ يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله..)، كما أن شهادة الإسلام قائمة على سبع كلمات: (لا إله إلا الله محمد رسول الله).

ولا أحد يختلف اليوم حول دور العرب والمسلمين في علم الرياضيات، فالعالم العربي الإسلامي محمد بن موسى الخوارزمي (780 – 850 م) هو من استخدم (الصفر) في الحساب، وكان يعمل في (بيت الحكمة) ببغداد، في عهد الخليفة العباسي المأمون إبّان العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية، كما ألف كتاب (الجبر والمقابلة) الذي ترجم إلى اللاتينية، ومنذ ذلك الحين عُدَّ الخوارزمي مؤسس علم الجبر.

ومما يثير العجب في هذا السياق أن (الأعداد) دخلت في نسيج الحياة الروحية والنفسية لدى العرب منذ القدم، مثلما هي كذلك لدى الشعوب الأخرى في الأرض، وإن كان العرب أكثر كلفاً بالأرقام، حتى أنهم اخترعوا (حساب الجمل)، حيث لكل حرف أبجدي رقم يعبر عنه، وثمة أرقام يتفاءلون بها وأخرى يتطيّرون منها، كالأرقام الزوجية مثلاً، ويقال: إنهم سمّوا (ألف ليلة وليلة) لهذا السبب، حيث زادوا (ليلة واحدة)، حتى لا تُقتل شهرزاد في خاتمة تلك الحكايات الأسطورية الرائعة.

في الأدب نقع على أمثلة باهرة للعلاقة اللطيفة التي بناها الشعراء العرب مع العدد، وطريقة تعاملهم الذكية في استلهامه وتوظيفه جمالياً، ولا أدل على ذلك مثل القصيدة الشهيرة للشاعر الجاهلي امرئ القيس (520 - 565م) الملقب بالملك الضليل، حين كان يلاعب حبيبته -الشطرنج- ممرراً رسائله العاشقة عبر حرب ضروس على رقعة الشعر الذهبي، معيداً تشكيل العدد مئة على طريقته الخاصة:

 

تعلّقَ قلبي طفلةً عربيةً                         تنعّمُ في الديباج والحلي والحللْ

فقبلتها تسعاً وتسعين قبلةً                    وواحدةً أخرى وكنت على عجلْ

****

 

هناك إذاً اعتقاد في الأرقام والرمز بها، حاول الإنسان من خلالها أن يرى معاني خفية تساعده على فهم الكون وعلاقته به. وسوف نستعرض في هذا المقال ما يمثله ويرمز إليه كل رقم من هذه الأرقام عند العرب والمسلمين وذلك في تراثهم.

الرقم صفر (اللاشيء)

الصفر منشأ الأعداد بكونه الأرضية الخالية من وجود أي شيء، مؤسس في علم العدد، ومهمته الكبرى تكمن خلال الوظيفتين اللتين يتمتع بهما فهو صورة اللاشيء (الفراغ)، وفي ذات الوقت الرقم الحاضن المنبت للأرقام بكون الصفر مسْحَ وإفناءَ كل شيء. ولم تكن الحضارات لتتطور وتظهر لولا وجود مفهوم عدد الصفر السحري، ولذلك كان أول الأعداد وأكثرها شهرة وأشدها تبسيطاً، ولا يمكن الاستغناء عنه، فبدونه لم تكن العشرة لتكتمل وتعود إلى منشئها صفر واحد، فمعه يبدأ كل شيء وبه ينتهي كل شيء، ولا يمكن أن تستمر الأعداد بدونه، حينما أبدع العرب ترقيم العدد أنجزوا الصفر على شكل دائرة صغيرة. حيث عنى عندهم الخلو والفراغ، وعنهم أخذ العالم الصفر الدائرة واعتمدوا عليه اعتماداً علمياً، بكونه مفهوماً عالمياً (0).

والحقيقة العلمية المؤكدة أن الغرب لم يعرف الصفر قبل القرن الثاني عشر الميلادي. وأن العرب عرفوا الصفر وكتبوه كدائرة في داخلها نقطة 0. وأن الشاعر العربي عرفه قبل علماء العرب بقرون طويلة حيث استخدم الصفر في الشعر الجاهلي للتعبير عن معنى – خلا - وذلك ما سجله حاتم الطائي في قصيدته:

ترى أن ما أهلكت لم يك ضرني      وإن يدي مما بخلت به صِفْرُ

ويقول الشاعر دعبل الخزاعي عندما مر ببيوت آل هاشم بالمدينة ووجدها خاوية:

ألم ترني مذ ثلاثين حجة                                    أروح وأغدو دائم الحسرات

أرى فيأهم في غيرهم متقسماً                           وأيديهم من فيئهم صَفِراتِ

وكان العرب يرسمون الصفر حلقة، يؤكد هذا بيتان قالهما الأسود بن بلال المحاربي لما أغزاه الوليد بن يزيد البحر. وفيهما يشير إلى استخدام الحلقة للدلالة على عدم وجوده:

لتعترض اسمي لدى العرض حلقة                       وذلك إن كان الإياب يسير

وقد كان في حول الشرَبّة مقعد                           لذيذ وعيش بالحديث غزير

وهذا المعنى يوافق تماماً شكل الصفر -الحلقة- (0) في الأرقام العربية التي يستعملها الغرب والمغرب العربي حالياً.

وكان للعرب فضل تطوير المفهوم الرياضي للصفر وتطور مفهومه، ومنحه فكرة خلو الخانة من العدد، وقد عرفوا الصفر منذ القرن الثاني للهجرة، وأثبتوه رمزاً للخانات الخالية، وكان يرسم على صورة دائرة في الخانة (0)، وظل شكله مستعملاً حتى تحول إلى نقطة في المؤلفات العربية المتأخرة. وعن الخوارزمي أدخل الخبير الإيطالي ليوناردو دو بيز (1170 - LEONARDE DE PESE) (1250) الصفر إلى الغرب تحت اسم (ZEPHIRUM)، واستعملته إيطاليا حتى القرن الخامس عشر، ثم تبدل الاسم إلى (ZEPHIRO)، وتحولت اللفظة إلى (Zero) وابتداء من العام 1491م. وفي فرنسا تحولت اللفظة من (CIFRE) إلى (CHIFRE) ثم إلى (CHIFFRE)، وفي ألمانيا تبدلت من (ZIFFER) أو (ZIFFRA)، واليوم تستعمل (Die null)، وفي إنجلترا استعملت لفظة (Cipher)، وحلت محلها لاحقاً لفظة (Zero)، وفي البرتغال تعني لفظة (CIFRA) الصفر بمعنى (Zero)، وفي إسبانيا تحمل (CIFRA) معنى (CHIFFRE)، كما تعني لفظة (Cero) الصفر أي (Zero).

 

الرقم (1)

رقم إلهي يتضمن جميع الأرقام ويعبر عن فكرة الوحدانية، يقول أبو تمام:

في كل شيء له آية                    تدل على أنه الواحد

وهو رقم محظوظ على وجه العموم لأنه أب وأم لجميع الأرقام ولا ينقسم على سواه.

 

الرقم (2)

هو أول من انفصل عن الوحدة وجميع الأرقام القابلة للقسمة تجد أصلها فيه، يعبر عن فكرة الازدواج التي تعتبر واضحة في الطبيعة: العينين، اليدين، الأذنين، القدمين.. وهناك ثنائيات متلازمة في حياة البشر عامة منها: آدم وحواء، ذكر وأنثى، وكذلك في الحيوان. والشهادة في الشريعة الإسلامية ثنائية (لا إله إلا الله. محمد رسول الله).

 

الرقم (3)

اقترن هذا الرقم بعدد الليالي التي يختفي فيها القمر. وهو رقم البدء بحياة جديدة، وهو رقم تكرار الفعل ثلاثاً ومريم عليها السلام نذرت ثلاثة أيام صوماً، وهم يقولون إن القِدر لا يركب إلا على ثلاثة، وهو رقم الكمال عند الصوفيين، ويقال إن الملائكة قد كفنت آدم عند موته بثلاثة أثواب، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد كفن في ثلاثة أثواب بيض، وعيد الأضحى المبارك ثلاثة أيام، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، وفرائض الوضوء ثلاثاً ثلاثاً.

 

الرقم (4)

رقم الجهات الأربع (الشرق- الغرب- الشمال- الجنوب)، ورقم العناصر الأربعة (الأرض – الهواء- النار- الماء)، والأمزجة الأربعة (الحار- البارد- الرطب- الجاف)، والفصول الأربعة (ربيع- صيف- خريف- شتاء)، وهو رقم التكامل والحظ ورمز الجنة، لأنه رقم الشهادة، والشهادة مكونه من أربع كلمات: (لا إله إلاّ الله)، والشهادة مفتاح الجنة، ورقم أضلاع الكعبة المشرفة الأربعة والفضائل الرئيسة أربعة (القناعة- القوة- الفطنة- الإرادة)، والمسلم يحق له التعدد حتى أربع زوجات.

 

الرقم (5)

رقم القوة والزينة وله صفة سحرية في المعتقد الشعبي لأنه عدد أصابع اليد الواحدة، ويعتقد أن مد اليد وسط راحتها والأصابع في وجه الحسود يمنع شر العين. والحواس خمس، وكتب النبي موسى خمسة، وجروح المسيح خمسة، وخمسة حجارة اختارها الملك داود في صراعه مع جوليات، وخمسة أعمال تعتبر رحمة (إطعام الطعام، وإرواء العطشان، وكساء العريان، واستقبال الغرباء، وعيادة المرضى والمساجين).

ورد في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع منها قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً) (الكهف: 22).

 

الرقم (6)

لا يوجد كثير من المعلومات حول هذا الرقم ومع ذلك يعتبر رقماً كاملاً حيث خلق الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض في ستة أيام. ورد في القرآن الكريم في سبعة مواضع كلها تتحدث عن خلق السموات والأرض مثل قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) (الفرقان: 59).

 

الرقم (7)

رقم فريد حسابياً لا يقبل القسمة وليس له جذر تربيعي ولا يقبل التحليل الحسابي، فهو في حد ذاته وحدة حسابية له مدلول خاص يتصل بعقائد متأصلة عند العرب منذ الجاهلية، فهناك المعلقات السبع ومرات الطواف حول الكعبة سبع، والأيام التي تجمع في أسابيع سبعة، واكتمال فرحة التعريس بالدخول على العروس البكر سبع، وترتدي العروس السيوية -نسبة إلى واحة سيوة محافظة مطروح مصر- في يوم زفافها سبع طبقات من الثياب، حيث يمثل الرقم سبعة فألاً حسناً، وهذه الأثواب السبعة تسمح للعروس بأن ترتدي كل يوم من أيام أول أسبوع لزواجها ثوباً مختلفاً، ويكون الثوب الأقرب للجسد شافاً أبيض اللون، أما الثاني فيكون خفيفاً قماشه أحمر، والثالث أسود، والرابع أصفر، والخامس أزرق، والسادس من الحرير الأحمر، والأخير من الحرير الأخضر.

وقد توارثنا الاحتفال بسبوع المولود، والسلم الموسيقي يتألف من سبع نغمات، ورقم 7 يتمثل في نهاية البحر الأحمر، وفي نهاية نهر النيل، وهذا الرقم يجمع بين الوتر الذي يدل على التوحيد ويبين معنى الكثرة التي تدل علي الخصوبة والوفرة.

والعلم يقول لنا إن النور يتألف من سبعة ألوان هي ألوان الطيف من الأحمر إلى فوق البنفسجي.. وهكذا في متتاليات سباعية. وفي ذرة الهيدروجين داخل قلب الشمس يقفز الإلكترون خارجاً من الذرة في سبع قفزات لتكون له سبعة مدارات تقابل سبعة مستويات للطاقة. والجنين في بطن أمه لا يكتمل نموه إلا في الشهر السابع. وفقرات الرقبة سبعاً هي كذلك في القنفذ والزرافة والإنسان والحوت والخفاش بالرغم من تفاوت طول الرقبة بين أقصى الطول في الزرافة وأدنى القصر في القنفذ.

أما القرآن فيحدثنا عن سبع سماوات، وسبعة أبواب للجحيم، وسبع سنوات عجاف مرت بها مصر أيام نبوة يوسف - عليه السلام-، وسبع ليال سخرت فيها الريح المهلكة على قوم عاد، وسبعين رجلاً جمعهم موسى -عليه السلام- لميقاته مع الله، وسلسلة في جهنم طولها سبعون ذراعاً، والفاتحة سبع آيات (السبع المثاني) وسبعمئة ضعف هي أجر الحسنة الواحدة في الصدقة: (سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ) (البقرة: 261)، وسبعة أبحر تمد شجر الأقلام الذي في الأرض ولا تنفذ كلمات الله لأن بحور علم الله الواردة بكلماته وبالقرآن هي بلا شواطئ وأعماقها بلا أغوار ومن سعتها لن ندركها، والسور المبدوءة بتسبيح الله بالقرآن كله سبع- تسمى بالمسبحات السبع- وهي: (الإسراء- الحديد- الحشر- الصف- الجمعة- التغابن- الأعلى).

ورد رقم 7 في القرآن الكريم في أربعة مواضع مثل قوله تعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ) (الحجر:44).

 

الرقم (8)

من الأرقام الغنية بالكثير من العطاءات المادية والمعنوية ورد في القرآن الكريم في أكثر من موضع مثل قوله تعالى: (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) (الحاقة:17)، وقوله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(الأنعام:134)، وقوله تعالى: (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)(الزمر:6) وقوله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)(الحاقة:7).

وهذا العدد هو من الأعداد الزوجية التي لا كسر لها.

وفي الشعر نجد بيتين شهيرين يحملان حكمة، حيث يقول الشاعر:

ثمانية لابد منها على الفتى                        ولابد أن تجري عليه الثمانية

سرور، وهم، واجتماع، وفرقة                       ويسر، وعسر، ثم سقم، وعافية

يتفاءل به بعض الناس ويتشاءم به البعض الآخر، فقد كان هذا الرقم شؤماً على رئيس غواتيمالا -جوزيه ماريا- فقد اغتيل في الساعة الثامنة من صباح 8 فبراير 1888 في الشارع رقم 8 أمام المنزل رقم 8 بثماني رصاصات أطلقت عليه من الجاني. رغم ذلك كان الخليفة المعتصم بالله: محمد بن هارون الرشيد 178-227ه صاحب الإجابة التاريخية الشهيرة -وامعتصماه- التي فتح بها منطقة عمورية -قرب مدينة أزمير التركية حالياً- المولود في اليوم الثامن من الشهر الثامن/شعبان في العام الثامن بعد السبعين والمئة الهجرية، وهو ثامن أولاد هارون الرشيد، وثامن الخلفاء العباسيين دامت فترة خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، يتفاءل باليوم الثامن من كل شهر، وحارب ثماني معارك في هذا اليوم وكان النصر حليفه فيها جميعاً.

 

الرقم (9)

رقم غامض وهو تسعة أو ثلاثة ضرب ثلاثة، رقم صوفي باعتبار أن الثلاثة علامة كمال، والحمل تسعة أشهر، أجهزة جسم الإنسان تسعة، ومنافذ جسم الإنسان تسعة، وفي العمليات الحسابية عندما يستعمل الرقم تسعة كعامل فيها فإنه من المؤكد أن يبرز في النتيجة، والرقم تسعة هو آخر الأرقام والرقم الأعلى الذي يمكن كتابته بعدد واحد. ورد في القرآن الكريم في موضعين هما قوله تعالى: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)(النمل:48) وقوله تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ)(المدثر:30).

 

الرقم (10)

 رقم الوفر والكثرة التي تعني الغنى والوفر، وفي العهد القديم يرمز إلى المقدار الكبير واسم إلههم عشتار وعشتروت إله الخصب والنسل والوفرة. والوصايا التي نزلت على موسى في جبل سيناء عشر، وكانت عصاه عشرة أذرع، وهناك عشرة أصابع في اليدين وعشرة أصابع في القدمين.

ورد في القرآن الكريم في أربعة مواضع منها قوله تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(المائدة:89).

كذلك كان لأرقام بعينها عند العرب الجاهليين دلالة تشاؤمية وارتباطيه بالإبل، فكانت العرب إذا بلغت إبل الواحد منهم عدداً معيناً همّ إلى التنكيل بواحد منها، ويمثل به ويشوهه، فمثلاً عندما تبلغ مئة يعمد إلى البعير المتمم للمئة فينزع سناس فقرته ويعقر سنامه لئلا يركب ولا ينتفع بظهره ويسمى المُعَنى، وفي لسان العرب (هند) و(هنيدة) اسم للدلالة على المئة من الإبل عند العرب، وإذا بلغت ألفاً فقأ عين بعير منها وسرحه حتى لا ينتفع به، فإذا تمت ألفين أعماه وفي ذلك يقول الفرزدق:

غلبتك بالمُفَقئ والمُعَمى                            وبيت المحتبي والخافقات

المصدر: http://www.arabicmagazine.com/Arabic/ArticleDetails.aspx?Id=3896

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك